معرض السويس للكتاب.. متخصصون: فرقة أولاد الأرض تأسست من رجال المقاومة الشعبية
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
أقيمت مساء أمس الأحد، ندوة "احتفالية فرقة أولاد الأرض" المهداة إلى روح الكابتن غزالي، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض السويس الأول للكتاب، الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة.
تفاصيل فعاليات الأسبوع الثقافي من مسجد بلال بالمقطم وزارة الرياضة تُنظم الصالون البرلماني الثقافي بمركز شباب فاقوس
شارك في الأمسية الباحث الدكتور سادات غريب، والكاتب الصحفي محمد الشافعي، وفرقة "جمعية محبي السمسمية والفن الشعبي" بقيادة الفنان سيد كابوريا (مغني فرقة أولاد الأرض)، وأدارها المؤرخ السويسي محمد حمدان.
في البداية ربط حمدان بين نشأة فرقة (أولاد الأرض) وسياق الفن الوطني الحماسي الذي يميز مدينة السويس دائمًا، مضيفًا: لقد تأسست فرقة أولاد الأرض من رجال المقاومة الشعبية المتطوعين، وكانت أبرز أغانيهم أغنية "فات الكتير يا بلادنا" تأليف الكابتن محمد أحمد غزالي 1968، وكانت تؤدى ضمن الكف السويسي (رقصة الكف رقصة شعبية مصرية، تؤدى في معظم محافظات مصر)، ثم تحدث عن كيفية تكوين الفرقة من مجموعتين، المجموعة الأساسية فرقة (البطانية) بقيادة الكابتن غزالي، وفرقة (النضال الشعبية) بالأربعين، وقد قدمت الفرقة الأغنيات الوطنية، التي كتب معظم أغانيها الكابتن غزالي، والشعراء: كامل عيد رمضان "ريس البحرية"، وحسين محمد "كلامنا يا علمنا"، وعبد العزيز عبد الظاهر "ضي الليالي"، وعطية محمد عليان "أولادي كلكم"، وشارك الفرقة في جولاتها الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي وكتب أغنيته الشهيرة "يا بيوت السويس" تلحين إبراهيم رجب، وغناء محمد حمام.
وأضاف حمدان لقد كان للفرقة شعار يتردد في كل مناسبة، هو "إحنا ولاد الأرض.. ولاد مصر العظيمة.. تارنا هناخده بحرب للنصر غناوينا.. شباب ثوار ما نسبش التار.. إحنا ولاد الأرض".
واستهل سادات غريب كلمته ستظل السويس تؤدي دورها الذي اختصها به التاريخ، وهو الدفاع عن مصر، فمدينة السويس حاربت من 1967 إلى 1973 بغير انقطاع، ست سنوات وهي هدف أول أمام العدو، فلم يكف لحظة عن ضربها ومهاجمتها وإلحاق الدمار بها، وحين اتخذ القرار الصعب بإخلاء السويس ومدن القناة (التهجير) لم يكن قرار انسحاب، بل قرار مواجهة، كان قرارًا معناه تحويل هذه المدن إلى ساحة قتال، وأننا نرفض الرضوخ، وسنواصل الحرب.
وأضاف أن مدينة السويس عرفت أعظم أيام حياتها عندما تسللت قوات العدو خلال حرب أكتوبر إلى الضفة الغربية، مستغلة وقف إطلاق النار لكي تنتشر في أوسع دائرة ممكنة، كان العدو يرى أن استيلاءه على مدينة السويس باسمها الكبير في العالم هو العمل الوحيد الذي يمكن أن يرد لقواته اعتبارها، ويحجب عن العالم حجم هزيمته وحجم انتصارنا، لم يتوقعوا أبدا أن يواجهوا ما واجهوا، لم يتوقعوا أن تكون أوامر القيادة السياسية هي منع استيلائهم عليها مهما كان الثمن، لم يتوقعوا أن يحدث ذلك الالتحام التاريخي بين القوات المسلحة وقوات الشرطة والشعب في مقاومة شرسة وعنيدة.
ويضيف غريب، كان هذا هو امتحانهم الأول ليس مع الصحراوات المفتوحة، ولكن على أرضنا المسكونة وشعبنا العريق، والعالم يرى كيف تحولت مداخل السويس إلى مقبرة لدباباتهم، وكيف تكسرت أشرس هجماتهم الواحدة تلو الأخرى، وكيف أثبت الإنسان المصري بطولات أظهرتها ساعات الامتحان التاريخي.
وتناول الكاتب الصحفي محمد الشافعي رحلة الأغنية الوطنية المصرية، التي ترتبط بالأحداث الكبرى التي تمر بها مصر الكيان، فعندما هزم أحمس الهكسوس غنى الشعب للقائد المنتصر "هذا الجيش عاد منتصرًا.. هذا البطل له الخلود"، وكذلك غنى لتحتمس ورمسيس، فالمصري دائمًا يغني ويحتفي بالبطولات التي ترتبط بمفهوم الوطن "مصر"، ومنذ الأسرة الثلاثين في مصر القديمة لم يغني الشعب أغاني وطنية؛ لأن مصر كانت جزءًا من كيان أكبر، وأضاف الشافعي ومع الحركة الوطنية في ثلاثينيات القرن التاسع عشر ظهر مفهوم مصر كوطن مرة أخرى على يد رفاعة رافع الطهطاوي، ومع عبارة الزعيم مصطفى كامل "بلادي بلادي لكِ حبي وفؤادي"، ثم أغنية "قولوا لعين الشمس ما تحماشي لحسن غزال البر صابح ماشي"، والتي غنت لزهران، الذي قاوم مد امتياز قناة السويس 1910، وأغنية "يا بلح زغلول"، والتي ذكر فيها اسم سعد زغلول، ردًا على الإنجليز الذين منعوا ذكر اسمه، وجاءت تجربة الفنان سيد درويش في الأغاني الوطنية والتي توجت بأغنية "بلادي بلادي" التي غناها الشعب عندما عاد سعد زغلول من منفاه.
ويستطرد الشافعي، وجاءت بعد ذلك مرحلة الأغاني الوطنية التي ارتبطت بإنجازات ثورة يوليو: الإصلاح الزراعي، وبناء السد العالي، وتأميم القناة... وغيرها، والتي غناها كبار المطربين مثل أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ... وغيرهم. وأضاف أنا أعتبر تجربة فرقة (أولاد الأرض) مرحلة تالية من مراحل الأغنية الوطنية المصرية تعنى بالمقاومة، وقد جاءت في السويس؛ لأن السويس المدينة الأسرع في إدراك ما حدث في معركة 1967، ولوجود مثقف رفيع المستوى محمد أحمد غزالي، وهو كابتن في رياضة المصارعة، صنع الخندق وانطلق منه، هذا الخندق الذي زاره كبار المثقفين العرب محمود درويش، ورجاء النقاش، ويوسف إدريس، وأنا أطلق على الكابتن غزالي شيخ مشايخ شعراء المقاومة في العالم، لما قام به من دور أثناء حرب الاستنزاف من جولات في القرى والمدن إلى حفلات أضواء المدينة، ووصل صوت المقاومة لكل قرية في مصر.
واختتمت الأمسية بحفل قدمته فرقة "جمعية محبي السمسمية والفن الشعبي" بقيادة الفنان سيد كابوريا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ضمن فعاليات البرنامج الثقافي معرض السويس
إقرأ أيضاً:
محمد محيي الدين والوضاءة التي كانت عبر مناديله العديدة
محمد محيي الدين والوضاءة التي كانت عبر مناديله العديدة
محمد كبسور
محمد محيي الدين، مبدع سوداني متعدّد، ورائد من رواد التجديد في الشعر الحديث. قاص وروائي ومسرحي وصاحب ملكات أدبية رفيعة، له إسهامات مقدّرة في الشعر والمسرح والسيناريو والأفلام القصيرة. تميّزت كتابته بمخزون تاريخي وقراءة في الواقع السوداني المعاصر.
من أوائل الذين درسوا بالمعهد العالي للموسيقي والمسرح، وتخصص في الدراسات النقدية. عمل في مجال التعليم. غاب عن الوطن لفترة وعاد ليواصل اسهاماته الأدبية والفنية بمدينة ود مدني والتي استقر فيها حتي لحظة وفاته صباح الثلاثاء 26 مايو 2015م.
محمد محيي الدين من مؤسسي رابطة الجزيرة للآداب والفنون والتي عملت على اثراء الساحة الثقافية في الثمانينات والتسعينات بمعية رابطة سنار الأدبية ورابطة اولوس ورابطة أبناء دارفور ونهر عطبرة الأدبية.
كان مشاركاً في كثير من المنتديات والمهرجانات العربية والسودانية. وكانت آخر مشاركاته في لجنة تحكيم جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي في محور الشعر.
يعتبر محمد محيي الدين من الأدباء الذين برزوا في السبعينيات وحاولوا التمرد على قيود و بناء قصيدة الستينيات. وهو من أوائل الذين كتبوا قصيدة التدوير، و وسم ببصمته جيلاً كاملاً بمدرسته التجريبية الشعرية والمسرحية. التقط التيارات السابحة في الهواء عاملاً على تحريك الساكن الإبداعي، وبذل مجهوداً كبيراً في تبني المواهب الشابة وفي تقديم خبرته لها، وتحلّقت أجيال كثيرة حوله فرفدها بمعارفه المختلفة.
نادَى محمد محيي الدين بكتابة القصيدة المفتوحة التي تستفيد من تقنيات السينما والحوار والنثر، وشكّل بذلك تياراً شعرياً رائداً في الكتابة التجريبية. ويمتلك محمد محي الدين القدرة علي اختصار تجارب شعرية وسردية عديدة داخل النص الواحد.
ولعل أعماله التي اطلت علي الجمهور مثل ديوان “الرحيل على صوت فاطمة” ومجموعة “عشر لوحات للمدينة وهي تخرج من النهر” أو تلك التي كانت في انتظار النشر مثل مجموعة “اتكاءة على سحابة وردية” هي التي وضعت محمد محي الدين ضمن الشعراء المميزين بالسودان.
كما أن قصائده التي تناولها بعض من المغنين المجدّدين، قد سلطت الضوء علي تجربته خصوصاً وسط الأجيال الجديدة، مثل قصيدة “المناديل الوضيئة” التي لحنها وغنّاها الفنان الراحل مصطفي سيد أحمد، و”مطر الليل” التي صدرت من ضمن ألبوم غنائي للفنانة ياسمين ابراهيم.
تجربة محمد محيي الدين المسرحية تجربة ثرّة دعمها بالدراسة في المعهد العالي للموسيقى والمسرح. ويعد محي الدين من مؤسسي مسرح الشارع، حيث عرضت مسرحياته في الشوارع السودانية في كثير من المدن. ويتداخل الشعر والمسرح في عالم محمد محي الدين، فبقدر ما يكون هو شاعراً متفجراً في اللغة والصورة الشعرية والبناء المعماري للقصيدة، يكون أيضاً كاتباً مسرحياً يسعى إلى ذلك مستفيداً من شاعريته “وفق وصف الشاعر يحي فضل الله”.
ولمحمد محيي الدين العديد من الدراسات عن المسرح نُشرت بالملاحق الثقافية بالصحف ومجلة الثقافة السودانية. وعلي أيام وجوده بالمعهد كان عضواً فعالاً في جماعة السديم المسرحية.
وفي بحثه عن التجريب، قدم محمد محيي الدين مسرحية “ضو البيت” اقتباساً عن رواية الكاتب الراحل الطيب صالح. وعرضت المسرحية عام 1985 بمسرح قاعة الصداقة وقدمتها جماعة السديم المسرحية والتي عرضت له أيضاً مسرحية “مطر الليل” ومسرحية “الرجل الذي صمت” ومسرحية “القطر صفر” ومسرحية “من كي لي كي” ومسرحية “القنبلة والعصفور” كما له مسرحية عن الشيخ فرح ودتكتوك. ومارس محمد محي الدين تجربة الإخراج المسرحي داخل جماعة السديم عبر إخراجه لمسرحيته “هبوط الجراد”.
وفي الكتابة للمسرح مارس محمد محيي الدين أيضاً التأليف المستند على نصوص كتاب آخرين، وأعد كثيرا من المسرحيات العربية مثل مسرحية “أنت قتلت الوحش” للكاتب المصري الشهير علي سالم، ومسرحية “اللغز” وهي إعادة كتابة للمسرحية المعروفة (أوديب ملكاً) لنفس الكاتب، وقام محمد محي الدين بسودنتها (العيش). كما قدّم مسرحية “الرحلة، موت بالجملة”، وهذا النص سودنة لمسرحية الكاتب العبثي الفرنسي (يوجين يونسكو) (ليلة القتلة).
يقول محمد محيي الدين عن علاقة الشعر بالمسرح، “يمكن الإستفادة من الشعر في تطوُّر شكل الكتابة المسرحية ولكن يجب أن يتم ذلك بدون تعمُّد، أي لايمكن لمجرد أنك شاعر أن تكتب مسرحية. فالعملية الفنية هنا تخضع في المقام الأول لمعرفتك بفن المسرح معرفةً توازي معرفة أن تكتب قصيدة، كما أني أرى أنه يمكن أن يتطوّر شكل القصيدة بالإستفادة من المسرح، بل من الموروث من الأشكال الفنية الأخرى من (كولاج، فلاش باك، طرق ووسائل المونتاج الزماني والمكاني)”.
ويقول محمد محيي الدين “تجدني أمزج بين المسرح والشعر وأحيانا القصة، ولي مجموعة قصصية بعنوان «الرجوع إلى ضاحية المطر» فقدتها ، على كل ، إنها وسائلي وأدواتي في تعرية القبح وجعل هذا العالم أجمل ما أمكن ذلك”.
انحاز محمد محيي الدين للقصة بشكل كبير، وكان يري أن تجارب كتابة القصة في السودان في تطوّر أكيد برغم حالة الإنكار التي صاحبته.
وفي كتاباته القصصية استخدم الأسطورة والفنتازيا ممزوجة بالثقافة الشعبية السودانية في إطار حداثي لامس القصة العربية في تطور بنائها من حيث استخدام اللغة الموحية بدلالاتها وحوارها.
وعرف عن محمد محيي الدين الصراحة خصوصاً في ابداء الرأي حول كل ما يخص التجارب الأدبية والفنية.
وكثيراً ما كان ينتقد صمت وغياب الكُتاب الذين لديهم عطاء عميق وينتقد عزوفهم عن النشر، وينتقد الأثر السالب لذاك الغياب علي تواصل الأجيال. وكان يري أن انقطاع التواصل بين المبدعين الشباب والأجيال التي سبقتهم، أدى إلى انغلاق منتجات الشباب على التجارب الذاتية، فتمحورت حول الانفتاح على الثقافة العربية والافريقية والعالمية دون أن تلتقي كل الحلقات ما بين الثقافة المحلية والعالمية والعربية والافريقية. وكان يري ان التجربة الابداعية هى اتصال وليس انقطاع، وأن التجديد ليس في هدم التراث وليس في انقطاع تواصل التجارب الابداعية، التجديد في كشف عناصر الجِدّة في الواقع.
ولد الشاعر والكاتب والمخرج المسرحي محمد محيي الدين في مدينة ود مدني في العام 1952م.
و رحل في 26 مايو 2015 إثر نوبة قلبية عن عمر ناهز 63 عاما. وشيع الشاعر الراحل في موكب مهيب إلى مقابر ود مدني.
له الرحمة و المغفرة.
الوسومالتعليم السودان الشاعر محمد محيي الدين المعهد العالي للموسيقي والمسرح رابطة أبناء دارفور رابطة الجزيرة للآداب والفنون رابطة اولوس رابطة سنار الأدبية محمد كبسور نهر عطبرة الأدبية