القضاء العراقي يُوقف قرار السوداني تسليم مقر للجيش إلى الديمقراطي الكردستاني
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
أعلنت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، الأحد، وقف قرار رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بفتح وتسليم مقر تابع للجيش للحزب الديمقراطي الكردستاني، في كركوك.
وقالت المحكمة في بيان، إنها قررت "إيقاف تنفيذ أمر رئيس الوزراء المتضمن إخلاء المبنى المشغول حالياً من قبل المقر المتقدم لقيادة العمليات المشتركة بكركوك، والآثار التي ترتبت عليه، لحين حسم الدعوى المطالب بموجبها الحكم بإلغائه بغية الحفاظ على الأمن في المحافظة.
من جانبه، دعا رئيس الوزراء جميع الأطراف السياسية في كركوك، إلى "الالتزام بالحفاظ على السلم الأهلي وتجنب الوقوع في أي فتنة".
كما شدد السوداني على عدم التردد "بمحاسبة كل المتسببين بسقوط الضحايا والجرحى وفقاً للقانون، بعد الانتهاء من التحقيقات، والكشف عن ملابسات الأحداث المؤسفة".
وكانت شرطة كركوك، شمال العراق، رفعت حظر التجول، في وقت سابق الأحد، في أعقاب اشتباكات دامية، راح ضحيتها 4 أشخاص، مساء السبت، فيما تزايدت دعوات تهدئة الأوضاع للحد من الاضطرابات.
واعتصم، منذ أيام، أهالي من العرب والتركمان أمام المقر المتقدم للعمليات المشتركة، رفضاً لعودة الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى فتح مقاره في كركوك، وقطعوا الطريق الرابط بين المحافظة وأربيل، في حين نزل المئات من الأكراد إلى الشوارع مطالبين بإنهاء الاعتصامات.
اقرأ أيضاً
الصدامات بين العرب والتركمان والأكراد في كركوك.. ماذا تعني؟
وتسببت الأحداث الدامية في كركوك بانقسام الموقف الكردي، إذ رفض رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، في بيان "إراقة دماء الشباب والعبث بمصيرهم وحياتهم تحت شعار الحس القومي"، في إشارة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرفع شعار "كردية كركوك"، بحسب "وكالة أنباء العالم العربي".
وقال طالباني: "مع إدانتنا الشديدة لجميع المساعي والنيات التخريبية لتعكير أجواء الأخوة والتعايش في كركوك، يجب إلقاء القبض على المتهمين باستشهاد وجرح أبنائنا وإحالتهم إلى القضاء بأسرع وقت".
وأضاف: "نحن نرفض بشدة هذه السياسة الخاطئة وغير المشروعة.. (فإننا) في الوقت نفسه لن نقبل بأي شكل من الأشكال إراقة دماء شبابنا، والعبث بمصيرهم وحياتهم تحت شعار الحس القومي".
وكان مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، قال في بيان، الأحد، عقب الأحداث إن "القوات الأمنية والشرطة، وخلال الأيام الماضية، لم يحاولوا بأي طريقة منع هذا الشغب والتصرفات غير القانونية".
وأضاف: "تم استخدام القوة اليوم ضد المتظاهرين الكرد في كركوك وتم سفك دم الشباب الكرد.. هذه التصرفات غير مقبولة أبداً، وستكون لها نتائج سيئة.. سفك دماء أبنائنا في كركوك سيكون له ثمن باهظ".
ويتقاسم الحزبان، "الديمقراطي" بزعامة بارزاني، و"الاتحاد الوطني" بقيادة طالباني، السلطة والنفوذ السياسي في إقليم كردستان العراق، منذ ما قبل الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين في أبريل/نيسان 2003.
اقرأ أيضاً
العراق.. مقتل 3 أشخاص وإصابة 16 بتظاهرات في كركوك
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: كركوك السوداني العراق الحزب الديمقراطي الكردستاني الدیمقراطی الکردستانی فی کرکوک
إقرأ أيضاً:
قرار القضاء العراقي بين سندان القانون ومطرقة الفساد
آخر تحديث: 13 دجنبر 2025 - 9:36 ص بقلم:ادهم ابراهيم أثار القرار الأخير الصادر عن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، والقاضي باتخاذ إجراءات قانونية بحق كل من يحرض أو يروج لإسقاط النظام السياسي أو المساس بشرعيته عبر وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية، موجة من التخوفات المشروعة.
فالقرار، رغم مايراه البعض من هدف معلن يتمثل في حماية الاستقرار، يثير في المقابل تساؤلات مشروعة تتعلق بحرية الرأي والتعبير التي نصّت عليها المادة (38) من الدستور العراقي، وبالخصوص في ظلّ بيئة سياسية معقّدة ومثقلة بإرثٍ ثقيل من الأزمات.
حيث يكفل الدستور العراقي حرية التعبير والصحافة والتجمع، بل يعتبر انتهاك تلك الحريات جريمة يُحاسَب عليها القانون. ويقع على القضاء واجب دستوري أساسي يتمثل في مراقبة التشريعات والقرارات بما يضمن عدم المساس بهذه الحقوق، لأن المساس بها يعني المساس بروح النظام الديمقراطي نفسه. وهنا يتولد السؤال الجوهري: كيف يمكن التوفيق بين قرار كهذا وبين الالتزام الدستوري بحماية الحريات، خصوصاً إذا كانت صياغته قابلة لتأويلات واسعة؟ لقد عانت دول عديدة من صعوبة الانتقال من أنظمة شمولية إلى أنظمة تقوم على سيادة القانون . ومصداقية القضاء، في أي تجربة ديمقراطية، لا تقوم على النصوص وحدها، بل على السلوك القضائي ذاته : النزاهة، الحياد، والالتزام بوقائع القضايا دون تأثير سياسي.فثقة المجتمع بالقضاء ليست ترفاً، بل شرطاً أساسياً لاستقرار الدولة. وحين تتزعزع تلك الثقة، يبدأ المواطن بالتشكيك في قدرة القضاء على حماية الحقوق وتحقيق العدالة. في العراق، تتصدر ملفات الفساد المشهد السياسي، وهي ملفات تمسّ مباشرةً حياة المواطن وخدماته الأساسية: الكهرباء، الماء، الصحة، التعليم، والإعمار.ومع ذلك، يلاحظ كثيرون أن الادعاء العام لا يتحرك بالزخم نفسه تجاه ملفات الفساد الكبرى، رغم وجود تصريحات علنية واعترافات تُعرض في وسائل الإعلام حول هدر المال العام وتقاسمه. وهذا التفاوت في الحزم يثير تساؤلات لا يمكن تجاهلها:
هل يُحاسَب من ينتقد الفاسدين قبل محاسبة الفاسدين أنفسهم؟ وأين هي المذكرات القضائية بحق سراق المال العام مقارنةً مع إجراءات تُتخذ ضد المنتقدين أو الإعلاميين أو الناشطين؟وهل أصبح النقد السياسي جريمة؟ الخلط بين “إسقاط النظام” كفعل عنفي أو تحريضي، وبين نقد الأحزاب أو المسؤولين، يشكّل خطراً على الديمقراطية.فانتقاد الأداء السياسي، والسؤال عن الخدمات، والاعتراض على الفشل الإداري، والمطالبة بالإصلاح، ليست دعوات لهدم النظام الديمقراطي، بل أدوات لحمايته وتصويبه.
وعندما يصبح مجرد السؤال عن الخدمات العامة مقدمة لاتهام بالترويج لإسقاط النظام، فإن معنى المواطنة يتعرض للاهتزاز، ويصبح الفضاء العام ضيقاً إلى حدّ الاختناق .كما ان هناك ازدواجية خطيرة حيث لا يُحاسَب خطاب الكراهية والطائفية بنفس القدر؟
فبالرغم من وجود قوانين واضحة تجرّم التحريض الطائفي وخطاب الكراهية، إلا أن المحاسبة لا تطال إلا فئات محددة، بينما تبقى فصائل مسلحة وأحزاب تمتلك أذرعاً عسكرية خارج نطاق المساءلة، بالرغم من ان ذلك يشكل خرقاً دستورياً واضحاً. ان القرارات التي تصاغ بعبارات عامة وفضفاضة تمنح السلطة التنفيذية مساحة واسعة للتأويل، قد تتحول مع الوقت إلى أدوات لتكميم الأفواه.وكلما اقترب القضاء من العمل السياسي، أو بدا وكأنه حامٍ للسلطة لا للمجتمع، دخلت الدولة في مسار خطير يهدد جوهر النظام الديمقراطي ويقربه من أنماط حكم استبدادية، حتى لو كانت ترتدي عباءة الديمقراطية . المعركة الحقيقية التي ينتظرها العراقيون ليست معركةً ضد منشور في منصّة إلكترونية، بل معركة ضد شبكة فساد متجذرة تهدر الثروة العامة وتفرغ الدولة من معناها.وحين يرى المواطن أن من يتجرأ على كشف الفساد يُلاحق، بينما من يمارس الفساد يُحمى، فإن الإحباط يتحول إلى غضب، والغضب إلى فقدان ثقة، وفقدان الثقة إلى التمرد. إن بناء دولة قانون حقيقية يتطلب قضاءً مستقلاً لا يخشى مواجهة الفاسدين، ويعتبر حماية المواطن أولوية فوق حماية المسؤول.حماية النظام لا تتحقق بتقييد النقد، بل بتقوية المؤسسات، وتحقيق العدالة، واستعادة ثقة الناس. فالدول لا تنهض بإسكات الأصوات، بل بالاستماع إليها، ولا تستقر بالخوف، بل بالعدالة.والقضاء، بما يمثّله من سلطة مستقلة، هو حجر الأساس في هذا البناء؛ فإذا فقد استقلاله، اهتزّ كل شيء من بعده.