سعيد ناشيد: الخطاب الديني الحالي يؤجج مخاوف الإنسان بهدف السيطرة عليه
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
أكد الدكتور سعيد ناشيد، رئيس مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة، المغربي، أن الخطاب الديني الإسلامي يحفل بالكثير من المشاكل والأزمات، وأنه من الضروري التخلي عن سمات سلبية كثيرة تشوب الخطاب الديني، مثل سيطرة الرؤية الحربية، وشيوع النبرة الحزينة، المشجعة على اليأس وفقد الأمل.
وقال "ناشيد" في ندوة عقدها مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة، بعنوان "الخطاب الديني والأمن الروحي"، إن الخطاب الديني الإسلامي ما زال خطابا إمبراطوريا يتحدث عن الغزوات ويستعمل المفاهيم العسكرية، ولا بد من تخليصه من هذه الرؤية الحربية، وأيضا تخليصه من الرؤية الحزينة للعالم، التي ترسخ مفاهيم من قبيل أن الدنيا لا تساوي شيئا، مع إذاعة المشاعر السلبية من خوف وعقدة ذنب وتحذير من عذاب القبر.
وشرح "ناشيد" أن مثل هذه الرؤى والمشاعر السلبية تضعف القدرة على مواجهة الحياة، كما تدفع الشباب إلى فقدان الأمل، ويكون هذا الخطاب مؤديا إلى اعتناق الأفكار المتطرفة والسقوط في أتون الإرهاب.
وطالب، أستاذ الفلسفة المغربي، بتجديد الخطاب الديني بحيث يصبح مناسبا ويخاطب إنسان القرن الواحد والعشرين، ويواكب التحولات الثقافية والفكرية التي يعرفها العالم الإسلامي، ويحقق الأمن الروحي الذي يعني تغييب الخوف، وهذه الأخيرة هي مهمة الأديان، فالغاية المعلنة للأديان هي تخليص الإنسان من الخوف الوجودي، لكن السؤال الحقيقي الذي ينبغي طرحه هو إلى أي حد هذا الخطاب الديني الرائج يخلصنا من المخاوف أم إنه يؤجج مخاوف الإنسان بهدف السيطرة عليه.
ولفت "ناشيد" إلى أن ما يدفع الإرهابيين إلى الإرهاب ليس هو الشجاعة، بل الخوف المستوطن في نفوسهم، المرتبط بالخوف من العذاب، وقبله الخوف من الحياة، ولذلك يحرمون الموسيقى والرقص وكل ما يدعو إلى البهجة.
يشار إلى أن الندوة شملت مشاركات متميزة لباحثات وباحثين ومهتمين بموضوعها، مثل د. سعيد ناشد، رئيس مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة، د. محمد عبد الوهاب رفيقي، مفكر وباحث في الدراسات الإسلامية، د. زكرياء أقنوش، رئيس المركز المغربي للدراسات الأمنية والأبحاث الدينية، د. حميد المصباحي، باحث في الفكر الإسلامي.صورة تذكارية للندوة
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الخطاب الدینی
إقرأ أيضاً:
خبيرة دولية: استغلال الدين سياسياً يؤجج الصراعات بدلاً من حلها
هذا ما أكدته الدكتورة عزة كرم العالمة المصرية الهولندية المتخصصة في الحوار بين الأديان والدبلوماسية الدينية، مشددة على أن التعددية الدينية تشكل قوة مضادة قوية للظلم عندما تتحد الأديان المختلفة معاً، ويظهر خطر تبرير الظلم حين تهيمن ديانة واحدة على الخطاب.
وتحدثت عزة كرم -التي شغلت منصب الأمين العام لمنظمة أديان من أجل السلام وأصبحت أول امرأة وأول مسلمة وأول سيدة من شمال أفريقيا تتولى قيادة هذه المنظمة العالمية- عن التحديات الجوهرية التي تواجه العمل بين الأديان في عصر يشهد تصاعداً في النزاعات والتلاعب السياسي بالدين.
وانطلاقاً من هذه الخبرة، كشفت عزة كرم -خلال مشاركتها في برنامج "المنطقة الرمادية"- عن الثغرات الهيكلية في أنظمة الدبلوماسية المتعددة الأطراف، مستندة إلى عقدين من الزمن كرستهما للعمل في الأمم المتحدة.
وأوضحت أن هذه المؤسسات تنظر إلى الدين باعتباره عنصراً ثانوياً في أفضل الأحوال، رغم أن المجال الديني يشمل جميع أطياف المجتمع من الناس العاديين وصولاً إلى الحكومة ذاتها.
وفي إطار نقدها للواقع الراهن، انتقدت الخبيرة الدولية النهج السائد بالدبلوماسية الدينية الذي يقتصر على الممثلين الرسميين للمؤسسات الدينية، مؤكدة أن الدين بطبيعته لا يمكن احتواؤه أو السيطرة عليه، ولا يمكن تعيين ممثل واحد يتحدث باسم الجميع.
الدبلوماسية متعددة الأديان
وبناءً على هذا الفهم، أشارت عزة كرم إلى أن الدبلوماسية متعددة الأديان يجب أن تُنفذ على مستويات متعددة داخل المنظمات المجتمعية، وأن تجتمع العديد من الأطراف الدينية من مختلف الأطياف والمنظمات المدنية تدريجياً.
وقادها ذلك إلى تشخيص أعمق للمشكلة، حيث لفتت الخبيرة إلى أن التحدي الأكبر الذي تواجهه الدبلوماسية متعددة الأديان يكمن في التقارب المتزايد بين الجهات الدينية ومراكز القوة والنفوذ ونظم الحكم، مما يؤدي إلى الصمت المستمر تجاه مظالم متعددة.
إعلانوأوضحت أن هذا التلاعب المتبادل بين الأنظمة العلمانية والمؤسسات الدينية يعرقل تحقيق السلام الحقيقي.
وعند الانتقال من التشخيص إلى التطبيق العملي، أكدت عزة كرم -في معرض حديثها عن الصراعات الراهنة- أن نحو 99.9% من النزاعات التي تنطوي على جانب ديني نادراً ما تضم جهات متعددة الأديان، بل تكون ديانة واحدة في طرف وأخرى في الطرف المقابل.
ومع ذلك، لفتت إلى أن التعاون بين الأديان يمكن أن يشكل مصدراً للوساطة والشفاء، لكن ذلك يتطلب التركيز على المستقبل وما يجب أن يحدث لضمان تعايش سلمي بعد الصراع.
حوار الأديان
وفي سياق معالجتها للقضايا الأكثر إثارة للجدل، واجهت الدكتورة عزة كرم أسئلة صعبة حول إمكانية إشراك جهات يهودية في الحوار بين الأديان دون التعرض لاتهامات معاداة السامية، فأكدت وجود أصوات يهودية مناهضة للصهيونية أو متحفظة على بعض جوانبها، لكنها تواجه صعوبات كبيرة من مجتمعاتها ومن الآخرين.
وفي هذا الإطار، دعت إلى التعاطف والتفهم حتى مع من يصعب التعامل معهم، مشددة على ضرورة التضامن مع من يتخذون مواقف ضد الصهيونية بدلاً من إهمالهم جميعاً.
وبالتوازي مع هذه الرؤية، رفضت عزة كرم استخدام الدين لتبرير العنف أو الظلم، مؤكدة أن الأديان وُجدت لتثبت البشر على مسار رحلة مشتركة على كوكب يتشاركونه جميعاً.
وفي هذا السياق، أكدت أن البشر خُلقوا مختلفين ليتعارفوا ويتعايشوا ويتعلموا من بعضهم البعض، لا ليبحثوا في النصوص الدينية عن مبررات للقتال.
وتماشياً مع هذا المبدأ، حذرت الخبيرة من مخاطر استخدام الدين للتغطية على القضايا الأعمق مثل الاحتلال وعدم المساواة والاستبداد، مؤكدة أن ما يحدث في هذه الحالات ليس ديناً حقيقياً بل هو خطاب سياسي يستخدم لغة الدين. وفي المقابل، أكدت أن الخطاب الإيماني هو ما تبقى للإنسانية كملاذ للتعايش الرحيم.
وأكدت عزة كرم على أن الوسطاء الدينيين يمتلكون أدوات مذهلة لا تستطيع أي حكومة امتلاكها، وهي الفضاء المدني والقدرة على الوصول للشعب.
وبناءً على هذه القناعة، دعت إلى دعم الجهات الدينية الفاعلة على المستوى المجتمعي والاستثمار فيها من بعضها البعض، مؤكدة أن الاختبار النهائي للتعايش الديني هو أن تستثمر المؤسسات الدينية فعلياً في بعضها البعض لخدمة مجتمعاتها، وعندما يحدث ذلك سيتحقق السلام الحقيقي.
30/7/2025-|آخر تحديث: 19:24 (توقيت مكة)