الجزيرة:
2025-05-24@09:07:42 GMT

دور القدس في أي مواجهة عسكرية قادمة

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

دور القدس في أي مواجهة عسكرية قادمة

لا تكاد نشرة إخبارية أو برنامج سياسي في وسائل الإعلام الإسرائيلية -هذه الأيام- يخلو من الحديث عن مواجهة عسكرية مرتقبة في المنطقة، وتوقع سيناريوهاتها المتعددة وآثارها، سواء على الجبهة الشمالية المتاخمة للحدود اللبنانية، أو الجبهة الجنوبية المحيطة بغزة، أو حتى مناطق الداخل الفلسطيني. ويتم الحديث عن هذه المواجهة في الإعلام الإسرائيلي وكأنها أصبحت حتمية، مما يعيد للأذهان الأجواء التي سبقت حرب 2006 بين إسرائيل ولبنان.

تجد التقارير المختلفة تتحدث عن سيناريوهات اغتيال قيادات فلسطينية تتهمها إسرائيل بإشعال الضفة الغربية، وعن إمكانية تدخل حزب الله اللبناني واستعداده للمشاركة في معركة في حال تنفيذ أي عملية اغتيال على الأراضي اللبنانية، وغير ذلك مما بات يملأ الصحافة والتلفزة العبرية. لكن الفروق بين هذه المواجهة -إن حدثت- ومواجهة عام 2006 كبيرة من حيث الظروف السياسية المحلية والإقليمية. وأبرز هذه الفروقات هو نوعية التكوين الحاكم في إسرائيل اليوم، الذي يقوده اليمين المتطرف وتيار الصهيونية الدينية بزعامة الثنائي الكاهاني سموتريتش وبن غفير. يؤمن هذا التيار بالحرب الدينية المقدسة ويعتقد أنها السبيل الوحيد للخلاص في معناه الديني. وهذا يعني أن الأماكن المقدسة قد تصبح إحدى نقاط تصعيد التوتر في المنطقة قبل أي مواجهة من هذا النوع، وقد تكون من أبرز المناطق التي تتأثر بها في الوقت نفسه.

جماعات المعبد المتطرفة، التي تتلقى اليوم دعمًا غير محدود من وزارة الأمن القومي بزعامة بن غفير، قد تتخذ خطوات استفزازية دون توجيه مباشر من بن غفير

يأتي الحديث عن المواجهة العسكرية الشاملة بينما تتأهب القدس لموسم من أطول مواسم الاقتحامات والاعتداءات على المقدسات خلال السنة، وهو موسم بداية السنة العبرية وما يليها حتى نهاية عيد العُرش. حيث يبدأ هذا الموسم في 16 من شهر سبتمبر الحالي ويستمر لـ22 يومًا حتى 7 من شهر أكتوبر المقبل. وهذا الموسم يبدأ مع عيد رأس السنة العبرية، حيث تحاول الجماعات المتطرفة نفخ البوق (الشوفار) داخل المسجد الأقصى المبارك، يتبعه ما تُسمى "أيام التوبة"، وهي عشرة أيام تنمو فيها أداء صلوات معينة بملابس محددة داخل المسجد، وتصل إلى "يوم الغفران" الأكثر أهمية في السنة كلها، وبعده بقليل تبدأ أيام عيد العُرش التي تمتد من نهاية سبتمبر حتى نهاية الأسبوع الأول من أكتوبر المقبل.

وتعتبر الجماعات المتطرفة للمعبد، التي تشكل العمود الفقري للتيار الكاهني وتيار الصهيونية الدينية، أن هذا الموسم كل عام هو الموسم السنوي المقابل لشهر رمضان المبارك عند المسلمين من حيث طول المدة وارتباط الطقوس الدينية التي تقيمها هذه الجماعات في المسجد الأقصى بفكرة السيطرة على المكان وفرض وجودها فيه. وعادةً، تتخذ الأجهزة الأمنية الإسرائيلية احتياطات خاصة في هذه الفترة لمنع تطور استفزازات هذه الجماعات إلى تصعيد شعبي فلسطيني مع مركزه في القدس. ولهذا السبب، سمحت شرطة الاحتلال، على سبيل المثال، لأفراد هذه الجماعات بنفخ البوق في عيد رأس السنة العبرية داخل المسجد الأقصى المبارك مرتين على التوالي خلال العامين الماضيين، مع الحفاظ بصرامة على عدم توثيق الحدث أو تصويره بأي شكل، سواء من قِبل حراس المسجد الأقصى والمصلين فيه أو من أفراد هذه الجماعات المتطرفة، ومنعت أي تغطية إعلامية له تمامًا، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات واسعة في المنطقة.

في هذا الموسم من هذا العام، يسعى وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير -كما هو عادته- لإثبات قوته وسيطرته على الشرطة. وهو يطمح في تصعيد الوضع في الأراضي الفلسطينية بأي طريقة ممكنة، حتى وإن كان ذلك يعني الاصطدام مع المؤسسة الأمنية، كما شهدنا في قراره بتغيير مواعيد زيارة الأسرى لتصبح مرة كل شهرين بدلا من مرة كل شهر، قرار تم رفضه من قِبل مجلس الأمن القومي الإسرائيلي. وبناءً على ذلك، لا يمكن استبعاد محاولة بن غفير لتصعيد الوضع في المسجد الأقصى خلال هذه المناسبات الدينية التي تستمر لمدة 22 يومًا، من خلال السماح بأعمال استفزازية.

في نفس الوقت، جماعات المعبد المتطرفة، التي تتلقى اليوم دعمًا غير محدود من وزارة الأمن القومي بزعامة بن غفير، قد تتخذ خطوات استفزازية دون توجيه مباشر من بن غفير. وذلك بناءً على ثقتها بولائه الكامل لها واستعداده لحماية أي تحرك من قبلها بحق الأماكن المقدسة في القدس. هناك اليوم عدة مؤشرات تدل على هذا التوجه. من أبرزها التصعيد الأخير ضد مصلى باب الرحمة، حيث اقتحمت شرطة الاحتلال المكان في فجر الجمعة الأولى من شهر سبتمبر الجاري، عابثة بمحتوياته ومحطمة له بشكل غير معتاد. وهذه الأحداث تعكس نية سلطات الاحتلال في تهيئة المنطقة لفرض وجهة نظرها حول مصلى باب الرحمة، خاصة بعد فشلها في إغلاقه أو استعادة السيطرة عليه عقب هبة باب الرحمة في عام 2019.

هذا التصعيد قد يمثل عاملا أساسيا -وإن كان غير مباشر- في زيادة الاحتقان وتسخين المنطقة، موجهًا إياها نحو مواجهة عسكرية واسعة على عدة جبهات. قد تكون أوسع من مواجهة عام 2021، خصوصًا إذا دخل حزب الله اللبناني الصراع. في حال حدوث مثل هذه المواجهة، ستكون القدس بلا شك من أبرز ميادينها. لا أقصد المواجهة العسكرية داخل القدس بالضرورة، ولكن الانشغال العالمي بمواجهة على الجبهتين اللبنانية والغزّية قد يدفع بعض أفراد جماعات المعبد المتطرفة لاتخاذ خطوة جريئة وخطيرة مثل محاولة فرض تقسيم مكاني داخل المسجد الأقصى، أو السيطرة على أحد مبانيه أو مرافقه، مثل باب الرحمة أو الساحة الشرقية أو التصويرة الجنوبية الغربية، ليحولوها إلى مكان يقيم فيه المستوطنون طقوسهم الدينية. بعض قادة الصهيونية الدينية قد يستغلون هذه المرحلة للسيطرة على الحاخامية الكبرى في إسرائيل، خصوصًا مع اقتراب موعد انتخاب الحاخام الأكبر نهاية السنة العبرية في شهر سبتمبر الحالي.

إن السيناريو الذي يمكن أن يمنع اليمين الإسرائيلي من محاولة استغلال الأوضاع وفرض سيطرته على الأقصى هو الفعل الشعبي الذي أثبت كفاءته في القدس في السنوات الماضية، حيث إن أي هبة شعبية شاملة تشكل في الحقيقة حاضنةً اجتماعية للأماكن المقدسة، وهو ما يخشاه المستوى الأمني الإسرائيلي لأنه يفهم أن القدس تشكل الخاصرة الأضعف لإسرائيل، ولذلك فإن اللجوء إلى سيناريو الهبة الشعبية قد يكون هو الاتجاه الطبيعي الذي تسير إليه الأحداث في القدس في حال وجود شواهد قوية تدل على تحضير الاحتلال للسيطرة الكاملة أو الجزئية على المسجد الأقصى قبيل أو خلال أي مواجهةٍ عسكرية قادمة. وهذا يعني أنه يجب توجيه النظر دائما نحو الصراع المركزي في القدس باعتباره الأكثر حساسيةً على الإطلاق بين جميع مناطق الاحتكاك. فالاعتداءات في القدس ستكون وقودا قد يحرك الأوضاع ويسهم في تقريب أي مواجهةٍ عسكريةٍ في المنطقة كلها، لا في القدس فقط.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المسجد الأقصى هذه الجماعات الأمن القومی داخل المسجد باب الرحمة هذا الموسم فی المنطقة أی مواجهة فی القدس بن غفیر

إقرأ أيضاً:

العرفي: حكومة جديدة موحدة ضرورة لإنهاء سطوة الجماعات المسلحة في طرابلس

????️ العرفي: تشكيل حكومة موحدة بات ضرورة لإنهاء الابتزاز المسلح والأزمة السياسية

ليبيا – أكد عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي أن الدعوة التي أطلقها رئيس البرلمان عقيلة صالح لتشكيل حكومة جديدة موحدة نابعة من الواقع المتأزم في العاصمة طرابلس، والتي أصبحت مركزًا لـ”حكومة منتهية الولاية” ومقرًا **لتشكيلات مسلحة تبتز الدولة وتُهدد القرار السيادي الليبي”، على حد وصفه.

???? العاصمة تحت ضغط الجماعات المسلحة
وفي تصريحات خاصة لموقع “عربي بوست”، أوضح العرفي أن طرابلس، بوصفها مركز صنع القرار، تعاني من هيمنة عشرات التشكيلات المسلحة التي تتحكم في مؤسسات الدولة وتبتز الحكومة، مؤكدًا أن “هذه التشكيلات يجب إنهاؤها فورًا”.

???? لا استقرار إلا بحكومة جديدة خارج سيطرة الميليشيات ????
وأشار إلى أن البرلمان يرى أنه لا إمكانية لتحقيق الاستقرار أو الخروج من الأزمة الراهنة إلا عبر تشكيل حكومة جديدة موحدة لا تخضع لنفوذ المجموعات المسلحة، معتبراً أن الاشتباكات الأخيرة كانت نتيجة لصراع على المال والسلطة داخل الوزارات الخاضعة لسيطرة هذه التشكيلات.

???? ليس ضغطًا سياسيًا.. بل إرادة حقيقية لإنهاء حكومة الدبيبة ⚖️
وردًا على سؤال حول ما إذا كانت التحركات البرلمانية تمثل مجرد ضغط سياسي على حكومة عبد الحميد الدبيبة، شدد العرفي على أن ما يحدث يعكس إرادة حقيقية لإنهاء الحكومة الحالية، وليس مجرد مناورة سياسية، مشيرًا إلى أن التغيير بات ضرورة ملحة لإنقاذ الدولة من الانهيار المؤسسي والأمني.

مقالات مشابهة

  • فتوح يحذر من خطوة المجموعات الدينية اليهودية التي تطالب بفتح أبواب الأقصى
  • عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • 40 ألفًا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • أولمرت: بن غفير وسموتريتش إرهابيان
  • رئيس وزراء الاحتلال الأسبق: بن غفير وسموتريتش إرهابيان
  • العرفي: حكومة جديدة موحدة ضرورة لإنهاء سطوة الجماعات المسلحة في طرابلس
  • وزير التعليم العالي ومحافظ حلب يناقشان واقع التعليم العالي في المحافظة ‏وسبُل مواجهة التحديات التي تعترضه ‏
  • لجنة نصرة الأقصى تدعو للخروج المليوني بمسيرات “ثباتاً مع غزة.. سنصعد في مواجهة جريمة الإبادة والتجويع”
  • أمير منطقة المدينة المنورة يزور ميقات ذي الحليفة ويتفقد أعمال المرحلة الأولى من مشروع التطوير والتأهيل التي يشهدها المسجد
  • لتعظيم التجربة الذكية لضيوف الرحمن.. “الشؤون الدينية” تدشن النسخة الثانية من روبوت إجابة السائلين في المسجد الحرام بعدة لغات