سخر إيلون ماسك، صاحب منصة إكس (تويتر سابقاً) من الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي الذي لا يكف عن طلب المساعدات المالية والعسكرية لبلاده. كتب ماسك في أعلى صورة قديمة لزيلينسكي "عندما تمر خمس دقائق من غير أن تطلب مساعدات بمليار دولار".
ليس ماسك كسواه. مكانته تسمح له بأن يقول ما يراه صحيحاً. لكن سخريته من الولد المدلل من قبل الغرب والعزيز حتى الآن، يمكن أن تكون ذات طابع شخصي.
روسيا ليست أفغانستان، وليست العراق. تُدرك الولايات المتحدة أن حرباً مباشرة تُشن على روسيا معناها حرب عالمية ثالثة. عالم اليوم ليس مستعداً لتحمل تكاليف حرب تتنعم بخرابها مجموعة من الحمقى. لقد بُني عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية على أساس أن حرباً شاملة أخرى لن تقوم، وسيمنع ذلك العالم وقوعها بكل ما يملك من وسائل قانونية، كانت أساساً لمعاهدات سلام دولية.
غير مرة وصل العالم إلى هاوية حرب شاملة جديدة، غير أنه كان يتراجع لا بسبب حكمة زعمائه، بل بسبب خوفهم من العاقبة. فليس الانتصار في تلك الحرب محسوماً كما توهم هتلر في زمنه كما أن أسلحة الدمار الشامل صارت أشبه بالألعاب النارية متاحة للجميع. وهو ما سمح لإدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الإبن بتمرير كذبته عن أسلحة الدمار الشامل التي لم يكن العراق يملكها.
الخوف من روسيا القوية مؤكد. غير أنه كان دائماً خوفاً مفتعلاً ومختلقاً. فروسيا التي خرجت ضعيفة ومستهلكة من تجربة الاتحاد السوفييتي السابق، لم تكن تسعى إلا لاستعادة قوتها، وليس في ذهن سياسييها أن يستعيدوا أيام الحرب الباردة. غير أن جارتها أوكرانيا كانت سيئة الحظ حين وضعت زيلينسكي على مقعد رئاستها. لقد حول الممثل الكوميدي السابق بلاده إلى ماكنة عسكرية أمريكية، كان هدفها الرئيس إزعاج جارتها الكبرى، واستفزازها واستهلاك قوتها.
في المقابل فقد كان على الشعب الأوكراني أن يدفع ثمن حماقة، ستكون بمثابة الفرصة التي ينجو الغرب من خلالها من التفكير بحرب شاملة جديدة، في محاولة منه للتخلص من عدو قديم بطريقة غير تقليدية. لهذا يمكن القول إن زيلينسكي لم يورط الغرب بحربه ضد روسيا بقدر ما دفعه تفكيره في النجومية إلى التضحية ببلاده وشعبه. ولا يُنكر أن الرجل صار نجماً عالمياً فُتحت أمامه الأبواب التي ما كانت تُفتح أمام رئيس أوكراني مسالم يشعر بالمسؤولية عن أمان شعبه وسلامته. وفي ذلك ما يشبع غروره ممثلاً.
غير أن ما لم يتمكن زيلينسكي من معرفته أنه في خضم ما سببه من مآس لشعبه وخراب لبلاده قد يتحول إلى موضوع للسخرية من قبل أناس مطلعين على حقيقة الدور المدمر والخبيث الذي لعبه من أجل أن تكون بلاده واجهة لغرب محتال لا يرغب في أن تقترب النار التي يشعلها من بيته.
وخيانة زيلينسكي واضحة في ذلك المجال. لقد حول مشروع تسوله الشخصي، إلى مشروع وطني، انتقلت أوكرانيا بموجبه من دولة ثرية إلى دولة، تُجمع لها المعونات. وهنا بالضبط تقع سخرية ماسك الذي سبق له أن زود أوكرانيا بخدمات الأقمار الاصطناعية.
كل الاستقبالات الاستعراضية التي حظي بها زيلينسكي كانت تبدأ بطلبه مساعدات مالية وعسكرية، من ضمنها لقاؤه مع بابا الفاتيكان الذي لا يملك جيشاً. صار الرجل مهووساً بالمساعدات كما لو أنها الوسيلة التي ستخرجه منتصراً من حرب عبثية. طوق نجاته من الشبح الذي يطارده. ذلك هو شبح شعبه الذي لم يكن في حاجة إلى الدخول في صراع مع شعب تربطه به أواصر تاريخية، ولغوية، واجتماعية.
لم يكن الشعب الأوكراني في حاجة إلى مَن ينقذه من روسيا التي لم يسبق لها التدخل في شؤونه. كما أن دولته لم تكن في حاجة إلى أن تنهك جارتها الكبيرة ليظهر رئيسها في الإعلام العالمي بطلاً. وإذا كان زيلنيسكي صدق ما تقوله شركات الدعاية المضللة، فإن الحقيقة على الأرض تضعه في مقام الزعماء الذين دمروا شعوبهم. وما السخرية التي صار يُقابل بها إلا الوجه الآخر للمأساة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غیر أن
إقرأ أيضاً:
فى غاية الأهمية.. احتفالات عيد النصر في روسيا |متى بدأت وما مراسمها؟
تحتفل روسيا في 9 مايو من كل عام بعيد النصر في الحرب العالمية الثانية، حيث يعتبر هذا اليوم مناسبة وطنية لا مثيل لها، وعطلة شخصية للعديد من العائلات، وفرصة كبيرة لتعزيز خطاب الحكومة.
احتفالات عيد النصر في روسياتحظي احتفالات عيد النصر في روسيا بأهمية خاصة للجيش الروسي حيث تُعتبر الحرب العالمية الثانية أكبر نزاع مسلح في العالم حتى الآن.
يوم النصر، يعد أهم عطلة في روسيا، إذ يعكس تضحياتها في زمن الحرب، ويستخدمه الكرملين أيضًا لتعزيز الوطنية واستعادة هيبة القوة العظمى التي فقدها بانهيار الاتحاد السوفيتي عام ١٩٩١.
لقد حول الرئيس فلاديمير بوتن، الذي حكم روسيا لمدة 25 عاما من تلك الأعوام الثمانين، يوم النصر إلى ركيزة أساسية من ركائز ولايته.
أهمية يوم النصر بالنسبة لروسياخسر الاتحاد السوفييتي ما يُسمى بالحرب الوطنية العظمى بين عامي ١٩٤١ و١٩٤٥، ما يُعادل ٢٧ مليونًا من مواطنيه، وقد خلّفت هذه التضحيات جرحًا غائرًا في وجدان الشعب.
غزت ألمانيا النازية الاتحاد السوفيتي في 22 يونيو1941، وسرعان ما اجتاحت الجزء الغربي من البلاد، وبحلول أكتوبر من ذلك العام، اقتربت ألمانيا النازية من موسكو حتى مسافة 30 كيلومترًا (أقل من 19 ميلًا).
ألحقت القوات السوفييتية هزائم ساحقة بألمانيا في عام 1943 في ستالينغراد وكورسك. ثم دفعت القوات النازية إلى التراجع عبر غرب الاتحاد السوفييتي حتى برلين.
وأشار بوتن إلى أن مواطناً سوفيتياً واحداً من كل سبعة قُتل، في حين خسرت المملكة المتحدة واحداً من كل 127، وخسرت الولايات المتحدة واحداً من كل 320.
وكتب بوتن في عام 2020: "إن الاتحاد السوفييتي والجيش الأحمر، بغض النظر عما يحاول أي شخص إثباته اليوم، قدما المساهمة الرئيسية والحاسمة في هزيمة النازية".
قصة عائلة بوتن من الحرب العالمية الثانيةأعرب بوتن عن تأثره العميق بتاريخ الحرب العالمية الثانية، قائلاً: "سنتذكر دائمًا الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب السوفييتي من أجل النصر".
يستحضر في كثير من الأحيان قصصًا من والديه، فلاديمير وماريا، في الحرب، وموت شقيقه البالغ من العمر عامين، فيكتور، المعروف باسم "فيتيا"، أثناء حصار النازيين لمنزله في لينينغراد، والتي تسمى الآن سانت بطرسبرغ، لمدة عامين ونصف.
كتب بوتين: "كان هذا هو المكان الذي نجت فيه والدتي بأعجوبة. أما والدي، فرغم إعفائه من الخدمة العسكرية، تطوع للدفاع عن مسقط رأسه".
تعد الحرب العالمية الثانية حدث نادر في تاريخ البلاد حيث أنه حدث يحظى باحترام جميع المجموعات السياسية، وقد استخدم الكرملين هذا الشعور لتشجيع الفخر الوطني والتأكيد على مكانة روسيا كقوة عالمية.
مسيرات يوم النصرتعتبر مسيرات يوم النصر استعراضًا ضخمًا للقوات المسلحة، بمشاركة آلاف الجنود وعشرات المعدات الثقيلة، بما في ذلك منصات إطلاق متحركة تحمل صواريخ باليستية عابرة للقارات قادرة على حمل رؤوس نووية، تجوب الساحة الحمراء، وتحلّق فيها عشرات الطائرات الحربية، وتُقام المسيرات العسكرية والألعاب النارية وغيرها من الاحتفالات في مدن مختلفة في جميع أنحاء البلاد.
كما تشجع السلطات مظاهرات التاسع من مايو، التي تُعرف باسم "الفوج الخالد"، حيث يحمل المشاركون صور أقاربهم الذين قاتلوا في الحرب العالمية الثانية، وقد انضم بوتين إلى هذه المسيرات لعدة سنوات، حاملاً صورة والده.