في إطار تمدد الصراع بين قائدي الجيش السوداني والدعم السريع وسعي كل من الطرفين لفرض هيمنته على مجريات الأحداث في السودان داخليا وفي الخارج طالعنا عبر الوسائط والميديا خطاب الجنرال البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة . والذي اعتبر نقلة نوعية في تكتيكات الحرب الدائرة في السودان مما اضطر الجنرال حميدتي الغائب عن المشهد منذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب للتخلي عن تخفيه والظهور علنا بشحمه ولحمه موجها خطابا مماثلا لأعضاء الجمعية العامة بالأمم المتحدة ومستبقا خطاب البرهان بنصف ساعة ليفسد البهجة والفرحة على أنصار البرهان من الإسلاميين الذين سعوا بالتخطيط لإخراجه من القيادة العامة قبل عدة شهور تحضيرا لهذه المناسبة المهمة والتي راهنوا عليها لإضفاء الشرعية الدولية على الرجل .

ويبدو أن حميدتي قد استطاع بظهوره ان يشتت انتباه الشارع السوداني عن خطاب البرهان ويعيد الجدل القديم والمتجدد حول ماهية البعاتي هل هو حي ام ميت وهل المتحدث هو أم شخص آخر وشُغلت المجالس بتحليل خطابه والتركيز على حركة شفاهه وفكه العلوي وتوافق كلامه مع الترجمة مرددة فرضية استخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي والتي لم تجدي نفعا في دحض فكرة موت الرجل حتى الآن وبالعودة إلى خطابي الجنرالين لمناقشة فحواهما ومقارنة النقاط الرئيسية التي تطرقا لها . نجد أن أهم القضايا المثارة قد انحصرت في التالي
1. أمن الجنرالين على أن الشعب السودان يواجه حربا مدمرة وغير مسبوقة في تاريخه. وقد عبر البرهان عن ذلك بقوله ( يواجه الشعب السوداني حرباً مدمرة شنتها عليه قوات الدعم السريع المتمردة) بينما استخدم حميدتي عبارة ( إن حرب الخامس عشر من أبريل سببت دماراً لم يسبق له مثيل في السودان لا سيما في الخرطوم ).
2. سعى كل من الطرفين لإقناع المجتمع الدولي بمدى خطورة هذه الحرب على الأمن والسلم الإقليمي والدولي واعتبرا أن استمرارها قد يضع الإقليم في مواجهة حرب إرهابية شاملة. فقد أكد البرهان في خطابه بأن هذه الحرب ( خطرها أصبح يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي ) بينما قال حميدتي إن ( حرب الخامس عشر من أبريل تهدد باتساع نطاقها السلام والأمن في المنطقة )
3. و لدغدغة مشاعر الدول الغربية واستثارة حساسيتها ضد ملف الإرهاب العابر للدول. اتهم كل من الجنرالين الاخر بمحاولته الاستعانة بالعناصر الإرهابية في الصراع الدائر بينهما حيث اتهم الجنرال البرهان حميدتي بأنه ( استعان بمجموعات خارجة عن القانون ومجموعات إرهابية من عدة دول في الإقليم ) بينما كال حميدتي ذات الاتهام للبرهان وقال ( إن مشاركة عناصر من جماعة داعش الإرهابية في المعارك، تشير إلى احتمالية تحول السودان إلى مسرح جديد لنشاط الجماعات الإرهابية).
4. لم يغفل الجنرالان في خطابهما الإشارة إلى سعيهما لإيقاف الحرب ورغبتهما في إنهائها - رغم أن الواقع يظهر خلاف ذلك تماما – فقد أوضح البرهان بأنهم في الجيش ومنذ بداية هجوم الدعم السريع على الدولة، طرقوا السبل كلها من أجل إيقاف الحرب حيث قال ( جلسنا في جدة بمبادرة من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وحققنا تقدماً جيداً لولا تعنت المتمردين ورفضهم الخروج من الأحياء السكنية وقبلنا مبادرة منظمة الإيقاد ومبادرة دول الجوار التي انعقدت في مصر وما زلنا حتى اليوم نمد أيادينا من أجل السلام ومن أجل إيقاف هذه الحرب ورفع المعاناة عن شعبنا ) بينما أبان حميدتي بأنهم يدركون تمام الإدراك بأن إيقاف دمار الحرب والمعالجة الحقيقية لقضية انتهاكات حقوق الإنسان يتطلبان إيقاف الحرب بالكامل ولذلك انخرطوا بجدية كاملة ونية صادقة في مفاوضات جدة، التي ترعاها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وأضاف ( نجدد اليوم التزامنا بالعملية السلمية لوضع حد لهذه الحرب)
5. طالب كلا الجنرالين المجتمع الدولي بدعم الشعب السوداني والوقوف معه بمد يد العون بالمساعدات حيث قال البرهان في خطابه (نناشد الوكالات والدول للإيفاء بتعهداتها لسد الفجوة الكبيرة في الغذاء والدواء والإيواء لقطاعات واسعة من الشعب السوداني تضررت جراء الحرب) بينما اختار حميدتي القول (إنني أدعوكم وأنتم تجتمعون في هذه الدورة لمناقشة التقدم الذي تم إحرازه في تحقيق أهداف المنظمة الدولية ألا تنسوا شعب السودان).
6. وفي آخر المطاف أكد الجنرالين على رغبتهما في إيقاف الحرب والتوصل الحل يوقف النزاع الدائر في السودان حيث أعرب البرهان بقوله (إننا ما زلنا حتى اليوم نمد أيادينا من أجل السلام ومن أجل إيقاف هذه الحرب ورفع المعاناة عن شعبنا ) وقد قال حميدتي في ذات الصدد ( إن قوات الدعم السريع على استعداد تام لوقف إطلاق النار في كافة أرجاء السودان للسماح بمرور المساعدات الإنسانية وتوفير ممرات آمنة للمدنيين وعمال الإغاثة وبدء محادثات سياسية جادة وشاملة تؤدي إلى حل سياسي شامل).
والمستمع لخطابي الجنرالين بدقة يستخلص منهما أن كلا الرجلين قد ألقى بمرافعته أمام المجتمع الدولي مستجديا منه الشرعية والدعم السياسي. (مغفلا وللأسف التركيز على مخاطبة قضايا الداخل السوداني بذات الاهتمام الذي يوليه للخارج .إن النقاط الست أعلاه هي مجمل القضايا التي ارتكز عليها خطاب الجنرالين ومعاداها لم يكن سوى عبارات إنشائية من قبيل كلمات المجاملة والتحايا للحضور. وهنا أريد أن ألفت انتباه القارئ الحصيف إلى ما يمكن أن يلاحظ من التوافق التام في الرؤى المطروحة من قبل الجنرالين في خطابهما والذي تجاوز توارد الخواطر وتجانس الأفكار ليرقى إلى مستوى التطابق في الجمل والمفردات المستخدمة في بنية الخطابين مما اثار عدة تساؤلات وشكوك عن كيف استطاع الجنرال حميدتي أن يتحصل على نسخة من خطاب البرهان ليبني عليها رؤيته في مخاطبة المجتمع الدولي ومن الذي اوعز اليه بان يبث خطابه قبل نصف ساعة فقط من إلقاء البرهان لخطابه حيث سيستحيل للبرهان ان يتغير خطابه لضيق الوقت مما سيجعل من خطابه خطابا
مكرور وصدا لخطاب قائد الدعم السريع .
يوسف عيسى عبدالكريم

yousufeissa79@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المجتمع الدولی الشعب السودان الدعم السریع خطاب البرهان إیقاف الحرب فی السودان هذه الحرب فی خطابه من أجل

إقرأ أيضاً:

سكان يرشقون دورية للأمم المتحدة بالحجارة في جنوب لبنان

بيروت- أعلنت قوة الأمم المتحدة الموقتة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) الثلاثاء 10 يونيو 2025، تعرض إحدى دورياتها للرشق بالحجارة من قبل سكان قرية في جنوب لبنان، مشيرة إلى أن "استمرار استهداف" قواتها "غير مقبول".

 وقوة اليونيفيل، هي أحد الأعضاء الخمسة في لجنة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل اليه في 27 تشرين الثاني/نوفمبر برعاية أميركية فرنسية، وأنهى مواجهة بين حزب الله وإسرائيل، أعقبت نحو عام من تبادل القصف بين الطرفين.

وشهدت الأسابيع الأخيرة تزايدا في وتيرة الحوادث المماثلة بين السكان ودوريات الأمم المتحدة في مناطق يتواجد فيها مناصرون لحزب الله.

وقالت القوة الدولية في بيان ان "مجموعة من الأفراد بملابس مدنية في محيط (قرية) الحلّوسية التحتا، جنوب لبنان"، عرقلت دورية تابعه لها "باستخدام وسائل عدوانية، بما في ذلك رشق جنود حفظ السلام بالحجارة".

وأضافت "لحسن الحظ، لم تُسجّل أي إصابات".

وأشار البيان إلى أن الجيش اللبناني بُلغ على الفور، ووصل إلى موقع الحادث، وواصلت الدورية عملها بعد أن "تمت السيطرة على الوضع بسرعة".

وكانت اليونيفيل أعلنت في أيار/مايو أن الجيش اللبناني، أعاد بدعم من قواتها، انتشاره في أكثر من 120 موقعا دائما جنوب نهر الليطاني. وقالت إن جنودها عثروا على "أكثر من 225 مخبأً للأسلحة وأحالوها إلى الجيش اللبناني".

وجددت قوة الأمم المتحدة المؤقتة الثلاثاء على ضرورة ضمان "حريّة الحركة" لقوات اليونفيل وعملها "باستقلالية وحيادية".

وشددت أنه "من غير المقبول استمرار استهداف جنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل" داعية السلطات اللبنانية إلى "اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان أداء قوات حفظ السلام التابعة لها".

وفي كانون الأول/ديسمبر 2022، قُتل جندي إيرلندي من قوات حفظ السلام في هجوم استهدف آليته في الجنوب، وأوقف حزب الله المشتبه به وسلمه للسلطات حيث بقي موقوفاً لنحو عام.

وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، يفترض أن ينسحب حزب الله، الذي أُنهك في الحرب مع إسرائيل، من جنوب نهر الليطاني، وأن يفكك كل البنى التحتية العسكرية المتبقية في المنطقة.

ويقضي الاتفاق بأن تنتشر فيها فقط قوات حفظ السلام والجيش اللبناني.

ورغم الاتفاق، لا تزال القوات الإسرائيلية تحتل خمس نقاط حدودية، وتواصل تنفيذ ضربات تقول إنها تستهدف مواقع أو عناصر تابعة لحزب الله.

تنتشر قوة اليونيفيل منذ العام 1978 في الجنوب للفصل بين لبنان وإسرائيل. وتضم أكثر من عشرة آلاف جندي من نحو خمسين دولة.

مقالات مشابهة

  • رسميا.. الجيش السوداني يتهم حفتر بالهجوم على نقاطه الحدودية
  • خطاب كامل إدريس وخيبة جديدة في مشهد مضطرب
  • سكان يرشقون دورية للأمم المتحدة بالحجارة في جنوب لبنان
  • احتجاجات حميدتي بصوت خالد عمر!
  • العقوبات الأمريكية .. (سيف مسلط) على رقاب الشعب السوداني
  • كلية طب الأسنان في جامعة دمشق تحصل على الاعتماد الأوروبي ضمن ‏برنامج ‏Leader‏ الذي تقدمه الجمعية الأوروبية لطب الأسنان ‏
  • طرح أفكار جديدة لتعديل المقترح الأمريكي بشأن إنهاء الحرب في غزة
  • شاهد بالفيديو.. شيبة ضرار: (أنا رتبتي فريق مدينة لكن المرحوم حميدتي فريق خلا)
  • الرئيس البرازيلي يقترح مبادرة جديدة لإنهاء حرب أوكرانيا
  • نائب ترامب: نحاول إيقاف الصراع بغزة وهذه ليست إبادة