لجريدة عمان:
2025-10-20@19:11:18 GMT

«السلام في غزة» .. ربـمـا يستمـر وربـما لا

تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT

ترجمة: أحمد بن عبدالله الكلباني

لقد تفاجأنا بدونالد ترامب مرات عديدة؛ هذه المرة فاجأنا بإعلانه اتفاق السلام المتعلق بغزة، وهنا يعود الفضل لمن يستحق. في العادة إذا بدأ القتال بين الناس فإنهم لن يتوقفوا بسهولة، ولكن عودة الرهائن الأحياء إلى أهاليهم يعكس جدية هذا الإعلان.

إن تبادل التهاني بهذا القرار لا بد منه، ولكن السؤال: «هل سوف يواصل هذا القرار صموده أم لا»؟ حين إعلان السلام في غزة راودني شعور ما وأنا أشاهد مظاهر الاحتفال بوقف الحرب.

هذا الشعور يتشابه مع شعوري عام 2001 عندما أعلن «جورج دبليو بوش» التحالف مع بعض الأفغان الموالين للقبض على أسامة بن لادن في تورا بورا، وكنت حينها على يقين بأن الاحتفال سابقٌ لأوانه كما يتشابه مع شعوري عندما أعلن «جورج بوش الأب» وقف حرب الخليج التي أشعلها صدام في الكويت عام 1991. وجاء ذلك الإعلان قبل 48 ساعة من إعلان وقف الحرب، ولكن البؤس استمر لحوالي عقدين في المنطقة. وكذلك راودني نفس الشعور في عام 1982 عندما نجحت قوات المشاة البحرية الأمريكية في إجلاء قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت، فلم يستطع الإسرائيليون حينها القضاء عليهم، ولكن عملية الإجلاء لم تحل أية مشكلة منذ ذلك الحين.

في عالم الحروب يجب أن يهزم أحد طرفي القتال نهائيا، ويتم الإعلان عن ذلك رسميا وبشكل قاطع، ولكن حينما نتحدث عن حرب غزة فهنا المعايير تختلف، ولا تنطبق مع الوضع الراهن؛ ففي الواقع انتهت الحرب في غزة، ولكن عناصر حماس لم ينتهوا تماما. هم الآن في معركة تصفية حسابات داخلية مع عشائر غزة محاولين فرض سيطرتهم على القطاع من جديد، ومحاسبة من يعتبرونهم بالمتمردين.

وقد قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس «حسام بدران»: إن الحركة لن تتخلى يوما عن سلاحها، ويتم تداول مقولة تنسب لحركة حماس: «لقد رمى اليهود كل ما لديهم علينا، وساعدهم الأمريكان في ذلك، إلا أننا ما زلنا هنا، ونحن المنتصرون. لقد نجح السابع من أكتوبر»!

وهذا الأمر متوقع جدا من أطراف الحرب، إلا أن الأمر مختلف هذه المرة؛ فرغم جرأة حماس فقد تلقت ضربة موجعة، وبعض عناصرها لا زالوا قادرين على حمل أسلحة مثل بنادق من نوع AK-47 . ومع ذلك فإن الوقت ليس بصالحهم؛ فلقد تغيرت الخريطة جذريا خلال عامين.

إن كانت حماس تتلقى دعمًا من إيران فإن الأخيرة تعرضت كذلك لضربات ضد برنامجها النووي الذي تعرض لانتكاسة، والولايات المتحدة وإسرائيل لن يترددا خلال السنوات الثلاث المقبلة بشن هجمات أخرى على إيران، ولن يستطع الملالي إيقافهما.

كما انتهى ذراع إيران «حزب الله» بشكل فعلي، وأصبح اليوم ولأول مرة ملاحقًا من الجيش اللبناني إلى جانب رحيل الأسد عن سوريا. ولعل من أبرز التغييرات المهمة على المشهد هجوم إسرائيل على الدوحة الذي يعتبر رسالة واضحة وبشكل مباشر إلى قطر التي تعتبر من داعمي حركة حماس، ولكن خرج الهجوم على الدوحة بإعلان السلام في غزة.

إن خطوة الولايات المتحدة في إعلان السلام جاء بتأييد دولي ومنها دول الخليج العربية، وكذلك تركيا وحتى مصر، كلهم أبدوا استعدادهم للتعاون مع جهود السلام.

وقد سعت الدول الأوروبية إلى دعم المدنيين في غزة بمبالغ طائلة إلى جانب دعم جهود السلام كذلك. ورغم كل هذا التأييد من الدول العربية والأوروبية، والتغييرات الكبيرة في الخريطة؛ إلا أنني أتوقع فشل هذه المساعي مثلما فشلت بقية الصفقات.

نعم؛ لا تزال حركة حماس موجودة في غزة، لكن إلى متى يمكنها الصمود في ظل توقف تدفق الأموال، وفقدانها السيطرة على القطاع كما كانت من قبل؟

هذا بالطبع يفترض أن تدفق الأموال قد توقف بالفعل، وأن الصين لن تتدخل بهدوء لتعويض النقص، وأن حماس لن تجد طريقًا إلى أموال «إعادة الإعمار».

الزمن وحده كفيل بالإجابة، غير أن الشرق الأوسط اليوم ليس كما كان قبل السادس من أكتوبر 2023.

إن وقف تمويل حماس وسحب الدعم السياسي عنها أمر ممكن نسبيًا إذا التزمت الأطراف الموقعة على اتفاق السلام بوعودها ـ أو أُجبرت على ذلك ـ؛ ولهذا يجب ألا ينحرف التركيز عن ترامب.

سيكون من المفيد أيضًا وقف التمويل عن بعض القيادات الفلسطينية الأخرى التي نهبت طوال عقود أموال المساعدات الإنسانية وأودعتها في بنوك خليجية ولبنانية، أما نزع سلاح حماس تمامًا فسيكون أكثر صعوبة.

فالقوة الدولية المكلفة بإدارة شؤون غزة أمامها مهمة شاقة؛ إذ لا ينبغي أن يقتصر دورها على تنظيم المرور وتوزيع الإغاثة، بل يجب أن يشمل تفكيك كل قطعة سلاح موجودة في القطاع، وهو ما سيستلزم استخدام القوة حتمًا.

وقد أعلن ترامب بوضوح أن الولايات المتحدة ستتولى بنفسها نزع سلاح حماس إذا امتنعت الحركة عن تسليمه، وهو تعهد جريء وصريح: اسحب السلاح وامنع تدفق المال، وستذوب حركة كحماس من تلقاء نفسها.

لكن حتى إن نزع السلاح وقطع التمويل فستبقى المعضلة الأكبر في كيفية «إعادة برمجة» عقول الأجيال داخل غزة؛ كي لا يحتفوا بفكرة الحرب، وربما يكون هذا التحدي مستحيلاً.

فالفلسطينيون ليسوا أول من يعاني من المظالم في التاريخ، ولا حتى أكثر الشعوب تضررًا مهما بدا أنهم يتصرفون على هذا الأساس. ومع ذلك؛ فإن مصدر معاناتهم الحقيقي يكمن في قيادتهم المليئة بالكراهية التي أفسدت كل فرصة للتقدم، واستغلت آلام شعبها لتحقيق مزيد من النفوذ والمال.

ومن العدل أيضًا أن يُقال: إن بعض الفضل في الوصول إلى هذا الاتفاق يعود إلى أطراف خارجية ـ بعضها وقع على اتفاق السلام مؤقتًا ـ كانت طوال السنوات الماضية تغذي الفساد والكراهية لتحقيق مصالحها الخاصة.

لقد كان الوصول إلى هذه المرحلة صعبًا بما فيه الكفاية، أما تحقيق سلام دائم فسيكون أصعب بكثير، حتى إن مشكلة أيرلندا الشمالية تبدو أمامه يسيرة.

لكن رغم ذلك؛ فالاتفاق في أيرلندا تم، وترامب ـ على الأقل ـ وصل في ملف غزة إلى مرحلة لم يبلغها أحد من قبله.

أما الآن فإن كان العرب والدول الغربية -بما فيها اليابان، ومعهم الفلسطينيون أنفسهم ـ يريدون السلام حقًا فإن بإمكانهم تحقيقه.

جرانت نيوشام ضابط متقاعد في مشاة البحرية الأمريكية ودبلوماسي سابق

الترجمة عن آسيا تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

إلى متى يستمر الحال؟!

 

ناصر بن سلطان العموري

nasser.alamoori@gmail.com

 

في الوقت الذي كان فيه الجميع يترقب قانون الوظيفة العامة لإنصاف الموظفين الذين قضوا سنين طوال في الوظيفة الحكومية مكبلين بأغلال البيروقراطية أو قانون يحمي المسرحين من فيروس التسريح وما يترتب عليه من أهوال أو قانون يلزم الشركات بزيادة نسبة التعمين بالوظائف العليا دون الدنيا تقليلا للقائمة المتخمة للباحثين عن عمل أو قانون للمتقاعدين ينصفهم ويرفع من شأنه بعد أن نسيهم الجميع.

ولكن وزارة العمل فاجأت الجميع حينما أصدرت اللائحة الجديدة لعمال المنازل ومن في حكمهم. القرار- كما يُشاع- جاء نتيجة شكاوى بعض سفارات الدول من التصرفات السلبية لبعض أرباب العمل- ونؤكد "البعض"- والتزام سلطنة عُمان باتفاقيات دولية خاصة بحقوق العمال، طبعًا العمال الوافدين وليسوا من أصحاب البلد!

والسؤال الذي يطرحه الرأي العام: هل مراعاة حقوق العمالة الأجنبية أهم من مراعاة حقوق المواطنين أصحاب البلد؛ فالعامل الأجنبي أُعطي فوق ما كان يتمناه ويحلم به.

لكن في المقابل، من يعوض المواطن ويرجع له حقوقه إذا قصر العامل في عمله أو لاذ بالفرار؟ هذا غير الأعباء المالية التي تضاف إلى رب العمل نتيجة الإجازات المرضية والسنوية مدفوعة الخدمة ومكافأة نهاية الخدمة. والظاهر بعد صدور هذه اللائحة ستكون بلدنا ملاذ آمن وجنة للراغبين في العمل من الوافدين.

ألم تفكر هنا وزارة العمل بعين العاطفة قبل العقل عمَّا يواجه المُسرَّحين من أهوال يُندى لها الجبين فلا هو براتبه ولا هو براتب الأمان الوظيفي ولا عن الباحثين عن العمل الذي يزداد عددهم يومًا بعد يوم والذين هم أشبه ببالون قد ينفجر يومًا ويضر ما حوله.

قوانين لا تحاكي الواقع وتلامسه لا من قريب ولا حتى من بعيد، وكأن من اتخذها يسكن في برج عاجي لا يشعر بمن حوله أو ربما لا يعيش معنا ولا يحس بما يحسه المجتمع من آلام وآهات تصدر من مُسرَّح قابع في غياهب السجون، أو باحث عن عمل يتردد بين الطرقات وعبر المؤسسات لعله يشتم رائحة وظيفة، أو متقاعد قد أثقلت كاهله الديون والالتزامات فتكابد عليه الهم والمرض والدين فأحسَّ أن كل شيء ضده.

كفى مجاملة ونحن نحاول كسب ود من هم من يُملون شروطهم بالخارج على حسب حياة من في الداخل؛ فالمعاناة تزيد والوجع يشتد ووهن التفكير مما هو حاصل من أوضاع قد أصحاب الجميع دون استثناء.

أين الموازنة بين الحقوق والواجبات؟ فكما يصان حق العاملين، من المفترض كذلك أن يصان حق المواطن من أي تجاوز أو إخلال؛ فالعدالة لا تكتمل إلا حين تكون منصفة للجميع.

لا أعلم هنا متى يكون لمجلس عُمان دور في هذه القرارات المصيرية، والواضح للعيان أن القرارات الوزارية لا تُعرض على مجلسي الشورى والدولة مع انها تمس حياة المواطن على كافة المستويات.

قوة الحكومة دائمًا تُقاس بجودة منظومتها الخدمية وحُسن إدارتها لأزماتها وتماسك شعوبها وبقوة قرارها وانحيازها لمواطنيها في كل قراراتها، لا أن تكون قرارات عكسية تنحاز لصالح الوافد وتُضيِّق الخناق على المواطن؛ فأبناء البلد هم أولي بخيرات البلد والعيش فيه براحة وسكينة ودَعة.

أصبح المواطن يضع يده على قلبه خوفًا وهلعًا جراء ما هو قادم من قرارات وقوانين ما انزل الله بها من سلطان.

هذه رسالة لأصحاب القرار: كونوا محضر خير، ورسل سلام ووئام.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • خبير علاقات دولية: العودة للحرب تعني فشل ترامب في خطة السلام .. فيديو
  • إلى متى يستمر الحال؟!
  • لا يقبلون لكنهم يخضعون
  • الرئيس الأوكراني يطالب بتجميد الحرب قبل بدء محادثات السلام مع روسيا
  • ترامب: لا أعلم إذا كانت الضربات الإسرائيلية مبررة.. وحماس قد لا تكون متورطة بالانتهاكات
  • مكتوب بقلم رصاص.. وزير الخارجية الأسبق يحذر من عدم استكمال اتفاق السلام
  • أحمد موسى: نتنياهو لن يستمر في عملية السلام ويريد العودة للحرب وغلق المعابر
  • هل يستمر حسام حسن حتى كأس العالم؟
  • هل تصلح تجربة أيرلندا الشمالية نموذجًا لغزة في فترة ما بعد الحرب وبناء السلام؟