جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-20@18:41:25 GMT

جمالُكِ يهمنا

تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT

جمالُكِ يهمنا

 

جابر حسين العُماني **

jaber.alomani14@gmail.com

ظاهرة اجتماعية غريبة انتشرت في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، كالنار في الهشيم، وأصبحت تؤرق فئة كبيرة من أبناء المُجتمع، وهي انتشار صور النساء السافرات على واجهات صالونات التجميل، ومحال العناية بالبشرة، والتي باتت تُثير الكثير من التساؤلات لدى أبناء المجتمع المحافظ، فيا ترى هل إبراز صور النساء غير المحتشمات على واجهات صالونات التجميل يتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية التي تربينا عليها؟

الجواب على السؤال هو الآتي: إن جميع الصور المعروضة على واجهة تلك المحال التجارية تتعارض ولا تتوافق جملة وتفصيلا مع المنظومة الأخلاقية والقيمية التي تربى عليها المجتمع العربي، والذي كان منذ القدم يؤمن إيمانا راسخا بأهمية احتشام المرأة، والحفاظ على حيائها وسترها وعفتها، وكما قال أمير الكلام الإمام علي بن أبي طالب: "عَلَى قَدْرِ اَلْحَيَاءِ تَكُونُ اَلْعِفَّةُ".

فينبغي عدم إبراز مفاتن المرأة فذلك في حد ذاته خروجا على السلوكيات الطيبة التي تربى عليها الإنسان العربي الأصيل، فإلى أين نحن نسير؟

لا يخفى على أحد أن تلك الصور المخلة، لها تأثيرات كبيرة جدا في ترسيخ مفهوم التبرج في المجتمع، فهي تجعل من جسد المرأة مجرد سلعة رخيصة تعرض على واجهات المحال التجارية التي يمر عليها الجيل الناشئ في كل يوم فيتأثر بها وينجر نحو الانحراف الأخلاقي والسلوكي.

هناك شريحة كبيرة من أبناء المجتمع يتساءلون عن دور الجهات الحكومية والرسمية، حول ما يعرض ويروج له على واجهات صالونات التجميل من صور النساء المتبرجات، ولماذا تسمح الجهات المسؤولة بإعطاء موافقات لتلك المحال التجارية، لعرض ما يحلو لها من صور غير محتشمة، والتي أصبح من يتقبل عرضها من أبناء المجتمع في الأماكن العامة. أليس من الواجب أن يكون هناك قانون صارم وواضح ينظم تلك الإعلانات والصور المنتشرة، بما يضمن توافقها مع الذوق العام والقيم الاجتماعية؟

المطلوب اليوم من الجهات الرسمية والمسؤولة، إصدار لوائح منظمة تنظم تلك الصور المعروضة على واجهات صالونات التجميل.

ومن أجل وضع النقاط على الحروف، ينبغي توعية المجتمع ومؤسساته حول أضرار عرض صور النساء المتبرجات بمظاهر جمالية مبالغ فيها على واجهات صالونات التجميل في الأماكن العامة وتأثيرها على أبنائنا وبناتنا وهي كالآتي:

أولًا: الإخلال بالآداب وخدش الحياء العام، خصوصا عندما تكون تلك الصور مثيرة وغير مقبولة.

ثانيًا: التأثيرات السلبية على الأطفال والمراهقين، وذلك عندما يتكرر نظر الطفل أو المراهق إلى تلك الصور، فهي تعطي نظرة خاطئة حول مفهوم الجمال الحقيقي للمرأة، وتجعل الأطفال والمراهقين يقلدون ما يرونه أمامهم، مما يسيء إلى طفولتهم ومراهقتهم.

ثالثًا: تحويل المرأة التي كرمها الله تعالى وأعزها في الإسلام، إلى سلعة، واستبدالها ككائن بشري غير فاعل في الحياة الاجتماعية والأسرية بحيث تختزل في أنوثتها ومظهرها الخارجي لا أكثر.

اليوم هناك بدائل مؤثرة ومحترمة تجمع بين الجذب السريع والذوق الرفيع، والتي ينبغي التفاعل معها بدلا من عرض وجوه النساء على صالونات التجميل. والبدائل كثيرة ومنها استخدام الرسم الاحترافي في رسم فرش المكياج أو أدوات العناية بالبشرة؛ فهي تعطي طابعا مناسبا لصالون التجميل النسائي، دون الحاجة لعرض صور النساء، أو عرض صور للمنتجات المعروفة والمشهورة عالميا كالزيوت وأدوات التجميل المختلفة مثل الماسكات والكريمات وغيرها؛ فهي تعزز الثقة الكبيرة بين الزبائن وأصحاب الصالونات النسائية، دون المساس بالذوق العام، أو عرض صور لتسريحات قبل وبعد وهو ما يساعد الزبائن على التفريق والتمييز بين الماضي والحاضر دون أي تعدٍ على الخصوصيات، أو التركيز على كتابة الخطوط الجمالية على اللوحات الخارجية بعبارات تسويقية أجمل مثل "جمالك يهمنا" أو "أنت تستحقين الأفضل والأجمل"، وهي عبارات تساعد كثيرا في تخيل صورة ذهنية جاذبة وجميلة ومميزة عن صالون التجميل وما يقدمه من خدمات لزبائنه.

أخيرًا.. علينا أن نعمل معًا لمصلحة مجتمعاتنا وتنظيمها بما يتوافق مع أعرافنا الاجتماعية والإنسانية الأصيلة، مع الحذر الشديد من الانجرار وراء العادات الدخيلة التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع.

** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فيزا شريم.. ملاك الولادة تحت النار في غزة

غزة- بين مراكز الإيواء وأزقة الخيام بمدينة غزة، تتجوّل الممرضة الستينية فيزا شريم، بخطى متعبة وحقيبة طبية بالية، تتفقد وجع الأمهات، وتواسي الأطفال المرضى.

صوتها منخفض لكنه حاسم، وملامحها التي أثقلتها السنوات والحروب تحاول أن تبقى صلبة كقلبها الذي لم يعرف يوما التراجع، ففي إحدى الزوايا، تجلس بجوار سيدة أنهكها المخاض، وفي زاوية أخرى تطمئن على طفل يرتجف من الحمى.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2قطر الخيرية تطلق مبادرة لإجراء ألفي عملية عيون في بنغلاديشlist 2 of 2هيئة الإغاثة التركية تبدأ رفع الأنقاض وفتح الطرق بغزةend of list

الحكيمة فيزا، أو كما يناديها الناس "أم صالح"، ليست فقط ممرضة أو قابلة.. بل أم للجميع، وملاك للولادة وسط الجنازات، ورغم تقدمها في العمر وإحالتها للتقاعد لم تتوقف عن العمل في توليد النساء طوال عامين من الحرب على غزة.

تقول بحزم "من رحم القصف.. يولد الأمل، وأنا أقف هنا حتى لا تموت الإنسانية".

فيزا شريم تطوعت لتوليد النساء في مخيمات النزوح خلال الحرب على غزة (الجزيرة)ولادة تحت النيران

في إحدى ليالي الاجتياح شمال غزة، حيث السماء تمطر نارا، والأرض تغلي تحت أقدام الهاربين من القصف، تروي جزءا من حكاياتها للجزيرة نت "جاء رجل يصرخ من بعيد، يلهث بين شظايا الطرق المقطوعة: الحقيني يا أم صالح! زوجتي بتولد لحالها، وإحنا محاصرين!".

في منطقة نائية لا مستشفى فيها، ولا عيادة، ولا حتى جار يطرق الباب، وقف الرجل عاجزا أمام الولادة والموت معا، فركض نحو أقرب أمل.

لم تتردد أم صالح، التي اعتادت أن تكون في المكان الأشد احتياجا، فأمسكت حقيبتها واصطحبت معها ابنها وانطلقت، كانت الطائرات ترصد كل حركة، القصف عشوائي، والخطر في كل زاوية، تهمس لنفسها "أشهد أن لا إله إلا الله… يا رب، أنا رايحة لخدمة إنسانية، احمينا يا الله".

تروي بصوت ثابت "حملت روحي على كفي، كنت أعرف أنني قد لا أعود، لكن ترك تلك المرأة وحدها كان جريمة إنسانية لا أحتملها".

تتابع "وصلتُ أخيرا، ولم يكن البيت بيتا، بل غرفة نصف مهدمة، والسيدة الحامل تنتظر بصمت مؤلم، تجلس على كرسي خشبي مكسور، جسدها يرتجف، وصرخة الولادة تسبقها، وبعد دقائق، جاء صراخ المولود يعلو فوق أصوات الانفجارات، حينها ابتسمت فيزا، وربّتت على كتف الأم: ابنك وصل سالم.. رغم كل شيء، لسه في حياة".

إعلان

وما زالت تتذكر المواقف التي حُفرت في الذاكرة "مرة إجتني امرأة من منطقة حدودية، تقول: أختي بتولد يا أم صالح وما في إسعاف، مشينا سوا في منطقة مكشوفة للطيران، كنت أشعر بأنني ماشية للموت، بس كنت أقول: أتركها؟ مستحيل، ومشيت معها أكثر من كيلومتر وسط الظلام والخوف والركام".

"فرشتُ الأرض، وبدأت بإتمام إجراءات الولادة في تلك الظروف القاسية، أتممتها بفضل الله، وقدّمت للأم والطفل ما استطعت من رعاية نفسية وطبية،" تروي أم صالح، وعيناها تلمعان.

هكذا تحوّلت فيزا من ممرضة إلى قابلة، ثم إلى مسعفة ميدانية تعمل في أخطر مناطق قطاع غزة، لا تحميها سترة، ولا يرافقها حارس، فقط نية طاهرة بأن كل حياة تستحق الفرصة.

زوجها كان سندها، يدعمها ويشجعها على خدمة النساء، ليمنحها القوة للاستمرار رغم المخاطر، كما تقول.

وجع الأم المكلومة

وبين كل الحروب السابقة والاجتياحات التي خاضت غمارها بين الرعاية الطبية والإسعافات الأولية، إلا أن حرب الإبادة الأخيرة لم تترك فيزا إلا وقد أخذت منها نصف روحها.

استشهدت ابنتها الحامل مع طفلتيها و23 فردا من عائلة زوجها في غارة واحدة، تلاهم بعد أشهر، استشهاد ابنها الأول، ثم الثاني، ليس ذلك فحسب، فصواريخ الاحتلال خطفت أيضا زوج ابنتها الصغرى، ثم زوج ابنتها الأكبر.

تستذكر بحرقة والدموع تنهمر من قلبها قبل عينها "أكثر شيء قهرني، إنهم راحوا وأنا ما قدرت أقولهم مع السلامة، ولا حتى أدفنهم بإيدي".

تكرر نزوحها 13 مرة، من بيتٍ إلى خيمة، لكنها من ركام إلى مخيم، تحمل حقيبتها، وتبدأ من جديد، فهي لم تكن فقط ممرضة أو قابلة أو مسعفة، بل "أمًّا لكل النازحات، وصدرا حنونا لمن فقدت زوجها، أو ولدت دون أن تجد من يقطع الحبل السري عنها".

تتابع "إني أولِّد في خيمة، في عربة، في ساحة مدرسة، أو في سيارة إسعاف.. ما يهمنيش المكان، المهم أن الحياة تكمل".

كانت ترى في كل طفل تُعالجه وجه أحد أحفادها، وفي كل أم تولّدها، ابنتها التي تنتظر الفرج وسط الألم.

تكمل بهمس "جاءت ابنتي لتلد بعد 3 أيام من استشهاد زوجها، كانت لا تقوى على النهوض، جلستُ بجانبها أمسك يدها، وأقول لها: اصبري… من أجل طفلتك القادمة ومن أجل أبنائك".

لكن مأساة أخرى لم تنتظر، تحكي فيزا "ابنتي الكبرى كانت حامل، وعلى وشك الولادة وجاءها المخاض قبل الفجر، وتأخر الإسعاف، ولما وصل، لم يكن هناك وقت للوصول إلى المشفى، في الطريق وداخل سيارة الإسعاف، وبيدي المرتجفتين من شدة البرد أثناء تساقط المطر، قمت بتوليدها، كانت تحمل توأما، سمعت أولى صرخاتهم، وابتسمت".

اضطرت فيزا شريم للنزوح مع أسرتها 13 مرة خلال حرب الإبادة على غزة (الجزيرة)40 عاما من العطاء

ولدت فيزا شريم في بيت حانون عام 1960، التحقت بكلية التمريض عام 1979، لتبدأ مسيرة امتدت أكثر من 4 عقود في مستشفى الشفاء وغيرها، حيث أسست قسم القبالة والولادة، ليصبح القسم الوحيد الذي يخدم النساء في غزة.

وحين شلّ الحصار عمل المستشفيات، فتحت غرفة ولادة في منزلها، حيث كانت تولِّد بين 30 إلى 45 طفلا شهريا لمدة 10 سنوات دون مقابل، ضامنة ولادة آمنة لكل أم وطفل.

إعلان

أم صالح متزوجة، أم لـ13 ابنا، استشهد 3 منهم خلال حرب الإبادة على قطاع غزة 2023-2025 وأُسر أحدهم، وجدة لـ53 حفيدا، استشهد 3 منهم، لكنها بقيت صامدة، لا تعرف الاستسلام، ولا يسمح قلبها أن يتوقف عن خدمة الإنسانية.

حصلت على جائزة الممرضة المثالية (2000 و2002)، وجائزة "مبدعون رغم الحصار"، والجائزة الدولية لصحة وكرامة المرأة من مؤسسة "أميركيون من أجل صندوق الأمم المتحدة للسكان"، ومقرها الولايات المتحدة، لتصبح نموذجا عالميا في خدمة النساء وسط المخاطر المحدقة.

فيزا شريم، سيدة غزة وأيقونة الصبر، تجسد التفاني الذي لا يعترف باليأس، ففي وسط الموت والدمار، زرعت الأمل، وأكدت أن العطاء الإنساني أقوى من أي قصف أو حزن، وأن الحياة تظل الأغلى، مهما كانت التضحيات.

مقالات مشابهة

  • "كيرينغ" تبيع قسم التجميل إلى "لوريال" بـ4.6 مليار دولار
  • القبض على ترزي صَوَّر فتاة دون موافقتها ونشر الصور على فيس بوك
  • بفستان محتشم.. إلهام شاهين تخطف الأنظار على السجادة الحمراء
  • في وادي خالد… شاهدوا بالصورة ما عُثر عليه داخل أحد صالونات الحلاقة
  • فيزا شريم.. ملاك الولادة تحت النار في غزة
  • كيف سيتذكّر الأمريكيون حرب غزة؟
  • فى عيد ميلادها| حورية فرغلى واجهت السحر.. وأزمات التجميل وعدم الإنجاب تطاردها
  • باستثمارات 1.3 مليار يورو.. البحث العلمي والابتكار يقودان تطوير قطاع مستحضرات التجميل
  • مظهر أنيق دون مكياج حقيقي.. غوغل تطلق فلتر التجميل الذكي في Meet