كلاهما جميل وإنسانى.. وأيضًا كلاهما جاء على شكل خبر حزين استيقظ الطيبون فى هذا العالم على قراءته.. المدينة والفرد ثنائية من الشجن، الانبهار والرثاء.
هى مدينة درنة الليبية الجبلية القابعة بشموخ على ساحل البحر الأبيض المتوسط يحتضنها من الجنوب سلسلة من تلال الجبل الأخضر، وهو عز الدين نجيب الفنان التشكيلى المصرى المهووس بسحر الأرض والبشر فى كل مكان.
لم يشفع لمدينة درنة بطاقة هويتها اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية فأغرقها إعصار دانيال المدمر، كما لم يرحم الزائر الأخير فى دنيانا القصيرة الفنان التشكيلى عز الدين نجيب.
ربما عمر مدينة درنة الليبية يفوق بقرون عمر الفنان التشكيلى المصرى عز الدين نجيب الذى لم يأتِ إلى الدنيا سوى قرن من الزمان ناقص سبعة عشر عامًا فقط.. ولكن ما هو عمر المدن سوى حيوات ساكنيها وعصارة تجربتهم فى الفن والحياة.. فتعرف المدينة بين أهل المعمورة بسيرتها الطويلة من الشعر والفكر والأدب.
رثائى لمدينة درنة الليبية بنفس القوة المحملة بالحزن والشعور الطاغى للفقد على الفنان التشكيلى المصرى عز الدين نجيب.. فكلاهما تاريخ طويل ممتلئ بالتفاصيل والحكايات.
فسيحكى لى أنه منذ ظهرت مدينة درنة الليبية للوجود فى العصر الهلنستى قبل الميلاد، ثم مستعمرة يونانية عام 631 قبل الميلاد. يوجد بها المدرسة الفلسفية التى أسّسها أحد تلاميذ سقراط، كما سأتعرف على أكبر جالية يهودية عاشت بالمدينة. وسيخبرنى شيوخ المدينة وعجائزها عن آثار موقع شحات صاحب الفضل فى صيت مدينة درنة وشهرتها، فيقع فيه معبد زيوس اليونانى الضخم على بُعد حوالى كيلومتر واحد شمال أحياء بطليموس وأغورا. وإلى الشمال الغربى، يقع حرم أبولو فى وادٍ شديد الانحدار حيث ينبثق نبع مياه عذبة من تحت الأرض، وهو موقع المستوطنة اليونانية الأصلية.
كما يبدو فى الموقع رواق صالة الألعاب الرياضية الهلنستية التى يعود تاريخها إلى القرن الثانى قبل الميلاد، والمسرح الرومانى المجاور.
وبعيون دامعة سيشير لى أحد أطفال درنة الذين نجوا من إعصار دانيال الشرير على منزل الكاهن جيسون ماغنوس، الذى يعود تاريخه إلى القرن الثانى أو أوائل القرن الثالث الميلادى، ويحتوى على فسيفساء هندسية.
أما أكثر ما أحزننى ما قاله أهل درنة عن تضرر مسجد الصحابة الكبير شرقى المدينة، الذى افتتح عام 1975 وتضرّر بفعل الإعصار، إلى جانب مقبرة خاصة بأكثر من سبعين صحابيًا كانوا جزءا من الفتح الإسلامى فى شمال أفريقيا، وقد بُنيت هذه المقبرة فى العهد العثمانى. ومن هؤلاء زهير بن قيس البلوى، أبو منصور الفارسى وعبدالله بن بر القيسى.
وقد فتح عمرو بن العاص مدينة درنة بعد فتح مصر فى أوائل العصر الإسلامى. وقد جرف الإعصار تلك القبور.
حكايات الفنان التشكيلى المصرى عز الدين نجيب وتفاصيل حياته لا تقل روعة وبهاء عن حكايات مدينة درنة الليبية وناسها.. فتلاميذ الفنان الزاهد لكل ما هو مزيف وقبيح فى الحياة يخبرون عنه الكثير.
ففى عزائه نجد الدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة المصرية، تؤكد أن الفنان التشكيلى عز الدين نجيب جسَّد حالة عظيمة لمبدع متعدد المواهب، وكثير العطاء، فقد أسهم فى تأسيس عدد من المواقع الثقافية، وأثرى الحركة التشكيلية والأدبية بكتاباته النقدية الرصينة، ومعارضه التى تركت أثرًا فى وجدان محبى ودارسى الفن التشكيلى.
أما الناقد هشام قنديل رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون» فيروى عن الفنان التشكيلى عز الدين نجيب أنه أقام عشرات المعارض فى مصر وخارجها، وكتب عشرات البحوث المتخصّصة فى الفنون التشكيلية والتراث الثقافى، بالإضافة إلى موسوعة الفنون التشكيلية التى أنجزها فى أجزاء، مشيرًا إلى أنّ لنجيب مجموعات قصصية نالت حفاوة بالغة من القراء والنقاد.
ويرى قنديل، أن الطبيعة ألهمت الراحل الذى توغّل فى تجسيد مختلف أنحاء مصر النائية، كما تناول فى أعماله أسوان والواحات وسيناء وسيوة والمناطق الصحراوية والساحلية، مختزنا أبعادًا حضارية وملامح تشكيلية تبرز عبقرية المكان.
ومن أرق المرثيات التى كتبت عن رحيل الفنان التشكيلى عز الدين نجيب ما دوّنه الكاتب صفوت فوزى على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» مودعًا إياه «إلى عالم أرحب من الصفاء والنور».
ستبقى مدينة درنة الليبية كما سيبقى الفنان التشكيلى عز الدين نجيب المصرى.. حيين يمنحان السعادة والخلود لكل من يمر بجوارهما.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مدينة درنة الليبية عز الدين نجيب مدینة درنة اللیبیة
إقرأ أيضاً:
بلقاسم حفتر يوقّع عقودا جديدة مع “إبراهيم العرجاني” وشركات مصرية أخرى
أعلن صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا توقيع مديره بلقاسم حفتر، عقودا مع كل من مجموعة العرجاني جروب، وشركة نيوم للتطوير العقاري، وشركة وادي النيل للمقاولات العامة، لتنفيذ مشاريع تشمل الطرق والكهرباء والصرف الصحي والجسور.
ووفق الصندوق، تضمنت العقود الموقعة مع مجموعة العرجاني جروب تنفيذ توسعة طريق الباكور – المرج، وتطوير الطريقين الدائريين الرابع والخامس في بنغازي، وصيانة طريق الرجمة – المرج، إضافة إلى تنفيذ توصيات دراسة هيدرولوجية لطريق طبرق – أمساعد، وإنشاء كوبري بوابة طبرق، واستكمال مشاريع الصرف الصحي والكهرباء في درنة.
كما شملت العقود مع شركة نيوم للتطوير العقاري تنفيذ مشاريع في درنة والبيضاء، من بينها تطوير وادي الناقة، وتوسعة طريق الكوبري الدائري العاشر – عقبة الباكور، إنشاء عبارات مائية على كورنيش درنة، وتصميم شبكة صرف صحي ومحطة معالجة في البيضاء.
وفي السياق ذاته، وقّع الصندوق أيضًا عقودًا مع شركة وادي النيل للمقاولات العامة لتنفيذ المرحلة الثانية من كوبري وطريق الباكور، وأعمال الكهرباء على طريق طبرق – أمساعد، إلى جانب تنفيذ الأعمال السطحية لكوبري الإسمنت وجزيرة الطيارة في بنغازي.
وأكد الصندوق أن هذه المشاريع تأتي ضمن خطة إعادة الإعمار المستمرة، وتهدف إلى رفع كفاءة البنية التحتية والخدمات العامة في المناطق المستهدفة، بالتعاون مع شركات تنفيذ محلية وإقليمية.
المصدر: صندوق إعادة إعمار درنة والمدن والمناطق المتضررة
حفترمصر Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0