ما لم يذكره بري في كلمته حرّك باسيل
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
لم يكد الرئيس نبيه بري ينتهي من القاء كلمته في الذكرى الخامسة والأربعين لتغييب الامام موسى الصدر حتى توالت ردود الفعل السياسية، سواء تلك المؤيدة للمواقف التي أعلنها، أو تلك الرافضة لما حملته من رسائل داخلية، وبالأخص لجهة دعوته إلى حوار السبعة أيام، مستبقًا بذلك وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في زيارته "الايلولية".
أول ردود الفعل جاءت من رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي وصف كلمة بري بأنها إيجابية، استند على ما قاله ليصل إلى نتيجة وهي أنه في نهاية أيلول سيكون للبنان رئيس.
أمّا الردود التي أتت من نواب تكتل "الجمهورية القوية" فكانت في مجملها معارضة للدعوة إلى "حوار الأيام السبعة"، داعية رئيس المجلس إلى فتح أبواب مجلس النواب ليتمكّن النواب، وفي جلسات مفتوحة ومتتالية، من انتخاب رئيس. وفي رأي هؤلاء فإن هذه العملية قد لا تستغرق أكثر من سبعة أيام. وإذا كان لا بد من حوار فليترك أمره للرئيس الجديد المفترض به أن يولي هذا الأمر أهمية قصوى، باعتبار أن نجاح هذا الحوار برعايته وبمضامينه وعناوينه السياسية والاصلاحية قد يؤشر إلى نجاح عهده. فرئيس الجمهورية، أيًا يكن من يتوافق على اسمه نواب الأمة، لن يستطيع أن يحكم لوحده لأن المشاكل والأزمات التي يعاني منها البلد تحتاج إلى تضافر جميع القوى، وإلى التفاف الجميع حول الرئيس العتيد، الذي يجب أن يكون مميزًا في حكمته وفي أدائه وفي مقاربته للأمور السياسية والتعقيدات الاقتصادية والمالية، وفي مدى استيعابه لحجم ما ينتظره لبنان من مضاعفات النزوح السوري، إلى الوضع المتأرجح في الجنوب والمخيمات الفلسطينية، فضلًا عما يمكن أن ينتج عن أعمال التنقيب عن الغاز في "البلوك" رقم 9، وإمكانية الاستفادة مستقبلًا من عائدات الغاز.
فالرئيس بري الذي سبق أن قال قبل فترة إنه "ما بيحلاش بالرصّ"، عاد بالأمس وكرر الأمر ذاته، وإن بتعبير مغاير، فقال لمن سمّاهم بـ"الوشاة وجماعة الترانزيت والفنادق الفاخرة"، "خيّطوا بغير هالمسلة، غلطانين بالعنوان، وانتم لا تعرفون نبيه بري وحركة أمل".
وفي رأي أوساط سياسية محايدة أن الرئيس بري بدعوته إلى حوار السبعة أيام كحدّ أقصى أعطى مضمونًا جديدًا لهذا الحوار، الذي لم ينفكّ عن الدعوة إليه. ولكن ما هو مستجدّ في هذه الدعوة هذه المرّة ما أرفقه رئيس مجلس النواب من مستتبعات الاستحقاق الرئاسي، حين قال "وبعدها نذهب الى جلسات مفتوحة ومتتالية، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا، ونحتفل بانتخاب رئيس للجمهورية".
وتتوقع الأوساط ذاتها أن تنجح مبادرة بري في تحريك الركود الرئاسي إذا لم يكن هناك قرار خارجي وداخلي كبير بإبقاء الفراغ الرئاسي إلى أمد غير قصير.
ومن إيجابيات كلمة بري وفق قراءة "التيار الوطني الحر" أنه لم يأتِ في كلمته المطوّلة على ذكر مرشحه للرئاسة الأولى رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، مع أنه لم يتوقف يوماً منذ أن رشحه لهذا المنصب عن تكرار التزامه هذا الخيار الذي أصبح بعدها خيار "حزب الله" ولا يزال. وهذا ما حدا بباسيل إلى ملاقاة رئيس حركة "أمل" المنقطعة الجسور بينهما منذ فترة إلى منتصف الطريق، خصوصًا أن عدم ذكر فرنجية في الكلمة، التي كان يترقبها الأقربون والأبعدون، قد اراح رئيس "التيار الوطني"، الذي عقّب على الكلمة وهي لا تزال "فريش"، وقد سبق الجميع إلى ميدان الترحيب بما حملته هذه الكلمة من إيجابيات رئاسية.
وتقول الأوساط السياسية المراقبة أن باسيل لم يكن ليرحب بما تضمنته كلمة الرئيس بري لو ورد في متنها الإصرار على السير بترشيح فرنجية حتى النهاية، ولكن عدم ذكر رئيس تيار "المردة" بالاسم لا يعني بالضرورة أن "قوى الممانعة" قد صرفت النظر عن هذا الترشيح، مما يعني أن رئيس المجلس تقصّد هذا الأمر، وهذا ما سمح لباسيل بأن يبادر ويمدّ يده، مبديًا ترحيبه بـ "حوار السبعة أيام"، التي يعتقد أنها ستؤول في نهاية المطاف إلى انتخاب رئيس للجمهورية.
وعليه، فإن مضمون كلمة بري ستبقى في ميزان الردود السياسية إلى أن يحين موعد مجيء لودريان.
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
حوار الوفد مع العشماوي عن وظيفة الرؤى والكرامات في الإسلام
وظيفة الرؤى والكرامات في الإسلام! ذكر الدكتور محمد إبراهيم العشماوي أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف فى حواره مع الوفد وقال سيد الطائفة، الإمام الجنيد البغدادي رضي الله عنه: "الحكايات جند من جنود الله، يقوِّي بها قلوب المريدين!".
وقال سيدنا الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: "الحكايات عن العلماء والصالحين؛ أحبُّ إليَّ من كثيرٍ من الفقه؛ لأنها آداب القوم وأخلاقهم!".
إن الرؤى والكرامات عبارة عن حكايات، يحكيها المرء عن نفسه، أو يحكيها غيره عنه، وهي أوقع في النفوس من العلم المجرد، ومن الوعظ المباشر؛ ولهذا قال الجنيد: "إنها تقوِّي قلوب المريدين!".
أي: تثبِّت اعتقادهم، وتقوِّي يقينهم!
ولهذا لا تعجب إذا وجدتَ تراجِم علماء الإسلام - في كتب التراجِم والتواريخ والطبقات - محشوَّة بذكر الرؤى والكرامات، فهي من أهم عناصر الترجمة؛ لدلالتها على فضله وصلاحه، بل يذكرها علماء الحديث في تراجِم الرواة، كالدليل على عدالتهم!
ونحن نتساءل: من أين عرف المؤرخون والمترجِمون هذه الرؤى والكرامات؟!
والجواب الضروري لهذا السؤال؛ أن الرائي حكاها عن نفسه أو عن غيره؛ لأنه لا سبيل إلى معرفة الرؤيا المنامية إلا من الرائي!
فلماذا حكاها إذن؟! أليس هذا تزكية للنفس؟!
والجواب: أن لهم في حكايتها مقاصد لا تخفى على بصير، وهي تختلف باختلافهم، فمنهم من يحكيها دفعًا للتهمة عن نفسه، أو ترغيبا للناس في الأخذ عنه، أو في فعل الخيرات وترك المنكرات، أو لغرس محبة الصالحين في قلوبهم، وتقوية الجانب الروحي عندهم. وغير ذلك من المقاصد الصالحة!
أما الرؤيا الصالحة نفسها فهي جزء من النبوة، كما صرح به المعصوم - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في [صحيحه]، وسماها (مبشرات)، فبين بذلك بعض وظائفها، وهي أنها تبشر صاحبها بأنه على خير!
والقول في الكرامات كالقول في الرؤى والمنامات، غير أن الكرامة قد يشاهدها كثير من الناس، فتكون حكايتها من الناس لا من صاحبها!
ويكفي لكي تعلم مكانة الرؤيا أن الله تعالى ذكرها في غير موضع من القرآن، محتفيا بها، سواء وقعت لأنبياء أو لغيرهم!
كما احتفى بها أهل الحديث، فترجم البخاري في صحيحه كتابًا، وسماه كتاب [التعبير]، وأورد فيه كثيرا من المرائي!
وصنف الحافط ابن أبي الدنيا كتاب [المنامات]، وأورد فيه كثيرا من الرؤى المنامية!
وذكر الفقيه ابن أبي جمرة في مقدمة [شرحه على البخاري] عشرات الرؤى المنامية، التي ساقها للاستبشار بها، وللدلالة على فضل كتابه!
ووقفت على رؤيا للقرطبي حكاها عن نفسه، في [شرحه على صحيح مسلم]، في موضع لا يحضرني ذكره الآن!
هذا جانب من احتفاء القرآن والسنة وأهل العلم بهما، بمسألة الرؤى والمنامات!
على أنه لا ينبغي أن نبني عليها أحكاما شرعية، ولا أن تتوقف حياتنا عندها، وإن كان يستحب العمل بما وافق الشريعة منها، وقد ذكر ابن القيم في كتابه [الروح] عمل بعض السلف بالرؤى المنامية الصادقة!
وأما الكرامات فليس أدل على احتفاء القرآن بها؛ من ذكرها في مواضع مختلفة، كما وقع لسيدتنا مريم، ولأهل الكهف، ولصاحب موسى!
وترجم لها الإمام النووي في [رياض الصالحين] بباب [كرامات الأولياء]، وصنف الشيخ يوسف النبهاني كتابًا ضخما سماه [جامع كرامات الأولياء]!
ومما يدل على أهميتها؛ ذكرها في كتب العقائد الإسلامية، لاتصالها بمعجزات الأنبياء، بل قالوا: "كل ما كان معجزة لنبي؛ جاز أن يكون كرامة لولي، إلا ما اختص به الأنبياء!".
وأنشد الشيخ اللقاني في منظومته المباركة [جوهرة التوحيد]:
وأثبتنْ للأوليا الكرامةْ
ومن نفاها فانبذنْ كلامهْ!
هذه سطور كتبتها - على عجَل - جوابًا على سؤال مَن سأل: لماذا تذكر الرؤى المنامية الصالحة التي رأيتَها أو رؤيت لك؟!