كيف استغلت إسرائيل خرائط جوجل لدعم جيشها أمام أهالي غزة |اعرف الحكاية
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
تعطل شركة جوجل Google الأمريكية حاليًا بيانات حالة حركة المرور المباشرة في إسرائيل وغزة على تطبيقاتها Maps و Waze، حسبما أفاد المتحدث باسم الشركة يوم الثلاثاء ويأتي هذا الإجراء نظرًا للتوقعات الكبيرة بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيبدأ غزوا بريا في قطاع غزة.
شركة جوجل الأمريكية تعطل خدمات الخرائط من أجل الاحتلال الإسرائيلي
قال المتحدث باسم شركة جوجل الأمريكية في بيان: "كما فعلنا في السابق في حالات النزاع واستجابةً للتطورات في المنطقة، قمنا بتعطيل القدرة على رؤية حالة حركة المرور المباشرة ومعلومات الازدحام مؤقتًا تضامنًا مع سلامة المجتمعات المحلية".
قال المتحدث إن جوجل تعمل بالتعاون مع السلطات المحلية الإسرائيلية ضمن إطار الحرب المستمرة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس.
ووفقًا لوكالة رويترز، قامت جوجل بتعطيل بيانات حالة حركة المرور المباشرة في أوكرانيا في العام الماضي بدايةً من حرب روسيا-أوكرانيا.
وكان جيش الاحتلال للدفاع الإسرائيلي قد طلب من جوجل تعطيل ميزة حركة المرور المباشرة، مشددًا على أن ذلك قد يكشف حركات قوات العدوان الإسرائيلي لحماس، حيث يتم تصنيفها جماعة مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
شركة آبل تمتثل لأوامر جيش العدوان الإسرائيلي
وقال موقع التكنولوجيا الذي يملكه الاحتلال الإسرائيلي GeekTime، الذي أبلغ عن هذا التطور لأول مرة، إن تطبيق الخرائط التابع لشركة آبل الأمريكية Apple أيضا امتثل أيضًا لطلب الجيش الإسرائيلي.
جدير بالذكر إنه في خطوات مماثلة استدعت إسرائيل أكثر من 300 ألف جندي احتياطي بعدما ادعوا أن هجمات المقاومة الفلسطينية أسفرت عن مقتل أكثر من 1400 شخص في جنوب إسرائيل واحتجاز أكثر من 200 رهينة.
وقد ألمح الجيش الإسرائيلي إلى غزو بري لغزة، الأمر الذي أثار انتقادات من زعماء العالم بشأن خطر وقوع خسائر في صفوف المدنيين.
تعد خرائط جوجل ليست مجرد أداة محايدة توفر معلومات جغرافية، وهي أيضًا منصة قوية يمكنها تشكيل التصور العام والتأثير على القرارات السياسية، فطالما تم اتهام خرائط جوجل بالتحيز والرقابة والتلاعب والمعلومات المضللة من قبل مختلف الجهات الفاعلة المشاركة في الصراع.
على سبيل المثال، يزعم بعض الفلسطينيين أن خرائط جوجل تمحو وجودهم وهويتهم باستخدام أسماء إسرائيلية لأماكن في الأراضي المحتلة، و يزعم بعض الإسرائيليين المحتلين للأراضي الفلسطينية أن خرائط جوجل تؤيد "الإرهاب" من خلال إظهار المناطق التي تسيطر عليها حماس كجزء من فلسطين.
ويزعم بعض الناشطين أن خرائط جوجل تخفي حقيقة الاحتلال ومعاناة الأهالي في غزة من خلال طمس أو حذف بعض التفاصيل.
وسوف نوضح في السطور القادمة كيفية تأثير خرائط جوجل على الصراع بين العدوان الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية التي تدافع عن أراضيها المحتلة بثلاث طرق: من خلال طمس المنطقة على صور الأقمار الصناعية؛ وعن طريق تعطيل بيانات حركة المرور المباشرة بناءً على طلب الجيش الإسرائيلي؛ ومن خلال استخدامها لتوثيق الدمار في غزة من قبل الباحثين والصحفيين.
إذا حاولت تكبير الصورة في خرائط جوجل لإسرائيل وغزة، ربما لاحظت أن المنطقة غير واضحة بالمقارنة مع أجزاء أخرى من العالم، وهذا ليس بسبب خلل تقني أو نقص في البيانات، بل بسبب قانون أمريكي يقيّد جودة الصور الفضائية التي يمكن للشركات الأمريكية توفيرها تجاريًا.
تم تقديم هذا القانون في عام 1997 لمعالجة مخاوف الأمان الإسرائيلية حيث أنه أكد أن الشركات الأمريكية لا يمكنها بيع أو توزيع صور فضائية بدقة تزيد عن 2 أمتار لكل بكسل لإسرائيل أو أي بلد أو منطقة قريبة منها، وهذا يعني أن خرائط جوجل كانت تستخدم صورًا ذات دقة منخفضة لإسرائيل وغزة من مزودي الأقمار الصناعية في الولايات المتحدة مثل DigitalGlobe.
ومع ذلك، تم إلغاء هذا القانون في عام 2020 من قبل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فالقاعدة الجديدة تسمح للشركات الأمريكية ببيع أو توزيع صور فضائية بدقة تصل إلى 0.4 أمتار لكل بكسل لأي بلد أو منطقة وهذا يعني أن الصور عالية الدقة لإسرائيل وغزة متاحة الآن من شركات الأقمار الصناعية مثل Planet Labs.
وتقول جوجل إنها تعمل على تحديث صورها باستخدام أحدث البيانات. وقال المتحدث باسم الشركة الأمريكية: "نعمل دائمًا على تحديث خرائط جوجل بصور جديدة من جميع أنحاء العالم. نحن على علم بالتغييرات الأخيرة في اللوائح الأمريكية ونسعى لتحديث صورنا بناءً على ذلك".
ومع ذلك، يعتبر بعض النقاد أن جوجل يماطل عمدًا في التحديث لسكان فلسطين وأراضي الاحتلال الإسرائيلي لإسكاتها أو تجنب الجدل ويشيرون إلى أن جوجل قد قامت بتحديث صورها لمناطق أخرى، مثل سوريا والعراق، حيث تجري أيضًا صراعات، كما يدعون أن جوجل تنتهك سياساتها الخاصة بتوفير أفضل الخرائط الممكنة لمستخدميها.
كيف تقوم خرائط جوجل بتعطيل بيانات حركة المرور المباشرة في إسرائيل وغزة؟
إحدى الميزات التي تقدمها خرائط جوجل هي بيانات حركة المرور المباشرة. تعرض هذه الميزة مستويات الازدحام في الطرق في الوقت الحقيقي بناءً على البيانات من أجهزة تحديد المواقع العالمية (GPS) والهواتف الذكية والمستشعرات المختلفة، التي يمكن أن تساعد المستخدمين في تخطيط مساراتهم وتجنب أزمات المرور وتوفير الوقت والبنزين.
ومع ذلك، تقوم خرائط جوجل بتعطيل بيانات حركة المرور المباشرة في إسرائيل وغزة بناءً على طلب من الجيش الإسرائيلي، استعدادًا لاحتمالية غزو بري لقطاع غزة.
يقول الجيش الإسرائيلي إن هذا إجراء ضروري لمنع عناصر حماس من استخدام معلومات حركة المرور لتخطيط هجمات أو تفادي الكشف.
وصرحت جوجل إنها تلتزم بالقوانين واللوائح المحلية عند تلقيها طلبات قانونية صحيحة. وقال المتحدث باسم جوجل: "لدينا سياسة طويلة المدى للامتثال للقانون المحلي عندما نتلقى طلبات قانونية صحيحة لتقييد أو إزالة المحتوى. نستعرض كل طلب بعناية ونضيق نطاقه قدر الإمكان".
ومع ذلك، يعتبر بعض النقاد أن جوجل ينتهك مبادئه الخاصة بالشفافية والمساءلة عند تعطيل بيانات حركة المرور المباشرة في أراضي الاحتلال الإسرائيلي وغزة. ويشيرون إلى أن جوجل لا يكشف عن عدد الطلبات التي يتلقونها من الحكومات أو كيفية قرارهم بالامتثال لها، كما يدعون أن جوجل يساهم في انتهاكات حقوق الإنسان من خلال مساعدتها لجيش الاحتلال الإسرائيلي في هجماته على الأبرياء والأطفال والنساء لغزة مما أدى لاستشهاد الآلاف هناك.
كيف يتم استخدام خرائط جوجل لتوثيق الدمار في غزة؟
لا تعد خرائط جوجل مصدرًا للمعلومات فحسب، ولكنها أيضًا أداة للتحقيق والتوثيق، ويستخدم الباحثون والصحفيون خرائط جوجل لتوثيق الدمار الذي لحق بأراضي غزة بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية.
ويستخدمون معلومات مفتوحة المصدر ومتاحة للعامة، مثل صور الأقمار الصناعية وبيانات تحديد الموقع الجغرافي ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، لتحديد مواقع الهجمات والضحايا والتحقق منها، ويستخدمون أيضًا أدوات مثل Google Earth Engine لمقارنة الصور من تواريخ مختلفة وقياس مدى الضرر.
إحدى المنظمات التي تستخدم خرائط جوجل لتوثيق الدمار في غزة هي Forensic Architecture، وهي وكالة أبحاث مقرها في جولدسميث، جامعة لندن، وتستخدم هندسة الطب الشرعي التحليل المكاني والوسائط الرقمية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم البيئية.
أنشأت شركة Forensic Architecture خريطة تفاعلية توضح مواقع وتفاصيل الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة في الفترة ما بين 10 مايو و21 مايو 2023. وتتضمن الخريطة صور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو والصور والشهادات والتقارير من مصادر مختلفة، مثل منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، بتسيلم، مركز الميزان لحقوق الإنسان، الحق، الحركة الدولية للدفاع عن الأطفال وغيرها.
وتظهر الخريطة أن الغارات الجوية الإسرائيلية استهدفت المباني السكنية والمرافق الصحية ومكاتب الإعلام والمدارس والمساجد والطرق والجسور وخطوط الكهرباء وأنابيب المياه وشبكات الصرف الصحي والأراضي الزراعية في غزة.
وتظهر الخريطة أيضًا أن الغارات الجوية أدت إلى مقتل -بحسب ما ورد- ما لا يقل عن 248 فلسطينيًا، من بينهم 66 طفلاً و39 امرأة. وتظهر الخريطة أيضًا أن الغارات الجوية أدت إلى إصابة أكثر من 1900 فلسطيني وتشريد أكثر من 100 ألف شخص.
وتقول شركة Forensic Architecture إن خريطتها ليست مجرد سجل للدمار في غزة، ولكنها أيضًا أداة للمساءلة والعدالة.
خاتمة
تعد خرائط جوجل أكثر من مجرد خدمة خرائط، فهي أيضًا جهة فاعلة قوية يمكنها التأثير على الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي وأهل غزة بطرق مختلفة، حيث يمكن لخرائط جوجل أن تقوم بطمس أو الكشف عن تفاصيل صور الأقمار الصناعية؛ تعطيل أو تمكين بيانات حركة المرور المباشرة؛ وتوثيق أو تجاهل الدمار في غزة.
تتحمل خرائط جوجل مسؤولية توفير معلومات دقيقة وغير متحيزة وشفافة لمستخدميها، كما أنها تتحمل مسؤولية احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي في عملياتها.
ولا يجوز استخدام خرائط جوجل كسلاح أو درع من قبل أي طرف مشارك في النزاع. ينبغي استخدام خرائط جوجل كأداة للسلام والعدالة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جوجل آبل الغارات الجوية الإسرائيلية الاحتلال الاسرائيلي غزة إسرائيل حرکة المرور المباشرة فی صور الأقمار الصناعیة الاحتلال الإسرائیلی الجیش الإسرائیلی الغارات الجویة الدمار فی غزة إسرائیل وغزة جیش الاحتلال المتحدث باسم أکثر من ومع ذلک من خلال من قبل
إقرأ أيضاً:
كيف أثر العدوان الإسرائيلي على إيران في حركة الملاحة البحرية وسلاسل الإمداد؟
سجلت تكاليف شحن الوقود من منطقة الشرق الأوسط قفزة حادة، أمس الثلاثاء، في ظل تصاعد المخاوف من تداعيات الحرب الدائرة بين إيران والاحتلال الإسرائيلي على أمن الملاحة البحرية وسلاسل الإمداد العالمية للطاقة، وهو ما انعكس فوراً على أسعار النفط والأسواق ذات الصلة.
وبحسب بيانات بورصة البلطيق، تضاعفت تكلفة نقل الشحنات الكبيرة من المنتجات البترولية المكررة من الخليج العربي إلى اليابان لتتجاوز 55 ألف دولار يومياً، في واحدة من أكبر الزيادات اليومية منذ اندلاع المواجهات الأخيرة.
ولم تقتصر هذه الزيادة على المسار الآسيوي فقط، إذ ارتفعت أسعار الشحن بشكل ملحوظ أيضاً في اتجاه شرق أفريقيا وشمالغربي أوروبا، ما يشير إلى أن القلق في سوق الشحن البحري قد بات واسع النطاق وعميقاً.
???? The Daily Baltic Bunker Report is your one-stop resource for global marine fuel prices.
???? Available exclusively to Baltic members.
???? Check today’s prices now: https://t.co/69RT0KAA9i#BalticExchange #BunkerReport #Maritime #ShippingFinance pic.twitter.com/TVGLb62sTa — Baltic Exchange (@BalticExchange) June 17, 2025
وأكدت شركة "تورم بي إل سي"، وهي من أبرز مشغلي ناقلات المنتجات النفطية على المستوى العالمي، أن "الطلب على الشحنات الفورية من الشرق الأوسط شهد تصاعداً ملحوظاً"، مضيفة أن "الزخم لا يزال متركزاً في هذه المنطقة، غير أن امتداده إلى أسواق أخرى وارد إذا استمر هذا الاتجاه التصاعدي".
وتأتي هذه التطورات بعد سلسلة ارتفاعات تدريجية في أسعار الشحن خلال الأيام الماضية، إلا أن قفزة أمس الثلاثاء كانت لافتة في حجمها وتأثيرها، ما دفع عدداً من مالكي ومديري الناقلات إلى تعليق مؤقت لحركة السفن، في انتظار تقييم أدق لمستوى المخاطر الأمنية التي باتت تتهدد المسارات البحرية وطاقم السفن، لا سيما في المناطق القريبة من مضيق هرمز.
ويرى خبراء أن رد الفعل السريع هذا يعكس هشاشة السوق أمام أي إشارات خطر، خصوصاً في منطقة استراتيجية تُشكل معبراً رئيسياً لصادرات الطاقة العالمية، حيث يمر عبر مضيق هرمز نحو خُمس كميات النفط المنقولة بحراً في العالم.
التأثير على السوق النفطية العالمية
لا يقتصر القلق على الشحن فحسب، بل يمتد ليشمل تأثيرات مباشرة على السوق النفطية برمتها. ووفقا لتقديرات من شركتي "فاكتس جلوبال إنرجي" و"شركة نيكسانت للاستشارات الكيميائية والطاقة"، بالاستناد إلى بيانات "شركة كيبلر لتحليل بيانات التجارة والنفط"، فإن صادرات الديزل من الخليج العربي تبلغ نحو 1.4 مليون برميل يومياً، فيما تصل صادرات النافثا إلى 1.2 مليون برميل يومياً، إلى جانب كميات كبيرة من غاز البترول المسال وزيت الوقود.
LNG tankers hold near Oman as regional security escalates
Tensions around the Strait of Hormuz have led to disrupted #LNG shipping patterns, with #Kpler identifying seven tankers behaving unusually in the area.
The Hlaitan, a 175,000 m³ vessel, has diverted from its signalled… pic.twitter.com/4LvMsfkO6V — Kpler (@Kpler) June 17, 2025
وبذلك تصبح تكاليف النقل عنصراً حاسماً في تحديد أسعار الوقود في الأسواق الآسيوية والأوروبية على حد سواء.
وفي هذا السياق، تحذر تقارير متخصصة من أن استمرار ارتفاع تكاليف الشحن قد يؤدي إلى اضطراب أوسع في سلاسل التوريد، خاصة إذا ما تم استهداف البنية التحتية اللوجستية في الموانئ الإيرانية أو الخليجية.
وتشير التوقعات إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد تسعيرا أعلى لما يعرف بـ"علاوة المخاطر الجيوسياسية"، ما يضيف عبئا إضافيا على السوق العالمية في وقت تحاول فيه الحفاظ على توازن دقيق بين العرض والطلب.
تقلبات أسعار النفط
تزامناً مع هذه الاضطرابات، ارتفعت أسعار النفط في الأسواق العالمية مدفوعة بمخاوف من تعطل تدفقات الخام ومشتقاته من الخليج، الذي يعد شريانا أساسيا للطاقة في آسيا وأوروبا.
فقد ارتفع خام برنت في التعاملات الآسيوية الأربعاء بمقدار 26 سنتا، أي بنسبة 0.3%، ليصل إلى 76.71 دولاراً للبرميل، فيما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 35 سنتاً، أو ما يعادل 0.5%، ليبلغ 75.19 دولاراً للبرميل، وفقا لبيانات رويترز.
????️ تحليل النفط – فريم يومي
يُظهر النفط حاليًا حركة مفصلية قرب خط الاتجاه الهابط الرئيسي الممتد منذ منتصف 2022، حيث يتداول السعر حاليًا عند 73.11، على أعتاب اختبار حاسم قد يُغير ملامح السوق للفترة المقبلة.
???? السعر الحالي: 73.11
???? الاختراق الصاعد لخط الاتجاه قد يدفع الأسعار… pic.twitter.com/kTTE0vGyJl — ALSEIF CHART (@alseif_chart) June 18, 2025
وخلال الأسبوعين الماضيين، قفزت أسعار خام برنت بنحو عشرة دولارات، ما يعكس القلق المتزايد بشأن مصير إمدادات النفط من مضيق هرمز.
وتُعد إيران ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة "أوبك"، حيث تنتج قرابة 3.3 ملايين برميل يومياً، إلا أن وفرة الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى "أوبك+"، والتي تصل إلى نحو 5.7 ملايين برميل يوميا، تعطي هامشا من الأمان لتعويض أي نقص محتمل، بحسب وكالة فيتش للتصنيف الائتماني.
ومع ذلك، حذرت الوكالة من أن أي خلل جوهري في البنية التحتية للإنتاج أو التصدير في إيران قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار، حتى وإن كانت الأسواق قادرة فنيا على تعويض الفاقد من الإنتاج.
ارتفاع حاد في أقساط التأمين
وفي مظهر آخر من مظاهر التأثر المباشر بالحرب، أفادت مصادر ملاحية، أمس الثلاثاء، أن أقساط التأمين ضد مخاطر الحروب على السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي ارتفعت ثلاثة أضعاف في غضون أيام قليلة، في ظل تصاعد المخاوف من الاستهداف المباشر للسفن التجارية في شرق المتوسط.
ووفقاً لنفس المصادر، فإن تكلفة تأمين رحلة بحرية إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي لمدة سبعة أيام ارتفعت من 0.2% إلى ما بين 0.7% و1% من قيمة السفينة، وهو ما يعني أن ناقلة تبلغ قيمتها 80 مليون دولار قد تُضطر لدفع ما بين 560 و800 ألف دولار كقسط تأميني، مقارنة بـ160 ألف دولار في الوضع الطبيعي.
ويعكس هذا التصاعد في تكلفة التأمين حالة القلق التي تهيمن على أسواق النقل البحري، ويرجح أن يؤدي إلى ارتفاع إضافي في تكاليف الشحن، ما قد ينعكس على أسعار السلع المستوردة إلى الاحتلال الإسرائيلي أو المصدرة منها، ويضيف بعداً اقتصادياً جديداً لتداعيات الحرب.
ارتفعت تكلفة التأمين ضد مخاطر الحرب لسفن الشحن المتجهة إلى إسرائيل 3 أضعاف عمّا كانت عليه قبل الحرب الإسرائيلية على إيران. إذ إن تكلفة رحلة مدتها 7 أيام إلى الموانئ الإسرائيلية تراوحت بين 0.7% و1.0% من قيمة السفينة، مقابل حوالي 0.2% قبل أسبوع.
يُذكَر أن تكلفة التأمين هذه بلغت… pic.twitter.com/Epl651B4Ae — موقع صفر (@sifrmag) June 18, 2025
حوادث وتوقعات متباينة
وعلى الرغم من أن البنية التحتية الرئيسية للطاقة لم تتأثر بشكل كبير حتى الآن، فإن بعض الحوادث بدأت تثير الانتباه، حيث اصطدمت ناقلتان بالقرب من مضيق هرمز في ظل تزايد التداخل الإلكتروني، ما أدى إلى اشتعال النيران فيهما.
كما أوقفت إيران جزئياً إنتاج الغاز في حقل "بارس الجنوبي" المشترك مع قطر بعد غارة للاحتلال تسببت باندلاع حريق هناك، فيما استهدف الاحتلال الإسرائيلي أيضاً مستودعاً للنفط في إيران.
قالت دولة قطر إن إنتاج الغاز في حقل «بارس الجنوبي» يسير بشكل طبيعي، وإن الإمدادات لم تتأثر، وذلك بعد تعرض الحقل، الذي يُعدّ الأكبر في العالم، لضربة جوية إسرائيلية يوم السبت الماضي، دفعت إيران لتعليق جزئي في إنتاجها.
وتُعد قطر ثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم بعد… pic.twitter.com/u0w6vFwKLL — economic | إيكونوميك (@economic) June 17, 2025
ومع هذا، يقول محللون مثل "أولي هانسن" من بنك "ساكسو" إن احتمالات إغلاق مضيق هرمز لا تزال ضئيلة، نظراً لعدم رغبة إيران في خسارة إيراداتها النفطية، وسعي الولايات المتحدة لخفض أسعار النفط وتخفيف التضخم.
من جهتها، خفضت وكالة الطاقة الدولية تقديراتها للطلب العالمي على النفط بنحو 20 ألف برميل يومياً، ورفعت توقعاتها للإمدادات بمقدار 200 ألف برميل يومياً، ما قد يخفف من الضغوط السعرية، في حال لم تتدهور الأوضاع أكثر.
في المحصلة، يبدو أن الأسواق النفطية والبحرية تسير على خيط رفيع من الترقب، وسط صراع تتداخل فيه الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية، وينتظر أن تكون تداعياته متزايدة ما لم يتم احتواءه سريعاً.
في ظل التصعيد الإقليمي المتسارع، تدخل المواجهة بين إيران والاحتلال الإسرائيلي مرحلة جديدة تنذر بمزيد من الخطورة، مع اتساع نطاق الضربات المتبادلة وتزايد المؤشرات على احتمال انخراط أمريكي مباشر في الصراع.
وبينما تواصل القوات الإسرائيلية تنفيذ هجمات نوعية داخل الأراضي الإيرانية، ترد طهران بقصف صاروخي يستهدف عمق الداخل المحتل، في مشهد يعزز المخاوف من انزلاق المنطقة نحو حرب إقليمية شاملة قد تستدرج أطرافاً دولية، في وقت تعيش فيه الجبهات حالة تأهب غير مسبوقة.