حمد العليان: تقدمت بملاحظات وتعديلات على قانون تنظيم الإعلام الجديد منها إلغاء جميع عقوبات الحبس وتخفيض الغرامات والكفالات
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
أعلن النائب حمد العليان عن تقديمه اليوم بمذكرة متكاملة حول قانون تنظيم الإعلام الجديد، مبينا أن التعديلات التي تقدم بها تلغي عقوبة الحبس والحبس الاحتياطي والحبس على ذمة القضية في قضايا الإعلام.
وقال العليان في تصريح بالمركز الإعلامي لمجلس الأمة ” موضوع الحريات بالنسبة لنا خط أحمر غير قابل للمساومة أو المناقشة، مؤكدا أن الحريات هي أحد المواضيع المهمة التي تم التحرك سنوات طويلة للحفاظ عليها وعدم المساس بها أو الانتقاص منها.
وأضاف أن موضوع الحريات ورد في أول مداخلة له بمجلس الأمة بالقسم على المحافظة على حريات الشعب وعدم المساس بها، لافتًاً إلى أن ذلك ما تم تجسيده بعد ذلك بالتوقيع على كل الاقتراحات بقوانين في شأن تعديلات القوانين المقيدة للحريات.
وأفاد بأنه عندما تقدمت وزارة الإعلام بقانون تنظيم الإعلام الجديد حضر لمناقشة هذا القانون في أكثر من اجتماع للجنة شؤون التعليم والثقافة والإرشاد، مضيفاً أنه شارك كذلك في اللقاء الذي نظمته وزارة الإعلام لعرض هذا القانون بحضور مجموعة كبيرة من الصحفيين المختصين.
وقال “صرحت بعد هذا اللقاء بأن هذا القانون وإن كان أفضل من الوضع الحالي، إلا أننا لن نسمح أو نقبل به وذلك بسبب احتوائه الكثير من المواد التي من الواجب تعديلها”.
ولفت إلى أنه أثناء مناقشة القانون في لجنة شؤون التعليم والثقافة والإرشاد أبدى عددا من الملاحظات وأبلغ وزير الإعلام بأنه سيتقدم بمذكرة متكاملة لتعديل القانون.
وبين العليان أنه تقدم اليوم بمذكرة متكاملة تتضمن ملاحظات جوهرية على القانون، موضحاً أنها تنقسم إلى شقين، الشق الأول يتضمن ملاحظات عامة على فلسفة القانون، والشق الثاني يتضمن ملاحظات تفصيلية على القانون.
وأفاد بأن الشق الثاني من المذكرة ينقسم إلى ثلاثة أقسام، يتضمن القسم الأول منها ملاحظات تتعلق بالصياغة، والقسم الثاني ملاحظات تتعلق بتعديل نصوص بعض مواد القانون، والقسم الثالث يتعلق بمقترحات بإضافة مواد جديدة بالقانون.
وأكد أن أهم التعديلات التي تقدم بها تشمل إلغاء جميع عقوبات الحبس الواردة في هذا القانون أيا كانت المخالفة، وكذلك إلغاء الحبس الاحتياطي والحبس على ذمة القضية أثناء نظرها في التحقيقات أو النيابة العامة أو أي درجة من درجات التقاضي، حتى لا يكون الحبس الاحتياطي أو على ذمة القضية التفافا على إلغاء عقوبة الحبس.
وبين أن من بين الملاحظات الجوهرية التي تقدم بها، عدم جواز التحقيق مع الصحفيين إلا بعد إخطار جمعية الصحفيين، والسماح لممثل عن الجمعية بالحضور مع هذا الصحفي في جميع درجات التحقيق والتقاضي.
وأوضح أن التعديلات تعالج موضوع المبالغة الكبيرة في الغرامات والكفالات وتقضي بتخفيض الغرامات والكفالات الواردة بالقانون، فضلا عن الملاحظات التفصيلية الفنية التي تهم شريحة كبيرة من الصحفيين.
المصدر الدستور الوسومحمد العليان قانون الإعلامالمصدر: كويت نيوز
كلمات دلالية: حمد العليان قانون الإعلام هذا القانون
إقرأ أيضاً:
أشرف عباس يكتب: دفاعًا عن حرية النشر
حين يُواجه صحفي أو مواطن خطر السجن بسبب رأي أو منشور، فإن السؤال لا يجب أن يكون: "ماذا قال؟" بل: "هل تستحق الكلمة القيد؟"، هنا، لا نتحدث عن مضمون ما كُتب أو مدى الاتفاق معه، بل عن وسيلة العقوبة، وتناسبها، ومبدأ دستوري لا يجوز التنازل عنه: لا حبس في قضايا النشر.
هذا المبدأ لم يعُد مجرد مطلب نقابي أو حقوقي، بل أصبح نصًا صريحًا في المادة 71 من الدستور المصري، التي تحظر توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي تُرتكب بطريق النشر أو العلانية، باستثناء ثلاث حالات فقط هي التحريض على العنف، التمييز، والطعن في الأعراض، ويعززه ما التزمت به الدولة المصرية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يحظر بدوره سلب الحرية بسبب التعبير، إلا في أضيق الحدود.
ومع ذلك، لا تزال هناك أحكام تصدر وتُنفذ في قضايا لا تنطبق عليها هذه الاستثناءات، ما يثير قلقًا مشروعًا بشأن توسع التأويل القانوني، وتحويل الخطأ في التعبير إلى جريمة موجبة للعقوبة الجنائية.
قد يخطئ صحفي في تناول قضية حساسة، أو يسيء مواطن التعبير في منشور، أو يكتب ما يراه دفاعًا عن حق إنساني، فينتهي الأمر إلى تشهير غير مقصود، لكن هل يكون الرد هو السجن؟ وهل الحبس هنا يُحقق رد اعتبار أم يضيف عبئًا جديدًا على المجال العام؟
رفض الحبس لا يعني إعفاء من المسؤولية، بل يُطالب بتطبيقها من خلال أدوات تناسب طبيعة الفعل، فلا أحد فوق القانون، لكن لا يجوز استخدام القانون كأداة لإسكات الرأي أو معاقبة الكلمة، الخطأ في النشر يجب أن يُعالج، لا أن يُقمَع.
ولهذا، فإن العدالة تقتضي تفعيل وسائل محاسبة مدنية ومهنية، مثل: حق الرد، التعويض المدني، الإدانة النقابية، الحجب المؤقت للمحتوى، أو نشر اعتذار بنفس مستوى الانتشار، هذه الوسائل تضمن المحاسبة دون سلب الحرية، وتُراعي التوازن بين حرية التعبير وحقوق الآخرين.
بل إن العقوبة القاسية، حين تُطبّق على فعل رمزي كالنشر، قد تأتي بنتائج عكسية؛ ففي بعض الحالات، يُحوَّل المخطئ إلى ضحية، ويكسب تعاطفًا لا يستحقه، ما يُربك الرأي العام، ويُضعف ثقة الناس في حيادية منظومة العدالة.
فلسفة العقاب في أي نظام عادل تقوم على الإصلاح لا على الانتقام، وعندما تكون وسيلة الفعل هي الكلمة، يجب أن تكون وسيلة الرد عليها في نفس الفضاء، الحبس لا يُصلح الضرر، بل يُولّد الخوف والانكماش، ويهدد المناخ العام للنقاش والإبداع.
ورغم أن الصحفيين يواجهون هذا الخطر بشكل مباشر، فإن القضية لا تخصهم وحدهم؛ فالمواطن، والمعلم، وصانع المحتوى، وأي شخص يكتب على منصة مفتوحة، أصبح مُعرّضًا للمساءلة بقوانين النشر، وأي تضييق هنا لا يُصيب فئة مهنية، بل يطال المجتمع كله.
من الإشكاليات التي تتكرر في هذا السياق، تصاعد نبرة التشفي في الخصوم على حساب النقاش الموضوعي؛ فبدلًا من المطالبة بتطبيق القانون بروح العدالة، تتحول بعض الأصوات إلى استخدام العقوبة كأداة لتصفية الخلافات الفكرية أو الشخصية، حين يُوظَف القانون لتأديب المختلف، لا لتصحيح الخطأ، تتراجع الثقة في العدالة، ويتحوّل العقاب إلى وسيلة إخراس من يتعامل مع هذا النقاش كأنه يتعلق بمكانة الصحفيين أو امتيازاتهم يُخطئ التقدير، نحن لا ندافع عن فئة، بل عن حق عام، وعن حد أدنى من الأمان الفكري في المجال العام، الحبس في قضايا النشر لا يُهدد مهنة، بل يُقوّض الديمقراطية نفسها.
الخطأ في النشر يُحاسب، لكن لا يُسجن، والمساءلة لا تعني العقاب الجنائي، بل الإجراءات المهنية والقانونية التي تضمن الانصاف، لا الردع.
رفض الحبس في قضايا النشر ليس رأيًا سياسيًا، ولا موقفًا عاطفيًا، بل ضرورة قانونية تحترم الدستور، وتُحصّن المجال العام من الخوف والجمود، الكلمة تُجابَه بالكلمة، والخطأ يُرد عليه بالقانون، لا بالقيد.