يدلِّل ما حدَثَ في مجموعة من الصحف التابعة لشركة جانيت الأميركيَّة والتي اعتمدت على الذَّكاء الاصطناعي في كتابة المواضيع الصحفيَّة على أنَّ هذه التقنيَّة، ورغم تقَدُّمها، إلَّا أنَّها تبقى اصطناعيَّة ولا يُمكِن أن تحلَّ محلَّ الإنسان، خصوصًا في المجالات التي تتطلب حرفيَّة وإبداعًا.
فبعد أن شرَعَتْ في الاعتماد على الذَّكاء الاصطناعي في كتابة الأخبار والتحليلات الرياضيَّة، أوقفت صحيفة «كولومبوس ديسباتش» الأميركيَّة التابعة لشركة «جانيت» هذه التقنيَّة بعد تعرُّضها للسُّخرية على منصَّات التواصل الاجتماعي بسبب أخطاء فادحة في الكتابة، حيث كان للشركة سابقة أيضًا في هذا الأمْرِ حينما اعتمدت كتابة المقالات التكنولوجيَّة بنَفْسِ التقنيَّة ولكنَّها أوقفتها بسبب الأخطاء الكثيرة في المقالات.
وتمحورت السُّخرية من هذه الكتابات حَوْلَ تكرار المصطلحات الصَّارخة، وافتقارها للتَّفاصيل واتِّسامها باللُّغة الروبوتيَّة مع وجود جُمَل غير مفهومة ومعلومات غير ذات صلة في موجزات المباريات، ومِنْها ـ على سبيل المثال ـ الإشارة إلى مباراة كرة قَدَم في المدرسة الثانويَّة باسم «حركة كرة القَدَم في المدرسة الثانويَّة» أو «لقاء مقرَّب من النَّوع الرياضي».
وهذه المقالات التي تمَّ إنشاؤها بواسطة الذَّكاء الاصطناعي والمنشورة على المواقع الإلكترونيَّة المملوكة لشركة جانيت تمَّ نسبها إلى شركة «ليدي إيه أي»، وهي شركة تقنيَّة لها مهمَّة مخصَّصة تتمثل في إنتاج تقارير تتوافق مع تفضيلات القرَّاء.
ولعلَّ الردَّ الذي جاء من شركة جانيت ـ التي تُشرف على أكثر من 200 صحيفة يوميَّة ـ حَوْلَ هذه الانتقادات السَّاخرة والمتمثِّل في أنَّ الشركة كانت تستكشف تقنيَّات الأتمتة والذَّكاء الاصطناعي لتطوير الموارد للصحفيِّين وإثراء المحتوى المقَدَّم لجمهورها.. جاء ليجسِّدَ الدَّوْر الحقيقي للذَّكاء الاصطناعي والمتمثِّل في مساعدة البَشَر على اتِّخاذ القرار أو إنتاج المحتوى عَبْرَ تسهيل إمدادهم بالمعلومات وإتاحتها لَهُمْ وليس القيام بالعمل بدلًا مِنْهم.
فمع ظهور شات «جي بي تي» المعتمد على تقنيَّة الذَّكاء الاصطناعي ظهرت مقولة مفادها بأنَّه إذا كان الذَّكاء الاصطناعي يستطيع الإجابة على أيِّ سؤال إلَّا أنَّه لا يستطيع المبادرة من نَفْسِه بطرح أيِّ سؤال.
هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري
[email protected]
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: کاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
أوبن إيه آي تطلق نموذج ذكاء اصطناعي جديدا
أطلقت شركة "أوبن إيه آي"، نموذجها الجديد للذكاء الاصطناعي "جي بي تي-5.2" سعيا منها إلى إعادة تأكيد تفوقها بعد أيام قليلة من استنفارها فريق عملها لمواجهة المنافسة المتزايدة التي تشكلها البرامج الأخرى.
وقد أوعز سام ألتمان رئيس "أوبن إيه آي" إلى موظفيه، في رسالة "إنذار أحمر" وجهها إليهم في مطلع ديسمبر الجاري، بالتعجيل في تركيز جهودهم وإمكانات الشركة على منتَجها الرئيسي "تشات جي بي تي".
وأكدت فيدجي سيمو مديرة التطبيقات في "أوبن إيه آي"، في مؤتمر صحافي، أن هذا "الإنذار الأحمر" أتاح "زيادة الإمكانات المخصصة لتشات جي بي تي" وكان "مفيدا" لإنهاء العمل على "جي بي تي-5.2".
لكنها نفت أن تكون أجواء الاستنفار هذه وراء تقديم موعد إطلاق "جي بي تي-5.2"، وفقا لموقع "وايرد".
وصفت "أوبن إيه آي" هذه النسخة الجديدة، التي تتوافر منها نماذج متنوعة من بينها الفوري والاحترافي، بأنها أكثر إصداراتها فاعلية إلى اليوم. وأوضحت الشركة أن تقدما ملحوظا تحقَّقَ في مجالات المنطق وإنشاء العروض التقديمية، وقراءة الصور وإدارة سلسلة من المهام والرموز البرمجية.
وأكدت "أوبن إيه آي" أن عدد أخطاء الوقائع (أو ما يُعرف بـ"الهلوسات") التي ترتكبها النسخة الجديدة المسماة "ثينكينغ" Thinking تقل بنسبة 38 في المئة عن النسخة السابقة.
وتهدف هذه التحسينات إلى احتواء تقدّم الأدوات المنافِسة، ومن أبرزها نموذج "كلود" من "أنثروبيك". كذلك تسعى "أوبن إيه آي" إلى كبح الصعود الذي سجّله نموذج جوجل.
مقاطع فيديو مدفوعة
فالشركة العملاقة في مجال البحث على الإنترنت أطلقت، في نوفمبر الماضي، نموذجها "جيميناي 3" وأعلنت أن عدد مستخدمي أداتها المساعِدة القائمة على الذكاء الاصطناعي شهريا تجاوز 650 مليونا. وفي المقابل، أكدت "أوبن إيه آي" أن عدد مستخدمي "تشات جي بي تي" أسبوعيا يبلغ 800 مليون.
وعلى خلاف جوجل التي تجني ربعيا مليارات الدولارات بفضل نشاطها القديم، وخصوصا من الإعلانات، تتكبد "أوبن إيه آي" شهريا خسائر مالية، ولا تتوقع تحقيق ربح قبل سنة 2029.
إلاّ أن رئيسها سام ألتمان أكّد، أمس الخميس في حديث لمحطة "سي إن بي سي" التلفزيونية الأميركية، ثقته بقدرة شركته "على مواصلة تحفيز نمو الإيرادات لمواكبة هذا التصاعد في القدرات الحاسوبية".
التزمت "أوبن إيه آي" بالفعل رفعَ قدراتها في مجال الحوسبة من خلال مشاريع بقيمة 1400 مليار دولار على مدى ثمانية أعوام، من بينها شراء ملايين الرقاقات، وبناء المراكز لتشغيلها، وضمان توفير التيار الكهربائي والتبريد لهذه المنشآت.
وافاد ألتمان بأن الشركة باتت تتقاضى رسوما من المستخدمين مقابل توليد مقاطع فيديو عبر أداتها "سورا" Sora. وأكد أن "المستخدمين لم يُبدوا أي تردد في الدفع مقابل توليد مقاطع فيديو تعجبهم".