سادت حالة من التوتر لبنان منذ أن شنت "حماس" هجوماً مفاجئاً على إسرائيل في السابع من تشرين الأول، فقامت الأخيرة بحشد مئات الآلاف من القوات التي تمركز العديد منها على طول حدودها الشمالية مع لبنان.
وبحسب مجلة "Foreign Policy" الأميركية، "قد يحدد حجم الرد الإسرائيلي في غزة مستقبل لبنان، حيث قد يشعر حزب الله أنه مضطر إلى المشاركة في الحرب، على الرغم من رده المحدود حالياً على الاستهداف الإسرائيلي.

ومن ناحية أخرى، يدرك اللبنانيون تمام الإدراك أن الصراع قد يمتد ويدفع البلاد، التي تترنح على الحافة، إلى هاوية لا رجعة فيها. وقال نزار غانم، مدير الأبحاث والمؤسس المشارك لمؤسسة Triangle، وهي مؤسسة بحثية لبنانية، إن الأمر سيكون "كارثياً، وسيكون بمثابة ضربة قاضية لقدرة اللبنانيين على الصمود"."
وتابعت المجلة، "عانى لبنان، ولا يزال، خلال السنوات القليلة الماضية من أسوأ أزمة اقتصادية. فمنذ اندلاع الاحتجاجات الحاشدة في عام 2019 بسبب أزمة تكلفة المعيشة، واجه لبنان ارتفاعًا في معدلات البطالة. ومع تدهور الاقتصاد، انخفضت قيمة العملة المحلية بنسبة 90%، وارتفع التضخم بشكل كبير، ما دفع 80% من اللبنانيين إلى ما دون خط الفقر. في موازاة ذلك، فشل المجلس النيابي مراراً وتكراراً في انتخاب رئيس للجمهورية. إذاً، وفي حال اندلاع حرب أخرى، يعتقد الخبراء أن لبنان قد لا يحصل على فرصة للتعافي، ويقولون إن الدولة اللبنانية المفلسة بالفعل لن تحصل على أي قروض من المجتمع الدولي، وقد لا ترغب الدول العربية الغنية كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في إغراق لبنان بأموال يمكن أن تنتهي بسهولة في أيدي حزب الله. وقال غانم: "قد يؤدي ذلك إلى انهيار كامل للدولة. “وهذه المرة ليس لدى لبنان فرصة الاقتراض من الأسواق الدولية"."
ورأت المجلة أنه "في حالة الحرب، قد يتعرض هيكل البنية التحتية الأساسية للحياة اليومية للقصف والهدم، مما يجبر جيلاً آخر من اللبنانيين على الفرار من البلاد. أضف إلى ذلك، أنه هناك فرص لحدوث اضطرابات مدنية أيضًا. وإذا اقتصرت عمليات إسرائيل باستهداف جنوب لبنان الذي يهيمن عليه "حزب الله"، والبقاع، والضاحية، حيث تعيش أغلبية شيعية، فمن المرجح أن يفر سكان هذه المناطق إلى أجزاء أخرى من البلاد، ما سيؤدي إلى زيادة العبء على الخدمات المدنية التي تعاني بالفعل من ضغوط بسبب وجود اللاجئين السوريين، بل وقد يؤدي إلى تفاقم الخلافات الطائفية".
وتابعت المجلة، "حتى بعد عقود من الحرب، لا تزال البلاد منقسمة، وغالباً ما يهيمن أعضاء طائفة معينة على حي معين أو على مدينة بأكملها. كما وهناك توترات واضحة في البلاد، حيث يعارض الكثيرون نفوذ إيران من خلال حزب الله ويطالبون منذ فترة طويلة بنزع سلاح الحزب. إن أسلحة حزب الله، التي يخزنها ظاهرياً لحماية لبنان من إسرائيل، تمنحه القوة التي يجسدها في السياسة الداخلية. ويبقى السؤال الأساسي هو ما إذا كان حزب الله سيستجيب لنداء حماس، حليفته في محور المقاومة ضد إسرائيل، وهل ترى القيادة الإسرائيلية، مع حشد قواتها بالفعل والتعاطف العالمي إلى جانبها، فرصة في فتح جبهة أخرى لتدمير ترسانة حزب الله؟"
بحسب المجلة، "لا يحظى حزب الله بدعم الشعب اللبناني لشن حرب على إسرائيل، كما أن الحزب يدرس خطواته بشكل جيد ولا يدخل في صراع دون معرفة كيفية الخروج منه. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أرسلت حاملتي طائرات إلى شرق البحر الأبيض المتوسط لردع حزب الله وإيران عن توسيع الصراع، إلا أنه لا يمكن استبعاد فتح جبهة أخرى في لبنان. في الواقع، هناك ثلاث حالات قد تدفع حزب الله إلى دخول الحرب: في حال استمرت إراقة الدماء في غزة، وإذا بدأت إسرائيل بقصف مخزونات حزب الله المخبأة في كل أنحاء لبنان، أو إذا رأى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أن هذا هو الطريق الصحيح الذي يجب اتخاذه. وقال العميد المتقاعد في الجيش الياس فرحات إن الجيش وحزب الله على درجة عالية من الاستعداد، مشيراً إلى أنه من المرجح أن يتدخل حزب الله في الصراع الحالي إذا "صعدت إسرائيل هجماتها على لبنان واستهدفت عمق البلاد" أو إذا "اقتحمت إسرائيل غزة وارتكبت المزيد من المجازر"."
ورأت المجلة أن "حزب الله قد يختار التدخل بشكل محدود لتهدئة حماس وحفظ ماء الوجه، كما وقد يقوم بتكثيف القصف الصاروخي وإرسال وحدة "الرضوان" التابعة له لتنفيذ غارات متفاوتة الحجم عبر الخط الأزرق. في الواقع، حزب الله مدجج بالسلاح وهو الخصم الأكثر خطورة لإسرائيل. وقد حذر كل من حزب الله وإسرائيل من قصف بعضهما البعض والعودة إلى "العصر الحجري"، ويتفق الخبراء العسكريون على أن هذه الحرب ستكون مدمرة لكلا الجانبين. في الواقع، إسرائيل قادرة على تدمير لبنان، ولكن حزب الله أيضاً قادر على إلحاق قدر هائل من الضرر ومهاجمة المنشآت الحيوية والمراكز السكانية في إسرائيل. فبإمكانه إطلاق وابل من الصواريخ للتغلب على نظام الدفاع الجوي "القبة الحديدية" وفتح جبهة ثالثة في جنوب سوريا ضد مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل. وقال فرحات: "الجبهة السورية ستُفتح إذا تدهور الوضع إلى درجة خطيرة"."
وختمت المجلة، "إن تبادل إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، وعلى الرغم من أنه محدود نسبياً، إلا أنه لا يريح الأشخاص الذين يعرفون مدى السرعة التي يمكن أن تتحول بها المناوشات إلى صراعات شاملة".


المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

تقرير اقتصادي يسعرض أبرز التحولات التي طرأت على خارطة التمويل الدولي لليمن ويحذر من تبعات تقليص الدعم الخارجي

   

حذر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، من خطورة تداعيات تقليص المنح والمساعدات الخارجية لليمن في الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية والاقتصادية بصورة غير مسبوقة خلال المرحلة الراهنة.

وطالب المركز، في تقرير حديث صادر عنه، حول تداعيات التراجع في المنح والمساعدات المقدمة لليمن، بضرورة تقديم الدعم الطارئ والضروري لليمن والتحول التدريجي نحو العمل التنموي المستدام، مشيرًا إلى الآثار الخطيرة التي خلفها تراجع الدعم على النازحين والفئات الضعيفة في المجتمع وكذلك على الأوضاع الصحية والمعيشية لملايين اليمنيين.

ودعا مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إلى ضرورة تغطية فجوة التمويل الراهنة سواء ضمن خطة الاستجابة الإنسانية التي أعدتها الأمم المتحدة للعام 2025، أو من خلال دعم البرامج التنموية الأخرى ومواصلة الجهود الدولية للتخفيف من واحدة من أسوأ الازمات الإنسانية في العالم.

واستعرض التقرير، مستجدات تقليص الدعم الدولي المقدم لليمن لاسيما الدعم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والذي مثل نسبة مهمة خلال فترة الحرب التي تشهدها اليمن على مدى عشرة أعوام وساهم بصورة واضحة في تخفيف الأزمة الإنسانية والمعيشية للشعب اليمني.

وأوضح أن النصف الأول من العام 2025 شهد تراجعا غير مسبوق في حجم التمويل المخصص لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، حيث لم تتجاوز نسبة التغطية 9% من إجمالي المتطلبات حتى منتصف مايو، في وقت يتزايد فيه عدد المحتاجين للمساعدات إلى أكثر من 19.5 مليون شخص، مما يعكس حجم الفجوة التمويلية التي تواجهها المنظومة الإنسانية.

وتناول التقرير، أبرز التحولات التي طرأت على خارطة التمويل الدولي لليمن، مشيرا إلى أن هذا التراجع الحاد في التمويل ترك أثرًا بالغًا على سير العمليات الإنسانية في مختلف القطاعات الحيوية، مثل الأمن الغذائي، والرعاية الصحية، والتعليم، وخدمات الحماية، كما أدى إلى توقف العديد من المشاريع الإغاثية والخدمية، وحرمان ملايين اليمنيين من الخدمات الأساسية، لا سيما في المناطق التي تأوي أعدادا كبيرة من النازحين.

وسلط الضوء على التأثيرات الكبيرة الناتجة عن قرار الولايات المتحدة الأمريكية تعليق جزء كبير من مساعداتها الإنسانية مطلع العام الجاري، حيث لم تتجاوز مساهمتها 16 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2025، مقارنة بـ 768 مليون دولار خلال العام 2024، الأمر الذي أدى إلى فجوة واسعة في تمويل البرامج الحيوية، وتدهور في أداء المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المجال الإنساني، خاصة في محافظة مأرب التي تضم أكبر تجمع للنازحين داخليًا.

وأشار التقرير، إلى أن إجمالي المساعدات الدولية المقدمة لليمن منذ عام 2015 تجاوز 29 مليار دولار، بينها أكثر من 6.4 مليار دولار قدمتها الولايات المتحدة، عبر برامج متعددة دعمت قطاعات أساسية كالغذاء، والصحة، والتعليم، والمياه، في ظل الانهيار المستمر لمؤسسات الدولة.

وتضمن التقرير، تحليلا لتداعيات تراجع التمويل على مستوى المعيشة في اليمن، موضحا كيف أسهمت هذه التطورات في تفاقم معدلات الجوع، وتوقف المرافق الصحية، وتراجع خدمات الحماية، إلى جانب الانعكاسات الاقتصادية، بما في ذلك انخفاض قيمة الريال اليمني بنسبة تجاوزت 25% خلال فترة قصيرة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتراجع فرص العمل، الأمر الذي زاد من هشاشة الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد.

ودعا مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إلى ضرورة تبني خطة انسحاب تدريجي ومنظم للمساعدات الإنسانية، تتزامن مع تعزيز مسارات التنمية المحلية، واستئناف تصدير النفط والغاز، وضمان صرف رواتب الموظفين، وتحفيز الاستثمارات، مشددًا على أهمية تعزيز الشفافية، وتوسيع قاعدة الشراكات مع المنظمات المحلية، وتبني نهج متكامل يربط بين الاستجابة الإنسانية والتنمية وبناء السلام

 

مقالات مشابهة

  • ترامب: نتنياهو يريد إنهاء الحرب في قطاع غزة
  • تحذير من داخل إسرائيل: تعيين رئيس «الشاباك» يهدد شرعية المنظومة الأمنية
  • تقرير: إسرائيل لن تلتزم بوقف إطلاق نار يؤدي إلى إنهاء الحرب في غزة
  • ترامب يريد إنهاء حرب غزة.. وتوتر شديد باجتماع أمني في إسرائيل
  • نقابة المحررين كرّمت صحافيين وإعلاميين غطّوا الحرب الإسرائيلية
  • صحف عالمية: ترامب يريد إنهاء حرب غزة ويتجنب الضغط على نتنياهو
  • صحف عالمية: هدنة إسرائيل وإيران قد تنهار ونتنياهو يريد حربا أبدية
  • تقرير اقتصادي يسعرض أبرز التحولات التي طرأت على خارطة التمويل الدولي لليمن ويحذر من تبعات تقليص الدعم الخارجي
  • إعلام إسرائيلي: ترامب يريد تحرير نتنياهو من قبضة اليمين المتطرف
  • إسرائيل تواصل ضغطها بالنار استباقاً لزيارة المبعوث الأميركي للبنان