بوابة الوفد:
2025-10-14@19:23:48 GMT

درنة وعز الدين نجيب

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

كلاهما جميل وإنسانى.. وأيضًا كلاهما جاء على شكل خبر حزين استيقظ الطيبون فى هذا العالم على قراءته.. المدينة والفرد ثنائية من الشجن، الانبهار والرثاء.

هى مدينة درنة الليبية الجبلية القابعة بشموخ على ساحل البحر الأبيض المتوسط يحتضنها من الجنوب سلسلة من تلال الجبل الأخضر، وهو عز الدين نجيب الفنان التشكيلى المصرى المهووس بسحر الأرض والبشر فى كل مكان.

لم يشفع لمدينة درنة بطاقة هويتها اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية فأغرقها إعصار دانيال المدمر، كما لم يرحم الزائر الأخير فى دنيانا القصيرة الفنان التشكيلى عز الدين نجيب.

ربما عمر مدينة درنة الليبية يفوق بقرون عمر الفنان التشكيلى المصرى عز الدين نجيب الذى لم يأتِ إلى الدنيا سوى قرن من الزمان ناقص سبعة عشر عامًا فقط.. ولكن ما هو عمر المدن سوى حيوات ساكنيها وعصارة تجربتهم فى الفن والحياة.. فتعرف المدينة بين أهل المعمورة بسيرتها الطويلة من الشعر والفكر والأدب.

رثائى لمدينة درنة الليبية بنفس القوة المحملة بالحزن والشعور الطاغى للفقد على الفنان التشكيلى المصرى عز الدين نجيب.. فكلاهما تاريخ طويل ممتلئ بالتفاصيل والحكايات.

فسيحكى لى أنه منذ ظهرت مدينة درنة الليبية للوجود فى العصر الهلنستى قبل الميلاد، ثم مستعمرة يونانية عام 631 قبل الميلاد. يوجد بها المدرسة الفلسفية التى أسّسها أحد تلاميذ سقراط، كما سأتعرف على أكبر جالية يهودية عاشت بالمدينة. وسيخبرنى شيوخ المدينة وعجائزها عن آثار موقع شحات صاحب الفضل فى صيت مدينة درنة وشهرتها، فيقع فيه معبد زيوس اليونانى الضخم على بُعد حوالى كيلومتر واحد شمال أحياء بطليموس وأغورا. وإلى الشمال الغربى، يقع حرم أبولو فى وادٍ شديد الانحدار حيث ينبثق نبع مياه عذبة من تحت الأرض، وهو موقع المستوطنة اليونانية الأصلية.

كما يبدو فى الموقع رواق صالة الألعاب الرياضية الهلنستية التى يعود تاريخها إلى القرن الثانى قبل الميلاد، والمسرح الرومانى المجاور.

وبعيون دامعة سيشير لى أحد أطفال درنة الذين نجوا من إعصار دانيال الشرير على منزل الكاهن جيسون ماغنوس، الذى يعود تاريخه إلى القرن الثانى أو أوائل القرن الثالث الميلادى، ويحتوى على فسيفساء هندسية.

أما أكثر ما أحزننى ما قاله أهل درنة عن تضرر مسجد الصحابة الكبير شرقى المدينة، الذى افتتح عام 1975 وتضرّر بفعل الإعصار، إلى جانب مقبرة خاصة بأكثر من سبعين صحابيًا كانوا جزءا من الفتح الإسلامى فى شمال أفريقيا، وقد بُنيت هذه المقبرة فى العهد العثمانى. ومن هؤلاء زهير بن قيس البلوى، أبو منصور الفارسى وعبدالله بن بر القيسى.

وقد فتح عمرو بن العاص مدينة درنة بعد فتح مصر فى أوائل العصر الإسلامى. وقد جرف الإعصار تلك القبور.

حكايات الفنان التشكيلى المصرى عز الدين نجيب وتفاصيل حياته لا تقل روعة وبهاء عن حكايات مدينة درنة الليبية وناسها.. فتلاميذ الفنان الزاهد لكل ما هو مزيف وقبيح فى الحياة يخبرون عنه الكثير.

ففى عزائه نجد الدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة المصرية، تؤكد أن الفنان التشكيلى عز الدين نجيب جسَّد حالة عظيمة لمبدع متعدد المواهب، وكثير العطاء، فقد أسهم فى تأسيس عدد من المواقع الثقافية، وأثرى الحركة التشكيلية والأدبية بكتاباته النقدية الرصينة، ومعارضه التى تركت أثرًا فى وجدان محبى ودارسى الفن التشكيلى.

أما الناقد هشام قنديل رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون» فيروى عن الفنان التشكيلى عز الدين نجيب أنه أقام عشرات المعارض فى مصر وخارجها، وكتب عشرات البحوث المتخصّصة فى الفنون التشكيلية والتراث الثقافى، بالإضافة إلى موسوعة الفنون التشكيلية التى أنجزها فى أجزاء، مشيرًا إلى أنّ لنجيب مجموعات قصصية نالت حفاوة بالغة من القراء والنقاد.

ويرى قنديل، أن الطبيعة ألهمت الراحل الذى توغّل فى تجسيد مختلف أنحاء مصر النائية، كما تناول فى أعماله أسوان والواحات وسيناء وسيوة والمناطق الصحراوية والساحلية، مختزنا أبعادًا حضارية وملامح تشكيلية تبرز عبقرية المكان.

ومن أرق المرثيات التى كتبت عن رحيل الفنان التشكيلى عز الدين نجيب ما دوّنه الكاتب صفوت فوزى على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» مودعًا إياه «إلى عالم أرحب من الصفاء والنور».

ستبقى مدينة درنة الليبية كما سيبقى الفنان التشكيلى عز الدين نجيب المصرى.. حيين يمنحان السعادة والخلود لكل من يمر بجوارهما.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مدينة درنة الليبية عز الدين نجيب مدینة درنة اللیبیة

إقرأ أيضاً:

عام الإنجازات الرياضية

يشهد عام 2025 تظاهرة رياضية استثنائية لمصر، حيث تتألق البلاد على الساحتين الكروية والمائية، مؤكدة مكانتها ودورها الريادى فى المشهد الرياضى العالمى.
بعد سنوات من الترقب والمنافسات الشرسة، حسم منتخب مصر لكرة القدم بطاقة تأهله إلى كأس العالم FIFA 2026، ليشارك الفراعنة فى هذا المحفل الكروى الكبير للمرة الرابعة فى تاريخهم.
جاء تأهل المنتخب المصرى إلى مونديال 2026، المقرر إقامته فى الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، بعد فوزه المستحق على منتخب جيبوتى بثلاثية نظيفة ضمن التصفيات الأفريقية، هذا الإنجاز، الذى قاده النجم محمد صلاح، لم يكن مجرد فوز فى مباراة، بل هو تتويج لمسيرة حافلة بالجهد والعمل الجاد، وتأكيد أن الرياضة المصرية تسير بخطى ثابتة نحو العالمية.
التأهل هو مصدر فخر وطنى، ويعكس القدرة على المنافسة وتحقيق الأهداف الكبرى فى أكثر الألعاب شعبية على مستوى العالم. كما أنه يضع كرة القدم المصرية تحت الأضواء العالمية مجددًا، ما يمثل فرصة للجيل الحالى من اللاعبين لكتابة تاريخ جديد للكرة المصرية.
الحلم المصرى أن المشاركة لم تكن مشرفه فقط بل الوصول إلى المربع الذهبى وتحقيق إنجاز عربى فى كأس العالم يضاهى بل يتفوق على الانجاز المغربى فى النسخة السابقة.
فى التوقيت ذاته الذى تحتفل فيه الجماهير بتأهل «الفراعنة» للمونديال، أكدت مصر ريادتها فى الرياضات المائية عبر استضافة بطولة العالم للسباحة بالزعانف، وقد أسند الاتحاد الدولى للغوص مهمة تنظيم هذه البطولة الكبرى للاتحاد المصرى للغوص والإنقاذ، ما يعكس الثقة الدولية فى قدرة مصر التنظيمية واللوجستية.
شهدت البطولة استقطاب نخبة من السباحين العالميين، خاصة أن مصر أثبتت بالفعل تفوقها فى هذه الرياضة مؤخرًا، محققة نتائج ممتازة فى بطولات عالمية سابقة ومما لا شك فيه أن استضافة مثل هذه الفعالية لا تقتصر أهميتها على الجانب الرياضى فقط، بل هى أيضًا دفعة قوية للسياحة الرياضية، حيث تُبرز جمال المدن الساحلية المصرية وإمكاناتها كوجهة عالمية للفعاليات الرياضية المائية.
الربط بين هذين الحدثين فى عام واحد يجسد أن الحراك الرياضى المصرى لم يعد يقتصر على لعبة واحدة، فبين تألق نجوم كرة القدم على المستطيل الأخضر ونجاح أبطال الزعانف فى المياه، تظهر مصر كدولة قادرة على تحقيق إنجازات رياضية متوازنة.
إن التأهل لكأس العالم والاستضافة لبطولة عالمية فى رياضة أخرى هما وجهان لعملة واحدة؛ كلاهما يعزز صورة مصر كمركز إقليمى ودولى للرياضة، ويدعم جهود الدولة فى تطوير البنية التحتية الرياضية والاهتمام بالكوادر الوطنية.
عزيزى القارئ إنها رسالة واضحة بأن العمل الجاد والمثابرة هما مفتاح النجاح، سواء فى تحقيق حلم المونديال الكروى أو فى رفع علم مصر عاليًا فى بطولات رياضات النخبة.

مقالات مشابهة

  • تقدم الى عبدالملك نجيب الى وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار بطلب تعديل اسمه المدني
  • مصر الصامدة
  • عام الإنجازات الرياضية
  • نجيب ساويرس يتفاعل مع تدوينة تدعو لانتخاب محمود الخطيب رئيسًا للأهلي
  • عقد لاستكشاف المحروقات بين الجزائر والسعودية قرب الحدود الليبية
  • عمليات التعرف على ضحايا درنة مهددة بالتوقف
  • لجنة التحقق من الأموال المجمدة تبحث في نيويورك دعم البحرين والصين لملف الأرصدة الليبية
  • من الكارثة إلى البناء.. التعليم في درنة الليبية مؤشر للتعافي الاقتصادي
  • النواب: تحركات في نيويورك لـ”تطوير آلية تجميد” الأصول الليبية
  • لقاء أممي–روسي في طرابلس: تنسيق دولي لدعم خريطة الطريق الليبية