وجد الليبيون الذين جرفت الفيضانات منازلهم في مدينة درنة بشرق البلاد قبل أسبوع أنفسهم محاصرين بين مطرقة البقاء في المدينة مع نقص المياه العذبة وسندان الألغام الأرضية التي جرفتها السيول إلى المناطق التي فروا إليها.

وقال تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن السلطات الليبية اكتشفت إصابة 55 طفلا على الأقل بالتسمم بسبب شرب مياه ملوثة في درنة، حيث يعيش المشردون -نتيجة الفيضان- في ملاجئ مؤقتة أو مدارس أو يكتظون في منازل أقربائهم أو أصدقائهم.

وأضاف التقرير أن مياه الفيضانات نقلت الألغام الأرضية وغيرها من الذخائر التي خلّفها الصراع على مدار السنوات الماضية، مما يشكل خطرا إضافيا على آلاف النازحين المتنقلين.

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن أكثر من 40 ألف شخص شُردوا، محذرا من أن هذا الرقم من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير بسبب صعوبة الوصول للمناطق الأكثر تضررا.

ومع شروق شمس اليوم الأحد خفت حدة مشاهد الدمار مع إزالة أكوام الركام ووضعها على جوانب طرق خالية ورفع كميات من المعادن المتشابكة، بعضها أجزاء من حطام سيارات.

وافترش حمد عوض شارعا خاليا وبجانبه زجاجة ماء وأغطية سرير. وقال "أنا باق في منطقتنا في محاولة لتنظيفها والتحقق من المفقودين.. الحمد لله الذي رزقنا الصبر".

وقال ساكن آخر إن الناس في حيرة بشأن ما يجب عليهم فعله بعد ذلك.

وقال وصفي -وهو أحد السكان الذي فضل ذكر اسمه الأول فقط- "ما زلنا لا نعرف أي شيء.. نسمع شائعات.. البعض يحاول طمأنتنا والبعض الآخر يقول إما تغادروا المدينة أو تبقوا هنا. ليس لدينا مياه ولا موارد".


مساعدات

وأرسلت منظمات إغاثة دولية مساعدات طارئة، كما قدمت بعض الدول إمدادات ومساعدات أخرى، لكن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية قال إن هناك حاجة إلى المزيد.

وتجمع عمال حماية مدنية أرسلتهم الجزائر لتمشيط أنقاض المباني التي كانت ذات يوم متعددة الطوابق بمساعدة الكلاب في محاولة للعثور على أي ناجين.

ووزع متطوعون ملابس وأطعمة في مدينة البادية الساحلية التي تقع غربي درنة.

وقال محمد شاهين -وهو أحد المشرفين على المبادرة- "ترك الناس منازلهم دون أي شيء، لم يكن لديهم وقت حتى لأخذ ملابس".

وقال متطوع آخر، يدعى عبد النبي، إن الفريق جاء من مدينة العجيلات على بعد نحو 1200 كيلومتر في غرب ليبيا، الذي دخل في صراع متقطع مع الشرق منذ أكثر من عقد. وأضاف "يأتي الناس لمساعدة المتضررين".

وهناك مخاوف من أن يكون آلاف الأشخاص لقوا حتفهم بعد انهيار سدين في مدينة درنة في 10 سبتمبر/أيلول الجاري، مما أدى إلى انهيار مبان سكنية كانت تصطف على جانبي مجرى نهر عادة ما يكون جافا بينما كان الناس نياما.

وقد جرفت المياه جثثا كثيرة في اتجاه البحر، وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من ألف شخص دفنوا في مقابر جماعية.

وجرفت المياه مناطق بأكملها في درنة، التي يقدر عدد سكانها بنحو 120 ألف نسمة على الأقل، أو غطتها بالوحل. وأفادت وسائل إعلام رسمية بأن ما لا يقل عن 891 بناية دُمرت في المدينة، فيما قال رئيس البلدية إن 20 ألف شخص ربما يكونون قد لقوا حتفهم جراء هذه الكارثة.

وتعاني ليبيا -التي يبلغ عدد سكانها 7 ملايين نسمة- من انقسام سياسي، لكن كارثة الفيضان خففت من حدته.

ووصف رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة الفيضانات بأنها كارثة غير مسبوقة. ودعا رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلى ضرورة الوحدة الوطنية.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

حازم المنوفي: الفيضانات رسالة من الطبيعة.. والأمن الغذائي أول من يدفع الثمن

أكد حازم المنوفي، رئيس جمعية "عين" لحماية التاجر والمستهلك وعضو شعبة المواد الغذائية، أن الفيضانات والسيول التي تضرب إثيوبيا وعددًا من دول القرن الإفريقي حاليًا تمثل "رسالة إنذار واضحة من الطبيعة"، تعكس مخاطر العبث بالنظم البيئية والموارد الطبيعية، وفي مقدمتها نهر النيل، الذي يُعد شريان الحياة لشعوب المنطقة.

وقال المنوفي في تصريح صحفي:


إثيوبيا اليوم تدفع ثمن تحديها للطبيعة. من ظنّ أن بإمكانه السيطرة على نهر النيل، اكتشف أن المياه أقوى من النار، وأن يد الخالق فوق كل مخطط. النيل ليس مجرد نهر، بل مصدر حياة ومنحة من الله لا يجوز احتكارها أو التحكم فيها من طرف واحد.

وشدّد المنوفي على أن هذه الكوارث الطبيعية لا تهدد فقط البنية التحتية أو الأرواح، بل تمثل ضربة مباشرة للأمن الغذائي الإقليمي، خاصة في ظل تأثر المحاصيل الزراعية، وتعطل خطوط الإمداد، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، ما يهدد ملايين الأسر في إفريقيا.

وأضاف:

القطاع الغذائي هو الأكثر هشاشة في مواجهة الكوارث الطبيعية. وعلينا كدول وشعوب أن ندرك أن حماية نهر النيل ليست فقط مسؤولية بيئية، بل ضرورة اقتصادية ومعيشية لضمان استمرار تدفق الغذاء، ومنع المجاعات.

ودعا المنوفي إلى تبني حلول توافقية عاجلة بشأن ملف سد النهضة، تقوم على العدالة والتوازن بين التنمية والحق في الحياة، مؤكدًا أن الحلول الأحادية لن تجلب سوى المزيد من الكوارث.

واختتم تصريحه بالقول:

المشهد الحالي يُحتم علينا أن نتحرك بتكاتف حقيقي كدول حوض النيل، لأن الأمن المائي والغذائي وجهان لعملة واحدة. وإذا ضاع أحدهما، ضاع الاستقرار.

طباعة شارك المشهد الحالي يُحتم علينا أن نتحرك بتكاتف حقيقي كدول حوض النيل لأن الأمن المائي والغذائي وجهان لعملة واحدة وإذا ضاع أحدهما ضاع الاستقرار ودعا المنوفي إلى تبني حلول توافقية عاجلة بشأن ملف سد النهضة ليست فقط مسؤولية بيئية بل ضرورة اقتصادية ومعيشية لضمان استمرار تدفق الغذاء ومنع المجاعات

مقالات مشابهة

  • محللون إسرائيليون: احتلال غزة مجرد تطلعات مجنونة لا يمكن تحقيقها
  • مدير الشؤون القانونية في الهيئة العامة للطيران المدني السوري هادي قسام لـ سانا: توقيع اتفاقية استثمار الإعلانات في مطار دمشق الدولي مع شركة “فليك” الإماراتية، جاء بعد فوزها في المزايدة التي أُجريت وفق الأصول واستيفائها لكامل الشروط الفنية والق
  • قرارا عاجل ضد لصوص عدادات المياه فى مدينة نصر
  • الإمارات تتضامن مع الصين وتعزي في ضحايا الفيضانات
  • زلزال كامتشاتكا.. فيضانات في جزر الكوريل وإغلاق موانئ هاواي
  • ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في باكستان إلى 281 قتيلا
  • يتضورون جوعا.. ترامب يرد على نتنياهو بشأن “مجاعة غزة”
  • ترامب يرد على نتنياهو بشأن “مجاعة غزة”
  • الأربعاء القادم..مياه الشرب ببني سويف: ضعف وقطع المياه عن المناطق التي تغذيها محطة أشمنت
  • حازم المنوفي: الفيضانات رسالة من الطبيعة.. والأمن الغذائي أول من يدفع الثمن