القاهرة- عمر حسن: يُنهي النفط الربع الثالث من العام الجاري مرتفعا بنحو 30 بالمئة نتيجة نقص الإمدادات، إذ تسببت تخفيضات الإنتاج الطوعية لتحالف أوبك+ في الضغط على إمدادات النفط الخام العالمية.

وخلال الأسبوع الماضي ارتفع خام برنت بنحو 2.2 بالمئة، فيما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 0.84 بالمئة، مع اقتراب العقود الآجلة للنفط من 100 دولار للبرميل.

تترقب الأسواق مستقبل أسعار النفط مع نهاية 2023 وبداية 2024، وسط تنبؤات ببلوغ سعر البرميل 100 دولار، وتداعيات ذلك على الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل بدء التعافي في الصين.

أوبك.. متفائلة

منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أعربت عن تفاؤلها بخصوص الطلب، وذلك على لسان أمينها العام هيثم الغيص، خلال معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول "أديبك 2023".

وفي الوقت نفسه أشار أمين "أوبك" إلى التهديد الذي يشكله نقص الاستثمار لأمن الطاقة، مؤكدًا على أهمية مواصلة الاستثمار في قطاع النفط والغاز.

وقال "لا نزال نتوقع أن يكون الطلب على النفط قويا بشكل كبير هذا العام كما كان في العام الماضي"، مشيرا إلى أن توقعات المنظمة تشير إلى نمو الطلب على أساس سنوي بأكثر من 2.3 مليون برميل يوميا.

 

100 دولار

لا يستبعد الرئيس التنفيذي، لـ "توتال إنرجيز" باتريك بويانيه، أن تتجاوز أسعار النفط حاجز الـ 100 دولار للبرميل.

"باتريك" قال في تصريحات على هامش "أديبك 2023"، إن هناك طلبا قويا على النفط خلال عام 2023، والسوق تشعر بتداعيات نقص الاستثمارات.

وفي الوقت نفسه حذر رئيس "توتال" من من ضرورة عدم ارتفاع الأسعار بشكل كبير لدرجة تجعل العملاء يشتكون.

وأشارت في تصريحاته إلى أن "أرامكو" السعودية بدأت بالفعل بيع النفط بسعر 100 دولار للبرميل، رغم أن سعر خامي برنت والأميركي الخفيف مازال أقل بـ 5 دولارات، أما الخام السعودي الخفيف فعند 100 دولار للبرميل.

 

الهند تحذر

حذرت الهند من تجاوز سعر النفط حاجز الـ 100 دولار، وذلك على لسان وزير البترول والغاز الطبيعي هارديب سينغ بوري، بقوله: إن هذا السعر لن يكون في مصلحة أحد، وستكون هناك فوضى كبيرة.

وأضاف الوزير الهندي: "أملي هو ألا يتجاوز السعر 100 دولار.. لا ينبغي أن تقلقوا بشأن التأثير على الهند، الهند ستتدبر أمرها، الهند اقتصاد كبير، ولديها الكثير من الإنتاج المحلي، سنجري خفضا، سنفعل شيئا... أشعر بالقلق حيال ما يحدث لأجزاء أخرى من العالم النامي".

 

العرض والطلب

يرى جوزيف مكمونيجل الأمين العام لـ"المنتدى الدولي للطاقة" أن سوق النفط العينية تشهد حالة عجز واضح في المعروض، فالطلب ارتفع إلى 103% في حين يشكل المعروض 96% مقارنةً بمستويات ما قبل الجائحة، مشيراً إلى توقعات بارتفاع أسعار النفط.

وتوقع في مقابلة مع "الشرق" على هامش معرض "أديبك 2023" في أبوظبي، أن تعاود الأسعار الارتفاع بعد تراجعات أمس في ظل انخفاض المخزونات. قال إنه من الصعب تحديد سعر يؤدي إلى تدمير الطلب، ولكن من المهم مراقبة الوضع لنرى عند أي سعر قد يتأثر الطلب.

 

تراجع المخزون

وفي الوقت نفسه أدى تراجع الإمدادات إلى السحب من المخزونات في المركز الرئيسي للولايات المتحدة في كوشينغ، أوكلاهوما، حيث يجري تعويض نقص الإمدادات جزئياً من خلال زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة.

 وسيركز المتداولون على البيانات التي سيعلنها معهد البترول الأمريكي الممول من القطاع بهدف معرفة تقديرات المخزونات الأميركية خلال الأسبوع الماضي، قبل صدور البيانات الرسمية يوم الأربعاء.

 

تداعيات الارتفاع

ستعاني الدول النامية من آثار ارتفاع سعر برميل النفط بحسب التوقعات، ما يعني إحياء ضغوط الأسعار وتبديد الآمال في انخفاض أسعار الفائدة.

على سبيل المثال، اعتمدت مصر سعر برميل النفط عند 80 دولارا في موازنة السنة المالية الحالية 2023-2024، بتراجع 15% عن سعر البرميل في الميزانية السابقة.

وهذا يعني أن الدولة أمام أمرين أولهما أن تتحمل تلك الزيادة في شكل عبء إضافي على تكلفة دعم المنتجات البترولية، أو أن تلجأ لزيادة أسعار هذه المنتجات بما يوازي 10% كحد أقصى من الأسعار الحالية طبقا لقرار مجلس الوزراء.

لكن مسؤول حكومي رفيع كان قد صرح لموقع "اقتصاد الشرق" مع بداية الشهر الجاري، بأن الحكومة المصرية تحوطت على ما يصل إلى 35% من احتياجاتها البترولية للسنة المالية الحالية 2023-2024، ضد مخاطر ارتفاع أسعار النفط العالمية.

يأتي ذلك في الوقت الذي تعاني فيه مصر من ضغوط تضخمية وارتفاع في الأسعار، وسط توقعات بتعويم مرتقب للجنيه مع بداية 2024.

 

 

 

للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا

المصدر: معلومات مباشر

إقرأ أيضاً:

حرب إيران وإسرائيل: انقلاب موازين أسواق النفط والاقتصاد العالمي

في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط واحدة من أكثر فتراته اضطرابا خلال السنوات الأخيرة، اندلع نزاع عسكري مباشر بين إيران وإسرائيل خلّف آثارا فورية على الأسواق العالمية، خاصة سوق الطاقة. فالهجمات المتبادلة التي وقعت خلال الساعات الماضية حرّكت الأسعار والأسواق بطريقة تُذكّر بالأزمات النفطية الكبرى في العقود الماضية.

وكما كان متوقعا، اشتعلت الأسواق العالمية نتيجة القلق المتزايد من تعطل إمدادات الطاقة، وخصوصا تلك التي تمر عبر مضيق هرمز الحيوي.

فقد ارتفع سعر خام برنت بنسبة 5.9 في المئة ليصل إلى 74.2 دولارا للبرميل، مع توقعات بصعود الأسعار إلى ما بين 90 و120 دولارا للبرميل إذا استمرت الحرب أو شملت منشآت نفطية داخل إيران، أو في حال إغلاق مضيق هرمز، الذي تمر عبره نحو 20 في المئة من إمدادات النفط العالمي المنقول بحرا.

من المتوقع أن يتعرض سوق النفط لهزة هي الأعنف منذ غزو العراق للكويت عام 1990. وفي المقابل، إذا ما تم احتواء الأزمة دبلوماسيا خلال أسابيع، فإن الأسعار قد تهدأ تدريجيا، لكن من غير المتوقع أن تعود إلى مستويات ما قبل حزيران/ يونيو.

كما امتدت تأثيرات الحرب إلى الأسواق المالية والاقتصادات العالمية، إذ سجلت مؤشرات الأسهم العالمية تراجعا. فعلى سبيل المثال، انخفض مؤشر داو جونز بنسبة 1.8 في المئة، وقفز سعر الذهب بنسبة 1.7 في المئة ليصل إلى مستويات تفوق 3,400 دولار للأونصة، مدفوعا بمخاوف المستثمرين من فقدان الاستقرار المالي. وارتفعت أسعار البنزين في عدة دول، أبرزها أستراليا التي شهدت زيادة قدرها 12 سنتا للتر الواحد، وهو ما يُتوقع تكراره في أوروبا والولايات المتحدة.

ومن المتوقع أن يتسبب استمرار الأزمة في رفع معدلات التضخم الأمريكية إلى 5 في المئة أو أكثر، وهو ما قد يدفع البنوك المركزية إلى إعادة النظر في سياساتها.

وأيضا، بلا شك سترتفع تكاليف الشحن نتيجة تحوّل طرق الملاحة وزيادة أقساط التأمين، مما سيؤثر على أسعار السلع الاستهلاكية. كما أن المخاطر الجيوسياسية العالمية ستشكّل ضغطا إضافيا على الاستثمار والنمو الاقتصادي العالمي.

أين ليبيا من كل ذلك؟

في هذا المشهد الاقتصادي المعقد، تبرز ليبيا ذات الاقتصاد المنكشف على الخارج كلاعب يمكن أن يملأ جزئيا الفجوة التي قد تتركها صادرات إيران. بقدرة إنتاج تتجاوز 1.2 مليون برميل يوميا، بإمكان ليبيا بلا شك أن تقدم جزءا من الحل، ما سيكون له أثر إيجابي على الاقتصاد الليبي.

النفط الليبي قد يحقق مكاسب مباشرة من ارتفاع الأسعار، مما يعني دخولا إضافية قد تتجاوز 10–15 في المئة مقارنة ببداية العام. وإذا ما استغلت ليبيا هذه الفرصة بتحسين كفاءة التصدير، وتثبيت الاستقرار، ودعم قطاع النفط، وتعزيز الشراكات الاستثمارية الليبية-الأجنبية في القطاع، وتجاوزت القيود البيروقراطية، فقد تكون الأزمة مصدرا نادرا للتحفيز الاقتصادي وفرصة لاستدعاء رؤوس الأموال الأجنبية، وداعما نسبيا لقوة الدينار الليبي الذي تهاوى خلال الأشهر الأخيرة.

ختاما

الصراع الإيراني-الإسرائيلي لا يدور فقط في سماء طهران وتل أبيب، بل تمتد تداعياته إلى جيوب المستهلكين، وخزائن الدول، ومؤشرات الأسواق في طوكيو ونيويورك وطرابلس.

وفي حين أن الحرب تجلب معها الخوف والدمار، فإنها تفتح أحيانا نوافذ نادرة لبعض الدول للاستفادة الاقتصادية، إذا ما أحسنت إدارة الموقف. ويبقى النفط، كما كان دائما، ليس مجرد سلعة، بل سلاحا سياسيا ومحرّكا خفيا لعالم لا يعرف الاستقرار.

مقالات مشابهة

  • حرب إيران وإسرائيل: انقلاب موازين أسواق النفط والاقتصاد العالمي
  • بعد إغلاقها مضيق هرمز.. إيران تُربك أسواق الطاقة وتركيا في دائرة الخطر
  • أمين عام أوبك: لا تطورات في آليات العرض أو السوق
  • أسعار الذهب وسط توترات إقليمية وتصاعد الطلب على الملاذات الآمنة
  • إسرائيل تشن هجومًا واسعًا على إيران: ما انعكاساته على الأسواق المالية؟
  • أمين عام “أوبك”: لا مبرر لتغيير إمدادات النفط رغم التوترات بين إسرائيل وإيران
  • أوبك: لا تأثير مباشر للضربات الإسرائيلية ضد إيران على إمدادات النفط
  • تراجع أسعار الدجاج والخضروات في تركيا.. تعرف على أسباب انخفاض الأسعار
  • هجوم إسرائيل على إيران يشعل الأسواق.. قفزات حادة في أسعار النفط والذهب
  • أسعار النفط تقفز إلى أعلى مستوى منذ شهور بعد الضربة الإسرائيلية لإيران