الخيال أهم كثيراً من العلم والمعرفة ولولا خيال المخترعين ما كنا عرفنا الطيارة ولا الكهرباء ولا الموبايل ولا أى حاجة أبدا من الاختراعات المدهشة المبهرة التى نستخدمها الآن بشكل روتينى دون أن نفكر كيف توصل العباقرة المخترعون إليها، وكم كان خيالهم خصباً حتى رأوا اختراعاتهم قبل أن تكون واقعاً ملموساً وفى متناول الجميع، وليت هناك جامعات أو مدارس تعلم الشباب والأطفال قبلهم هذا الخيال ولكن لا يمكن أن تجده فى الكتب الدراسية والمناهج والامتحانات وللأسف فإن الجامعات تخرج سنويا ملايين الشباب فى كل مكان فى العالم يحملون شهادات جامعية تسمى مؤهلات عالية وشهادات عالية وهى طبعا لا عالية ولا حاجة ولا هى شهادة أصلاً دى حتة ورقة ولذلك هناك حاجة ملحة لإعادة النظر فى أمور التعليم فى العالم كله وفى مصر لدينا كليات مزدحمة ومدرجات لا تكفى وطلاب محشورون حشرا فى هذه المدرجات ثم امتحانات وشهادات وهلم جرا.
ولا بد من مناهج جديدة ورؤية مختلفة تشجع الشباب على الإبداع والابتكار وتنمى الخيال لدى براعم مصر من الأطفال بداية من الروضة أو كى جى وان مثلما يسمون مرحلة ما قبل المدرسة، ولابد من استمرار العمل على كشف هؤلاء الأطفال والشباب الذين وهبهم الوهاب موهبة التخيل لأن كل الإبداع يبدأ بالخيال وإذا انعدم هذا الخيال توقفت البشرية عن التطور وأى إضافة إلى حياة البشر أساسها الخيال الذى هو أساس الابتكار فكل شىء يبدأ بحلم وخيال فعندما حلم الإنسان بأنه يطير مثل الطيور وهداه خياله إلى تقليد الطيور اخترع الطائرة وعندما حلم وتخيل أنه يمكن التحدث مع غيره فى بلاد بعيده اخترع التليفون ثم الموبايل والإنترنت والستالايت، وأصبح العالم قرية صغيرة أو تقدر تقول أوضة وصالة، حيث أن تتكلم وترى أى شخص فى أى مكان فى العالم فى ثانية ويمكن أن تتطور الأمور وتلمس هذا الشخص قريباً جداً وهناك كل ثانيةً اختراع ويمكن أن تنتقل بكل حواسك إلى أبعد مكان فى العالم وترى وتشم وتتفاعل وتلمس وتعيش لحظات تطول أو تقصر كما تحب أو تشاء.
خلاصة القول إن هناك اهتماماً كبيراً جداً فى كل العالم حالياً بنوعية جديدة من التعليم والتدريب والتأهيل قائمة على المهارات وتنمية الإبداع والابتكار والخيال وانتهى تماماً زمن الحفظ والتلقين والتسميع عند الامتحان ومنح الدرجات العلمية على أساس هذا الحفظ، وساهم التحول الرقمى فى تسريع عملية تطوير التعليم والتدريب والتأهيل وتغيير المناهج الدراسية فى العالم كله واتجه الناس أكثر إلى تعلم مهارات الإبداع والابتكار ومتطلبات الحياة الجديدة الرقمية واختفت بالفعل وظائف كثيرة جدا، وخلق التحول الرقمى ملايين الوظائف الجديدة التى تتطلب نوعية جديدة من التعليم والتدريب والتأهيل ليس فيها أبدا امتحانات تقيس مستوى الحفظ وابتعدت المناهج الدراسية عن التلقين وأفسحت المجال للخيال والإبداع والابتكار والتميز وعندنا هنا وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بقيادة الوزير الدكتور عمرو طلعت تبذل جهوداً كبيرة فى إعداد الطلاب منذ المرحلة الابتدائية وآخر هذه البرامج ما أطلقت عليه الوزارة اسم براعم مصر الرقمية الأطفال من سن تسع سنوات فى كل مدارس مصر يمكنهم الانضمام ليكونوا جاهزين لمجتمع رقمى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الخيال الموبايل الشباب والأطفال براعم مصر الروضة البشرية الإبداع والابتکار فى العالم
إقرأ أيضاً:
زمن الخوف الفني.. كيف أصبحت صناعة الإبداع رهينة الرقابة الذاتية وصوت الجمهور الغاضب؟
شهدت الساحة الفنية في السنوات الأخيرة تحوّلًا عميقًا في طريقة تفكير الفنانين وصنّاع الدراما.
و لم يعد الخوف نابعًا من الرقابة الرسمية أو لوائح المؤسسات، كما كان الوضع في الماضي، بل أصبح الخوف ينبع من مصدر جديد أشد تأثيرًا وأسرع بطشًا: الجمهور. أو بالأحرى، الرأي الجمعي الذي تصنعه السوشيال ميديا في لحظات، وتحوّله إلى محكمة طارئة يمكنها إدانة أو تبرئة أي شخص بضغطة زر.
هذا المناخ الجديد خلق طبقة كثيفة من الرقابة الذاتية، رقابة تجبر الفنان على وزن كل كلمة، والمخرج على حساب كل لقطة، والكاتب على تجنب كل فكرة قد تُغضب فئة ما. وهكذا تحوّل الإبداع إلى حقل ألغام، يتحرك فيه الجميع ببطء وحذر، حتى لا تنفجر تحت أقدامهم موجة غضب رقمية تعصف بما تبقى من سمعتهم.
في قلب هذه الأزمة يقف الممثل، الذي لم يعد يتحدث بعفويته المعهودة أصبحت التصريحات مدروسة مثل النصوص، والجمل محسوبة كما لو كانت جزءًا من عمل تمثيلي كلمة واحدة قد تُجتزأ، تعليق بسيط قد يتحول إلى أزمة، ونبرة صوت مختلفة قد تُحمَّل بما لا تحتمل. هذه الحساسية المفرطة دفعت الكثير من الفنانين إلى الصمت، ليس احترامًا للصمت، بل خوفًا من العاصفة. فالممثل الذي كان يومًا ما يتحدث بثقة عن رأيه، أصبح الآن يفضّل الغموض، لأن الوضوح قد يُفهم ضدّه.
أما المخرج، فقد تحوّل من قائد للعمل الفني إلى مدير أزمة قبل حتى أن يبدأ التصوير. المشاهد الجريئة ليست بالضرورة تلك التي تتناول التابوهات، بل حتى أكثر المشاهد اليومية أصبحت تمثل مخاطرة. فكرة جديدة قد تُعتبر إزعاجًا لمجموعة معينة، ومعالجة مختلفة قد تُتهم بأنها إساءة، وتقديم شخصية خارج القوالب التقليدية قد يفتح بابًا لنقاشات لا نهاية لها. هذه الحسابات دفعت البعض إلى إنتاج أعمال آمنة، أعمال يسهل مرورها دون اعتراضات، لكنها تمر أيضًا دون بصمة فنية حقيقية.
وبين هذا وذاك، يعيش النقد الفني مرحلة غير مسبوقة من الضعف. لم يعد الناقد قادرًا على ممارسة دوره الأصلي: التقييم الموضوعي. فهناك من يخشى غضب الجماهير، وهناك من يحاول الحفاظ على علاقته بالفنان، وهناك من اختار الصمت لأن الصراحة لم تعد مستحبة. وبهذا اختفى الصوت الذي كان يوجّه الصناعة من الداخل، ويكشف نقاط القوة والضعف، ويصنع توازنًا بين المبدع والجمهور. ومع غياب النقد، أصبحت الساحة مفتوحة للتجارب المتشابهة والأفكار المكررة، لأن أحدًا لم يعد لديه الجرأة ليقول: هذا لا يصلح.
السوشيال ميديا لعبت الدور الأكبر في هذا المشهد. هي ليست مجرد منصة للتعبير، بل ساحة قتال. الحكم فيها يصدر بسرعة، وأحكام الإعدام الفنية قد تأتي من حسابات مجهولة أو حملات جماعية لا تعرف سياقًا ولا تاريخًا. كل خطأ حتى لو كان شخصيًا أو عفويًا قد يتحول إلى قضية رأي عام، وكل رأي قد يُحمّل ما لا يحتمل. أصبح الخوف من الهجوم جزءًا أساسيًا من حسابات الفنان قبل أي خطوة.
لكن خطورة الخوف ليست على الفنان فقط، بل على الجمهور نفسه. الجمهور يخسر الإبداع الحقيقي، يخسر التجارب الجريئة، يخسر الأصوات التي كانت تملك القدرة على فتح ملفات غير تقليدية. الفن الذي يُنتَج تحت وطأة الخوف يكون بلا روح، بلا مخاطرة، بلا عمق. يصبح مجرد تكرار آمن، يُرضي الجميع لكنه لا يحرّك أحدًا.
الصناعة تحتاج اليوم إلى شجاعة. تحتاج إلى فنان يستعيد صوته، ومخرج لا يخشى التجربة، وناقد يعود إلى موقعه الحقيقي، وجمهور يفهم أن الاختلاف جزء من الإبداع وليس تهديدًا له. الفن الحقيقي يقوم على الحرية، والحرية لا تزدهر في بيئة تخاف من الكلام.
في النهاية، السؤال الحقيقي ليس: لماذا الفنانون يخافون؟ بل: كيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟ وكيف نستعيد مساحة الإبداع التي فقدناها؟ الإجابة تبدأ حين يدرك الجميع فنانين وجمهورًا وصنّاع قرار أن الخوف يُنتج فنًا ضعيفًا، وأن المواجهة وحدها هي التي تعيد للفن مكانته، وللمبدع شجاعته، وللجمهور ثقته في أن الفن ليس نسخة واحدة تُصنع لإرضاء الجميع، بل مساحة رحبة تتحمل التعدد والاختلاف والجرأة.