صحيفة البلاد:
2025-10-14@23:15:32 GMT

التربية بالحرمان

تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT

التربية بالحرمان

فكرة التربية القائمة على الحرمان، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا، تبدو فكرة بعيدة كل البعد عن واقع عالم اليوم ، وبدلاً من الحدّ من قدرة أطفالنا على الوصول إلى الأدوات الأساسية، ينبغي علينا أن نتبنّى المشهد المتطوِّر للتعليم ونزوّدهم بالمعارف والمهارات التي يحتاجون إليها لتحقيق النجاح في مجتمع رقمي متزايد.

أذكر أنني كنت حاضراً في مجلس دار‏فيه نقاش بين الآباء حول أساليب التربية، وكان لكل واحد منهم أسلوبه الخاص في التربية ، وقد اشتدّ النقاش، عندما قال أحد الحاضرين إنه يمنع أولاده من إستخدام التقنية أوإقتناء الجوّالات بشكل قاطع ، وأنه يرى في سياسة الحرمان هذه، وسيلة جيدة للتربية ،وحمايةً لهم من أي مخاطر محتملة ، وضرب لنا مثلاً بنفسه وأصدقائه الذين من جيله!

هذا الرأي أثار حفيظة بعض الجالسين الذين استنكروه، ظناً منهم أن أسلوب الحرمان والمنع يقود إلى ‏تعّقيد الأبناء،والشعور بالنقص، ولا علاقة له بالتربية ، فممّا لا شك أن تأديب الأبناء وتربيتهم التربية الصحيحة ، من المسائل المهمة جداً في تكوين شخصية الطفل.

من منظور شخصي ،أرى أن سياسة الحرمان المطلق هذه ،غير مجدٍّية ،ولاسيما في الوقت الذي نعيشه اليوم. ففي العصر الرقمي ، أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا غنىً عنها في حياتنا ، فمنذ اللحظة التي نستيقظ فيها، نعتمد على أدواتها في التواصل والترفيه والتعليم.

‏لا أريد أن أتحدث هنا عن تمّكين الأطفال من التكنولوجيا في سن مبكِّر، لأن هذا الموضوع محل جدل حتى الآن،مثله في ذلك مثل سياسة المنع والحرمان كأسلوب تربية ، والتي هي بحاجة إلى نقاش أيضاً.

ولا التحدث عن حرمان الأطفال من الأمور المضرة مثل الدخان أو المخدرات ، أو الأمور التي تدمّر الجسم والعقل، فهذه تحريمها واجب، أمّا تحريم الأمور التي أصبحت من أجل الحرمان بالضرورة ، لا سبب واضح سوى أن الآباء لم يتعاملوا معها في سنهم ،فهو أمر خاطئ، على الأقل من وجهة نظري الخاصة .

لقد نسي من يتبنى مثل هذا الفكر ، قول الإمام علي بن أبي طالب:”لا تربّوا أبناءكم على ما أنتم عليه، فقد ولدوا لزمان غير زمانكم”، علماً بأن هناك من يرى أن تربية والده القاسية له كانت سبباً في نجاحه المهني أو تفوقه التعليمي، وعليه يجب أن يعرِّض أبناءه لذات المعاناه التي تعرَّض لها في صغره، ومنها الحرمان من بعض الأمور التي قد تبدو ضرورية، ظناً منه أن هذا يساعدهم على التفوق.

شخصياً لا أتبنّى هذا النهج ولا أشجِّع عليه ، فهذا الأب الذي قرّر أن يتخذ أسلوب أبيه في تربية أبنائه، يعلم علم اليقين أن أساليب التعليم تغيّرت ، وليست كما هي في زمن والده ، إذ دخلت فيها التكنولوجيا.
الكتاب المدرسي سوف ينقرض قريباً ،ويستبدل باللوح الإلكتروني “الآيباد”، و باستخدام التعلُّم الإلكتروني والتطبيقات التعليمية الأخرى ، يمكن للأبناء التعلُّم بالسرعة التي تناسبهم، واستكشاف مجموعة واسعة من المواضيع، والوصول إلى المعلومات التي قد لا تكون متاحة لهم بطريقة تقليدية قديمة.

أحد الآباء اكتشف أن إبنه أصبح محترفاً في الكمبيوتر لدرجة أن أصبح ماهراً في البرمجة، رغم أنه حُرم من إقتناء كمبيوتر أو جوّال ، باعتبارهما من المُلّهيات ومضّيعة للوقت ، إلا أن سياسة الحرمان قادته للتعلم سراً وإيجاد أي وسيلة للوصول إليهما دون أن يشعر والده بذلك.
إن فكرة التربية القائمة على الحرمان، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا، تبدو بعيدة كل البعد عن واقع عالم اليوم ،وبدلاً من الحدّ من قدرة أطفالنا على الوصول إلى الأدوات الأساسية، ينبغي علينا أن نتبنّى المشهد المتطوِّر للتعليم ونزوّد أبناءنا وبناتنا بالمعارف والمهارات التي يحتاجون إليها لتحقيق النجاح في مجتمع رقمي متزايد.
خلاصة القول إن عملية ‏التربية برّمتها، تكمن في المراقبة والتوجيه.

jebadr@

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

حمدان بن زايد يصدر قراراً بشأن سياسة التنوع البيولوجي في إمارة أبوظبي

أصدر سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثِّل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة في أبوظبي، القرار رقم 6 لسنة 2025 بشأن إصدار سياسة التنوع البيولوجي في إمارة أبوظبي، في خطوة استراتيجية تؤكِّد التزام الإمارة بالحفاظ على مواردها الطبيعية واستدامة نظمها البيئية، وذلك بالتزامن مع فعاليات المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025، الذي تستضيفه الإمارة حتى 15 أكتوبر 2025، ما يعكس مكانة أبوظبي الرائدة في جهود حماية البيئة على المستوى العالمي.
وبموجب القرار، تتولّى هيئة البيئة في أبوظبي التنسيق مع الجهات المعنية، لمتابعة أدوات تنفيذ السياسة، وفق خطة زمنية واضحة ومحكمة، والإشراف على تحليل الآثار المترتبة على تنفيذها بالاستناد إلى إجراءات منهجية ومنظَّمة تُسهم في تحقيق الأهداف المنشودة.
وتهدف السياسة إلى ضمان استدامة التنوع البيولوجي في الإمارة، والتصدي للتحديات والتهديدات الرئيسية التي تواجهها، من خلال حماية تأهيل النظم البيئية الطبيعية وإعادة تأهيلها، والمحافظة على الموائل البرية والبحرية الضرورية لبقاء الأنواع النباتية والحيوانية المحلية.
وتسعى السياسة إلى تعزيز الأُطر التشريعية والتنظيمية، وتطبيق حلول قائمة على الطبيعة، إلى جانب رفع مستوى الوعي البيئي في المجتمع حول أهمية التنوع البيولوجي، ودور النظم الإيكولوجية في دعم صحة الإنسان ورفاهية المجتمع، واستدامة الموارد في أبوظبي.
وأعدَّت الهيئة السياسة بالتعاون مع شركائها من الجهات الحكومية في الإمارة، وعدد من مؤسسات القطاع الخاص، إلى جانب شرائح من المجتمع المحلي، ما يضمن مواءمتها مع السياسات الوطنية.
وتتناول السياسة الوضع الحالي والتحديات التي تواجه التنوع البيولوجي في الإمارة، جرّاء الضغوط التي تتعرَّض لها بيئاتها الطبيعية، والتغيُّرات المناخية والممارسات التي قد تؤثِّر في استدامة الموارد، إضافة إلى العوامل الاجتماعية والاقتصادية، وتحدِّد الإجراءات المطلوبة لحماية النظم البيئية البحرية والساحلية والبرية المرتبطة بالسياسة.
وقالت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة في أبوظبي: «تعد هذه السياسة خطوة مهمة لتحقيق الإطار العام لاستراتيجية التنوُّع البيولوجي في الدولة 2031، وتعزِّز مكانة أبوظبي كإحدى الجهات الرائدة في مجال حماية النظم البيئية واستدامتها، وتمثِّل السياسة أداة استراتيجية تنسجم مع توجُّهات الدولة والتزاماتها الدولية، وتُسهم في تحقيق مستهدفات المئوية البيئية 2071 للإمارة، من خلال حماية الموائل الطبيعية، والحفاظ على الأنواع المحلية، وتعزيز استدامة النظم البيئية».
وأضافت: «يشكِّل الحفاظ على التنوع البيولوجي ركيزة أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والمائي، والتخفيف من آثار التغيُّر المناخي، والحفاظ على جودة الحياة، ومن خلال هذه السياسة، نهدف إلى تحفيز العمل المشترك وتكامل الجهود بين الجهات المعنية لإعادة تأهيل الموائل المتأثرة، وصون الأنواع المهدَّدة بالانقراض، وتعزيز قاعدة البيانات والمعرفة العلمية المرتبطة بالتنوع البيولوجي المحلي، لبناء مستقبل بيئي مستدام».
وتُعَدُّ أبوظبي موطناً لمجموعة متنوّعة من النُّظم البيئية الغنية، تشمل السهول والكثبان الرملية، والسواحل والجزر، والشعاب المرجانية، وغابات القرم، والمناطق الجبلية، التي تدعم أنواعاً فريدة من الكائنات البرية والبحرية لكن هذه النظم تواجه تحديات متزايدة تتطلَّب تدخُّلات مدروسة ومستدامة، ومن خلال هذه السياسة، ستُنفَّذ مجموعة من التدابير الرامية إلى تعزيز مرونة النظم البيئية، وتفعيل الشراكات بين القطاعات، وتوظيف التقنيات الحديثة لدعم جهود حماية هذه النظم البيئية وإعادة تأهيلها.

أخبار ذات صلة «الأبيض» إلى «الملحق الآسيوي» لتصفيات «مونديال 2026» «الخارجية» و«الهوية والجنسية» تطلقان خدمات غير مسبوقة لحاملي الإقامة الذهبية خلال «جيتكس» المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • حمدان بن زايد يصدر قراراً بشأن سياسة التنوع البيولوجي في إمارة أبوظبي
  • تطبيق سياسة التتبع الدوائى الجديدة
  • محافظ الشرقية يتفقد مدرسة التربية الفكرية وسوق اليوم الواحد بكفر صقر
  • صحيفة ألمانية: سياسة برلين تجاه حرب غزة أفقدت ألمانيا نفوذها الدولي
  • السفير معتز أحمدين: إسرائيل أول من ابتكر فكرة الميليشيات لزعزعة استقرار الدول
  • مندوب سابق في الأمم المتحدة: إسرائيل أول من ابتكر فكرة الميليشيات بالدول
  • السفير معتز أحمدين: إسرائيل أول من ابتكر فكرة الميليشيات في الدول
  • برج الحوت .. حظك اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025
  • 288 حكم إعدام خلال 2025.. منظمة حقوقية تتحدث عن سياسة القتل في السعودية
  • في حديث صريح... رندة كعدي توضح موقفها من تكرار دور الأم وتعلّق على فكرة الاعتزال