الفنون الأدائية “الراقصة” أحد أشكال الفنون الأدائية في الباحة
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
المناطق_واس
يعد الرقص الشعبي أحد أشكال الفنون الأدائية لغة لها أبجديتها المستمدة من أوضاع الجسد ومن إيماءات الأطراف ومن إيقاعات الرقص ونوعًا من الإبداع الذي يعبر به عن المشاعر والآراء والتراث.
وبقول الباحث محمد بن ربيع الغامدي؛ ” أوشك على القول بأن الإنسان كائن راقص بطبعه، يستخفّه الطرب، ويستحثّه السرور، وتبلغ به نشوة الانتصار حد الرقص.
ويشير إلى أن الرقص الشعبي يعتبر لغة لها أبجديتها المستمدة من أوضاع الجسد ومن إيماءات الأطراف ومن إيقاعات الرقص، وربما جاء تعبيرا عن وجهة نظر، وربما جاء محاكاة لممارسة حياتية أو لظاهرة كونية تحيط بالإنسان فتضيف لشجرة حياته مزيدا من أغصانها الخضراء، أو تضيق الخناق عليه فينفذ منها راقصا.
وأبان أن الباحة مثلها مثل غيرها غنية بفنونها الأدائية الراقصة التي تتوارثها الأجيال، ويمكن تقسيمها إلى قسمين كبيرين أولهما العرضة، والعرضة فنّ شعبي تطبيقي لأنها قد تحولت إلى فنّ نفعي، فنٌّ من أجل الحياة، أخذ من الفن الخالص الطرق والإيقاع والآلة وحركات الجسد والإيماءات والصورة الفنية العامة، بينما أخذ من المنافع حاجة القبيلة إلى استعراض رجالها وحاجة رجالها إلى التدريب والمناورة.
أما القسم الثاني من تلك الفنون الأدائية الراقصة فهو اللعب، وهو فنُّ صِرف، فنُّ من أجل الفنّ، متاح للجميع ومنه الهرموج، والمسحباني، والسامر، والمكسور الذي استحوذ على اسم هذا الفرع فسموه: اللعب.
واستطرد قائلاً ؛ ” ومثلما أهدى الفن طروقا مختلفة للعرضة تحت مظلة إيقاعين لها (مسيّر ومعيّر) فإنه قد أهدى لفنون اللعب طروقا كثيرة، فالهرموج فيه ألحان منها الفجيري والظهيري يجمعها إيقاع واحد هو أكثر إيقاعات اللعب بطئا “.
وذكر أن في المسحباني أيضا شامي ويماني وفُرعي وغيرها، وفي السامر رائح وغادٍ وجرمة ورياحي وغيره، وفي اللعب حُمَيمِي وقرياني وشبكي ولعب نسوان وغير ذلك.
وأوضح أن آلات الموسيقى في هذه الرقصات تختلف فهناك الزير(طبل اسطواني) وقد يصاحبه البرزان( آلة نفخ) عند توفره، وفي اللعب يستخدم الزير نفسه مصحوبا بآلة إيقاع أقل منه تسمى الحلة، ويحمل كل راقص( في الغالب) دفّا متوسط الإطار، ويرقص الرعيان عادة على أنغام الصفريقا (آلة نفخ شعبية) مع إيقاعات الدف أو الزير، وتمارس الرقصة ذاتها في معالجة الملدوغ ولكن بمصاحبة إيقاعات المهراس فقط (الهَوَنْد) .
وقال قائد فرقة صوت الجنوب الشعبية عيظة محمد الزهراني ؛” إن العرضة الجنوبية تقوم على الشعراء والزير ( الإيقاعات).و الصفوف والراقص أو المزيف ( ضابط الإيقاع) وهو الذي يقوم بالخروج من بين الصفوف بحركة سريعة إلى الميدان عند سماع بدايات دق الزير ويقف في أمام الصفوف مع رفع السيف أو الجنبية ثم القفز وثني الرجل اليمنى أثناء القفز وتقوم الصفوف من وضع الثبات رفع الرجل اليمنى يستمر في ضبط الصفوف بوضع موحد ومستمر إلى أن يتوقف دق الزير.
رئيس لجنة الفنون الشعبية بجمعية الثقافة والفنون بالباحة فيصل وازع قال ” تتعدد الفنون الشعبية في منطقة الباحة وهي من أهم سمات الفن السعودي المعاصر ، والتي تعبر عن التراث الكبير والثقافة الشعبية القديمة في الباحة ، ومن أشهر الفنون الشعبية في منطقة الباحه رقصة الحرب وهي العرضه الشعبيه واللعب والمسحباني و فن المحاورة وفن المجالسي ، وطرق الجبل ” .
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: الباحة الفنون الأدائیة
إقرأ أيضاً:
طفلي لا يحب اللعب.. هل هذا طبيعي؟!
ريتّا دار **
في عالمٍ يركُض بسرعةٍ، ويقيس الطّفولة بالصّوت والحركة والحيويّة، هناك أطفالٌ لا يركضون. لا يقفزون على الأرصفة، ولا يتشاجرون على من يبدأ أوّلًا في لعبة الغميضة. هناك أطفالٌ يفضّلون الزّوايا الهادئة، يكتفون بالمُراقبة، أو يصنعون لأنفسهم عالمًا خاصًّا لا يحتاج إلى شركاء. فهل هؤلاء أقلّ "طفوليّة"؟ وهل يجب أن نقلق؟
"طفلي لا يحبّ اللعب"؛ جملةٌ نسمعها كثيرًا من أمّهات وآباء يعبّرون بها عن قلقٍ دفين، أحيانًا يتلوه سؤال بصوت خافت: "هل هو طبيعي؟". وكأنّ اللّعب معيار للصحّة النّفسيّة والاجتماعيّة، وأيّ خروجٍ عنه إشارة خلل.
لكن فلنقف قليلًا عند المعنى الحقيقيّ للّعب.
اللّعب، في جوهره، ليس مجرّد حركة ولا صخب. هو تعبير، هو وسيلة. بعض الأطفال يعبّرون بأجسادهم، آخرون بالكلمات، وغيرهم بالصّمت أو الخيال. لا يمكن أن نُخضع الطّفل لعناوين جاهزة: "منفتح"، "منعزل"، "كسول"، "مختلف". فهل نسينا أنّ الطفل، مثل البالغ، له طبيعته، ومزاجه، وميوله؟
تخيّلوا طفلًا في الخامسة، يجلس في ركن الحديقة يصفّ سياراته بهدوء، بينما يقفز الآخرون من لعبة إلى أخرى. نظنّه منطويًا، بينما هو غارقٌ في حبّ التّرتيب، في رسم سيناريوهات لا نراها. هو لا يتهرّب من العالم، بل يخلق عالمه الخاصّ، على طريقته.
عادل، مثلًا، كان طفلًا هادئًا في صفّه، لا يشارك في الألعاب الجماعية، ولا ينخرط في الجري أو الركض. كانت معلّمته تلاحظ جلوسه في زاوية الصف يكتب أو يرسم أو يُراقب بصمت. أمّه كانت قلقة: "لماذا لا يلعب مثل باقي الأطفال؟". لم تفهم، في البداية، أنّ ابنها لا يرفض اللّعب، بل يبحث عن طريقةٍ يشعر فيها بالأمان.
كان "يلعب"، ولكن بطريقته، وكان يعيش مغامراته في خياله، ويجسّدها بالرّسم أو بالكلام مع نفسه. لم يكن يحتاج ملعبًا؛ بل من يفهم أنّ اللّعب لا يُقاس بالصّخب فقط.
هناك أطفالٌ يجدون في اللّعب الجماعي ضغطًا لا مُتعة. يخافون من الخسارة، من أن يُنتَقدوا، من أن يُدفعوا أرضًا، من أن لا يُحسنوا الرّدّ. وهناك أطفالٌ حذرون، يُجرّبون الحياة خطوةً خطوة، ويحتاجون وقتًا ليشعروا بالأمان. هل نلومهم؟ أم نحتضن بطء خطاهم؟
سارة، على سبيل المثال، كانت تكره لعبة الغُمِّيضة. لم تكن تُجيد الاختباء، وكانت تخاف من أن لا يجدها أحد. عندما بدأت والدتها تُلاحظ خوفها، اقترحت عليها أن تكون من يعدّ، بدلًا من أن تكون من يختبئ؛ فبدأت سارة تضحك معهم، على طريقتها. هكذا فقط، حين نحترم حساسيّة الطّفل، نفتح له بابًا ليفرح دون أن يشعر بالتّهديد.
الدّراسات التربويّة تؤكّد أنّ الأطفال يملكون أساليب تعبير متنوّعة، وأنّ التّصرّف المختلف ليس بالضرورة دليلًا على خلل. بل إنّ فهمنا لنمط كلّ طفل وميله الطبيعيّ، هو ما يساعده على النّمو بسلاسة. كما تشير بعض الأبحاث النّفسيّة إلى أن إجبار الأطفال على اللّعب بأساليب لا تروق لهم قد يُشعرهم بالفشل، ويؤثّر على ثقتهم بأنفسهم.
لذا.. علينا أن نعيد تعريف معنى "الّلعب"، وأن نكفّ عن حصره في الحركة والجري والمنافسة، ونشجّعه أن ينفتح على التّخيل، على التّصميم، على المراقبة، على التّعبير الفنيّ. فالطّفل الذي يفضّل أن يصمّم بيتًا من المكعبات بدلًا من أن يركض في السّاحة، لا يعاني شيئًا، بل يعبّر عن طبيعته.
ليس مطلوبًا من جميع الأطفال أن يحبّوا السّباحة أو الرّكض أو الألعاب الجماعيّة. المطلوب فقط أن يشعروا أن طرقهم في التّفاعل ليست غريبةً ولا مرفوضة. وأن يجدوا فينا نحن الكبار من يقول لهم: "أحبّ طريقتك"، بدلًا من: "ليش ما تلعب مثل الباقين؟".
فإن كان طفلك لا يحبّ اللعب، اقترب منه. اسأله دون حُكم: "كيف تحبّ أن تمضي وقتك؟". راقبه، وافتح له خيارات لا تشبه القوالب الجاهزة. دعه يختر بين الرّسم، القصص، البناء، الحديث مع الحيوانات، أو مجرّد مراقبة النّاس.
في النّهاية، الطّفولة ليست سباقًا، ولا اختبارًا للانفتاح. هي مساحة لاكتشاف الذّات. وبعض الذّوات تنمو في الهدوء. بعضها يحتاج ظلًّا أكثر من ضوء. فلنمنحها ما تحتاج، لا ما نريده نحن.
وأخيرًا.. كلّ طفل، في عمق ذاته، يعرف كيف يفرح. فقط علينا أن نصغي!
** كاتبة سورية