سواليف:
2025-11-11@11:56:46 GMT

صوت ممداني يهزّ جدران واشنطن وتل أبيب

تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT

#صوت_ممداني يهزّ جدران #واشنطن و #تل_أبيب

فوز تاريخي يُعيد رسم وعي نيويورك ويُغيّر وجه #السياسة_الأمريكية تجاه فلسطين

دوسلدورف/أحمد سليمان العُمري

بينما كانت أنظار العالم تتجه نحو الانتخابات الرئاسية الأمريكية، كانت نيويورك هذه المرة تعدّ لثورة صامتة من نوع مختلف. ففي مدينة ظلت لقرون معقلاً للتبادل التجاري والثقافي، ها هي اليوم تشهد تحولاً في البنية السياسية العميقة.

مقالات ذات صلة نحن وتشات جي بي تي وصيصان لورنز 2025/11/11

إن فوز زهران ممداني بمنصب العمدة هو إعادة تشكيل للخريطة السياسية في إحدى أهم مدن العالم.

لكن هذا التحول لم يأتِ من فراغ؛ فقد تراكم الغضب الشعبي خلال السنوات الأخيرة من سياسات إدارة ترامب التي عمّقت الانقسامات، وروّجت لخطابات عنصرية متطرّفة ضد المهاجرين والمسلمين والسود. ومع تصاعد تلك السياسات، بدأ وعيٌ جديد يتكوّن في المدن الكبرى، خاصة نيويورك، التي لطالما كانت مرآة التنوع الإنساني.

وفي الوقت ذاته، كان العالم يشهد انكشافاً غير مسبوق لـ حقيقة الاحتلال الإسرائيلي وحرب الإبادة التي تُمارس ضد الشعب الفلسطيني، وهو ما جعل السردية الفلسطينية تخرج من الهامش إلى مركز النقاش العالمي، مؤثّرة في ضمير الناخبين الأميركيين.

كان المشهد مميزاً ذلك المساء، حين وقف ممداني أمام أنصاره في قاعة مليئة بالبشر على اختلاف أعراقهم ومُعتقدهم. لم تكن تلك لحظة احتفال تقليدي، بل كانت تتويجاً لرحلة تحدّي استمرت سنوات، واجه خلالها ممداني أعتى الحملات التشويهية التي قدّمها تحالف غير مسبوق جمع بين أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واللوبي الصهيوني والحكومة الإسرائيلية.

الحقيقة في مواجهة المال والنفوذ

لقد شهدت الحملة الانتخابية هجوماً شرساً تم تمويله بملايين الدولارات من أجل تشويه صورة ممداني، فقط لأنه تجرّأ وتبنّى السردية الفلسطينية، ورفض الاستمرار في تزوير الحقائق التي تروّجها الإدارة الأمريكية الشريكة للحكومة الإسرائيلية.

لقد حاولوا تحويل دعمه للقضية الفلسطينية إلى تهمة، لكن ناخبي نيويورك اختاروا سماع الصوت الآخر، الصوت الذي يقول الحقيقة التي يرفض الكثيرون رؤيتها.

ولم يكن ذلك بمعزل عن تأثير المشهد العالمي، فصور الدمار في غزّة، والمجازر التي ما زال الجيش الإسرائيلي يرتكبها، والاحتجاجات التي عمّت الجامعات الأمريكية في الماضي القريب، كلها ساهمت في إعادة تشكيل الوعي العام في العالم. وفي مواجهة إرث الخطاب الترامبي المتطرّف، وجد الناخبون في ممداني ضالتهم للإنسانية والعدالة، لا سيما تجاه الفلسطينيين.

صراع بين سرديتين

ما يجعل هذه القصة أكثر إثارة هو أنها لم تكن مجرّد صراع بين مرشحين، بل كانت معركة بين سرديتين؛ من ناحية، السردية التقليدية التي ظلت مهيمنة لعقود، تقول إن نيويورك مدينة لا يمكن قيادتها إلا بمنطق القوة والمال والولاءات التقليدية واللوبيات الصهيونية، ومن ناحية أخرى، سردية جديدة تطرح نفسها بقوة، تقول إن السياسة يمكن أن تُبنى على أسس العدالة الاجتماعية والتضامن الإنساني والمواقف المبدئية والحقيقة الصّمّاء.

لقد أدرك الناخب في نيويورك أن الصمت أمام العنصرية، سواء كانت محلية أو دولية، لم يعد ممكناً، فكما رفض إرث ترامب وخطابه الإقصائي، رفض أيضاً التواطؤ السياسي والإعلامي مع آلة الحرب الإسرائيلية. وهكذا التقت القضيتان: رفض العنصرية الداخلية ونصرة الحق الفلسطيني في وعي الناخب الأمريكي، لتشكلا القاعدة التي حملت ممداني إلى منصب عمدة نيويورك.

لعل أكثر ما يلفت النظر في هذه القصة هو توقيت حدوثها، ففي وقت تشهد فيه الولايات المتحدة انقساماً سياسياً حاداً، وتتصاعد فيه خطابات الكراهية والعنصرية، تخرج نيويورك بصوت مختلف؛ صوت يقول إن التعايش ممكن، وإن التنوع مصدر قوة، وإن القيم الإنسانية المشتركة يمكن أن تجمع ما تفرّقه السياسة وأن القضية الفلسطينية وصلت من شدة القتل بين الفلسطينيين إلى الشعوب العالمية وإلى أزقّة المدن لتُحدد من يدخل أروقة القرار السياسي في نيويورك.

بداية فصل جديد نحو الشرق الأوسط

القصة الكبرى هنا لا تتمثّل في حصول مسلم على منصب مهم، بل في تحوّل مجتمعي أعمق؛ إنها قصة مدينة تعيد اكتشاف هويتها، قصة جيل جديد يرفض أن يكون سجين الخيارات السلطوية بالتلقين، قصة مجتمع قرر أن يكون صوت الضمير الإنساني في زمن الصمت.

لكن هذا الانقلاب لا تقف عند حدود المدينة التي تنام، فالتاريخ السياسي للشرق الأوسط كما العالم كلّه، والقضية الفلسطينية تحديداً، أثبتا أن التغيير الحقيقي لا يأتي من التضحية الفلسطينية النضالية وحدها، فالولايات المتحدة هي البلد الذي يمسك بمفاتيح القرار الدولي، وما حدث في نيويورك اليوم ليس مجرّد فوز انتخابي محلي، بل بداية تغيّر القناعات في البنية العميقة للوعي الأمريكي تجاه فلسطين.

لقد أدت اعتصامات الطلاب في الجامعات الأمريكية، واحتجاجاتهم ضد تمويل آلة الحرب الإسرائيلية، إلى إعادة صياغة الخطاب العالمي حول العدالة والاحتلال والحرية. هذه الحركة الشبابية كانت المرآة التي عكست روح التغيير التي حملها ممداني في حملته الانتخابية، وربطت بين الضمير الأمريكي والحق الفلسطيني.

ومن هنا، فإن فوز زهران ممداني لا يمثّل فقط انتصاراً لنيويورك كمدينة متعددة الثقافات، بل هو أيضاً إشارة سياسية كبرى إلى أن طريق التغيير في الشرق الأوسط يبدأ من الداخل الأمريكي نفسه، فإذا تغيّر وعي المواطن الأمريكي ومعه القرار السياسي، وتبدّل اتجاه المدينة التي تتبنى الخريطة السياسة الدولية بما فيها مصير فلسطين، ستبدأ بالتحرّك نحو تعميق الحقيقة وإنهاء تسويق الولايات المتحدة لدور الاحتلال بالضحية.

Ahmad.omari11@yahoo.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: واشنطن تل أبيب السياسة الأمريكية

إقرأ أيضاً:

إعلام عبري: تل أبيب حذرت واشنطن وبيروت من تحرّكات حزب الله

إعلام عبري: تل أبيب حذرت واشنطن وبيروت من تحرّكات حزب الله

مقالات مشابهة

  • ماذا نعرف عن الديموقراطية التمثيلية التي أسقطها ممداني؟
  • انتصار ممداني ومستقبل السياسة الأمريكية
  • الصين: تعليق العمل بالرسوم الخاصة بالموانئ على السفن الأمريكية
  • حماس: سنسلم جثة الضابط التي عثر عليها أمس في رفح الفلسطينية
  • ممداني عمدة نيويورك شغوف بكرة القدم وعاشق لفريق أرسنال
  • إعلام عبري: تل أبيب حذرت واشنطن وبيروت من تحرّكات حزب الله
  • هل فوز ممداني يدعم عالم المطاعم في نيويورك؟.. ركز على المأكولات
  • خليل الحية: أحداث 7 أكتوبر كانت ردا على تهميش القضية الفلسطينية
  • سر الشعبوية الجذابة التي استثمرها ممداني لحسم نيويورك