لجريدة عمان:
2024-05-20@07:53:36 GMT

من سيعيش؟ ومن سيموت في الجائحة القادمة؟

تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT

مثلت جائحة كوفيد غموضا فيما يتعلق بالوحدة العالمية، إذا اقتبسنا بتصرف كلام حارس القصر في مسرحية (ماكبث) لشكسبير، فنحن كنا معا في إصابتنا بالوباء، لكن آثاره والاستجابات له كانت غير متكافئة إلى حد كبير، وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلى تفاقم الأوبئة الحالية مثل الإيدز وكوفيد، وكذلك الأوبئة التي ستأتي بعد.

تتطلع الحكومات إلى معالجة جانب واحد فقط من هذا الغموض من خلال مفاوضاتها بشأن اتفاق بشأن الوباء، والذي سيناقش خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الشهر، وهذه خطوة مرحب بها بل ومطلوبة بإلحاح.

أما الجانب الآخر، وهو انعدام العدالة، فهو مفقود في مسودة معاهدة الجائحة وفي خطط الاستعداد الحكومية لمواجهة الأوبئة. وإذا أردنا أن نتعلم من دروس الماضي، فبإمكاننا أن نجعل الوباء القادم أقل مأساوية في آثاره.

ومن أجل الاستفادة من تجربة الاستجابة لوباء الإيدز والأوبئة الأخرى، بادر برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز إلى عقد مجلس عالمي لمناقشة قضايا تتعلق بانعدام العدالة والإيدز والأوبئة، الذي اشترك في رئاسته مع (مونيكا جينجوس)، السيدة الأولى لجمهورية ناميبيا، و(جوزيف ستيجليتز)، الخبير الاقتصادي والأستاذ بجامعة كولومبيا في نيويورك، مع مجموعة متنوعة من الناشطين من المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والحكومات والمنظمات الدولية، لمراجعة الأدلة واقتراح إجراءات جديدة.

وسيسعى المجلس العالمي إلى التأثير على جهود التأهب لمواجهة الأوبئة من خلال إظهار أدلة لثلاث طرق يمكن من خلالها النظر في انعدام العدالة وهي: كيف يؤدي انعدام العدالة إلى انتشار الأوبئة؛ وفي الحصول على وسائل التشخيص واللقاحات والعلاجات؛ واستبعاد المجتمعات المهمشة من المشاركة في وضع خطط لمصالحها الخاصة. يجب إيجاد حلول لجميع هذه المشاكل الثلاثة.

تتمثل الإستراتيجية الرئيسية الثانية لمعالجة انعدام العدالة بين البلدان في تقديم تعهدات بالعمل على المساواة في توفير العلاجات واللقاحات المتاحة على مستوى العالم. ومن بين أهم هذه التعهدات أن تقوم حكومات الدول القوية بربط تمويل البحث والتطوير الذي تقدمه لشركات الأدوية بمشاركة التكنولوجيا التي تحصل عليها مع جميع دول العالم. بدون هذه الشروط، من المرجح أن يعيد التاريخ نفسه، ويستمر الوضع كما هو، حيث تستثمر الحكومة أكثر من 10 مليارات دولار في أبحاث لقاح كوفيد، مما يؤدي إلى تطوير لقاحات تحتكرها شركات الأدوية، التي لا تشارك بقية دول العالم في تكنولوجية إنتاجها، ولا حتى تبيعها بأسعار مقبولة لأولئك الذين دفعوا أموالا لتطوير تلك اللقاحات. لقد أدت الإجراءات التي اتخذتها الحكومات للحد من احتكار الأدوية إلى إنقاذ حياة الملايين من البشر في ظل جائحة الإيدز من خلال المطالبة بمشاركة التكنولوجيا والأدوية المكافئة مع جميع العالم. إن اتباع هذا النموذج قد يضمن أن الموقع الجغرافي أو القدرة المالية للدولة ليست هي من يحدد من يعيش ومن يموت في ظل الجائحة.

إن تمويل وسائل التأهب للاستجابة للأوبئة يشكل عاملاً رئيسيا في عالم تتمتع بلدان العالم فيه بموارد غير متكافئة إلى حد كبير، سواء لشراء الفحوصات واللقاحات أو لتحسين البنية الأساسية الصحية. نحن في عالم قد تكون فيه الدول ذات الدخل المنخفض، التي تعاني بالفعل من أزمة اقتصادية عميقة بسبب الوباء، أقل استعدادًا للأوبئة القادمة، مع عدم وجود خطة لخفض مستويات ديونها، فضلا عن الحصول على المزيد من الأموال لتعزيز أنظمتها الصحية ومعالجة مرض الإيدز والسل. وهذا الأمر يتطلب بذل جهدين جديين: الالتزام الواضح بالإسهام في صندوق الاستجابة للأوبئة والذي سيفعل عندما يتم الإعلان عن الوباء؛ وبذل جهد كبير لمعالجة عدم التكافؤ في الحصول على التمويل بطريقتين: الأولى على المدى القصير، وذلك بإزالة عبء الديون الهائلة الذي يعيق قدرة العديد من البلدان على الاستثمار في الاستعداد للاستجابة، والثانية على المدى الطويل حتى تتمكن البلدان ذات الدخل المنخفض من الوصول على قدم المساواة إلى اللقاحات بأسعار معقولة في أوقات الأزمات.

ويتمثل الجزء الثالث من استراتيجية التعامل مع أوجه انعدام العدالة التي تعلمناها من جائحة الإيدز في أهمية إشراك المجتمعات المهمشة في طرق الاستجابة للأزمات؛ وإشراك الجميع في اتخاذ القرار، ولذلك فإنه من المهم تمويل الخدمات التي تقدمها منظمات المجتمع المحلي للوصول إلى السكان الذين لا تستطيع الدولة الوصول إليهم، كما يجب أن تشمل التعهدات الرئيسية إنهاء القوانين العقابية بما في ذلك تجريم الفئات المهمشة ووضع استراتيجيات لتحقيق قدر أكبر من عدم التفرقة بين الناس بسبب الإعاقة والجنس والعرق.

إننا نواجه تحديا حقيقيا فيما يتعلق بالتضامن العالمي، لأن البلدان ذات الدخل المرتفع مترددة في توفير الضمانات المالية اللازمة، كما أن الصناعات الدوائية في هذه البلدان مترددة في القيام بما هو مطلوب. وفي غياب مثل هذه الضمانات، قد تصبح البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل مترددة أيضا في التعاون في توفير البيانات والمعلومات الضرورية لإدارة الوباء العالمي. إن معالجة انعدام العدالة هي فرصة لإحراز تقدم حقيقي، ومن هنا فإن هذه المعاهدة الخاصة بالوباء تمثل فرصة لاتخاذ خطوات ملموسة نحو عالم أكثر عدالة، وفوائد محتملة لصحة الناس في كل مكان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

نقيب المحامين الشهبي يقترح إحداث "أقسام إدارية" بالمحاكم الابتدائية تبت في قضايا الانتخابات المحلية بدلا عن القضاء الإداري

اقترح النقيب محمد الشهبي إحداث أقسام متخصصة للقضاء التجاري والقضاء الإداري داخل المحاكم الابتدائية بالمملكة، معتبرا ذلك أمرا ضروريا لتيسير مصالح المتقاضين.

وأشار النقيب السابق للمحامين بالدار البيضاء، خلال مشاركته أمس الخميس، في ندوة حول إصلاح المسطرة المدنية بمجلس النواب نظمتها مجموعة العدالة والتنمية، إلى أنه من غير المعقول على سبيل المثال أن يطلب من تاجر بسيط في بني ملال، أن ينتقل إلى مدينة الدار البيضاء للتقاضي حول قضايا تجارية بسيطة مثل الأكرية والكمبيالات وغيرها، كما أنه من غير المناسب أن يتم هذا الانتقال من أجل النظر في قضايا مثل الطعن في نتائج الانتخابات المحلية بالمدن التي ليس فيها قضاء إداري.

واعتبر النقيب خلال مشاركته في الندوة التي نظمتها المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، أن الأقسام المذكورة يفترض أن تعطى صلاحية النظر في القضايا البسيطة سواء كانت تجارية أو قضائية، وهي القضايا التي لا تحتاج بالضرورة إلى قاض متخصص، على أن تبقى القضايا الأخرى ضمن الصلاحيات الحصرية للمحاكم المتخصصة.

من جهة أخرى، اعتبر الشهبي أنه من غير المقبول التنصيص على توسيع حالات عدم تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة والإدارة العمومية بمجرد الطعن بالنقض في هذه الأحكام، معتبرا أنه من الضروري جعل توقيف التنفيذ سلطة بيد محكمة النقض دون غيرها، حفاظا على مصالح المتقاضي، مؤكدا أنه يدعم عدم تنفيذ الأحكام في حق الدولة في بعض الحالات، الذي من الممكن أن يوقف المرفق العام، لكن من غير المقبول أن يشاع الأمر حتى يصل مثلا إلى حالة يمنع فيها موظف مطرود تعسفا من الإدارة من الحصول على حقوقه المادية.

كلمات دلالية التنمية العدالة المغرب قضاء مدنية مسطرة

مقالات مشابهة

  • ماذا تعني التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها بايدن على الصين؟
  • الاحتفال بمرور 46 عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين عُمان والصين
  • داء المطبات النخري
  • استطلاع رأي: الأمريكيون يرون اقتصاد ترامب أفضل من بايدن
  • وكالة دولية تتوقع حدوث شيء كارثي في اليمن بهذا الموعد
  • تحذير! كوفيد لا يزال أخطر من الإنفلونزا
  • 18أيار- اليوم العالمي للقاح ضد الإيدز
  • أعراض وطرق الوقاية من مرض الإيدز
  • طلب إحاطة بشأن انعدام الرقابة على تطبيقات النقل الذكي
  • نقيب المحامين الشهبي يقترح إحداث "أقسام إدارية" بالمحاكم الابتدائية تبت في قضايا الانتخابات المحلية بدلا عن القضاء الإداري