الثورة / المركز الفلسطيني للإعلام

“التعليم هو السبيل الوحيد لإحياء الأمل ومساعدة الأطفال على تجاوز صدمة عامين من الإبادة الجماعية. يُتيح لهم الشعور بالحياة الطبيعية والهدف. ينبغي أن يكون التعليم على رأس أولويات غزة”، بهذه الكلمات تستهل المعلمة ندى حمدونة حديثها عن حق الأطفال في قطاع غزة بالعودة إلى الدراسة بعد عامين من الإبادة الإسرائيلية.

وتضيف: “عندما أُعلن وقف إطلاق النار في غزة، انتابني شعورٌ متضارب، شعرتُ بالفرح لتوقف القصف أخيرًا، ولكني شعرتُ بالخوف من استئنافه في أي لحظة. شعرتُ بالتفاؤل بإمكانية عودة الحياة الطبيعية، ولكنني شعرتُ بالقلق من أن هذا قد يكون قصير الأمد مرة أخرى”.

قبل بدء الإبادة، كانت حمدونة تدرس اللغة الإنجليزية لتلاميذ المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مركز تعليمي ومدرسة حكومية للبنات في مدينة غزة. دُمِّرت المدرسة في الأسابيع الأولى من الحرب، ولحقت أضرار بالغة بالمركز التعليمي.

اضطررتُ المعلمة الشابة إلى النزوح برفقة عائلتها، وبعد بضعة أشهر، بدأتُ التدريس في خيمة، ضمن مبادرة محلية، “لم تكن الخيمة تحتوي على مكاتب، وكان طلابي – الذين تتراوح أعمارهم بين ست سنوات واثنتي عشرة سنة – يجلسون على الأرض. كانت ظروف التدريس صعبة، لكنني كنتُ ملتزمًا بمساعدة الأطفال على مواصلة تعليمهم”.

استعادة الشعور بالأمان

بحلول أواخر ديسمبر 2024، بدأت الأقلام والكتب والدفاتر تختفي تمامًا من المتاجر والأسواق. كان سعر الدفتر الواحد يتراوح بين 20 -30 شيكلًا (6 – 9 دولارات)، إن وُجد أصلًا. وكان هذا بعيدًا عن متناول غالبية العائلات.

وعندما أصبح نقص الورق والكتب والأقلام ملموسًا، بدأ بعض تلاميذ حمدونة بالحضور إلى الصف دون أي شيء يكتبون عليه؛ وكان آخرون يجمعون قصاصات الورق من أنقاض المنازل ويصلون إلى الصف بها؛ وكان آخرون يكتبون بأحرف صغيرة على ظهر أوراق قديمة احتفظت بها عائلاتهم، “ولأن الأقلام كانت نادرة، كان يضطر العديد من الأطفال في كثير من الأحيان إلى مشاركة قلم واحد”.

وبما أن الكتابة والقراءة، هما أساس التعليم، أصبحت مهمة المعلمين صعبة، “اضطررنا إلى ابتكار استراتيجيات تدريس بديلة. كنا نلجأ إلى التلاوة الجماعية، ورواية القصص شفويًا، والأغاني”.

وتضيف معلمة اللغة الإنجليزية: “رغم قلة اللوازم، كان لدى الأطفال إرادةٌ مذهلةٌ لمواصلة التعلم. رؤيتي لهم وهم يُكافحون مع قصاصات الورق القديمة ملأتني إعجابًا وألمًا؛ كنتُ فخورةً بإصرارهم على التعلم رغم كل شيء، وألهمتني مثابرتهم”.

وتشدد على أن توقف القصف يعد فرصة لاستعادة الأطفال لحقهم في التعليم، “وصول المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء إلى غزة مجددا أمر مهم جداً، لكننا نحتاج أيضًا بشكل عاجل إلى اللوازم التعليمية والدعم لإعادة التعليم إلى مساره الصحيح”.

وتضيف: “الكتب والأقلام والورق ليست مجرد لوازم مدرسية، بل هي شريان حياة يُمكّن أطفال غزة من الصمود في وجه الحرب والدمار والخسائر الفادحة. إنها أدوات أساسية تُعزز صمودهم وعزيمتهم على العيش والتعلم وبناء مستقبل مشرق”.

وتعتقد المعلمة حمدونة أنه يمكن للأطفال التعافي من صدمة الحرب واستعادة الشعور بالأمان بمساعدة التعليم. فالتعلم يمنحهم البنية والثقة بالنفس والأمل بمستقبل أكثر إشراقًا، وهي أمور ضرورية لتعافي المجتمع وإعادة التأهيل النفسي.

وأطلقت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” حملة “التعليم لا يمكن أن ينتظر”، مشددة على ضرورة على ضرورة إتاحة المجال أمام الصغار ليعيشوا طفولتهم.

شريان حياة

وجددت الأونروا عبر منصة “إكس” مطالبتها بعودة أطفال غزة إلى مقاعد الدراسة، مبينة أن إعادة الأطفال إلى مقاعد الدراسة لا بدّ من أن تأتي سريعاً، واصفةً التعليم في القطاع المدمّر بأنّه “شريان حياة”.

وبينت أنّ إعادة الأطفال الفلسطينيين في غزة إلى مقاعد الدراسة لا بدّ من أن تأتي سريعاً، واصفةً التعليم في القطاع المدمّر بأنّه “شريان حياة”.

وأكدت الأونروا أنّ إعادة انخراط الفلسطينيين الصغار في العملية التعليمية من شأنها أن تجلب لهم “الأمل كما التعافي والبقاء/ الاستمرارية”، ولا سيّما أنّ هؤلاء “لم يعرفوا سوى الحرب والنزوح على مدى أكثر من عامَين”.

وسط الحرمان والصدمات النفسية، حُرم أطفال غزة من التعليم بوحشية مطلقة.

استئناف التعليم سيجلب الأمل والتعافي والاستمرارية في خضم الدمار

إعادة الأطفال في مختلف أنحاء قطاع غزة إلى مسار التعلم هي أولويتنا. الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى زرع مزيد من اليأس والتطرف.

وأوضحت “الأونروا”، أنّ استعادة التعليم أولوية في إطار عملها، إذ أنّ جميع الأطفال، أينما وُجدوا، يستحقّون فرصة للتعلم واللعب والحلم مرّة أخرى.

وتفيد بيانات وكالة أونروا بأنّ أكثر من 660 ألف طفل في قطاع غزة هم خارج المدارس منذ أكثر من عامَين، لافتةً إلى أنّ “كلّ ما يريدونه هو العودة إلى صفوفهم، حتى وإن كانت مجرّد خيام”.

ودمرت آلة الحرب الإسرائيلية مئات المدارس التي تحوّلت في أشهر العدوان إلى مراكز إيواء للنازحين الذين نزحوا قسرياً من مختلف مناطق القطاع.

ومنذ إعلان وقف الحرب وتبادل الأسرى، أطلقت الأونروا ومتحدثيها العديد من النداءات من إجل إعادة الأطفال إلى المدارس، مؤكد أن الآلاف منهم حرموا من القدرة على القراءة والكتابة.

“لا وقت لنضيعه”

في هذا السياق، كتب المفوّض العام لوكالة أونروا فيليب لازاريني أنّ “وسط الحرمان والصدمات النفسية، حُرم أطفال غزة من التعليم بوحشية مطلقة”، مشيراً إلى ضرورة استئناف التعليم على الرغم من الدمار.

وشدّد على أنّ “إعادة الأطفال في مختلف أنحاء قطاع غزة إلى مسار التعلّم هي أولويتنا”، مؤكداً أنّ الفشل في تحقيق ذلك سوف يخلّف مزيداً من اليأس.

وبيّن لازاريني، في تدوينة نشرها على موقع إكس في إطار حملة وكالته، أنّ “أكثر من 60 ألف طفل فلسطيني في قطاع غزة استفادوا قبل وقف إطلاق النار من مساحات التعلّم المؤقتة التي أقامتها أونروا في ملاجئ النازحين”.

وقال إنّ “هذه المساحات أتاحت فرصاً للتعلّم الأساسي والأنشطة الترفيهية، الأمر الذي منح الأطفال شيئاً من الراحة من أهوال الحرب”، مضيفا أنّ “مع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، نعمل على زيادة عدد هذه المساحات لتوفير التعليم غير الرسمي في مناطق القطاع التي صار الوصول إليها ممكناً”.

وتابع لازاريني، أنّ “بموازاة ذلك، سوف يتلقّى نحو 300 ألف طفل سوف دروساً أساسية في القراءة والكتابة والحساب عن بُعد، بدعم من مدرّسي أونروا”، مؤكدا أنّ ثمّة “حاجة إلى المزيد من أجل استعادة التعليم في قطاع غزة”.

وبيّن أنّ مباني المدارس بمعظمها دُمّرت أو تضرّرت بشدّة”، وأنّ إعادة بنائها وترميمها سوف تتطلّب وقتاً وموارد، مشددا على أنّ “لا وقت لدينا لنضيّعه. فالتعليم لا يمكن أن ينتظر”.

ولفت لازاريني إلى أنّ “مع اقتراب فصل الشتاء، نحتاج بصورة عاجلة إلى إدخال آلاف الخيام والأغطية البلاستيكية لحماية الأطفال من البرد القارس”.

 

 

 

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: إلى مقاعد الدراسة إعادة الأطفال فی قطاع غزة الأطفال فی شریان حیاة أطفال غزة أکثر من غزة إلى

إقرأ أيضاً:

السيسي يعلن تنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة

أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، أن مصر ستستضيف في نوفمبر 2025 مؤتمرا دوليا لإعادة إعمار قطاع غزة.

وجاء الإعلان خلال حضور السيسي فعاليات الندوة التثقيفية الـ42 التي تنظمها القوات المسلحة، في إطار احتفالات مصر بالذكرى الثانية والخمسين لنصر أكتوبر المجيد، بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية.

واستعرض السيسي الجهود المصرية المكثفة على مدار العامين الماضيين لوقف الحرب في قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، وهو المسار الذي تُوّج بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وعقد قمة السلام بمدينة شرم الشيخ.

وفي هذا الإطار، وجّه الرئيس المصري الشكر لنظيره الأميركي دونالد ترامب على جهوده في دعم مساعي وقف الحرب.

كما أعلن أن مصر ستستضيف في نوفمبر 2025 مؤتمرا دوليا لإعادة إعمار قطاع غزة، داعيا الشعب المصري إلى المساهمة الفاعلة في جهود الإعمار، تعبيرا عن التضامن والمسؤولية والمحبة تجاه الأشقاء الفلسطينيين.

وكلف السيسي رئيس مجلس الوزراء بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني والجهات المعنية بالدولة لدراسة إنشاء آلية وطنية لجمع مساهمات وتبرعات المواطنين في إطار تمويل عملية إعادة إعمار قطاع غزة.

 

مقالات مشابهة

  • “أونروا”: التعليم في غزة شريان حياة للأطفال وأولوية لا تحتمل التأجيل
  • السيسي : مؤتمر دولي في نوفمبر لإعادة إعمار غزة
  • السيسي يعلن تنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة
  • "أطرافٌ مبتورة وشظايا مغروسة بأجسادهم ".. موظفة يونسيف: هذا واقع أطفال غزة جراء الحرب
  • "أطرفٌ مبتورة وشظايا مغروسة بإجسادهم ".. موظفة يونسيف: هذا واقع أطفال غزة جراء الحرب
  • "أطرفا مبتورة وشظايا مغروسة بإجسادهم ".. موظفة يونسيف: هذا واقع أطفال غزة جراء الحرب
  • لعبة تتحول إلى مأساة.. قنبلة تنفجر بأيدي أطفال
  • “أونروا”: وضعنا خططا لاستئناف العملية التعليمية في قطاع غزة
  • الأونروا: أكثر من 8000 معلم مستعدون لاستئناف تعليم أطفال غزة