الكنيست وضم الضفة.. استفزاز معارضة أم تمرد ضد نتنياهو؟
تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT
على غير ما أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحميل المعارضة وزر الضغط الدولي الكبير على تل أبيب بعد مصادقة الكنيست (البرلمان) مبدئيا على مشروع قانون لضم الضفة الغربية، تواصل شخصيات وأحزاب يمينية داخل الائتلاف الحاكم، الدفع قدما بمشاريع الضم التي تجعل إسرائيل معزولة عالميا.
وفي محاولة للهروب من انتقادات دولية وإدانات أميركية معلنة، اعتبر مكتب نتنياهو، في وقت سابق الخميس، أن تصويت الكنيست على ضم الضفة الغربية المحتلة "كان استفزازا سياسيا متعمدا من المعارضة لإثارة الفتنة"، خلال زيارة جي دي فانس، نائب الرئيس الأميركي لإسرائيل.
ورغم أن النائب يولي إدلشتاين، عضو الكنيست من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، صوّت لصالح مشروع قانون الضم، بجانب نواب من حزبين يمينيين مشاركين في الائتلاف الحاكم هما "عوتسما يهوديت" و"الصهيونية الدينية"، ادعى مكتب نتنياهو أن الليكود والأحزاب الدينية لم يصوتوا لصالح المشروع.
تمرد ضد نتنياهووفي أجواء الصراعات داخل الائتلاف الحاكم، وصف مراقبون إسرائيليون مصادقة الكنيست على مشروع الضم بأنها "تمرّد داخل اليمين ضد نتنياهو" و"محاولة اليمين للخروج من إملاءات واشنطن لتطبيق السيادة"، أكثر من كونها تحركا معارضا بالمعنى التقليدي.
تحركات اليمين المتطرف داخل المؤسسة التشريعية وضعت نتنياهو أمام مأزق مواجهة التزامات الولايات المتحدة أمام البلدان العربية والإسلامية بعدم السماح لإسرائيل بضم الضفة الغربية بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة حيز التنفيذ منذ 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وفي وقت سابق الخميس، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن ضم إسرائيل للضفة "لن يحدث لأنني وعدت الدول العربية بذلك"، محذرا من أن تل أبيب "ستفقد دعم الولايات المتحدة بالكامل إذا حدث ذلك".
كما قال نائبه فانس لصحفيين في تل أبيب إن تصويت الكنيست "حتى لو كان مناورة سياسية، فهي غبية وأزعجتني".
إعلانومن شأن ضم إسرائيل للضفة أن ينهي إمكانية تنفيذ مبدأ حل الدولتين المنصوص عليه في قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل الخاصة أن مؤيدي المقترح من الأحزاب اليمينية أرادوا التأكيد على أن نتنياهو تراجع عن وعوده الانتخابية بشأن "السيادة" تحت ضغط إدارة ترامب، وأنه "يتذرع بالاعتبارات الدبلوماسية لتجميد الضم".
ونقلت عن مصدر يميني، لم تسمه، قوله إن التصويت على مشروع قانون ضم الضفة "هدف إلى فضح هشاشة الحكومة أمام الرأي العام"، وإظهار أن "الأغلبية في الكنيست تدعم الضم الآن، لكن نتنياهو وحده هو من يمنع تنفيذه إرضاء لواشنطن".
بينما قالت صحيفة هآرتس إن المبادرة جاءت من نواب اليمين المتطرف بينهم آفي معوز (من حزب نوعم الذي انسحب سابقا من الائتلاف)، ودعمه نواب حزبي وزير المالية والأمن القومي بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، وجميعها أحزاب تشارك في الحكومة أو كانت ضمنها، مما يجعل ما جرى "تمردًا داخليا على نتنياهو أكثر من كونه مواجهة مع المعارضة".
إملاءات واشنطنويقول محللون في الصحيفة إن النواب الذين قادوا مشروع الضم، ومعظمهم من اليمين المتشدد، سعوا من خلال التصويت إلى إحراج نتنياهو سياسيا وإظهاره كزعيم يخضع لإملاءات واشنطن، خصوصا بعد سلسلة من التحذيرات الأميركية العلنية ضد أي خطوة أحادية الجانب في الضفة الغربية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التحرك "جاء متعمدا أثناء زيارة فانس"، في رسالة داخلية بأن "اليمين الحقيقي لا ينتظر إذن البيت الأبيض لتطبيق السيادة".
وأشارت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية كذلك إلى محاولات نتنياهو لتحميل المعارضة مسؤولية التصويت الحالي لصالح ضم الضفة الغربية، وذكرت أن حكومته تعمل على "تهيئة الظروف المناسبة للسيادة في الوقت المناسب"، في إشارة إلى تأييد مبدئي للضم ضمن حسابات دبلوماسية.
ولفتت إلى أن أحزاب المعارضة الوسطية واليسارية بقيادة يائير لبيد وبيني غانتس، صوتت ضد مشروع الضم الشامل للضفة الغربية.
ويرى مراقبون -وفق الصحيفة- أن ما حدث يكرّس الانقسام داخل اليمين الإسرائيلي، ويكشف عن حكومة يتنازعها جناح متشدد يدفع نحو الضمّ الفوري، وقيادة تحاول تأجيله حفاظًا على الغطاء الأميركي والدولي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات ضم الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
محللون: نتنياهو سيواصل التهام الضفة وواشنطن ليست جادة بشأن الاستيطان
في الوقت الذي يستعد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة الولايات المتحدة نهاية الشهر الجاري، تواصل حكومته توسيع عمليات الاستيطان والضم في الضفة الغربية المحتلة لإلغاء الوجود الفلسطيني بها ووأد أي أمل في تنفيذ حل الدولتين الذي يقول محللون إن تطبيقه بات مستحيلا.
ففي آخر تصعيد للعمليات بالضفة، نفذت قوات الاحتلال مداهمات واعتقلت عشرات الفلسطينيين وهدمت منازل في أريحا وطوباس ونابلس الخليل ورام الله.
وتبدو حكومة نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية– عازمة على فرض سياسة الأمر الواقع في الضفة حيث قررت مؤخرا منح 8 بؤر استيطانية عشوائية رموزا بلدية تمهيدا لتقنينها، في حين أعلن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش اعتمادات ضخمة لتعزيز الاستيطان.
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، قطعت حكومة نتنياهو أشواطا كبيرة لتعزيز السيطرة على الضفة تحت مظلة الاحتياجات الأمنية، وهو ما يجعل حديث واشنطن عن رفض هذا الأمر غير واقعي، كما يقول الباحث السياسي الفلسطيني الدكتور عادل شديد.
فالحكومة المسماة بحكومة المستوطنين -كما قال شديد في برنامج "ما وراء الخبر"- تسعى لاستغلال ما حدث في غزة لتمكين مشروعها القومي بالضفة، وترجمة شعار إلغاء الوجود الفلسطيني مقابل تعزيز الوجود الإسرائيلي.
إنهاء الوجود الفلسطينيويجري العمل على هذا الواقع الجديد -حسب الأكاديمي الفلسطيني- عبر تحويل كافة المدن والبلدات والمخيمات إلى جزر معزولة ومحاصَرة في محيط واسع من الوجود الإسرائيلي السكاني والأمني.
وتسيطر إسرائيل حاليا على ثلثي مساحة الضفة، وتعمل على ربط كافة التجمعات الإسرائيلية تزامنا مع تفكيك نظيرتها الفلسطينية، وهو ما يجعل إقامة دولة فلسطينية في هذا المكان أمرا مستحيلا من الناحية العملية، كما يقول شديد.
في المقابل، يقول الخبير في الشؤون الدولية بول ديفيز، إن حل الدولتين لا يزال قائما وإن الولايات المتحدة متمسكة، وإن إسرائيل تحاول فقط الحصول على ضمانات أمنية لأنها "قدمت الأرض مقابل السلام في غزة لكنها لم تحصل على ما تريد".
إعلانلذلك، تعمل الخارجية الأميركية حاليا على وقف عمليات الاستيطان وضمان احتياجات إسرائيل الأمنية من خلال تعزيز صلاحيات السلطة الفلسطينية لأنها قادرة على القيام بهذه المهمة، برأي ديفيز.
ويمكن تطبيق حل الدولتين من خلال منح الضفة الغربية حكما ذاتيا كما كان الوضع في غزة، بحيث تصبح السلطة الفلسطينية قادرة على ممارسة صلاحياتها فيها، حسب ديفيز، الذي يعتقد أن يرفع الرئيس دونالد ترامب شعار "كفى، تعالوا نجلس ونبحث عن حل" في وجه نتنياهو خلال زيارته المرتقبة لواشنطن.
لكن ترامب لم يعلن أبدا نيته إقامة دولة فلسطينية، بل ولم يذكر هذا المصطلح في أيّ من خطاباته لا هو ولا أي مسؤول في إدارته، كما يقول الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي.
ولو كانت واشنطن راغبة في وقف ضم الضفة، لما سمحت لإسرائيل ببناء 22 مستوطنة وإقامة 122 بؤرة استطانية جديدة خلال فترة الحرب، وفق البرغوثي، الذي أشار إلى إعلان جيش الاحتلال، الاثنين، عن إنشاء 100 بؤرة زراعية جديدة.
حديث غير جادكما صادرت إسرائيل 32% من أرض الضفة المحتلة وهجرت 62 تجمعا سكانيا عبر الإرهاب الذي يمارسه المستوطنون، وألقت اتفاق أوسلو في سلة المهلات، وفرّغت الحكم الذاتي للسلطة من مضمونه دون أي موقف أميركي جاد، وفق البرغوثي، الذي لا يصدق أي حديث عن حل الدولتين ما لم يكن مقرونا بعقوبات رادعة لإجبار إسرائيل عليه.
وحتى القرار الذي أصدرته إدارة باراك أوباما من مجلس الأمن الدولي، والذي يجرّم عمليات الاستيطان في الضفة "لا تقوم إدارة ترامب بتفعيله"، مما يعني -برأي البرغوثي- أنها غير صادقة في حديثها بشأن الضفة.
ومع ذلك، يعتقد الخبير في الشؤون الدولية بول ديفيز أن ترامب سيوقف نتنياهو عند هذه النقطة لأنه يريد القيام بكثير من الأمور في الشرق، وأنه لن يكون قادرا على القيام بها ما لم تتوقف إسرائيل عن ضم غزة والضفة وتتخذ خطوات من أجل السلام.
ورد شديد على هذا الحديث بقوله إن السلام الذي يريده نتنياهو يقوم على محو الوجود الفلسطيني، وهو ما يتجلى عمليا في شوارع الضفة التي اختفت منها الأسماء العربية مقابل انتشار الأسماء والإشارات العبرية.
فقد تم تخصيص 7 مليارات شكل (2.2 مليار دولار) لإقامة شبكة طرق جديدة تخدم 70 ألف مستوطن بالضفة، أي 1% من تعداد الاسرائيليين، وهذا يعني خلق واقع جديد يجعل حياة الفلسطيني مستحيلة، كما يقول.
وحتى لو سمع نتنياهو كلاما مختلفا خلال وجوده في واشنطن، فإنه سيراوغ وسيواصل تعزيز الأمر الواقع، لأنه يريد تحقيق أكبر قدر من المكاسب في كل الجبهات خلال وجود ترامب في البيت الأبيض، كما يقول شديد.