تلعب دولة الإمارات دوراً محورياً في الجهود الدولية الهادفة إلى الحد من تأثيرات التغير المناخي عالمياً، ودفع عجلة نمو قطاع الاقتصاد الأخضر، بما يتماشى مع توجهات الدولة الرامية إلى نشر حلول الطاقة المتجددة وزيادة الاستثمار في مشاريعها على المستوى العالمي.

وأظهرت دولة الإمارات التزامها طويل الأمد بدعم العمل المناخي الإيجابي، من خلال الشراكة مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ‏”آيرينا” لإطلاق منصة تسريع تحول نظام الطاقة “‏ETAF‏” بقيمة مليار دولار، بهدف توسيع نطاق تمويل مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية، حيث تم إطلاق المنصة على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP26” في بريطانيا عام 2021، وهو ما يعزز جهود الدولة في بناء مستقبل مستدام عالمياً.

وقد تعهدت دولة الإمارات بتقديم 400 مليون دولار من خلال صندوق أبوظبي للتنمية لدعم المنصة، ما يعكس التزام الدولة بتمكين انتقال البلدان النامية إلى الطاقة النظيفة، بما يسهم في خفض الانبعاثات الكربونية، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للدول المستفيدة.

وتستفيد منصة تسريع تحول نظام الطاقة من الدور الريادي الذي تضطلع به دولة الإمارات في مجال الاستثمار المناخي قبل استضافتها مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28” خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، حيث يعد المؤتمر فرصة مثالية لتعزيز جهود التنمية المستدامة، وتوفير الحلول المبتكرة والأدوات التمويلية الداعمة لانتشار مشاريع الطاقة المتجددة في العالم.

كما يستعرض محور “الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي” ضمن حملة “استدامة وطنية” التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28″، جهود دولة الإمارات في مواجهة التغير المناخي من أجل تحقيق أهداف الحياد المناخي، إضافة إلى تسليط الضوء على المبادرات وقصص النجاح الوطنية في مجال الاستدامة.

وتهدف حملة “استدامة وطنية” إلى التوعية بمبادرات ومشاريع الاستدامة في الدولة، وتشجيع المشاركة المجتمعية، ودعم الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالعمل المناخي، بما يحقق التأثير الإيجابي على سلوك الأفراد ومسؤولياتهم، وصولاً لمجتمع واعٍ بيئياً.

 

إنتاج 1.5 جيجاواط من الطاقة المتجددة

وتستهدف منصة تسريع تحول نظام الطاقة “‏ETAF‏” جمع تمويل بقيمة مليار دولار تقريباً لتقليص التحديات التي تواجه الدول النامية والمتمثلة في تأمين التمويل والخبرات اللازمة لتطوير مشاريع الطاقة النظيفة، إضافةً إلى استقطاب استثمارات إضافية بقيمة ملياري دولار من مؤسسات التمويل الدولية، سعياً لإنتاج 1.5 جيجاواط من الطاقة المنتجة من المشاريع الجديدة الممولة من قبل المنصة بحلول العام 2030.

وستساعد منصة تسريع تحول نظام الطاقة على تعزيز تقدم اقتصادات الدول الشريكة عبر تزويد الشركات والصناعة والمنازل بطاقة موثوقة ومنخفضة الكلفة من المصادر المتجددة، كما تساعد المنصة على خفض المخاطر الاستثمارية وتمويل مشاريع الطاقة المتجددة في البلدان النامية التي تسعى للحصول على رأس المال اللازم لتحويل قطاع الطاقة.

وتتولى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” إدارة المنصة من مقرها الرئيسي في أبوظبي مستفيدة من وجود مقرها الدائم في دولة الإمارات للوصول إلى سوق تمويل العمل المناخي والبنية التحتية للابتكار في مجال الطاقة المتجددة التي تحتضنها الدولة.

 

انضمام شركاء جدد للمنصة

وعلى هامش مؤتمر “COP27” الذي عقد في جمهورية مصر العربية العام الماضي، انضم البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB)، وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر”، ومجموعة التأمين السويسرية “سويس ري” رسمياً إلى منصة تسريع تحول نظام الطاقة (ETAF)، حيث يعتزم البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية تخصيص 300 مليون دولار لدعم المنصة، إلى جانب استثمار “مصدر” 200 مليون دولار في مشاريع للطاقة المتجددة، بينما ستوفر “سويس ري” حلول التأمين والدراسات اللازمة للتحوط ضد المخاطر المترتبة على هذه الاستثمارات المهمة.

إلى ذلك، وقع صندوق الأوبك للتنمية الدولية “صندوق الأوبك”، اتفاقية مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “إيرينا” في يونيو الماضي، للانضمام إلى منصة تمويل مسرع انتقال الطاقة «ETAF» التابعة لوكالة إيرينا، حيث يخطط الصندوق لدعم المنصة بتمويل يصل إلى 250 مليون دولار حتى عام 2030 وذلك من أجل دعم حلول الطاقة المتجددة في البلدان الشريكة.

ومع انضمام هؤلاء الشركاء إلى الشريك المؤسس والمستثمر الرئيسي “صندوق أبوظبي للتنمية” الذي تعهد بالفعل باستثمار 400 مليون دولار، تكون منصة تسريع تحول نظام الطاقة قد ضمنت جمع أكثر من مليار دولار لتعزيز مسار الانتقال في قطاع الطاقة في الأسواق النامية.

علاوةً على ذلك، أعلن بنك التنمية للبلدان الأمريكية (IDB) عن رغبته في الانضمام إلى المنصة والمشاركة بما يصل إلى 100 مليون دولار لتمويل مشاريعها بمجال الطاقة المتجددة وتقنيات إزالة الكربون في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.

 

تمويل 73 مشروعاً للطاقة المتجددة

يعد صندوق أبوظبي للتنمية أول مؤسسة تنموية داعمة لمنصة تسريع تحول نظام الطاقة الهادفة إلى تعزيز انتشار مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية، حيث يمتلك الصندوق سجلاً حافلاً بالإنجازات الاستثنائية في مجال دعم قطاع الطاقة المتجددة، فقد ساهمت جهوده في تمويل وتنفيذ 73 مشروعاً للطاقة المتجددة في العديد من الدول بقيمة تجاوزت 4 مليارات درهم.

وساهمت تلك المشاريع الاستراتيجية في توفير الطاقة المستدامة للدول المستفيدة، وتحسين جودة الحياة والوصول إلى بيئة نظيفة خالية من الانبعاثات الكربونية، إلى جانب خلق الآلاف من فرص العمل والمساهمة في تحقيق الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة.

وشهدت السنوات الماضية تعاوناً ملحوظاً بين دولة الإمارات والوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” لنشر حلول الطاقة النظيفة في الدول النامية، حيث أطلق صندوق أبوظبي للتنمية منذ عام2013 مبادرة لدعم مشاريع الطاقة المتجددة بالتعاون مع “آيرينا”، بقيمة بلغت 350 مليون دولار، وموّل الصندوق ضمن المبادرة 26 مشروعاً، استفادت منها 31 دولة نامية، وبلغت الطاقة الانتاجية 265 ميغاواط، كما ساهمت المبادرة في توفير ما يقارب 88 فرصة عمل، وبلغ إجمالي المستفيدين من المبادرة 4.5 مليون نسمة.

كما شهد العام 2013 الإعلان عن تأسيس صندوق الشراكة بين الإمارات ودول المحيط الهادئ حيث تولى صندوق أبوظبي للتنمية تمويل مشاريع الطاقة المتجددة تحت إشراف وزارة الخارجية والتعاون الدولي، وفي عام 2017 تم إطلاق صندوق الشراكة بين دولة الإمارات ودول البحر الكاريبي للطاقة المتجددة الذي شكل أكبر مبادرة من نوعها لدعم وتمويل وتنفيذ مشروعات في مجال الطاقة المتجددة ضمن منطقة الكاريبي.

 

استثمارات كبيرة في الطاقة المتجددة

وتعتبر دولة الإمارات من الدول الرائدة في إطلاق المبادرات الهادفة لتوفير الطاقة المتجددة في الدول النامية، بما يسهم في تسريع وتيرة التحول نحو الطاقة النظيفة، ودعم الجهود العالمية لخفض الانبعاثات، والحد من ظاهرة التغيّر المناخي.

وتعد الإمارات واحدة من أكبر المستثمرين في العالم في مشاريع الطاقة المتجددة، حيث استثمرت 50 مليار دولار في أكثر من 70 دولة، كما خصصت نحو 50 مليار دولار إضافية على مدى العقد المقبل لتسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة، ووقعت الإمارات مؤخراً شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية لاستثمار 100 مليار دولار في تنفيذ مشروعات للطاقة النظيفة، تبلغ طاقتها الإنتاجية 100 جيجاواط في الإمارات والولايات المتحدة، ومختلف أنحاء العالم بحلول عام 2035.

وتنشط شركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر” حالياً في أكثر من 40 دولة في ست قارات، حيث استثمرت أو تلتزم بالاستثمار في مشاريع للطاقة المتجددة حول العالم، تتجاوز قيمتها الإجمالية 30 مليار دولار، ويبلغ إجمالي القدرة الإنتاجية لمشاريع الشركة سواء تلك قيد التشغيل أو قيد التطوير، أكثر من 20 جيجاواط، وهي تكفي لتزويد 5.25 مليون منزل بالطاقة، وتسهم في الحد من انبعاث أكثر من 30 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، أي ما يعادل إزالة 6.5 مليون سيارة من الطرقات.

 

توفير الكهرباء النظيفة لـ 100 مليون شخص

وضمن جهود دولة الإمارات للمساهمة في أجندة الاستدامة العالمية، أطلقت وزارة الخارجية مبادرة “اتحاد 7” ضمن فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة 2022، وهو برنامج مبتكر تقوده الإمارات، لتأمين التمويل لمشاريع الطاقة المتجددة في أفريقيا، ويهدف البرنامج إلى توفير الكهرباء النظيفة لـ 100 مليون شخص بحلول عام 2035، إذ سيقوم بجمع الأموال من القطاعين العام والخاص للاستثمار في الطاقة النظيفة بتوجيه وتنسيق من وزارة الخارجية ومكتب المبعوث الخاص للتغير المناخي.

وستساعد هذه المبادرة الطموحة الدول الأفريقية على تلبية احتياجات الطاقة المتزايدة بشكل عاجل دون الزيادة المقابلة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وتشكل استضافة دولة الإمارات للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP28) العام الجاري، دليلاً ملموساً على ثقة المجتمع الدولي بالدور الريادي للدولة، وسجلّها الحافل بالإنجازات النوعية في المساهمة في الحد من تأثيرات التغير المناخي وتعزيز انتشار مشروعات الطاقة النظيفة، وتقديم التمويلات اللازمة لتنفيذ وتطوير مشروعات استراتيجية توفر إمدادات مستدامة من الطاقة للعديد من الدول حول العالم، بما يضمن مستقبلاً أفضل للأجيال القادمة.وام

 


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

“تواصل” يناقش مستقبل الذكاء الاصطناعي في الأردن

صراحة نيوز ـ ناقش منتدى “تواصل”، الذي نظم أعماله مؤسسة ولي العهد، اليوم السبت، في جلسته الأولى “مستقبل الذكاء الاصطناعي في الأردن: فرصة أم موجة يجب ركوبها”، لتسليط الضوء على دور التكنولوجيا والابتكار في تعزيز تنافسية الأردن وتطوير مهارات شبابه.
وقال وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، ومؤسس شركة “دوت جو”، مروان جمعة، خلال إدارته للجلسة، إن نمو الوظائف في القطاع التكنولوجي، الذي لا يستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي، بلغ في آخر 6 أعوام 9 بالمئة، بينما بلغ في الوظائف التي تستخدمها 418 بالمئة.
وأشار إلى أنه استغرق وصول منصة جوجل لنسبة 365 مليار بحث في السنة 11 عاما، بينما استغرق برنامج “شات جي بي تي”، الذي يستخدمه 900 مليون مستخدم، للوصول لهذه النسبة عامين فقط.
من جانبه، قال وزير الاقتصاد الرقمي والريادة، سامي السميرات، إن الحكومة تعد من الممكنين للقطاع الخاص ولتقنيات المستقبل، من خلال وضع الاستراتيجيات والسياسات والممكنات للاستثمار في هذه التقنيات، مبينا أن الاستراتيجية التي تم إطلاقها للأعوام 2023-2027 تتضمن عدة محاور منها: بناء القدرات وتطوير المهارات والخبرات الأردنية من خلال التعليم والبرامج التدريبية.
وأشار إلى وجود عدة برامج تنفيذية لضمان بناء قدرات العاملين في القطاع الحكومي، حيث يتم تدريب 15 ألفا من القيادات العليا والموظفين على آليات الذكاء الاصطناعي، لإيجاد حوار متناسق بين الحكومة والقطاع الخاص في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وتتضمن الاستراتيجية تشجيع البحث العلمي والتطوير لوجود إدراك كامل بضرورة وجود سياسات الذكاء الاصطناعي والنهوض بالبحث العلمي، إضافة إلى تعزيز بيئة الاستثمار وريادة الأعمال في مجال الذكاء الاصطناعي، مؤكدا أن ذلك يتطلب وجود رياديين وليس فقط مستهلكين في هذا المجال، لتطويع هذه التقنيات والمساهمة في تطويرها.
وأوضح السميرات، أن الحكومة الرقمية تقوم بمشاريع كثيرة، لافتا إلى ضرورة وجود مجلس تكنولوجيا المستقبل لتغيير واجهة التعليم والصحة والاقتصاد والريادة في الأردن، بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، مشيرا إلى سعي المملكة قدما في مجال رقمنة القطاع الصحي، وإدراج أدوات الذكاء الاصطناعي للطلبة ولأولياء أمورهم وللمعلمين.
وأشار إلى أن الخطوات التي خطتها الحكومة في مجال تطوير البحث العلمي في مجال الذكاء الاصطناعي تهدف إلى تأسيس بنية الابتكار والتحديث والتطوير من خلال المناهج الدراسية، إضافة إلى وجود برامج غير أكاديمية في الذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية، لافتا إلى أن 27 جامعة استحدثت تخصصات الذكاء الاصطناعي (علم البيانات) في الفترة ما بين 2019-2024، ووصل عدد الطلاب الدارسين لهذا المجال إلى 9 آلاف طالب.
من جانبه، قال مؤسس موقع “موضوع” رامي القواسمي، إن التغيرات التي تحدث على أرض الواقع ستؤدي إلى تغير جذري في كل المجالات، حيث شهد العالم ثورة زراعية وصناعية وتجارية، وهو الآن بصدد شهوده ثورة تكنولوجية تتطور بسرعة هائلة، مؤكدا أن ذلك يستدعي استنهاض مواهب الطلاب وتطوير إمكاناتهم بدوافع شخصية نابعة من طموحهم لمواكبة المتغيرات وصولا للإبداع والابتكار.
من ناحيته، أشار مؤسس شركة “بيوند ليمتس” أمجد العبداللات، إلى أهمية تغيير نموذج التعليم منذ بداية المرحلة التعليمية، وإدراج المواد الداعمة لمواكبة متطلبات العصر، مؤكدا أن للأردن فرصا ذهبية لزيادة استثماره من خلال دخول مجال الذكاء الاصطناعي، وبناء التطبيقات اللازمة لهذا المجال.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي يسهم في تطوير مستقبل الطلاب بشكل أكثر ذكاء واستدامة، ويؤهلهم لشغل وظائف واعدة في جميع المجالات، حيث يعد الذكاء الاصطناعي قوة دافعة للتغيير الإيجابي وتحسين المجتمعات.

مقالات مشابهة

  • الإمارات تعرض مبادرة مبتكرة في الذكاء الاصطناعي خلال كوسباس - سارسات
  • قفزة في أسعار الذهب عالميا
  • بي إم دبليو تقدم M2 CS الخارقة.. وهذا سعرها عالميا
  • إيرادات SINNERS تتجاوز 350 مليون دولار عالميا
  • ضمن مبادرة “حماة تنبض من جديد”… إزالة الأنقاض وفتح الطرقات في قريتي جرجسية وتيزين
  • “ويبقى الأمل”.. فيلم وثائقي عالمي يبرز إنسانية الإمارات في غزة
  • 2 مليار دولار سنويًا من غابار.. تركيا تعزز استقلالها في الطاقة
  • وزير الكهرباء يتوجه إلى فرنسا لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة النظيفة ومشروعات الضخ والتخزين
  • طائرة جديدة من طراز “بوينغ 737 ماكس” تعزز أسطول الخطوط الملكية المغربية
  • “تواصل” يناقش مستقبل الذكاء الاصطناعي في الأردن