إقرار إسرائيلي بالفشل في حرب أكتوبر.. مخاوف من تكرارها مستقبلا
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
في الوقت الذي تحيي فيه دولة الاحتلال الذكرى السنوية الخمسين لحرب أكتوبر 1973، فلا زالت الاستخلاصات تصدر تباعا حول الإخفاق الذي وقعت فيه، وما أسفرت عنه من دفع ثمن باهظ، ليس فقط الآلاف من القتلى، بل تزعزع الثقة في الدولة، بسبب مجموع الأخطاء التي وقعت فيها.
الجنرال عوزي ديان القائد الأسبق للمنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، ذكر أن حرب أكتوبر شكلت مفاجئأة استراتيجية في الوعي الإسرائيلي، لاسيما أنها كانت على شكل هجوم مفاجئ مسق على جبهتين: قناة السويس ومرتفعات الجولان.
وأشار إلى أنه "ساد العمى في المفهوم القائل بأن مصر لن تهاجم إسرائيل، رغم أن كل علامات الاستعداد للحرب تم تفسيرها على أنها تدريبات فقط".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أنه "اليوم بعد مرور خمسين عامًا على تلك الحرب، فما زلنا نعيش تبعاتها، بدليل أن الحرب ما زالت قائمة، رغم السلام مع مصر والأردن، لكن عدم الاستقرار الإقليمي لا زال قائما".
وأوضح أن "حرب 1973 كانت آخر حرب متعددة الساحات، واليوم يجب على الجيش الاستعداد لاتخاذ القرار في الساحتين الجنوبية والشمالية، ولا ينسى العمق والجبهة الداخلية والعدو في الداخل".
ويعتقد الجنرال الإسرائيلي أن الهجمات الحالية في الأراضي الفلسطينية، لا تشكل تهديدا وجوديا بل استراتيجيا، في الوقت الذي يشكل عدم تماسك المجتمع الإسرائيلي نقطة ضعف.
البروفيسور أوري بار يوسف ذكر أن "الازدراء والغطرسة تعتبر إحدى أخطر جذور الغفلة التي واكبت تلك الحرب، وشكلت مدخلا لأخطائها الفادحة، بما حملته من غطرسة مهنية وعناد وانغلاق، وشيوع نظرية الفوضى، التي بحثت عن تفسيرات متسلسلة بدأت بأحداث صغيرة، وانتهت بكارثة كبرى".
وأشار في ذلك إلى "المسئولية التاريخية للضابط برتبة مقدم "يوني باندمان"، الذي أثّر بشكل كبير على مصير دولة الاحتلال، وهو من بين الستة الذين طردتهم لجنة التحقيق "أغرانت"، بسبب دورهم في حالة الغفلة التي عاشها الجيش والدولة بأسرها".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "بندمان ظهرت مسؤوليته عن الإخفاق أكبر من رتبته، فقد بدأ حياته المهنية في الاستخبارات 1954، وقضى معظم سنواته في البحث عن الجيش المصري، وبفضل خبرته الواسعة، اكتسب سمعة باعتباره أكبر خبير في هذا المجال، وبين 1963-1967 شغل منصب رئيس القسم العسكري المسؤول عن الأبحاث حول مصر وشمال أفريقيا، وفي ذروة الأزمة قبيل حرب 67، همس في أذن الجنرال إيلي زعيرا في الاستخبارات العسكرية- أمان، أنه عند بدء الحرب سينهار الجيش المصري، وفعلا هذا ما حصل، مما جعله المرجع المهني الأعلى فيما يتعلق بمصر ونواياها الحربية".
وأوضح أن "بندمان عرف بغطرسته المهنية، وثقته بنفسه التي لا تقبل الشكّ، رغم أن مكانته هذه عادت لأربعة عوامل: خبرته المهنية الاستثنائية؛ عدم وجود مسؤولين كبار من ذوي الخبرة في الشأن المصري، والسلطة الكاملة لرئيس "أمان" على تقييماته؛ وشخصيته الاستبدادية، التي أحبطت أي محاولة لتحدي تصوراته، التي استمرت بالاستهتار بقدرات الجيش المصري، رغم أنه منذ أكتوبر 1972، بدأت الأخبار تتراكم حول نية مصر فتح النار، واستعداداتها لذلك، لكنه استمر بنفيها،
وخلص إلى القول أن "باندمان شكّل تعيينه مقدّرا استخباريا عامل للدولة في الشأن المصري خطأ فادحا، لأن الغطرسة المهنية والعناد الفكري والانغلاق على أي معلومات تتعارض مع معتقداته اعتبرت الأعداء الحقيقية لضابط مخابرات مثله، ومن سوء حظ الإسرائيليين أنه شغل هذا المنصب عشية الحرب، ودفعت الدولة ثمن ذلك بصورة باهظة".
جرت العادة في كل عام يحيي فيه الإسرائيليون الذكرى السنوية لانتكاسة حرب أكتوبر 1973، أن تزداد مخاوفهم من تكرار ذات الهزيمة في حال خاضوا مواجهة عسكرية كبيرة متعددة الجبهات، مما يجعلهم يحذرون دوائر صنع القرار فيها مما يصفونه "الانجراف" للأماكن التي يصعب العودة منها.
ومنذ قرابة خمسة عقود، لم يتبدد ضباب الغفلة التي أصابت الاحتلال، وتسببت في تلك الهزيمة، مع التأكيد على عدم استخلاصها للدروس المستفادة منها، بدليل النتائج غير المرضية للحروب التي خاضها الاحتلال منذ تلك الحرب.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاحتلال حرب أكتوبر هجوم مفاجئ مصر مصر الاحتلال حرب أكتوبر هجوم مفاجئ صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حرب أکتوبر
إقرأ أيضاً:
توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
كتب توماس فريدمان أنه رأى هذه المرة إشارات جديدة في إسرائيل تشير إلى أن مزيدا من الإسرائيليين، من اليسار والوسط وحتى من اليمين، يستنتجون أن استمرار هذه الحرب كارثة على بلدهم أخلاقيا ودبلوماسيا وإستراتيجيا.
وذكر الكاتب المعروف بميوله الليبرالية -في عموده بصحيفة نيويورك تايمز- أن رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، وهو من الوسط، كتب مقالا لم يتردد فيه في مهاجمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه، قائلا إن "حكومة إسرائيل تخوض حاليا حربا بلا هدف ولا تخطيط واضح، ودون أي فرص للنجاح"، وأضاف "ما نفعله في غزة الآن حرب إبادة، قتل عشوائي للمدنيين بلا حدود، وحشي وإجرامي"، وخلص إلى القول "نعم، إسرائيل ترتكب جرائم حرب".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2باحث أميركي: البوسنة والهرسك فاشلة حتى بعد 30 عاما من التدخل الدوليlist 2 of 2إندبندنت: إسرائيل مستمرة بهدم جسور الثقة بينها وبين الغربend of listأما من اليمين، فهذا أميت هاليفي، وهو عضو حزب الليكود اليميني الذي ينتمي إليه نتنياهو، وهو مؤيد شرس للحرب، يعتقد أن تنفيذها كان فاشلا، وأن إسرائيل لم تنجح في تدمير حماس.
ومن اليسار، صرح زعيم التحالف الليبرالي الإسرائيلي يائير غولان بأن إسرائيل في طريقها إلى أن "تصبح دولة منبوذة مثل جنوب أفريقيا، إذا لم تتصرف كدولة راشدة لا تحارب المدنيين، ولا تتخذ قتل الأطفال هواية".
الحرب أنهكت المجتمعوذكّر فريدمان بأنه لم يُسمح تقريبا لأي صحفي أجنبي مستقل بالتغطية المباشرة من غزة، وبالتالي عندما تنتهي الحرب وتمتلئ غزة بالمراسلين والمصورين الدوليين الأحرار، سيتم الإبلاغ عن حجم الموت والدمار وتصويره بالكامل، وستكون تلك فترة عصيبة للغاية بالنسبة لإسرائيل ويهود العالم.
إعلانولذلك كان غولان، وفقا لفريدمان، محقّا في تنبيهه شعبه إلى ضرورة التوقف الآن، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، واستعادة المحتجزين، وإرسال قوة دولية وعربية إلى قطاع غزة، ولكن نتنياهو أصر على مواصلة الحرب.
ومع استهداف الجيش الإسرائيلي مزيدا من الأهداف الثانوية، تكون النتيجة هي قتل مدنيين من غزة كل يوم، مع أنه ليس ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في غزة وحده هو ما يثير غضب الإسرائيليين المتزايد ضد الحرب، حسب فريدمان، بل ما يثيره هو أن الحرب أنهكت المجتمع بأسره.
واستشهد فريدمان هنا بما قاله عاموس هاريل المحلل العسكري لصحيفة هآرتس بأن مؤشرات الفشل تشمل كل شيء من "تزايد حالات الانتحار إلى تفكك العائلات وانهيار الشركات".
وإذا كان العديد من الإسرائيليين يشعرون بأنهم محاصرون من قبل قادتهم، فإن سكان غزة أيضا يشعرون بمثل ذلك -حسب فريدمان- وإذا كان بعض القادة الإسرائيليين سوف يواجهون الحساب عندما تصمت مدافع الحرب، فإن الشيء ذاته سيحدث لقادة حماس بغزة.
وإذا كان قادة حماس قد ظنوا أنهم ينزلون كارثة بإسرائيل، فإنهم -حسب فريدمان- منحوا نتنياهو فرصة لتدمير حليفهم حزب الله في لبنان وسوريا، مما أضعف قبضة إيران على هاتين الدولتين، وحتى على العراق، بل ساعد في إخراج روسيا من سوريا، فيما اعتبرها الكاتب هزيمة مدوية "لشبكة المقاومة" التي تقودها إيران.
وإذا كانت عمليات نتنياهو العسكرية مهدت للانضمام إلى اتفاقيات أبراهام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، كما يرى فريدمان، فإن نتنياهو يضيع فرصة السلام هذه برفضه أن يفعل الشيء الوحيد الذي من شأنه أن يطلق العنان لسياسة المنطقة بأكملها، ألا وهو فتح الطريق أمام حل الدولتين مع سلطة فلسطينية مُصلحة.
قبيلة اليهود ضد قبيلة الديمقراطيةولا عجب أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يريد إضاعة الوقت مع نتنياهو، فهو يذهب إلى الدول التي تعطيه، لا إلى الدول التي تطلب منه مثل إسرائيل، ولكن نتنياهو لن يسمح لترامب بصنع أي تاريخ معه.
إعلان
غير أن ترامب، ربما ليست لديه أي فكرة عن مدى التغيير الداخلي الذي طرأ على إسرائيل، خاصة أن العديد من اليهود الأميركيين لا يدركون مدى ضخامة وقوة المجتمع الديني المتطرف والقوميين المتدينين الاستيطانيين في إسرائيل، ومدى اقتناعهم برؤيتهم لغزة كحرب دينية، كما يقول الكاتب.
وقد أوضح الرئيس السابق للكنيست أفروم بورغ، متحدثا عن اليمين القومي المتدين الاستيطاني في إسرائيل "بيبي (لقب نتنياهو) هو في الواقع بيدقهم وليس اللاعب الحقيقي".
وأضاف بورغ "حدِّثهم عن إمكانية تحقيق إسرائيل السلام مع السعودية، يتجاهلونك ويقولون إنهم ينتظرون المسيح، حدثهم عن فرصة إسرائيل لتحقيق السلام مع سوريا، يردون بأن سوريا ملك للشعب اليهودي، حدثهم عن القانون الدولي، يحدثونك عن القانون التوراتي. حدثهم عن حماس، يحدثونك عن العماليق".
وخلص بورغ إلى أن الانقسام الحقيقي في إسرائيل اليوم ليس بين المحافظين والتقدميين، "بل بين القبيلة اليهودية والقبيلة الديمقراطية. والقبيلة اليهودية هي المنتصرة الآن".
وختم فريدمان بمقارنة بين أسلوبي نتنياهو وترامب المتشابهين في تقويض ديمقراطيتيهما، حسب زعمه، فكلاهما يحاول تقويض محاكم بلاده و"الدولة العميقة"، أما الهدف فهو بالنسبة لترامب إثراء نفسه شخصيا ونقل ثروات البلاد من الأقل حظا إلى الأكثر امتيازا، أما بالنسبة لنتنياهو فهو التهرب من تهم الفساد ونقل السلطة والمال من الوسط الإسرائيلي الديمقراطي المعتدل إلى المستوطنين والمتدينين.