مفاجأة سارة للعلماء في عينة كويكب سقطت من الفضاء
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
يمن مونيتور/ قسم الأخبار
بعد إلقاء العلماء أول نظرة على العينة التي تم جمعها من الكويكب بينو القريب من الأرض، كانت هناك مفاجأة سارة بانتظارهم وهي عثورهم على وفرة من المواد بشكل غير متوقع بحيث يمكن أن يكشف هذا الحطام عن معلومات أساسية حول الكويكب بعد تحليل العينة الأولية.
وأوضحت شبكة “سي أن أن” أن العلماء فتحوا العلبة التي تحتوي على العينة، في 26 سبتمبر، وعثروا على مواد أكثر قليلاً مما توقعوا.
وذكرت الشبكة أن الباحثين اكتشفوا وجود عينات من مواد داكنة ذات حبيبات دقيقة داخل غطاء الحاوية وقاعدتها المحيطة بالآلية المستخدمة لجمع الصخور والتربة خارج كوكب الأرض.
وكان الهبوط التاريخي للعينة في صحراء ولاية يوتا، في 24 سبتمبر، ذروة مهمة المركبة الروبوتية “أوسيريس-ريكس” التابعة لإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا)، والتي استمرت 7 أعوام، وسافرت إلى بينو على بعد حوالي 200 مليون ميل (320 مليون كيلومتر) من الأرض، وهبطت على الكويكب ثم عادت إلى الأرض لإسقاط عينة للتربة والتي تعتبر الأكبر على الإطلاق التي جمعت من كويكب ليستفيد منها العلماء. (إجمالي مسافة الرحلة: حوالي 3.86 مليار ميل).
ووفقا للشبكة، قام فريق المهمة بنقل العلبة في اليوم التالي لوصولها إلى مركز جونسون الفضائي التابع لناسا في هيوستن، والذي يحتوي على غرفة نظيفة مصممة خصيصًا للتحليل الدقيق للعينة الكونية.
وبالنسبة لما يمكن أن تكشفه عينة بينو، أوضحت الشبكة أن الكويكبات هي بقايا من تكوين النظام الشمسي، وتقدم نظرة ثاقبة لما كانت عليه تلك الأيام الأولى الفوضوية عندما تشكلت الكواكب واستقرت في مكانها. لكن الكويكبات القريبة من الأرض تشكل أيضًا تهديدًا لكوكبنا، لذا فإن فهم تكوينها ومداراتها يعد أمرًا أساسيًا لفتح أفضل الطرق لصرف الصخور الفضائية عن أي مسار تصادمي مع الأرض.
وأوضحت الشبكة أنه نظرا لمدى كبر هذه العينة، فإن العلماء سوف يكونون بحاجة إلى أخذ وقتهم لجمع كل المواد وتحليلها.
وقال كريستوفر سنيد، نائب رئيس عملية تنظيم “أوسيريس-ريكس”، في بيان: “أفضل مشكلة على الإطلاق هي أن هناك الكثير من المواد، وأن جمعها يستغرق وقتًا أطول مما توقعننا”.
وأضاف أن “هذه المواد مثيرة للاهتمام في حد ذاتها، وفكرة أن يكون لدينا كل هذه المواد يعتبر أمر مذهل حقا”.
ووفقا للشبكة، لن يتم الكشف عن عينة الكويكب الفعلية حتى 11 أكتوبر في بث مباشر لوكالة ناسا، وسيتم نقل العينة إلى صندوق مخصص وسيتم استخدام قفازات متخصصة جديدة للمسها بعناية وكشف محتواها.
وفي الوقت نفسه، يجري حاليًا تحليل سريع لعينة مأخوذة من المواد بحيث يمكن أن يتم تقديم نتائج أولية من المواد التي تم جمعها من بينو.
وقالت ليندساي كيلر، عضو فريق تحليل عينات “أوسيريس-ريكس”، في بيان: “لدينا كل تقنيات التحليل الدقيق التي يمكننا استخدامها لتفكيك مواد هذا الكويكب إلى أجزاء، تقريبًا إلى المقياس الذري”.
وسيستخدم الفريق المجاهر الإلكترونية الماسحة، والأشعة السينية، وأدوات الأشعة تحت الحمراء لإجراء فحص أولي للمادة التي تم جمعها من بينو، بحسب الشبكة.
وستوفر الأدوات معًا للعلماء فهمًا للتركيب الكيميائي للعينة، وستكشف عن أي معادن رطبة أو جزيئات عضوية، كما ستكشف عن أي وفرة في أنواع معينة من المعادن الموجودة على الكويكب.
وجمعت “أوسيريس-ريكس” عينتها قبل ثلاث سنوات من كويكب بينو، وهو كويكب صغير غني بمركبات الكربون اكتشف في 1999 ويصنف على أنه “جسم قريب من الأرض” لأنه يمر بالقرب نسبيا من كوكبنا كل ست سنوات إلا أن احتمالات الاصطدام بعيدة.
ويتشكل بينو فيما يبدو من مجموعة مفككة من الصخور، ويبلغ عرضه 500 متر فقط، لكنه صغير مقارنة مع كويكب تشيكسولوب، الذي ضرب الأرض قبل نحو 66 مليون عام وقضى على الديناصورات.
وكانت المركبة “أوسيريس-ريكس” انطلقت، في سبتمبر 2016، ووصلت إلى بينو، في 2018، ثم قضت نحو عامين تدور حول الكويكب قبل أن تقترب بدرجة كافية لانتزاع عينة من سطحه بواسطة ذراعها الآلية، في 20 أكتوبر 2020.
وشرعت المركبة الفضائية في رحلة للعودة إلى الأرض مسافتها 1.2 مليار ميل في مايو 2021 شملت الدوران حول الشمس مرتين.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الشمس القمر كويكب ناسا أوسیریس ریکس من المواد من الأرض
إقرأ أيضاً:
تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي (6-11)
*تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي (6-11)*
*الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام*
بقلم الدكتور عبد الله الفكي البشير
[email protected]
ختمت البروفيسور آمال قرامي تقديمها للطبعة الثانية التي ستصدر قريباً من كتاب: الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه: الوقائع والمؤامرات والمواقف، قائلة:
“يصدر المُؤلَف في فترة حرجة من تاريخ السودان استشرى فيها العنف وتفتت فيه النسيج الاجتماعي، وكثرت فيها الخيبات والمآسي وبرزت فيها علامات التراجع عن أهداف الثورة السودانية. فهل يكون هذا المُؤلَف ملاذ الحائرين/ات والباحثين عن فهم أسباب ما يجري؟”
البروفيسور آمال قرامي
أستاذة الفكر الإسلامي والدراسات الجندرية بالجامعة التونسية، تونس
*المفكر محمود محمد طه يرفض المثول أمام المحكمة*
قامت *محكمة الخرطوم العليا الشرعية* بتوجيه أمر إلى المفكر محمود محمد طه للمثول أمامها، غير أنه رفض أن يوقع على طلب المحكمة ليمثل أمامها يوم الاثنين 18 نوفمبر 1968. وقد فصلت صحيفة الأيام السودانية في ذلك، فأوضحت بأن محمود محمد طه قال إن القضاة السودانيين لا يملكون أية صلاحيات لتكفير أي إنسان أو إعلان ردته عن الإسلام. وأضاف بإن ما يدعوا إليه القضاة الآن هو الشريعة المرحلية للإسلام وأن موقفهم نفسه يوضح أن مثل هذا الفهم لا يصلح لإنسانية القرن العشرين. وفي عدد اليوم الثاني الاثنين 18 نوفمبر 1968، كتب الكاتب الصحفي بشير محمد سعيد (1926-1993) في مدخل حوار أجراه مع محمود محمد طه، قائلاً: “رد (الأستاذ محمود) الموظف الذي جاءه رداً (مهذباً) وقاطعاً.. حدثه أنه يرفض المثول أمام المحكمة”.
أرجع *الإخوان الجمهوريون* امتناع محمود محمد طه من المثول أمام المحكمة إلى أنه لا يريد أن يعطيها وزناً لا تستحقه، وحتى يضعها في موضعها ويعطيها حجمها، وقدرها الذي لا تعدوه. فالمحكمة ليس من اختصاصها ولا من اختصاص أية محكمة أخرى أن تنظر في مثل هذه القضية.. فهي قضية فكر ودين وليس للمحاكم وصاية على الفكر، والرأي، والاعتقاد. وقد تحدث العديد من القانونيين بعدم اختصاص المحكمة، فعلى سبيل المثال، لا الحصر، تحدث محمد إبراهيم خليل المحامي، قائلاً: “ليس من اختصاص المحاكم الشرعية في السودان أن تحكم بكفر أحد أو إعلان ردته”. ومما يدل على عدم اختصاص المحكمة التي نظرت في القضية، أن حكمها جاء غيابياً، بسبب عجزها عن إحضار المتهم أمامها أو إجباره على الحضور، كما أنها لم تستطع تنفيذ الحكم الذي أصدرته. يضاف إلى ذلك، أن محمود محمد طه ظل يدعو إلى تطوير الشريعة الإسلامية، فلا يمكن أن يمثل أمام محكمة شريعة، تعمل بالشريعة السلفية، التي يدعو هو لتطويرها.
*انعقاد المحكمة*
جاء في صدر الصحف المحلية أن *المحكمة الشرعية العليا* برئاسة القاضي توفيق أحمد صديق عضو محكمة الاستئناف الشرعية العليا عقدت صباح يوم الاثنين 18 نوفمبر 1968 جلسة خاصة للنظر في الدعوى التي رفعها الشيخان الأمين داود وحسين محمد زكي ضد أفكار محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري. استمعت المحكمة لخطابي المدعيين الأمين داؤود، وحسين محمد زكي وإلى شهودهما. طلب المدعيان من المحكمة الآتي:
1. إعلان ردة محمود محمد طه عن الإسلام، بما يثبت عليه من الأدلة.
2. حل حزبه لخطورته على المجتمع الإسلامي.
3. مصادرة كتبه، وإغلاق دار حزبه.
4. إصدار بيان للجمهور يوضح رأي العلماء في معتقدات المدعى عليه.
5. تطليق زوجته المسلمة منه.
6. لا يسمح له أو لأي من أتباعه بالتحدث باسم الدين أو تفسير آيات القرآن.
7. مؤاخذة من يعتنق مذهبه بعد هذا الإعلان، وفصله إن كان موظفاً، ومحاربته إن كان غير موظف وتطليق زوجته المسلمة منه.
8. الصفح عمن تاب واناب وعاد الى حظيرة الإسلام من متبعيه أو من يعتنقون مبدأه.
عُقدت *المحكمة الشرعية العليا* برئاسة القاضي توفيق أحمد صديق عضو محكمة الاستئناف الشرعية العليا جلسة خاصة في صباح الاثنين 18 نوفمبر 1968 للنظر في الدعوى رقم 1035/1968. استمعت المحكمة لخطابي المدعيين الأمين داود، وحسين محمد زكي، وإلى شهودهما. استغرقت أقوال المدعيين وشهودهما ثلاث ساعات ثم رفعت المحكمة جلستها لمدة ثلث ساعة فقط. وعند انعقادها للمرة الثانية قرأ القاضي حيثيات الحكم التي جاء فيها أن المحكمة، بعد السماع لادعاء المدعيين، وسماع الشهود، تأكد لديها أن المدعى عليه قد ارتد عن الإسلام، وعليه فإن المحكمة تحكم بردة محمود محمد طه عن الإسلام غيابياً. بهذه البساطة والعبثية يحكم قاضي المحكمة، فإذا سلمنا جدلاً بهذه المحكمة التي تمثل أنصع نموذج للفوضى القانونية والعبث بالنظام الديمقراطي، وتعاطينا مع معطيات انعقادها، فهل يعقل أن تكفي ثلاث ساعات للاستماع لخطبتي المدعيين وشهودهما؟ ثم هل يكفي ثلث الساعة للتداول لإصدار حكم في قضية موضوعها الأفكار؟ هل تكفي هذه الثلاث ساعات وثلث لمحاكمة مفكر نشر حتى تاريخ انعقاد المحكمة، (14) كتاباً، ونشر أكثر من مائتي مقالاً صحفياً، وأصدر عشرات البيانات، إلى جانب تنظيم عشرات المحاضرات واللقاءات الإعلامية، فضلاً عن إرسال الرسائل إلى الرؤساء والعلماء والمفكرين حول العالم؟ لا أعتقد أننا في حاجة للإجابة على هذه الأسئلة، فالصورة واضحة للقراء الكرام، وليس هناك وصف دقيق ينطبق على هذه المحكمة، أكثر من الوصف الذي أطلقه عليها الإخوان الجمهوريون في كتاباتهم ومنشوراتهم، بأنها “المحكمة المهزلة”. فكل الخطوات التي اتبعت من أجل انعقاد هذه المحكمة من دسائس ومؤامرات وكيفية تشكيل ومداولات وحيثيات وصدور الحكم… إلخ كلها تؤكد بأنها “المحكمة المهزلة” التي جرت على القضاء السوداني العار ما سيبقى على صفحات التاريخ، إلى نهاية التاريخ. لقد مثلت هذه المحكمة قمة الفوضى القانونية، وعبرت عن عبث القضاء الشرعي، كما وصفه محمود محمد طه، قائلاً: “هل أهينت رجولة الرجال، وامتهنت حرية الأحرار، واضطهدت عقول ذوي الأفكار، في القرن العشرين، وفي سوداننا الحبيب، بمثل هذا العبث الذي يتورط فيه القضاة الشرعيون؟”. لقد عُقدت هذه المحكمة المهزلة بمؤامرة واسعة شارك فيها القضاة الشرعيون، والقادة السياسيون، ورجال الدين، ومشايخ *الأزهر*، وأساتذة *جامعة أم درمان الإسلامية*… إلخ.
*محكمة الردة 1968 تمهيد لمؤامرات التحالف الديني العريض (1968- 1985)*
شكَّل انعقاد محكمة الردة، المحكمة المهزلة عار القضاء السوداني، وإصدارها الحكم بردة المفكر محمود محمد طه في 18 نوفمبر 1968، لحظة تكوين لتحالف ديني عريض ضد المفكر محمود محمد طه وتلاميذه *الإخوان الجمهوريين*. فما أن أصدرت المحكمة حكمها، حتى توالت الخطابات من مكونات ذلك التحالف الديني العريض من خارج السودان، حيث المؤسسات الإسلامية وعلمائها، التي هي محور كتابنا المشار إليه أعلاه، موجهة إلى وزير الشؤون الدينية والأوقاف في السودان، وهي تحمل التأييد لحكم الردة، وتحمل الفتوى بردة محمود محمد طه عن الإسلام، حيث كفر *الأزهر* المفكر محمود محمد طه، وافتى المجلس التأسيسي *لرابطة العالم الإسلامي* بردة المفكر محمود محمد طه عن الإسلام، كما ييرد التفصيل لاحقاً. كذلك مثَّل الحكم بالردة، سابقة خطيرة، حيث تم استدعاؤه والأخذ به مع فتوتي *الأزهر* و *رابطة العالم الإسلامي* في محاكمة يناير 1985، التي حكمت على محمود محمد طه بالإعدام، كما سيرد التفصيل في الحلقات القادمة.
نلتقي في الحلقة السابعة.
الوسومالذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى الفهم الجديد للإسلام تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي تشكيل التحالف الديني العريض