تجدد الاشتباكات والقصف والمواجهات بين الجيش والدعم السريع في مدن العاصمة السودانية الخرطوم، بات مشهداً يومياً متكرراً مع دخول الحرب شهرها السادس، فيما يستمر الطرفان بتبادل للاتهامات.

الخرطوم: التغيير

قصف الجيش السوداني، اليوم الثلاثاء، مواقع وارتكازات تابعة لمليشيا الدعم السريع في عدة مناطق بالعاصمة الخرطوم، خاصة جنوب الخرطوم وأم درمان القديمة وشمال بحري، بوقت وجهت فيه الدعم السريع اتهاماً للجيش باستهداف مباني السفارة الإثيوبية.

ويتقاتل الطرفان منذ 15 ابريل الماضي، بمدن الخرطوم وولايات أخرى في جنوب وغرب وشمال دارفور، وبعض مناطق كردفان، ما خلف آلاف القتلى والجرحى وملايين النازحين واللاجئين.

وكثف الجيش من عمليات قصف مواقع الدعم السريع بواسطة سلاح الجو والمسيرات، فيما يرد الأخير عبر القصف المدفعي والمضادات الأرضية.

تدمير ممنهج

وقالت مليشيا الدعم السريع في بيان، إن طيران ما وصفها بـ”مليشيا البرهان” قصفت صباح اليوم الثلاثاء، مباني السفارة الإثيوبية مما تسبب في دمار هائل بالمبنى الذي يقع في منطقة العمارات بالخرطوم.

وعبر البيان عن إدانته وأسفه لهذه “التصرفات البربرية” التي ظلت تنتهجها مليشيا البرهان باستهدافها للمنشآت الحيوية في البلاد بما في ذلك مقار البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية.

واعتبر أن عمليات التدمير الممنهج ليست “سوى امتداد لأعمال الإرهاب التي استهدفت سفارات ومنشآت عامة نفذتها ذات المليشيات المتطرفة في الثلاثة عقود التي حكمت فيها البلاد وبسببها أُدرج السودان في قائمة الإرهاب”.

وقالت المليشيا إن اقتلاع النظام البائد من جذوره هو الطريق الوحيد الذي يحقق الأمن والاستقرار في السودان والمنطقة برمتها ويفتح المجال لبناء الدولة السودانية على أسس جديدة عادلة، واستعادة الحكم الديمقراطي ورفع الظلم عن الشعوب السودانية وبناء الجيش الوطني الواحد.

اتهام مضاد

وكان الجيش أعلن، أمس الاثنين، عن محاولات فاشلة من الدعم السريع للهجوم على عدد من المواقع، وأكد صد هجوم على الفرقة 16 نيالا بجنوب دارفور ومنطقة ود عشانا في شمال كردفان، وتكبيد المليشيا خسائر كبيرة.

وأكد بيان الجيش سيطرة قواته على جميع مواقعها في البلاد، وقال إن تشكيلات منطقة العاصمة المركزية تقوم بواجباتها كاملة.

واتهم الناطق باسم الجيش، مليشيا الدعم السريع بممارسة القصف العشوائي داخل وخارج العاصمة ما أدى لسقوط عدد من المواطنين الأبرياء شهداء.

كما حذر المواطنين من أن عناصر المليشيا باتوا يلجأون إلى ارتداء أزياء خاصة بالقوات النظامية بغرض ارتكاب مزيد من الانتهاكات بحق المدنيين ومحاولة إلصاق ذلك بها، ودعا للانتباه إلى ذلك.

ومنذ بدء القتال يتبادل الطرفان الاتهامات بارتكاب جرائم وتجاوزات لحقوق الإنسان في حق المدنيين العزل، بجانب إدعاءات السيطرة الميدانية وتحقيق الانتصارات.

ولا يتسنى التأكد من صحة المعلومات الواردة في بيانات الجانبين من مصادر مستقلة لسوء الأوضاع الأمنية في مناطق القتال، وعدم توفر إمكانية الوقوف ميدانياً على حقيقة الأمر.

الوسومالجيش الخرطوم الدعم السريع السفارة الإثيوبية السودان الفرقة 16 نيالا حرب 15 ابريل كردفان ود عشانا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الخرطوم الدعم السريع السفارة الإثيوبية السودان الفرقة 16 نيالا حرب 15 ابريل كردفان ود عشانا الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

السودان على مفترق طرق: حرب استنزاف أم مفاوضات جادة؟

واستعرض برنامج "سيناريوهات" التطورات الميدانية الأخيرة التي شهدت إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة بابنوسة الإستراتيجية وحقل هجليج النفطي، أهم وأكبر حقل نفطي في السودان.

بدوره، أعلن الجيش عن "انسحاب تكتيكي" بهدف حماية المنشآت النفطية الحيوية، في تطور يدخل الحرب مسارا تصعيديا ينذر بمرحلة أصعب.

وطرح البرنامج على ضيوفه تساؤلات جوهرية حول مستقبل السودان، ورأوا أن مستقبل السودان تحدده 3 سيناريوهات رئيسية:

استمرار حرب الاستنزاف لفترة طويلة على عدة جبهات رغم التكلفة البشرية والاقتصادية الباهظة. ترسيخ مناطق نفوذ يسيطر فيها كل طرف على مساحات شاسعة، مما يزيد احتمال تفكك البلاد. الضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة وتفاقم الكارثة الإنسانية قد تجبر الأطراف على العودة إلى مفاوضات جادة والقبول بهدنة إنسانية على الأقل.

وقد أسفرت الحرب حتى الآن عن مقتل نحو 150 ألف شخص، وفق تقارير الأمم المتحدة، بينما تجاوز عدد النازحين في الداخل والخارج 12 مليون سوداني.

وتفشت المجاعة في مناطق واسعة، خاصة في إقليم دارفور، مع وضع إنساني متدهور إلى مستويات غير مسبوقة.

وأشار الخبير الإستراتيجي والسياسي الدكتور أسامة عيدروس إلى أن الحدث الأكبر في التطورات الجارية هو سقوط مدينة الفاشر وما تلاها من مجازر وتصفيات عرقية.

ورأى عيدروس أن جغرافيا الحرب تظل كما هي دون تغيير كبير، مشيرا إلى أن الجيش يحتفظ بقوته النوعية من 25 فرقة، فقد منها 6 فرق كانت محاصرة، لكنه استطاع سحب قواته منها وإعادتها إلى الشمال.

السيطرة الجغرافية

وعلى صعيد توزيع السيطرة الجغرافية، أوضح رئيس تحرير صحيفة الوسط الدكتور فتحي أبو عمار من ميلانو أن 90% من كردفان -باستثناء عاصمة الإقليم الأبيض والدلنج وكادقلي- تحت سيطرة الدعم السريع، إضافة إلى الصحراء غرب دنقلا والدبة والمثلث والعوينات.

ومن جهة أخرى، شدد المتحدث باسم التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة -المعروف باسم صمود- الدكتور بكري الجاك من كمبالا على عدم وجود صيغة معروفة للحسم العسكري.

وأكد رفض التحالف للحرب مبدئيا وأنه لا يرى فيها وسيلة لتحقيق أي حلول في البلاد، محذرا من أن انخراط القوى المدنية والسياسية في الحرب يجعل تقسيم البلاد أمرا يسيرا وسهلا.

وفي إطار البحث عن الحلول الممكنة، استعرض البرنامج المبادرات الرئيسية لإنهاء الحرب، بدءا من مبادرة جدة التي انطلقت في مايو/أيار 2023 برعاية سعودية وأميركية وأدت إلى توقيع إعلان جدة الإنساني الذي نص على حماية المدنيين والمرافق، لكن الطرفين لم يلتزما به.

ثم تلتها مبادرة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) التي بدأت في يوليو/تموز 2023 بدعم الاتحاد الأفريقي، لكنها واجهت تحديات بسبب رفض الحكومة السودانية رئاسة كينيا للجنة الرباعية متهمة الرئيس الكيني وليام روتو بالانحياز لقوات الدعم السريع.

ثم جاءت المبادرة الرباعية -التي تضم الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات- كآخر المحاولات لإنهاء الصراع

ودعا بيان المجموعة الصادر في 12 سبتمبر/أيلول الماضي إلى هدنة إنسانية مدتها 3 أشهر لتوفير المساعدات العاجلة، يليها وقف دائم لإطلاق النار ثم عملية انتقال سلمي للسلطة تمتد لـ9 أشهر تفضي إلى حكومة مدنية مستقلة.

شروط المبادرة

ولإنجاح هذه المبادرة، شدد مستشار المبعوث الأميركي السابق إلى السودان الدكتور كاميرون هدسون على ضرورة قبولها من الطرفين بدون شروط لوقف إطلاق النار، وهو الأمر الذي أكد صعوبة تحقيقه.

واتهم هدسون دولا إقليمية بالضلوع في تأجيج الأزمة في السودان، مما يحول دون نجاح المبادرة الرباعية، موضحا أن الدعم الذي تتلقاه قوات الدعم السريع من دول إقليمية لا يمكن مقارنته بالدعم المحدود الذي يتلقاه الجيش السوداني من مصر أو السعودية أو قطر أو تركيا.

ويرى الجاك أن السيناريو المرجح ليس تقسيما إداريا منتظما كما حصل في ليبيا، بل تحول البلاد إلى كانتونات عسكرية تحكم بواسطة أمراء حرب يتقاسمون السلع ويسيطرون على بعض الموارد الاقتصادية، محذرا من استخدام عملات مختلفة وتوقف الخدمة المدنية والتعليم في مناطق واسعة.

وخلص عيدروس إلى أن السودان يقف على مفترق طرق خطير، حيث يتطلب إنهاء الحرب تضافر الجهود الدولية والإقليمية مع نهوض السودانيين أنفسهم لمقاومة العدوان ووقف النزيف، مع ضرورة ظهور طبقة سياسية جديدة ونخبة مستنيرة قادرة على تجاوز الصراع الصفري على السلطة وبناء مستقبل مستقر للبلاد.

Published On 12/12/202512/12/2025|آخر تحديث: 01:58 (توقيت مكة)آخر تحديث: 01:58 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • جيش جنوب السودان يحمي حقل هجليج واشتباكات في كردفان
  • جنوب السودان يتولى أمن حقل هجليج النفطي بعد سيطرة الدعم السريع
  • السودان على مفترق طرق: حرب استنزاف أم مفاوضات جادة؟
  • جوتيريش: سنلتقي ممثلين عن الجيش السوداني والدعم السريع في جنيف
  • جنوب السودان يسيطر على حقل هجليج النفطي وسط تحشيدات عسكرية في كردفان
  • انتهاكات بلا سقف.. حصار وقتل واغتصاب.. «الدعم السريع» يوسع دائرة الدم في كردفان
  • الكشف عن تحركات خطيرة من الإمارات لفتح جبهات قتال جديدة على السودان مع إثيوبيا
  • الجيش والمليشيات: لكن الدعم السريع وحش آخر
  • جنوب السودان تلتزم الحياد وتعتزم تأمين هجليج النفطية بغرب كردفان
  • إثيوبيا تنفي وجود معسكرات للدعم السريع على أراضيها