الاحتفاء بزواج الزميلة لينا يعقوب هو احتفاء بالرسالة الصحفية الحُرة النزيهة

خالد أبو أحمد

قد تكون هذه المرة الأولى التي يحتفي فيها السودانيون بمناسبة زواج بهذا الحجم من التفاعل والفرح العام، كما حدث في زفاف الزميلين لينا يعقوب ‏وأحمد العربي‎. ‎فقد بدا أن الوسط الصحفي والإعلامي بأسره شارك في هذه الفرحة، وتفاعل معها على نحو غير مسبوق، في تعبيرٍ عن تقديرٍ واسعٍ ‏لمكانة الزميلة الإعلامية النابهة لينا يعقوب، التي جاء زواجها بعد قرار إيقافها عن العمل ومنعها من أداء رسالتها المهنية التي عُرفت فيها بالصدق ‏والجرأة في الطرح.

وهكذا تحوّل هذا الاحتفاء الشعبي والإعلامي الواسع إلى استفتاء رمزي على مهنيتها ونزاهتها ووطنية موقفها، تلك الوطنية ‏التي لا يزايد عليها أحد‎.‎
شخصيًا.. فرحتُ كثيرًا بزواج الزميلة لينا يعقوب وكأنها واحدة من شقيقاتي، ولعل هذا الشعور مبعثه أننا نتشارك في رسالة واحدة نقوم بأدائها بكل ‏ما نحمل من إيمان ومسؤولية تجاه وطننا وشعبنا‎.‎
لقد شعرتُ أن فرحتها هي فرحة لكل الصحفيين الشرفاء الذين لا يساومون على مواقفهم، وأنها لحظة انتصار رمزية لكل من يرى في الصحافة ‏طريقًا لخدمة الحقيقة لا وسيلة لمكاسب شخصية. لذلك أقول دائمًا إنّ المواقف الوطنية لا تمرّ مرور الكرام، بل تترك بصمةً في القلوب، لأن ‏أصحابها يُذكّروننا بأن الوطن ما زال حيًا في ضمائر أبنائه‎.‎
في حالة الزميلة لينا يعقوب، نجد أننا جميعًا تعاطفنا معها قبل إيقافها، إذ كنا نرى على ملامحها الإرهاق ومعاناة المهنة، لكنها كانت صامدة تؤدي ‏واجبها بتجرد، ثابتة على المبدأ لا تهتزّ أمام العواصف، تؤمن أن الكلمة الصادقة أقوى من كل سلاح‎.‎
كان بإمكانها أن تسلك طريق المساومات، وأن تبيع ضميرها كما فعل بعض من انحرفوا عن أمانة الكلمة فباعوا أقلامهم للشيطان، وساهموا في ‏تزيين الباطل وتضليل الرأي العام، وغطّوا على الفساد والدمار الذي أصاب البلاد. لكن لينا يعقوب اختارت طريق الصدق، مؤمنة بأن الوطن أغلى ‏من النفس ومن شهوات الدنيا، وأن الكلمة الحق لا تُشترى بثمن‎.‎
عندما تأملتُ في الصور الجميلة لمراسم زواج الزميلة الفاضلة لينا يعقوب وزوجها الزميل أحمد العربي، والتي انتشرت على نطاق واسع في ‏وسائل التواصل الاجتماعي كأول سابقة من نوعها في تاريخ السودان الحديث، رأيتُ في ملامحها راحة النفس وطمأنينة الضمير‎. ‎كانت ابتسامتها ‏نابعة من قلبها النقي الأبيض، وقد أجمع العشرات من الزملاء على ذلك. لم آتِ بشيء من عندي، بل إن مسيرتها المهنية الصادقة وملامحها النقية ‏تؤكد صفاء سريرتها ووطنيتها وغيرتها على السودان‎.‎
إن العمل الصحفي رسالة عظيمة، وأحسب أنه في هذا الزمن مهنة الأنبياء والرسل، لأنهم هم من واجهوا الكراهية والإنكار والتشكيك، وتحملوا ‏الأذى في سبيل الحق والنور. والصحفيون الشرفاء الحقيقيون اليوم هم من يحملون مشاعل التنوير والوعي في زمن التزييف، يواجهون المطاردة ‏والتهديد والتشويه، ومنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً‎.‎
وهنا تتجلّى أمانة الكلمة بوصفها جوهر العمل الإعلامي، فهي أمانة أمام الله والوطن والناس، وهي ميزان يفرّق بين من يجعل من قلمه جسرًا ‏للحرية، وبين من يجعله سيفًا بيد الطغاة‎. ‎فالصحافة ليست حرفة للعيش، بل رسالة ضمير ومسؤولية تاريخية، تقتضي من صاحبها أن يُقدّم الحقيقة ‏ولو على حساب نفسه‎.‎
ولعل فرحة السودانيين بالزميلة لينا يعقوب لم تكن فقط فرحة بزواج صحفية، بل احتفاءً رمزيًا بالصدق والموقف والشجاعة الأخلاقية، واحتفاءً بكل ‏من لا يزال يؤمن بأن الصحافة يمكن أن تكون صوت الشعب لا بوقًا للسلطة‎.‎
فما حدث هو إجماع وجداني ووطني على أن القيم لا تموت، وأن في السودان من لا يزال متمسكًا بضميره، وأن الكلمة الصادقة ما زالت قادرة ‏على أن تجمع الناس على الفرح بعد طول وجع.
19 اكتوبر 2025 ‎

الوسومإستفتاء النزاهة خالد ابو احمد زواج لينا يعقوب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إستفتاء النزاهة خالد ابو احمد زواج لينا يعقوب

إقرأ أيضاً:

حوار الفصحى والعامية يجمع مبدعي الكلمة في معرض الأقصر للكتاب

تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، نظم معرض الأقصر الرابع للكتابالذي تقيمه الهيئة المصرية العامة للكتاب – أمسية شعرية مميزة بعنوان «حوار الفصحى والعامية»، جاءت ضمن فعاليات اليوم الثالث للمعرض، وشهدت حضورًا جماهيريًا لافتًا من محبي الشعر والكلمة الجميلة.

جاءت الأمسية في إطار محور الشعر الذي حمل تنوعًا لافتًا بين قصائد الفصحى والعامية، إضافة إلى فنون شعرية أخرى مثل المربعات والموشحات، مما أضفى على الأمسية ثراءً فنيًا وإبداعيًا متفردًا.

شارك في الأمسية عدد من الشعراء الذين أبدعوا في تقديم قصائدهم، من بينهم الشاعر جمال عدوي الذي ألقى قصيدته «على قهوة بعرة»، والشاعر الحسيني خضير بقصيدته «حنين الظهيرة»، والشاعرة عليّة طلحة التي أطربت الحضور بقصيدتها «لحظة حلم»، كما شارك الدكتور النوبي عبد الراضي بقصيدة من ديوانه «الحدائق لا تنبت الموشحات»، إلى جانب الشاعر محمود جاد الذي قدّم مجموعة من مربعات فن الواو، والشاعر مصطفى جوهر الذي ألقى عددًا من قصائده المتنوعة، إضافة إلى مجموعة من الشعراء الشباب الذين أضفوا على الأمسية نكهة خاصة بتجاربهم الجديدة.

وتخللت فقرات الأمسية فواصل موسيقية من الموشحات والتواشيح التي أضفت أجواءً روحانية جميلة، وجاءت لتجسد فعليًا عنوان الأمسية «حوار الفصحى والعامية» في تناغم فني راقٍ بين الكلمة واللحن.

أدار الأمسية الشاعر سيد صدقي الذي قدّم المشاركين ببراعة، واختتمها بقصيدة له بعنوان «أسئلة»، نالت إعجاب الحضور.

واختتمت فعاليات اليوم بفقرة من الإنشاد الديني ضمن محور المنوعات الفنية، حيث تألق الفنان فارس مصطفى فؤاد بصوته العذب في أداء مجموعة من أجمل الإنشادات الدينية، التي خلقت حالة من الصفاء والسكينة، وتركَت أثرًا طيبًا في نفوس الحاضرين، الذين عبّروا عن سعادتهم بما شهده المعرض من تنوع ثقافي وفني يجمع بين الإبداع الشعري والروحانيات الفنية.

طباعة شارك وزير الثقافة معرض الأقصر الرابع للكتاب الهيئة المصرية العامة للكتاب حوار الفصحى والعامية

مقالات مشابهة

  • نشأت الديهي: حرية الصحافة جزء أساسي من بناء الدولة الحديثة
  • شاهد بالفيديو.. في لقطة رومانسية خطفت الأضواء.. أحمد العربي يمسك بعروسته لينا يعقوب ويتغزل فيها بمقطع: (يا جميل يا منتهى الإلفة يا ذوق خالي من كلفة)
  • الرئيس السيسي: الكلمة يمكن أن تُخرب دولة
  • شاهد بالصورة.. الصحفية لينا يعقوب تبهر الجميع وتخطف الأضواء وتتصدر “الترند” بعد ظهورها بالزفاف في حفل زواجها والجمهور يعلق: (تبارك الرحمن كأنها في العشرين من عمرها)
  • بالصورة.. شاهد أول ظهور لعروس الموسم الصحفية “لينا يعقوب” في حفل عقد قرانها من العربي
  • شاهد بالصورة والفيديو.. بقيادة المذيعة الحسناء سالي عثمان.. صديقات العروس “لينا يعقوب” يرقصن فرحاً احتفالاً بعقد قرانها
  • شاهد بالصور.. مراسم عقد قران المذيع أحمد العربي والصحفية لينا يعقوب في أجواء سودانية جميلة بالقاهرة
  • حوار الفصحى والعامية يجمع مبدعي الكلمة في معرض الأقصر للكتاب
  • الاحتفاء بيوم البيئة العربي بجعلان بني بوحسن