وَدَّعَتْهُ، وَأعْيُنُ أصْدِقَائهِ وَمُحِبِّيهِ وَأهْلِهِ وَطُلَّابِهِ ومُرِيْدِيْهِ بَاكِيةٌ بِدُمُوعٍ حَرَّى غَزِيرَةٍ ، وَوجُوهُهُمْ مُوَشَّحَةٌ بِألَمٍ عَمِيقٍْ، مُتَهدِّجَةٌ مِنْ هَوْلِ الصَّدْمَةِ العُظْمَى لِفِرَاقِهِ الأبَدِيِّ ، ونَفْسِيَّاتُهُمْ مُحَطَّمَةٌ مِنْ هَذَا الوَدَاعِ الأخِيْرِ لِشَخصِيَّةٍ فِكْريَّةٍ اسْتِثنَائيَّةٍ حَمَلَتْ في وِجْدَانِهَا وَعَقلِها مَوْضُوعَ التَّغْييْرِ لِلأوْطَانِ بِقِيْمِ التَّسَامُحِ وَالفِكْرِ المُسْتَنيْرِ لِلْقِيْمِ الرُّوْحِيَّةِ لِلإسْلامِ الحَنِيفِ ، كَيفَ لَا ؟ وَهُوَ الحَامِلُ في قَلبِهِ وَوِجْدَانِهِ مَشَاعِلَ الفِكْرِ الإسْلامِيِّ الوَسَطِيِّ الحَنيْفِ طِيلَةَ مَايَربُو عَلَى سَبعَةِ عُقُوْدٍ وَنَيِّفٍ مِنْ رِحْلَتِهِ الفِكْريَّةِ الجِهَادِيَّةِ الثَّريَّةِ .

تَتَلمَذَ - في صِبَاهُ - عَلَى يَدِ العَلَّامَةِ بن لَمْرَط بَارَحمَة في مِعْلَامَتِهِ ذَائعَةِ الصِّيتِ في مَنْطِقَةِ بِلادِ لمَاطر، وَهِيَ حَوطَةُ عِلْمٍ وَثقَافَةٍ بمِقيَاسِ ذَلِكَ الزَّمَانِ ..

تَعلَّمَ هُوَ وأقرَانُه ُمنْ آلِ باهُمَيل، وآلِ بَارحمَة، وآلِ بَاسَرْدَه ،وآلِ بَاعُوضَه يَومَذاكَ ، وَبعدَهَا انتَقلَ إلى عَدَن؛ لِأخذِ دَوْرَاتٍ تَربَويَّةٍ وثقَافِيَّةٍ ومِهْنِيَّةٍ ، وَعَادَ إلى مَنْطِقتِهِ؛ ليِعمَلَ مُعلِّمَاً في المَدرَسَةِ الابتِدائيَّةِ في لَمَاطر ، لِيبدَأَ مِنْ هُنَا رِحلَتَهُ الفِكْريَّةَ والثَّقافِيَّةَ والعِلْميَّةَ مَعَ الحَرْفِ والكَلِمَةِ والقَلَمِ ، مُستَخدِماً الأسْلُوْبَ السِّلمِيَّ التَّوعَويَّ الجِهَادِيَّ سِلاحَاً تَنوِيْريَّاً مُؤثِّرَاً وفَعَّالاً، ونَتَائجُهُ مَلمُوسَةٌ في صِرَاعِهِ مَعَ قِوَى الاحتِلالِ البريطانيِّ وأعْوَانِهِ وزَبَانيَّتِهِ.

قَدْ يَسْتغْرِبُ القَارِئُ اللبِيْبُ مِنْ تَسمِيَةِ الفَقِيْدِ وأسْرتِهِ الكَريْمَةِ ، ولمَزِيْدِ مَعْرِفةٍ بِهِ وأسْرَتَهُ الكَريْمَةَ ، فَهُمْ يَنتَسِبُوْنَ إلَى أسْرَةٍ مِنْ بَني هِلالٍ اليَمَنيَّةِ العَرِيْقةِ، وَاسِعَةِ الانتِشَارِ في اليَمَنِ، وفي عَالَمِنا العَرَبِيِّ ، وتَحدِيْدَاً يَنتَمُوْنَ إلى قَبِيلَةِ النَّسييْنَ الهلِالَيَّةِ، وَمَوقِعُهَا مَنَاطِقُ مَرْخَةَ العُليَا والسُّفْلَى - مُحَافظَةُ شَبْوَةَ ، انتَقَلَتْ - كَغَيْرِها مِنْ الأسَرِ اليَمَنيَّةِ كــَ(نَقِيلَةٍ) مِنْ مَنَاطِقِهِمْ للاسْتِقرَارِ في مَنْطِقَةِ بِلَادِ لمَاطر المَعرُوفَةِ آنَذَاكَ أنَّها مَنْطِقَةُ مَشَائخَ عِلْمٍ وَتِجَارةٍ، فاسْتقَرُّوا فِيْهَا كِرَامَاً مُكَرَّمِيْنَ.

عُرِفَتْ أسْرَةُ آلِ بَاهُمَيل بِالجِدِّ والاجْتِهَادِ والمُثَابَرَةِ في الأعْمَالِ المَوْكَلَةِ لَهُمْ، وكَذَا في التَّحْصِيْلِ العِلْمِيِّ والمِهْنيِّ ، ومِنْ شَخْصيَّاتِهُمُ الكَبِيرَةِ - الَّتي خَدَمتْ في مُؤسَّسَاتِ الدَّولَةِ الوَطَنيَّةِ في جَنُوْبِ الوَطَنِ الشَّيْخُ جُمَيع الخَضِر بَاهُمَيل ، والشَّيْخُ سَالم الخَضِر بَاهُمَيل، والشَّيْخُ الشَّهيدُ / سَعيد الخَضِر بَاهُمَيل ، والشَّيُخُ / عَلي بن صَالح ، والأستَاذُ الكَبيْرُ / عبدُالله سَالم الخَضِر ؛مُديْرُ الغُرْفَةِ التِّجارِيَّةِ في جَنُوبِ اليَمَنِ سَابقاً ، ومِنْهُمُ الأستَاذُ / مُحمَّد جُميع الخَضِر ؛مُدِيرُ مَطارِ عَدَن الدَّوليِّ سَابقاً ، ومِنهُمُ الأستَاذُ/ حُسين علي صَالح بَاهُمَيل نَجلُ الفَقيْدِ، وهُوَ رَئيْسُ مُنظَّمةِ المُغتَربينَ بِالمَهْجَرِ، ومِنهُمْ سُفَراءُ وأطِباءُ وأسَاتِذةُ جَامِعةٍ، ومنْهُمْ طَيَّاروُنَ ورِجَالُ مَالٍ وأعْمَالٍ نَاجِحُونَ.

قَدَّمتْ أسْرَةُ آلِ بَاهُمَيل طَابُوراً طَويْلاً من َالشُّهدَاءِ في سَبِيلِ الدِّفاعِ عَنِ الوَطنِ كُلَّ الوَطَنِ ، ومِنهُمْ شُهَدَاءُ في مَرحَلةِ تحريْرِ اليَمَنِ الجَنُوْبيِّ مِنَ الاحتِلالِ البريطانيِّ ، وشُهَدَاءُ في زَمَنِ النِّظامِ الشُّمُوليِّ فِي مَراحِلِ ومُنْعطَفَاتِ الثَّورَةِ الوَطَنيَّةِ، وشُهدَاءُ مِنْ أجلِ الوَحدَةِ اليمَنيَّةِ المُبارَكةِ ، خلَّدَهُمُ اللهُ في جنَّاتِهِ الوَاسِعَة.

وعَوْدَةً إلى الحَدِيثِ عَنْ فَقِيدِنا الغَالي ، ولمَاذَا نَكتُبُ عَنٌ شَخْصيَّةٍ عَزيزَةٍ فَقَدْنَاها، ولَنْ تَقرَأَ مَا سَنكْتبُهُ عَنهَا بِطبِيعةِ الحَالِ ، الجَوَابُ بٍبسَاطَةٍ هُوَ مِنْ أجْلِ التَّعريفِ بمَنَاقِبِهِ ، وبِشَخصيَّتِهِ الفَذَّةِ ، وبِأعمَالِهِ الخَالِدةِ الوَضَّاءَةِ، وكَي يَتعَلَّمَ الأبْنَاءُ والحَفَدَةُ مِنْ دُرُوسِ تَجربتِهِ الثَّريَّةِ ، وكَي نَتذكَّرَهُ بِحُبٍّ، ونَدْعُوَ لَهُ عِندَ اللهِ سُبحانَهُ وتَعَالَى بالَمغِفرَةِ والرَّحْمَةِ والخُلُودِ في الجَنَّةِ ، هَذِهِ بِضْعَةٌ مِنْ مَشَاعِر ِالأحْيَاءِ تُجَاهَ حَبٍيبِهُمُ الغَالِي الَّذي فَقَدُوهُ في دَوَّامَةِ قَسَمَاتِ الحَيَاةِ وتَعَاريْجِها الوَعِرةِ ، وفي زَحْمَةِ وتَراكُمِ مَهامِّ العَمَلِ اليَومِيِّ ، وفي غَمْرَةِ جَفَافِ المَشَاعِرِ الانْسَانِيَّةِ لَدَى البَعْضِ للأسَفِ الشَّديْد. لقَدْ نَهَلَ الحَاجُّ المُجَاهِدُ علي بن صالح (أبو) حُسين الفِكرَ والفِقْه َوالثَّقافةَ الاسْلامِيَّةَ مُنذُ كَانَ شَابَّاً يَافِعاً مُفْعَماً بفكْرِ النِّضالِ الانسَانيِّ المُقَاومِ للاحتِلالِ البريطانيِّ المُغتَصِبِ ، وَتتَلمَذَ في مدرَسةِ الفِكْرِ الإسْلامِيِّ المُعْتَدلِ وعَلى ثَقافةِ كَوكَبةٍ مِنَ الجَهَابِذَةِ العُلمَاءِ الكِبَار ِيومَذَاكَ، أمثَالُ العَلَّامَةِ الكَبيرِ مُحمَّد بن سَالم البَيْحاني ، والعَلَّامَةُ بَاحَمِيْش ، والعَلَّامَةُ العَبَّادِي ، والعَلَّامَةُ الجُنيْدي والعَلَّامَةُ كعِيتي المحْضَار، رحْمةُ اللهِ عَلَيْهمْ جَمِيْعاً ، نَهلَ منْهُمْ مَا استطَاعَ مِنَ الفِكْرِ، وطوَّرَ ِبِمَدَارِكِهِ المُسْتطاعَ مِنَ التَّجربةِ ومُنَاخاتِها القَاسِيَةِ.

التقيتُهُ مِراراً في كُلٍّ مِنْ مُحافَظةِ شَبْوةَ ، ومَديْنةِ عَدَن ، ومَدينَةِ جِدَّةَ بالمَهْجَر ، وفي كُلِّ لقَاءٍ تَشعُرُ أنَّكَ أمَامَ شَخصَّيةٍ جَادَّةٍ مُتنوِّعَةِ الثَّقَافةِ وثَريَّةٍ بالمَعلُومَاتِ التَّاريْخيَّةِ المُفِيْدَةِ للأجْيَالِ ، ذَلكَ الثَّرَاءُ الفِكْرِيُّ والفِقْهِيُّ المُتنوِّعُ ناتَجٌ مِنْ قِرَاءَاتِهِ وكِتَابَاتِهِ وتَجارِبِهِ الوَاسِعَةِ في الحَيَاةِ السِّيَاسِيَّةِ وَالعَمَلِيَّةِ والاجْتِمَاعِيَّةِ ومِنْ تنَوُّعِ الشَّخْصِيَّاتِ الحِزْبِيَّةِ والعِلْمِيَّةِ ِوالاجْتِمَاعِيَّةِ الَّتي زَامَلَها ورَافَقَها في مَسِيْرَةِ حَيَاتِهِ وتَجْربتِهِ الطَّويْلَةِ.

وعَلى الصَّعِيْدِ العُرُوبِيّ القَوْمِيِّ فأنَّ لَهُ مَوْقِفَاً صُلْباً وصَادِقَاً وشُجَاعَاً وَثَابِتَاً إلى جَانِبِ حَقِّ الشَّعْبِ العَرَبيِّ الفِلِسْطِيْنيِّ،ومُقَاوَمَةِ الاحْتِلالِ الصُّهيُونيِّ الإسْرائيليِّ ، مُنطَلِقاً مِنْ اقتِناعَاتٍ عَقَديَّةٍ وقوْمِيَّةٍ عُرُوبِيَّةٍ وَاضِحَةٍ ،وَهُوَ مُتقَدِّمٌ في اقتِنَاعَاتِهِ ومَواَقفِهِ مَعَ الشُّعُوْبِ العَرَبيَّةِ والإسْلاميَّةِ وحُرِّيتِهَا واسْتقْلالِها ، ضِدَّ المُسْتَعمِرِ بِكُلِّ ألْوَانِهِ وأشْكَالِهِ.

كُنْتُ أتمَنَّى مِنَ الأهْلِ أنْ يُوثِّقُوا تَجْرِبَةَ الفَقِيْدِ الثَّريَّةَ؛ كَي تُوزَّعَ عَلَى الأجْيَالِ لتَعْمِيْمِ المَعْرِفَةِ والفَائدَةِ والتَّعلُّمِ مِنْها ؛ لأنَّ مِثْلَ هَؤلَاءِ الشَّخْصِيَّاتِ المُثقَّفَةِ والمُتفَقِّهَةِ في الغَالِبِ هُمْ نَادِرُوْنَ جِدَّاً في حَيَاتِنا وأسَرِنا بِالرِّيْفِ اليَمَنيِّ.

جَمِيْعُنا رَاحِلٌ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا العَابِرَةِ الفَانِيْةِ ، ولَنْ يَبْقَى للإنْسَانِ مِنْ أثَرٍ إلا أعمالُهُ الطَّيِّبةُ ومَآثرُهِ الحَسَنةُ ، وَابنَاءُ بَارُّوْنَ يَدْعُونَ لَهُ، وصَدَقةٌ جَاريَةٌ تُوازِيْهِ جَمِيْعُنا رَاحِلٌ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا العَابِرَةِ الفَانِيْةِ ، ولَنْ يَبْقَى للإنْسَانِ مِنْ أثَرٍ إلا أعمالُهُ الطَّيِّبةُ ومَآثرُهِ الحَسَنةُ ، وَابنَاءُ بَارُّوْنَ يَدْعُونَ لَهُ، وصَدَقةٌ جَاريَةٌ تُوازِيْهِ في خُلُوْدِ الذِّكرَى .. عَنْ أبي هُريْرةَ -رَضِي َاللهُ عَنهُ- أنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- قالَ: إذا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقطَعَ عَملُهُ إلَّا مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقَةٍ جَاريَةٍ،أوْ عِلْمٍ يُنتفَعُ بِهِ، أوْ وَلدٍ صَالِحٍ يدْعُو لَهُ" رَواه مُسْلِم.

ولذَلكَ ولمَعرفِتي الشّّخصيَّةِ بهِ ِوبتجربتِه الثَّرِيَّةِ النَّاضِجة ِ، أتمنّى أنْ ترَى تَجْربتُهُ المُوثقَّةُ المَكتُوبَةُ النُّوْرَ والعَلَنَ عَمَّا قرِيْبٍ بإذنِ اللهِ تَعالى ، وهَذَا مُنتَهى العَشمِ في أبنَائهِ الكِرَامِ أنْ يُخلِّدُوا ذِكرَى والدِهِمْ بهذَا الكِتَابِ المُنتَظرِ بإذنِْ اللهِ تَعَالى ، وهُوَ كِتابٌ أو عَدَدٌ مِنَ المُجلَّدَاتِ ،- لا ضَيرَ في ذَلكَ - عنْ تجْربةِ المُجَاهِد ِوالعَالمِ الكَبيْر ِعلي بن صالح بَاهُميل الهِلالَي ، رَحمَةُ اللهِ عَلَيهِ، وأنزله مُنزلاً كريماً في جنَّاتِ الفِرْدَوْسِ الأعلى،ولَا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ العَظيْم .

وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلْيْمٌ

أ.د. عبدالعزيز صَالح بن حَبتُور

رَئيْسُ مجْلِسِ وُزرَاءِ حُكُومَةِ الإنقَاذِ الوَطَنيِّ /

صَنعَاء يومَ الأحد - المُوافقُ 24/ سبتمبر / 2023م

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: الخ ض ر الو ط ن الی م ن الف ک ر والع ل

إقرأ أيضاً:

رضى الله عنها

يقول الرواة إن الصحابى الجليل ابن عباس، كان أول من استخدم مصطلح «رضى الله عنه» فى إشارته لصحابة النبى (ص) المقربين، كنوع من التكريم والتقدير لهم، استنادا إلى آيات قرآنية، تؤكد رضا الله عن أوائل الصحابة الذين آمنوا بالنبى الكريم وساندوه ونصروه. فيما بعد أجاز الفقهاء اطلاق المصطلح على العباد والصالحين من الأجيال التالية، كصيغة دُعاء ورجاء وطلب برضا الله ورحمته لهم، وهو ما صار مندوبا ومُستحسنا فى الحديث عن أهل الله.

ولا شك في أن الدعاء برضا الله يطول كل شىء، فليس رجاءً أعظم من ذلك، وندبه لمصر الأرض والناس والتاريخ والقيّم والمبادئ والمُثل والفكر والوعى يعنى إقرارا بأنها تستحق خير الخير، لما قدمت وضحت وتحملت ومنحت وصبرت وكافحت.

رضى الله عن مصر. فما مارسته وحققته، قيادة ومؤسسات ومسئولين، وكوادر من عمل علنى، وسرى، جماعى وفردى، دبلوماسى وسياسى، لوقف المذبحة الصهيونية الدامية فى فلسطين يستحق فخرنا ورضانا وتقديرنا.

بحكمة وقوة وصلابة وذكاء وتخطيط واعداد أثبتت مصر ريادتها وفاعليتها فى الملف الفلسطينى، واحتضنت مفاوضات تحمل أهم مكسب للناس وهى الحياة فى أمان، وعدم التفريط فى قضية عادلة.

كان يُمكن لمصر أن تستجب لأطروحات تصفية القضية الفلسطينية، قبولا بالتهجير، أو صمتا على المُعتدين، فى مقابل انتعاش اقتصادى، مساعدات، أو مكاسب ما، لكنها بمبادئها وقيمها وإرثها العظيم من الشرف أبت إلا التمسك بالشرف اللصيق بمصر اسما وتاريخا، وانتصرت للإنسان وللحق.

وإذا كُنا وما زلنا، وكان البعض وما زالوا، مُختلفين مع مؤسسات الحكم فيما يخص أولويات التنمية، وقضايا الحريات، وتفاصيل الاصلاح السياسى، والديمقراطية، إلا أن الجميع يُقدر ويحترم ويُمتن لموقف الدولة العظيم فى تعاملها مع قضية فلسطين، وتصديها لطرح التهجير، ونضالها المُشرف لمنع تصفية الحق الفلسطينى. إنه محل فخر حقيقى، يليق بأم الدنيا وشقيقة العرب الكبرى.

يبدو الأمر مُزعجا لسماسرة الحرب، القتلة المأجورين، تجار البشر والأوطان، وميليشيات النصب على الشعوب باسم الدين. فثمة مَن لا يبيع ولا يساوم، ويصبر على الدعاية السوداء والاتهامات الكاذبة، ويتحمل لوم الهتيفة والحنجوريين من الأشقاء، ويعمل فى هدوء شديد. يُرتب الأوضاع، يضع السيناريوهات، يُناقش الأفكار، يُفصل الخطط، ويُبرز القوة حينا، والحكمة أحيانا أخرى لتأكيد أن مصر ومؤسساتها وأفذاذها حاضرون ونابهون، بل قادرون دوما على صناعة السلام بقوة وإرادة.

يقول لى أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية فى تعليق مُتزامن مع الأحداث: «إن مصر قادرة دوما على صناعة الأمن، بما تمتلكه هذه الأرض من جينات حضارية عظيمة».

ويحكى أنه التقى هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الداهية لأول مرة فى بداية التسعينيات، فعرف أنه من مصر، فقال له «إن هذا بلد مُختلف يُفرز دائما قادة عظاما، حتى لو اختلفت معهم».

يعجب المارون والغرباء من سحر مصر وروعتها وجاذبيتها، فتكتب ريهام عبد الحكيم أغنية رائعة تقول فيها «فيها حاجة حلوة. حاجة حلوة بينا، حاجة كل مدى تزيد زيادة فيها إنّ. فيها نية صافية. فيها حاجة دافية. حاجة بتخليك تتبت فيها سنة سنة».

وهذه الـ«حاجة» هى رضا الله عن هذه الأرض.

والله أعلم

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • الوجع والأمل في قصص الزِّرُّ والعُرْوَة لراشد عيسى
  • في زحمة الحياة
  • الاحتلال يغلق الحواجز المحيطة بمدينة رام الله
  • هل منع العطاء يعد من الابتلاء؟.. الأزهر يوضح
  • فضل صلاة الضحى
  • أميرُ الكويت يزورُ سلطنة عُمان غدًا
  • رضى الله عنها
  • تحت الضوء
  • أمين البحوث الإسلاميَّة: الإيمان والعِلم طريقان متكاملان والدِّين لا يتعارض مع حقائق الكون والعقل
  • أمين البحوث الإسلاميَّة: الإيمان والعِلم طريقان متكاملان