7 أكتوبر.. الله أكبر
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
سعيدة بنت أحمد البرعمية
صباح السابع من أكتوبر صباح يؤذن أذان الحرية، يُبشِّر بنصر قريب، صباح يصدح بصوت الحق ليصحح المسار، صباح الثأر والوطن، صباح يُسجل يومًا مجيدًا، صباح يُذكر بالوعد الحق "إنّ نصر الله قريب" يوم يطوي الملفات السوداء ويتجه نحو العدالة.
"المستوطنون يهرعون إلى المطارات".. عبارة طال انتظارها وها هي ترددها كافة وكالات الأخبار والصحف المحلية والعالمية، عبارة تعود بنا إلى عام 1948 إلى ما شهده الفلسطينيون من قتل وقهر وظلم وتهجير، عبارة تشير إلى ترجيح كفّة على أخرى، تقول في كل حرف من حروفها ذوقوا ما أذقتونا، تقول بلسان المثل العربي "كما تدين تدان"، تقول: دخلنا تاريخًا جديدًا.
أتى اليوم الذي يعيد صياغة وعد بلفور بصيغة عادلة، أتى من يلقي قصائد محمود درويش بصوت الحرب ولحن الحرية ورائحة التراب، أتى من يخطط طريق العودة بمفردات غسان كنفاني، أتى من يأخذ للشهداء حقوقهم ويقول لهم ارقدوا بسلام فقد عاد الحق ودُحر المحتل.
الله أكبر.. الله أكبر
رفعت المآذن صوت الحق، انتشر الذعر في إسرائيل علا صوت الحرية، ارتفع العلم الفلسطيني على الأراضي المحتلة، ما حدث صبيحة هذا اليوم ومازال يحدث ينذر ببداية النهاية ويسفر عن التفاف وطني حازم وقادر ومتمكن يثق بقدارته ويتجه لأهدافه المخطط لها بعناية وعزيمة وإيمان.
إنّ ما سمعناه من خطاب قائد هيئة أركان كتائب القسّام وما رأيناه وقرأناه من أحداث اليوم لا يعني إلاّ أنّ المجاهد الفلسطيني المؤمن بأهدافه والثائر منذ نعومة أظفاره، وصل إلى قرار حاسم وعزيمة عازمة على استرجاع الوطن مهما كلّف ذلك من ثمن، لقد فتحت حماس أبواب جهنم على الإسرائليين وأشعلت فيهم النار التي كانوا يشعلونها في الأبرياء العزل.
كلّ ما حدث ويحدث الآن يشير إلى ما كان يؤمن به مؤسس حركة حماس ومات وهو على يقين بأنه سيحدث يوما ما، ها نحن نقترب من تلك التنبؤات وها هو الغضب يتوقد وهاهي ألسنة اللّهب تتصاعد وها هو الذعر والهلع والضعف يتضاعف في صفوف الطرف الآخر.
المُتتبع لهذه الأحداث منذ صباح اليوم يتبادر إلى ذهنه أنها البداية لدخول مرحلة جديدة، مرحلة يُبذل فيها النفس والمال، وتكثر فيها الخسائر وتتضافر فيها الجهود، وتتلاحم فيها الأكتاف، مرحلة رغم صعوبتها لابد من عبورها؛ لبلوغ الأهداف ونيل الغاية.
نشاهد حتى الآن أضرارًا جسيمة وتفرقة وشرذمة وخوفا وتراجعا في صفوف المحتل وغضبا هادفا يعرف طريقه جيدا في صفوف المجاهدين، وفي حال استمر الحال على ما هو عليه فبالتأكيد هناك الكثير من الأمور التي ستتغير جغرافيا بالدرجة الأولى.
ما زلنا نراقب ونتتبع سير الأحداث الفريدة من نوعها والمذهلة بكل ما فيها، لا أدري ماذا تخفي الليلة وماذا يحمل الغد؛ لكني أشعر أن أمرا ما قادم، ماحدث اليوم لم نرَ مثله من قبل ولم يكن متوقعاً بهذه الخطوات الثابتة، والموزونة والمخطط لها بدقة متناهية، بالتأكيد نحن أمام مرحلة جديدة، أعتقد أنها ستكون مرضية بشكل تام أو إلى حد ما، شعرت للحظة وأنا أتابع ما يحدث بأن الجغرافيا تثور وأن الأرض ضاقت بما عليها من الدناءة والظلم، شعرت بأن الجغرافيا نفسها تحارب وتحاول إعادة رسم نفسها من جديد، تحاول بلع ما عليها ممّا لا يليق بها في محاولة جادة للتطهير.
"اليوم نعم اليوم"، هذا ما يكرره ويؤكده محمد الضيف قائد هيئة أركان كتائب القسام في خطابه، ممّا يشير إلى أنّ اليوم البوابة المرتقب دخلوها من زمن طويل، يوم لا يشبه ما قبله وسيُغير مجرى الأحداث بعده، شعرت كأنه يردد أغنية فيروز "الآن الآن وليس غدًا، أجراس العودة فلتقرع".
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إسحق أحمد فضل الله يكتب: (نشرة مشاعر)
(نشرة مشاعر)
وكأنهم ينظرون إلى قفا السودان الذي يخرج من السودان… موجة من الكتابات عن المبدعين/ الذين ذهبوا/ تنطلق الآن،
والأسماء التي تتدفق الآن بعضها هو:
خالد فتح الرحمن
شابو
أبو آمنة حامد
يحيى فضل الله
الصلحي
عصام
معتصم حسين
النور عثمان
محجوب شريف
مصطفى سند
محمد عبد الحي
القدال
كجراي
جيلي عبد الرحمن
الفيتوري
صلاح أحمد إبراهيم
محمد المكي إبراهيم
إبراهيم إسحق
وبعض هؤلاء ما زال بين الناس… حفظه الله.
لكن…
ما يدهشك هو شيء تتفرد به كتابات السودانيين، وهو… النبل.
ومن يقرأ ما يسمى مذكرات، يجد أن أهل الكتابات هذه يطبخون ويلتهمون أجساد الآخرين باستمتاع.
والأسلوب هذا تتلوث به أقلام عربية إلى درجة أن بعض النقاد يأخذ على العقاد أنه ترك (العبقريات) ناقصة…
ناقصة لأن العقاد الذي كتب عن عثمان وعمر وخالد لم يشر إلى (لحظات الضعف البشري) عندهم…
يعني: الرذائل…
والرذائل ظلت هي (البهارات والمشهيات) في مذكرات أهل الغرب كلهم…
والعالم مبتلى بهذا… مبتلى بمهرجان العفونات… إلا في السودان…
وقالوا إن بغضهم لما كتب عن أحد كبار الشخصيات، يجد من يقول له:
:: لماذا لم تكتب عن كذا وكذا؟ (يعني بعض عورات الرجل)
قال هذا:
::: أُفّو…؟
و(أُفّو) هذه لا تحتاج إلى من يترجمها لك إن كنت سودانيًا…
(٢)
وأشياء لا نراها إلا بعد أن ننظر إلى قفاها وهي تنصرف.
قالت الممثلة المشهورة الشديدة الثراء… وهي تتحدث من فراش السرطان:
عندي مئات الملابس الرائعة، ولكني الآن لا أرتدي إلا قطعة قماش تابعة للمستشفى.
عندي مئات الأحذية، لكني الآن لا أتحرك إلا على كرسي له عجلات.
أستطيع أن أطوف مطارات ومدن العالم، لكني الآن أحتاج إلى من يوصلني إلى باب الحمام.
أستطيع أكل أفخم ما يأكل الناس، لكني الآن لا آكل إلا تفاحة… وكبسولات الحبوب الكيماوية…
ما أشتهيه الآن هو أن أملأ رئتي من الهواء… لكن قالوا: هذا خطر…
(٣)
أعجبتنا يومًا قصة نزاع حول سمكة… ونشرناها… لنجدها الآن تحدث وتهدد وجودنا.
ومن قصص الجنوب: صيادان يتنازعان ملكية سمكة… ويذهبان إلى المحكمة. والمحكمة تحجز السمكة (معروضات)، والقضية تمتد…
والسمكة تجف… وتهترئ… وتتساقط… وتفنى… والنزاع مستمر.
والآن، اللجنة الرباعية التي تجتمع وتنفض حول السودان هي لجنة تعرف ما تفعل.
اللجنة تعرف أنها تجتمع وتنفض… والسودان يتآكل… ويتناثر و…
وكامل إدريس يدرس… ويدرس…
وأحد معاني كلمة “يَدرُس” هو… يَطحن.
والمطحون هو نحن…
ويبقى أن القائمة أعلاه، قائمة الشعراء والفنانين، ليس فيها اسم واحد من ماركة الاقتصادي الذي جرجر ألمانيا من تحت خراب الحرب العالمية، لتصبح واحدة ممن يقودون اقتصاد العالم.
بينما عن السودان، يقول صلاح أحمد إبراهيم في أقصر وأفصح قصيدة:
(النيل وخيرات الأرض هنالك
ومع ذلك… ومع ذلك)
هذا في الستينات…
ولما أوشك السودان أن يفتح عينيه اقتصاديًا… صنعوا “قحت”.
لسنا ملائكة، فأحدهم يشير أمس إلى أن محمد صادق، الطيار الذي ضرب الضربة الأولى التي زلزلت الجنجويد، اتصل به من المطار زميله وطلب أن ينزل.
ومحمد نزل.
وهذا يضربه بالرشاش… لأن الأخير، الزميل… الصديق… كان يوقّع على حقيقة أنه جنجويدي.
جنجويدي؟ نعم
لكن… سوداني؟ لا…