جريدة الوطن:
2025-10-14@10:38:53 GMT

نبض المجتمع: هل السفر يعلمنا؟

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

نبض المجتمع: هل السفر يعلمنا؟

يُمثِّل السَّفر ـ حاله كحال أيِّ تجربة في الحياة ـ نموذجًا رائعًا للتأقلم مع مختلف الظروف والتعلُّم مِنْها والعمل على حلِّها وفق المعطيات والإمكانات المتاحة لذلك، وهو ترمومتر تقيس من خلاله مدى القدرات التي تمتلكها لحلِّ المعضلات والمشاكل التي قَدْ لا تجدها وأنتَ في محلِّك وبلدك، كما أنَّ الإمكانات لمعالجة تلك المشكلة قَدْ لا تكُونُ متوافرة في السَّفر، والإمكانات المقصودة هنا قَدْ تكُونُ مادِّيَّة ومعنويَّة، والأخيرة هي الأهم، فهي تُشكِّل النسبة الأكبر لنجاحنا في حلِّ أيِّ مشكلة، فما بالك وأنتَ في السَّفر تكُونُ الجوانب المعنويَّة في أدنى مستوياتها؛ وبالتَّالي قدرتك على المعالجة أقلَّ نظريًّا، ولكن أن تتحدَّى كُلَّ ذلك وتوجد الحلول فهو الرهان الكبير الذي من خلاله تستطيع أن تثقَ في نَفْسِك بصورة كبيرة.

. والمثال هنا في إحدى رحلاتنا إلى أوروبا وأثناء استقلالنا للقطار للتنقل بَيْنَ دولة وأخرى نتفاجأ بأنَّ خطَّ سَير القطار الذي نركبه قَدْ تغيَّر بسبب وجود حادث لأحد القطارات كما أخبرنا المسؤول عن موضوع التذاكر، وبالتَّالي علَيْنا ركوب حافلة من محطَّة قادمة ثمَّ النزول إلى قطار آخر. ومع مرور الوقت اكتشفنا أنَّ هذا الظرف أثَّر على كُلِّ مخطَّطنا بحُكم أنَّ محطَّات القطار اللاحقة كُلَّها تغيَّرت، ولو جلسنا في الانتظار لوصلنا إلى وجهتنا بعد مدَّة طويلة، عِندها بدأنا في تطبيق استراتيجيَّة معالجة المشكلات واستعنَّا بمختلف المعلومات المتوافرة لدَيْنا، وخصوصًا تلك الموجودة في هواتفنا، وبالتَّالي بدلًا من أن نرهقَ أنفُسَنا في سَفر طويل لا نعرف له نهاية، خصوصًا أنَّ وصولنا لمحطَّة ما قَدْ يعني أنَّ القطار الذي يفترض أن نركبَه قَدْ تحرَّك وعلَيْنا انتظار قطار آخر قَدْ يستغرق ساعات، عِندها قرَّرنا أن ننزلَ في محطَّة لمدينة معروفة ونسكنَ فيها ونستكشفَها، ونعرفَ من خلال محطَّتها متى موعد القطار المباشر الذاهب لوجهتنا، وبالتَّالي نكُونُ قَدْ كسبنا الوقت وتعرَّفنا على مدينة جديدة وأرحنا أنفُسَنا من مشقَّة الطريق. وبالفعل كانت النتيجة مثل ما توقَّعناها، وبالتَّالي عالجنا مُشْكِلة كانت يُمكِن أن تفسدَ علَيْنا أيَّامًا ضائعة لو لا قدْرتنا على حُسن التصرُّف وإيجاد البدائل المناسبة..
وإلى جانب ذلك تتعلم في السَّفر أشياء لا تخطر أحيانًا أنَّك يُمكِن أن تتعلَّمَها أو تستكشفَها، وأحيانًا كثيرة لا تكُونُ هذه الأشياء محسوسةً أو تستطيع أن تحدِّدَها، لعلَّ أهمَّها الجانب الفكري الذي يتغيَّر في ذهنك ولا تكتشفه إلَّا بعد فترات لاحقة، وليس المقصود هنا أنَّ كُلَّ ما تشاهده في السَّفر هو جانب إيجابي يعمِّق لدَيْك أنَّ الآخر هو الأفضل، بل العكس ربَّما ترى أنَّك الأفضل بالمقارنة مع الآخر، وهذه نقطة جوهريَّة في هذا الجانب. فالكثير منَّا عِندما يُسافر كُلُّ ما يهمُّه أن يمدحَ تلك الدولة أو المنطقة، ويعمل مقارنات كثيرة قَدْ لا تكُونُ منطقيَّة، وهذا ليس عيبًا، ولكن في المقابل يجِبُ أن نكُونَ مُنصِفين، لماذا؟ لأنَّنا في النهاية نفكِّر بمنطق ونزن الأمور بميزان عادل ولو افتراضيًّا، فربَّما يتقَدَّم الآخر مادِّيًّا، ولكن قَدْ لا يتقَدَّم أخلاقيًّا، وهنا سأضرب مثالًا حدَثَ لي أثناء تفتيش الحقائب الصغيرة والأمتعة الشخصيَّة، حيث توجد في العادة صناديق صغيرة مفتوحة تضع فيها أمتعتك مِثل الهاتف والمحفظة؛ لكَيْ تمرَّ من خلال الجهاز الذي يكشف الأشياء الممنوعة، ونظرًا لكثرة المسافرين فأحيانًا لا تتوافر هذه الصناديق بسرعة وتتكدَّس في مكان مُحدَّد ويذهب البعض لجلبها من أجْل سرعة إنهاء تفتيشه. وأتذكَّر أنَّ أحد الأشخاص قَدْ جلب مجموعة مِنْها له ولأصحابه، ولأنَّ لباسه يُشْبه لباس أمن المطار فما كان مِنِّي أن طلبت أحدها ظنًّا مِنِّي أنَّه عامل تجميع هذه الصناديق، فما كان مِنْه إلَّا أن امتعضَ بصورة غريبة وتحدَّث بلُغته بكلمات توحي بأنَّه غاضب، تخيَّلتُ حينها أن لو أحدًا طلب مِنِّي هذا الطلب كنتُ على الأقل سأوجِّه للمكان الذي يحصل فيه على هذا الصندوق بكُلِّ لطف وبكُلِّ أريحيَّة إذا كنتُ لَمْ أستطع أن أعطيَه إيَّاه، فالأعداد كبيرة ومجانيَّة في الأصل، ولكن نتيجة الزحام كانت في حاجة لتنظيم وإعادة لمكانها الطبيعي، وقَدْ عرضتُ الحادثة على الزملاء وأبدوا تعجُّبَهم من الأمْرِ، وكيف أنَّ موضوع المساعدة مرتبط عِند بعض الشعوب بالمقابل، بعكس مُجتمعنا الذي لا نقول إنَّه مثالي ولكن بنسبة كبيرة يُمكِننا القول إنَّ هذا التصرُّف لَنْ يكُونَ موجودًا لدَيْنا. السَّفر مدرسة تتعلَّم مِنْها جوانب كثيرة في وقت قصير، تتعلَّم عِندما تبدأ في ملاحظة ما يَدُور من حَوْلِك وتربط الأمور وتقارن الأشياء، وفي المقابل كثيرون سافروا ولَمْ يستفيدوا أشياء كحال وجودهم في بلدهم، فأنتَ مَن يقرِّر كيف تستفيد من كُلِّ شيء.

د. خصيب بن عبدالله القريني
kaseeb222@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: فی الس

إقرأ أيضاً:

سعفان الصغير : قلت للمهدي سليمان خطوة انتقالك للزمالك مهمة .. ولكن هيكون فيه مشاكل كتير

أكد سعفان الصغير مدرب حراس مرمى منتخب مصر، أن المهدي سليمان حارس مرمى نادي الزمالك يمتلك إمكانيات فنية عالية وباب المنتخب مفتوح له في أي وقت. 

وقال الصغير في تصريحات مع كريم رمزي لبرنامج لعبة والتانية على راديو ميجا إف إم: "المهدي سليمان حارس مرمى مميز ويمتلك إمكانيات فنية عالية، وهو إضافة لمنتخب مصر بكل تأكيد. 

وأضاف: باب المنتخب مفتوح للمهدي سليمان في أي وقت ولكن عندما يشارك بصفة أساسية، وهو واحد من الحراس المميزين في الدوري المصري. 

وتابع: قولت للمهدي سليمان خطوة انتقالك للزمالك مهمة ولكن هيكون في مشاكل كتير بسبب تواجد كلا من محمد عواد ومحمد صبحي. 

وأردف: في حالة حب غير طبيعية بين محمد الشناوي ومصطفى شوبير تستحق الإشادة بها،  الشناوي وصبحي وشوبير لديهم القدرة علي اللعب في أكبر الأندية الأوروبية، وباب المنتخب مفتوح لأي لاعب.

طباعة شارك سعفان الصغير سعفان الصغير مدرب حراس مرمى منتخب مصر منتخب مصر المهدي سليمان نادي الزمالك الزمالك

مقالات مشابهة

  • حجام: “تأهلنا نعم.. ولكن لقاء أوغندا مهم لتحضير “الكان””
  • سعفان الصغير : قلت للمهدي سليمان خطوة انتقالك للزمالك مهمة .. ولكن هيكون فيه مشاكل كتير
  • "ترامب" في الكنيست: على إيران أن تحدد ما إذا كانت مستعدة للسلام
  • إسرائيل تفرج عن مئات الأسرى الفلسطينيين.. ولكن بشروط صارمة
  • نجم الأهلي السابق: التأهل للمونديال إنجاز كبير ولكن علينا أن نعمل على التتويج ببطولة كأس الأمم
  • مصطفى شوبير: الناس تتخيل أن المباريات سهلة من التليفزيون ولكن كل منتخبات أفريقيا صعبة
  • مصرع مواطنة دهسا أسفل عجلات القطار في إدفو
  • الكرملين: توريد صواريخ توماهوك الأمريكية إلى أوكرانيا يثير قلقنا ولكن
  • الصَلب الفلسطيني: جرحى نازفون… ولكن غير مهزومين
  • جولة لشيا على محطات القطار: نحو إعادة صفارة الانطلاق للسكك اللبنانية