حلت يوم الجمعة الماضى الذكرى الخمسين لحرب السادس من أكتوبر 73 وتجلياتها العبقة، وهى الحرب التى تردد صداها فى العالم كله، حيث أحرزت فيها مصر نصرًا مؤزرًا حلت معه الهزيمة بإسرائيل. ذكرى الحرب المجيدة أستدعى معها وجودى أثناءها فى لندن، وما قاله لى ساسة بريطانيون وقتئذٍ عن هذه الحرب، ومن بين هؤلاء رئيس الوزراء "هارولد ويلسون"، والمستر "كالاغان" وزير الخارجية، والكثير من أعضاء مجلس العموم البريطاني، ومجلس اللوردات، فلقد أعربوا عن تقديرهم لحكمة الرئيس السادات، وحرصه الشديد على إظهار الحقائق للرأى العام بصراحة نادرة.
كما أن ذكرى نصر أكتوبر 73 تستدعى ما قاله الرئيس السادات لي عندما التقيته بعد الحرب بخمسة أشهر فى لقاء أجريته معه يومها لهيئة الإذاعة البريطانية. حيث تحدث عن الحرب بفخر، واعتزاز، فهى الحرب التى منحت مصر والعرب وضعية خاصة تحقق معها التضامن العربى، وكانت الخطوة الأولى نحو الوحدة، كما خرجت بعدها الأمة العربية بصورة مشرفة. كان الرئيس السادات يومها مسكونًا بفرحة النصر الذى تحقق، وهو يقول لى: (إنها الحرب التى رفعت الروح المعنوية لدى العرب، والتى حققت كل مراميها بإسقاط كل أهداف إسرائيل، فهى الحرب التى تحدت فيها مصر نظرية الأمن الإسرائيلي، وأمكنها قهرها، وإثبات فشلها. وتحقق ذلك عندما حاربت سوريا جنبًا إلى جنب مع مصر، وعندما تم استخدام النفط على نطاق واسع، وبمستوى أذهل العالم).
كان الرئيس السادات، رحمه الله، على حق فيما قال، فحرب أكتوبر سجلت نصرًا لم يتوقعه أحد، مما دفع معهد الدراسات الإستراتيجية فى لندن إلى القول: بأن استخدام العرب للقوة العسكرية، وسلاح الطاقة صنفهم كقوة سادسة فى العالم. واستدعى هنا ما قاله لى المؤرخ والمفكر البريطانى العالمى "أرنولد توينبي" عن هذه الحرب، والتى رأى أنها كانت ضرورة حتمية قائلاً: (يكفى أنها على الأقل قد مهدت لظهور نظرة عادلة إلى العرب). ثم أردف قائلاً: (أنا أكره الحرب عامة، ولكن بعض الحروب تكون ضرورية، فحرب البلقان كانت ضرورية، وكذلك الحرب ضد هتلر. كما أن الطبيعة الإنسانية ما زالت تحبذ الحروب أحيانًا، فلا يمكن أن نسير فى الحياة بلا حرب. وبالنسبة للشرق الأوسط فإن القوة العسكرية ضرورة لفرض السلام، والتسوية الدائمة).
لقد بدا وكأن العرب اكتشفوا أنفسهم فجأة. اكتشفوا المقاتل والسلاح والنفط. ورأوا أن إسرائيل لا يمكن أن تتحرك خارج نطاق الحرب، وأنها لن تنسحب إلا بالقوة. كما رأوا أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن محميتها إسرائيل، لتصبح صديقة، أو حليفة للعرب، أو حتى طرفًا محايدًا. وبدا أن هناك ثمة مستحيلاً بالنسبة للمراهنة على قبول إسرائيل الانسحاب من الأراضي المحتلة، والمراهنة على تطور التناقض الأمريكى الإسرائيلى إلى الحد الذى يضع الولايات المتحدة فى صف المصلحة العربية.
بانتصار أكتوبر سجل الرئيس السادات نماذج بطولية فى الإباء والشمم والاستقلالية. كان رحمه الله الأكثر جرأة، وواقعية فى التعامل مع قضايا المنطقة. ويكفيه فخرًا أنه قاد مصر إلى أول انتصار عسكرى ضد الكيان الصهيوني الغاصب. إنه محمد أنور السادات العملة النادرة فى الحياة السياسية بما أضفاه على مصر من نسائم الاستقلال والحرية، وتحرير سيناء من ربقة الاحتلال الإسرائيلي. كان رحمه الله ومضة ضوء، وينبوع إرادة فولاذية، ومعين حياة لا ينضب. رحم الله الرئيس السادات بطل الحرب والسلام.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الرئیس السادات الحرب التى
إقرأ أيضاً:
في حادثة يُشتبه بأنها انتحار.. وفاة ضابط احتياط إسرائيلي حدد هويات قتلى هجوم 7 أكتوبر
عُثر على ضابط احتياط إسرائيلي، شارك في تحديد هوية قتلى هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، ميتًا في منزله في حادثة يُشتبه بأنها انتحار، ما أثار جدلاً حول ارتفاع عدد هذه الحالات بين جنود الجيش وسط ضغوط الحرب المستمرة. اعلان
أعلن الجيش الإسرائيلي، الإثنين 28 تموز/يوليو، العثور على ضابط احتياط في صفوفه ميتًا داخل منزله جنوبي البلاد، في حادثة يُشتبه بأنها انتحار، بحسب ما أوردت عدة وسائل إعلام إسرائيلية.
الضابط هو الرقيب أول احتياط أريئيل مئير تامان، وكان قد خدم في الحاخامية العسكرية، حيث شارك في مهام تحديد هويات الجثث بعد هجوم حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وقال الجيش إن الشرطة العسكرية فتحت تحقيقًا في ملابسات الوفاة، وستُحال النتائج إلى النيابة العسكرية للمراجعة.
وبحسب الموقع الالكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت ، فإن تامان ينحدر من عائلة يهودية متدينة، وكان متزوجًا وأبًا لأربعة أطفال.
وروت شقيقته، بات إيل، للموقع ذاته أن أريئيل "كان أنقى وأرقى إنسان، الأب الأفضل في العالم، والزوج المثالي"، مضيفة: "عمله في الجيش كان رسالة حياته، كان يتنفس ما يقوم به، وينفذه بكل احترام لذكرى الجنود الذين سقطوا".
وأكدت أنه لم يشارك مع محيطه أي شعور بـ "صعوبة أو ضيق"، ولم يظهر عليه ما يشير إلى "معاناة نفسية".
Related 3 حالات خلال 10 أيام.. انتحار الجنود يكشف عمق الأزمة النفسية في صفوف الجيش الإسرائيليجدل في إسرائيل.. انتحار جندي بعد معاناة نفسية من آثار الحرب على غزة ولبنانانتحار وهروب من الخدمة.. الجيش الإسرائيلي يستدعي "المصابين نفسيًا" إلى الحرب دعوات لمناقشة ارتفاع حالات الانتحاروفي أعقاب سلسلة من حالات الانتحار بين جنود الخدمة الفعلية والاحتياط، ذكر موقع "واللا" أن معهد العدالة في القدس توجّه إلى رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، عضو الكنيست بوعز بيسموت، مطالبًا بعقد جلسة عاجلة لمناقشة هذه الظاهرة.
وتأتي وفاة تامان لتضيف إلى سلسلة من الحوادث المقلقة التي أعادت تسليط الضوء على قضية الصحة النفسية داخل الجيش، في ظل الضغوط المتواصلة الناتجة عن الحرب.
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن عدد حالات الانتحار المشتبه بها في صفوف الجيش منذ هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر ارتفع بشكل حاد، حيث تم تسجيل 17 حالة حتى يوم الإثنين، من بينها حالات بين جنود الاحتياط. وبحسب معطيات الجيش، فإن عام 2023 شهد انتحار 17 جنديًا، بينهم سبعة بعد الهجوم، فيما سُجّل 21 حالة في عام 2024، وهو أعلى عدد منذ عام 2011.
الجيش: النسبة لم ترتفع بشكل دراماتيكيرغم الأرقام المرتفعة، شدد الجيش الإسرائيلي على أن عدد حالات الانتحار، كنسبة إلى عدد المقاتلين الذين تم تجنيدهم منذ بدء الحرب، لم يرتفع بشكل دراماتيكي.
وأشار الجيش أيضًا إلى أن آلاف جنود الاحتياط تراجعوا عن أداء مهام قتالية بسبب الضغوط النفسية، إلا أنه لم ينشر بيانات إضافية أو يوضح تفاصيل تتعلق بهذا التوجه.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة