هل هناك صيغ للدعاء ليكون مقبولا؟.. مواطنها وصيغتان نغفل عنهما
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
هل هناك صيغ للدعاء حتى يكون مقبولا؟ سؤال يغفله كثيرون خاصة ممن يظنون أن الدعاء يشترط فيه أمور مخصوصة، بل إنهم يستبطئون في أغلب الأوقات إجابته فيتوهمون أن الله لم يقبل منهم ما دعوا به وأن ذلك سبب في تمكن اليأس والإحباط منهم.
هل هناك صيغ للدعاء حتى يكون مقبولا؟"الدعاء مخ العبادة" أي أعلى ما فيه ؛ لأن فيه اعتراف من الإنسان بعبوديته لله سبحانه وتعالى، كما أن الدعاء عبادة من أعظم العبادات التي أمر بها الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقال تعالى: ﴿وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [الأعراف: 29]، وقال سبحانه: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60].
جاء عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ» ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]، أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه في "سننهم" والحاكم في "المستدرك" وصححه.
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ، أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا» أخرجه أبو داود واللفظ له والترمذي وابن ماجه في "سننهم" وابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "المستدرك" وصححه.
الأمر بالدعاء جاء عامًّا مطلقًا؛ فيشمل ذلك كلَّ هيئاته؛ في الصلاة وخارجها، سرًّا وجهرًا، رغبة أو ورهبة؛ فقال تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: 55-56].
وكما جاء الأمر بالدعاء على كلّ حال، تواترت نصوصُ السنة النبوية الشريفة باستحباب رفع اليدين في الدعاء، حتى خصَّص الأئمة أبوابًا لذلك في مصنفاتهم؛ فبوب الإمام البخاري في "صحيحه": (بَابُ رَفْعِ الأَيْدِي فِي الدُّعَاءِ)، وبوب الإمام الترمذي في "جامعه": (بَاب مَا جَاءَ فِي رَفْعِ الأَيْدِي عِنْدَ الدُّعَاءِ)، وابن ماجه في "سننه": (بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ).
ونص الأئمة على تواتر أحاديث رفع اليدين عند الدعاء تواترًا معنويًّا؛ فقال الحافظ السيوطي في "تدريب الراوي" (2/ 631، ط. دار طيبة): [ومنه ما تواتر معناه؛ كأحاديث رفع اليدين في الدعاء] اهـ. وبه قال الإمام المناوي في "اليواقيت والدرر" (1/ 246، ط. مكتبة الرشد).
الصور الواردة في رفع اليدين في الدعاءمع تواتر الأحاديث على رفع اليدين عند الدعاء إلا أنَّ لها صورًا واردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تختلف باختلاف المدعو به وحال الدعاء عند ذلك؛ فإذا كان الدعاء لطلب حاجة أو عطاء فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوجه باطن كفيه إلى السماء وظهرهما إلى الأرض، وإن كان الدعاء لرفع نقمة أو دفع بلاء قلب يديه إلى الأرض وجعل ظهرهما إلى السماء.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم اسْتَسْقَى، فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ" أخرجه مسلم في "صحيحه" واللفظ له، والإمام أحمد وعبد بن حميد في "مسنديهما".
قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (6/ 190، ط. دار إحياء التراث): [قال جماعة من أصحابنا وغيرهم: السنة في كلّ دعاء لرفع بلاء؛ كالقحط ونحوه، أن يرفع يديه ويجعل ظهر كفّيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء] اهـ.
وروى ابن مردويه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قول الله سبحانه: ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ [الأنبياء: 90] قال: «رَغَبًا هَكَذَا، وَرَهَبًا هَكَذَا»، وبسط كفيه؛ يعني: جعل ظهرهما للأرض في الرغبة، وعكسه في الرهبة؛ كما نقله الحافظ السيوطي في "الدر المنثور" (5/ 670-671، ط. دار الفكر) مختصرًا، وذكره بتمامه العلامة الشوكاني في "فتح القدير" (3/ 502، ط. دار ابن كثير).
وهو ما نص عليه الفقهاء؛ فقد ذكروا أن الدعاء إذا كان رغبة جعل الداعي باطن كفيه إلى السماء وظهرهما إلى الأرض، وإن كان رهبة جعل ظهر كفيه إلى السماء وباطنهما إلى الأرض.
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (1/ 166، ط. دار المعرفة): [وعن محمد بن الحنفية رضي الله تعالى عنه قال: الدعاء أربعة: دعاء رغبة، ودعاء رهبة، ودعاء تضرع، ودعاء خفية، ففي دعاء الرغبة يجعل بطون كفيه نحو السماء، وفي دعاء الرهبة يجعل ظهر كفيه إلى وجهه كالمستغيث من الشيء، وفي دعاء التضرع يعقد الخنصر والبنصر ويحلق بالإبهام والوسطى ويشير بالسبابة، ودعاء الخفية ما يفعله المرء في نفسه، وعلى هذا قال أبو يوسف رحمه الله تعالى] اهـ.
وجاء في "المدونة" في فقه الإمام مالك (1/ 420، ط. دار الكتب العلمية): [قال ابن القاسم: وسئل مالك عن الإمام إذا أمر الناس بالدعاء وأمرهم أن يرفعوا أيديهم في مثل الاستسقاء، والأمر الذي ينزل بالمسلمين مما يشبه ذلك؟ قال: فليرفعوا أيديهم إذا أمرهم، وليرفعوا رفعًا خفيفًا، وليجعلوا ظهور أكفهم إلى وجوههم وبطونها إلى الأرض. قال ابن القاسم: وأخبرني بعض من رأى مالكًا في المسجد يوم الجمعة ودعا الإمام في أمر، وأمر الناس أن يرفعوا أيديهم فرأى مالكًا فعل ذلك، رفع يديه ونصبهما وجعل ظاهرهما مما يلي السماء] اهـ.
وفي جواب سؤال هل هناك صيغ للدعاء حتى يكون مقبولا؟، قال الدكتور أيمن الحجار، من علماء الأزهر الشريف، إن الدعاء الذى يدعو به الانسان ربه، له صيغ وردت عن سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في مواضع معينة يفضل الالتزام بها منها ما هو عند تناول الطعام، حيث قال صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي رزقني هذا الطعام من غير حول لي ولا قوة.
وتابع العالم الأزهري: "الأدعية حين يدعو الانسان يكون مريض اللهم رب الناس اذهب البأس، ويستطيع الانسان ان يدعو الله بما يفيض عليك وبما فتح لك"، مشددًا: "إذا نزل الدعاء على لسانك كسلاسل الماء وشعرت براحة فاعلم أن هذا رضا من الله سبحانه وتعالى كما كان يقول سيدنا عمر بن الخطاب".
اصطفى الله تعالى بعض المواطن والأوقات وجعلها مظنَّةً لإجابة الدعاء رحمةً منه وتفَضُّلًا على عباده؛ ومن هذه الأوقات: الدعاء عند نزول المطر؛ لأنَّها أوقات مِنَّة وفضل ولطف ورحمة من الله على عباده، كما في الحديث الذي رواه أبو داود والحاكم بلفظه عن سهل بن سعد رضي الله عنه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ثنتان ما تُرَدَّان: الدُّعاء عند النداء، وتحت المطر» أي: عند نزوله.
قال العلامة المناوي في "فيض القدير" (3/ 340، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [أي: دعاء من هو تحت المطر لا يُرَدُّ أو قلَّمَا يُرَدُّ، فإنَّه وقت نزول الرحمة، لاسِيَّمَا أول قطر السنة، والكلام في دعاءٍ متوفر الشروط والأركان والآداب] اهـ.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَيُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ: عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَعِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ، وَعِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَعِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ» أخرجه البيهقي في "المعرفة"، والطبراني في "الكبير".
وروى الإمام الشافعي في "الأم" عن عبد العزيز بن عمر عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اُطْلُبُوا إجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْتِقَاءِ الْجُيُوشِ، وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَنُزُولِ الْغَيْثِ».
كما استدل الفقهاء بالآثار التي تدُلُّ على استحباب الدعاء أثناء نزول المطر على أنَّ الدعاء حال نزول المطر مستجاب؛ من ذلك: حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رأى المطر يقول: «اللهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» رواه البخاري. وفي لفظ لأبي داود أنه كان يقول: «اللهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا».
قال الإمام الطحطاوي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (1/ 553، ط. دار الكتب العلمية): [ويستحب الدعاء عند نزول الغيث؛ لما ورد من استجابة الدعاء عنده] اهـ.
وقال العلامة ابن رشد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (1/ 224، ط. دار الحديث): [أجمع العلماء على أنَّ الخروج إلى الاستسقاء، والبروز عن المِصْر، والدعاء إلى الله تعالى والتَّضرُّع إليه في نزول المطر سُنَّة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 96، ط. دار الفكر): [قال الشافعي: وحفظت عن غير واحد طلب الإجابة عند نزول الغيث وإقامة الصلاة] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "شرح منهج الطلاب" (2/ 126، ط. دار الفكر): [(و) أن (يقول عند مطر: اللهم صيّبًا) بتشديد الياء، أي: مطرًا (نافعًا) للاتباع، رواه البخاري، (ويدعو بما شاء)؛ لخبر البيهقي: «يستجاب الدعاء في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف، ونزول الغيث، وإقامة الصلاة، ورؤية الكعبة»] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 327، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب الدعاء عند نزول الغيث؛ لما رُوِي أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اطلبوا استجابة الدعاء عند ثلاث: عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة، ونزول الغيث»] اهـ.
ومن صيغ الدعاء المستجاب ما يلي:
اللهم إنا نسألك خير المسألة، وخير الدعاء ،وخير النجاح، وخير العمل، وخير الثواب، وخير الحياة، وخير الممات، وثبتنا وثقل موازيننا، وحقق إيماننا، وارفع درجاتنا، وتقبل صلاتنا، واغفر خطايانا، ونسألك الدرجات العلى من الجنة. آمين.
يا لطيف نسألك اللطف أبدا، يا حفيظ قنا السوء، يا لطيف يا لطيف يا لطيف من لعبدك العاجز الخائف الضعيف.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدعاء الدعاء عبادة استجابة الدعاء رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم النبی صلى الله علیه وآله وسلم ی صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه الله تعالى نزول المطر الدعاء عند قال الإمام إلى الأرض اهـ وقال عند نزول فی دعاء
إقرأ أيضاً:
العاصمة صنعاء تشهد مسيرة جماهيرية كبرى إحياء لذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام
الثورة نت /..
شهدت العاصمة صنعاء اليوم، مسيرة جماهيرية كبرى في شارع المطار إحياءً لذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام (عاشوراء) تحت شعار “هيهات منا الذلة”.
وأكدت الحشود أن إحياء الشعب اليمني لهذه الذكرى الأليمة والفاجعة الكبرى في تاريخ الأمة، هو من منطلق انتمائه وهوية الإيمانية، وولائه الراسخ للرسول صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وسلم وآل بيته الأطهار.
وجددت العهد والولاء لسبط رسول الله الإمام الحسين عليه السلام، والتمسك بالقيم والمبادئ التي ضحَّى من أجلها، واستلهام الدروس والعبر من مواقفه وشجاعته وتضحياته في مواجهة قوى الطغيان والاستكبار أمريكا وإسرائيل.
وأكدت أن موقف اليمن في مساندة ونصرة الأشقاء في غزة وفلسطين يمثل امتداداً لنهج الإمام الحسين عليه السلام، والقيم والمبادئ التي ضحى من أجلها في سبيل نصرة الدين والمظلومين والمستضعفين ورفض الذل والخضوع لأعداء الأمة.
وجددت الحشود التأكيد على أن الإمام الحسين عليه السلام يمثل رمزا عظيما من رموز الإسلام ولا يخص مذهبًا ولا طائفة، وأن ذكرى عاشوراء تمثل ثورة في وجه الطغاة والمستكبرين.
ورددت بهتاف البراءة من أعداء الله، وشعار الحسين “هيهات منا الذلة” وهتفت بعبارات (عاشوراء يوم الأحرار.. زلزل عروش الفجار)، (صرختنا كل الأوقات.. هيهات الذلة هيهات)، (غزة كربلاء العصر.. مظلومية معها النصر)، (في غزة أو كربلاء.. نفس العزة والإباء)، (من نصروا ابن رسول الله.. ما خذلوا غزة والله).
كما هتفت (الحسين في كل زمان.. ثورة في وجه الطغيان)، (ما وقف الحسين وقام.. إلا ليصون الإسلام)، (في غزة أو كربلاء.. يتجلى صدق الولاء)، (يا غزة يا فلسطين.. معكم كل اليمنيين)، (الجهاد الجهاد.. كل الشعب على استعداد).
وأكدت الجماهير المحتشدة أن الأشقاء في غزة وفلسطين يعيشون كربلاء العصر كما عاشها الإمام الحسين عليه السلام.. مؤكدة مواصلة التعبئة العامة والتحشيد ورفع الجهوزية لمواجهة أي تصعيد أو عدوان صهيوني.
كما جددت التأييد والتفويض لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في اتخاذ الخيارات المناسبة لردع العدوان ونصرة الشعب الفلسطيني.. مؤكدة ثبات موقف اليمن في دعم ومساندة غزة حتى إيقاف العدوان ورفع الحصار عن القطاع.
وفي المسيرة، أكد مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين، أن احياء هذه المناسبة العظيمة ليس من باب إحياء الطائفية أو المذهبية أو العنصرية أو المناطقية كما يحلو للبعض أن يسميها، وإنما إحياء ركن من أركان الدين ومنهجاً وضعه الله تعالى كأساس لاستقامة هذا الدين وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأشار إلى أن الإمام الحسين أراد بنهضته أن يكسر حاجز الخوف وأن يبدد حالة الخنوع الذي أصاب الأمة، وأن يحيي ما أسسه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كمبدأ إسلامي ومفهوم ايماني أصيل وهو شرعية الخروج على الظالم ومواجهة السلطان الجائر، بعد أن عمل النظام الأموي طيلة عقدين من الزمن على ترويج دعوى حرمة الخروج عن النظام الحاكم ولو كان ظالمًا أو مفسدًا أو متجبرًا ومتغطرسًا، وسخر له مأجورين من علماء السوء وغيرهم.
وأوضح مفتي الديار اليمنية، أن هذه الثقافة الخطيرة لن يكن من الممكن نسفها ولا تغييرها، لو لم يتصدى لها رجالا بحجم الإمام الحسين عليه السلام، ولو لم تكن تلك التضحية بحجم التضحية التي ضحها الإمام الحسين.
وذكر أن الإمام الحسين عليه السلام، بين سبب خروجه بعد أن رأى الظلم والمنكرات، وبعد أن رأى التغير والتحول في أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بعد تلك التضحيات الجسيمة التي بذلها رسول الله، وأهل البيت عليهم السلام، وصحابة النبي النجباء رضوان الله عليهم، من أجل هذا الدين.
ولفت إلى أن الإمام الحسين نهج منهج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو الذي أمر الله تعالى به رسله وسائر المؤمنين، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. مشيرا إلى أن الإمام الحسين بين سبب خروجه حين خطب في الناس “أني سمعت جدي رسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله يعمل بين الناس بالإثم والعدوان ثم لا يغير عليه بفعل ولا قول إلا كان حقا على الله أن يدخله مدخله”.
وأوضح أن هذا الحديث يؤكده قول الحق سبحانه وتعالى “لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ”.. مشيرا إلى أن الخروج على السلطان الجائر، لم يقيد بزمان ولا بمكان ولا بشخصية معينة، بل إن الأمر منوط بمدى وجود المنكر.
ولفت العلامة شرف الدين إلى أن الإمام الحسين، رأى أن من واجبه أن يتحرك ولو كان في ذلك ذهاب روحه ما دام في سبيل الله وإعلاء كلمته.
وقال” هذا المفهوم الذي خرج من أجله الحسين وقد طعن في حق الحسين وأسيء فهمه وشكك في مبدأ الحسين كما شكك اليوم في مبدأ محور المقاومة وأحرار هذه الأمة، فقيل في طوفان الأقصى إنه كان مغامرة، وقيل في حرب حزب الله مع إسرائيل أنها مغامرة، وقيل فيما نقوم به من مواجهة أمريكا وإسرائيل أنه مغامرة وانتحار”.
وأضاف “هذا هو الفارق بين مفهوم أئمة أهل البيت عليهم السلام وأحرار هذه الأمة، وبين مفهوم من يريد هذه الحياة، فحاولوا أن يطوعوا القرآن على حسب أهواهم”.. مؤكداً أن الجهاد لن يكون أبدا إلقاء بالنفس إلى التهلكة.
وأوضح أن ” هناك اليوم مدرسة تدعوا إلى السكوت والخنوع والتسليم للأمر الواقع والخضوع لشروط أمريكا وإسرائيل، وهذا الأمر الذي اليوم يخير به المسلمون كما خير الإمام الحسين عليه السلام آنذاك وقال قولته المشهورة (أما إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة)”.
وتابع “يأبي الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وأنوف حمية ونفوس آبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، هذه المدرسة العظيمة هي التي اخرجت هؤلاء الرجال الذين يواجهون اليوم الطغاة والمجرمين أمريكا وإسرائيل وأعوانهم، بينما المدرسة الأخرى ما زالت منذ ذلك الحين إلى يومنا تدعو إلى الخضوع والذلة وحرف الناس عن مسار الله سبحانه وتعالى”.
وقال العلامة شمس الدين شرف الدين “نحمد الله أن كنا من أهل مدرسة الجهاد والاستشهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإعلاء كلمة الله، أما المثبطون فلا عزاء لهم”.
وأكد أن أمريكا وإسرائيل ومن ورائهم لا يمكن أن يثنوا الشعب اليمني عن مساره وصموده وثباته في مناصرة الأشقاء في غزة.. مبينا أن كرباء اليوم موجودة في غزة، ومن ينصر غزة اليوم هو ينصر الإمام الحسين، ومن يرفع منار وشعار هذا الدين ويعلي كلمة الحق، ومن هو مع غزة هو الصادق والمؤمن والمجاهد.
وأكد أن المعية ليست معية مكان ولا زمان وإنما هي معية منهج ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ” حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، الحسين سبط من الأسباط”.. موضحاً أن هذا الحديث يبين صوابية مشروع الإمام الحسين عليه السلام، وصوابية مشروع كل من خرج ضد الطغاة والمجرمين.
وقال” ما نراه اليوم من الانحلال والانفلات والفسق والفجور من ولاة الظلم والفجور في الأمة، يدل بشكل واضح على مدى انحرافها عن مسار نبيها، وأنها بحاجة إلى أن تصحح مسارها وأن تعود إلى رشدها، وأن تتبرأ من الطغاة والمجرمين، وتنهج نهج الصالحين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر”.