◄ الحكومة المرنة تتبنى حلولًا وتشريعات ولوائح عصرية مبتكرة وتتفادى الحلول التقليدية
خلفان الطوقي
المبادرات الحكومية والبرامج الوطنية أصبحت عديدة، وهدفها الأسمى تحقيق رؤية "عُمان 2040"، لذلك تسعى الحكومة إلى تحقيق أفضل الأهداف حسب الخطط الخمسية، فالخطة الخمسية العاشرة بقدر ما تحمل من فرص إلا أنها مليئة بالتحديات، وهذه المقالة ليس هدفها إيضاح الفرص والتحديات، بقدر ما تسعى إلى إيصال أمانينا كمراقبين في أن تكون حكومتنا حكومة مرنة.
والحكومة المرنة المقصودة تتميز بما يلي:
- عصرية: وهو أن تتبنى حلولا وتشريعات ولوائح عصرية مبتكرة، وتتفادى الحلول التقليدية؛ فالعقول المستنيرة منتشرة هنا وهناك، ولابد من البحث عنها في كل جهة حكومية أو الاستعانة بها حتى لو كانت من خارج المؤسسة الحكومية.
- استباقية: بحيث تكون قادرة على فهم الصورة الكبرى، وتكون كافة السيناريوهات حاضرة عند كل أزمة، وعارفة بكل المزايا والتحديات، وجاهزة للتعامل معها، وساعية لمزيد من المكاسب، ومتفادية للأضرار كلياً أو جزئيا.
- متأقلمة: قادرة على التأقلم بسرعة فائقة، ومواكبة للمتغيرات والظروف المحلية والإقليمية والعالمية.
- مُبادِرَة: أن تكون الحكومة مبادرة غير متخذة لسياساتها بالارتجال أو ردات الفعل، بل تفكيرها أقوى وأسرع وأشمل من مواطنيها بمراحل شاسعة.
- جرئية: تتمتع بالجرأة والقوة، وأن تكون هذه الجرأة والصلابة مبنية على أسس ومعايير شفافة.
- مُثرية: حكومة تمتلك مخزونًا غنيًا من الحلول الإبداعية، وفرق ابتكارية مزيلة للعوائق والتحديات.
- سريعة: بمعنى أن لا تكون بطيئة لحد الملل، أو متسرعة حد التهوُّر، إنما سريعة واتخاذ القرارات أو تبني المبادرات الحكومية الفعالة في الوقت المناسب، فإن فات الوقت، أصبح ما يتم اتخاذه بلا قيمة تذكر.
- تفاعلية: مرحبة بالتواصل المستمر، مفعلة كافة وسائل التواصل التقليدية والحديثة.
إنَّ متغيرات العصر تتطلب أن تكون الحكومة هكذا وأفضل؛ فالحكومات أصبحت في سباق محموم لتتوافق مع تطلعات مواطنيها ورؤاها الوطنية، وما رؤية "عُمان 2040" بالسهلة لتحقيقها؛ بل تتطلب حكومة مرنة تتميز بخصائص ومواصفات تم ذكرها أعلاه.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الهند وباكستان.. ودرس أن تكون قويا
ما أهم درس فى المواجهة العسكرية الأخيرة بين الهند وباكستان، والتى انتهت بقبول الطرفين وقف إطلاق النار بعد حرب خاطفة ومحدودة ومنضبطة الى حد ما، استمرت نحو خمسة أيام؟!
الدروس والعبر والعظات كثيرة، لكن سوف أركز اليوم على درس واحد وهو أنه حينما تكون قويا فإن الجميع يخافك ويقدرك بل ويحترمك حتى لو كنت عدوه، والعكس صحيح تماما.
لأنه حينما تكون ضعيفا فسوف يتجرأ عليك الجميع ويحولونك إلى «ملطشة».
لمن لم يتابع تفاصيل الصراع فإن هجوما وقع فى بلدة باهالغام، فى الجزء الذى تسيطر عليه الهند فى كشمير قتل فيه ٢٦ شخصا معظمهم من السائحين الهندوس.
الهند اتهمت جماعة «ريزستنس فرونت» أو جبهة المقاومة المدعومة من باكستان بالمسئولية، وهو ما نفته الأخيرة تماما وطالبت بتحقيق دولى، لكن الهند شنت عملية عسكرية فى ٧ مايو الجارى استهدفت خلالها مواقع باكستانية قالت إنها تخص ما وصفته بـ«الجماعات الإرهابية» خصوصا «جيش محمد» و«لشكر طيبة» إضافة إلى مواقع تخص الجيش الباكستانى.
لكن باكستان ردت على الهجوم الهندى بعملية «البنيان المرصوص» وقالت إنها تمكنت من إسقاط مقاتلات هندية من طراز رافال فرنسية الصنع وروسية من طراز ميج وسوخوى ومسيرات وادعى كل طرف أنه دمر مواقع للطرف الثانى، وأن معظم الضحايا لديه من المدنيين.
لكن ربما الأخطر هو أن المواجهة أدت إلى تعليق معاهدات واتفاقيات طويلة المدى، خصوصا معاهدة مياه نهر السند التى تنظم توزيع المياه القادمة من المنابع الهندية إلى المصبات الباكستانية وكذلك اتفاقية سملا الموقعة بين البلدين فى ٢ يوليو ١٩٧٢بعد حرب صعبة بين البلدين وقتها، وتنص على احترام سيادة كل طرف وحل النزاعات بالطرق السلمية ورسم خط لوقف إطلاق النار فى كشمير، وعودة الأسرى والتطبيع بين الطرفين.
المهم بعد ٥ أيام من القتال بكل أنواع الأسلحة، وخصوصا المقاتلات والمسيرات والصواريخ وسقوط أكثر من ٦٠ قتيلا ونزوح مئات الآلاف فى كشمير وقرب حدود البلدين، تم وقف إطلاق النار فى وساطة قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن بلاده هى التى سعت إليها، فى حين أن ٣٠ دولة سعت للوساطة أيضا كما قال مسئول وزير خارجية باكستان إسحاق دار.
المهم أن القتال توقف وهو خبر طيب ومفرح للبلدين وللمنطقة وللعالم بأكمله.
السؤال هل كانت الهند ستقبل بوقف إطلاق النار إلا بعد أن شعرت أن باكستان قوية ويمكنها أن ترد الهجوم بهجوم مماثل وربما بصورة أكبر؟!
المؤكد أن الإجابة هى لا قاطعة.
والسبب أن لدينا نموذجا فى منطقتنا اسمه إسرائيل، فهى تواصل البلطجة فى المنطقة منذ عام ١٩٤٨، ولم يردعها أحد إلا باستثناءات قليلة كما حدث فى الانتصار المصرى العظيم فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣، لكن ومنذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ فإن إسرائيل تعربد فى المنطقة كما تشاء بدعم أمريكى كامل وفاضح!
هى ترتكب جرائم إبادة جماعية فى قطاع غزة وتتهيأ لضم الضفة الغربية، وتحتل مناطق مهمة فى لبنان، واحتلت مناطق جديدة فى سوريا بعد أن دمرت معظم قدراتها العسكرية، كما تقصف فى اليمن وإيران، وتقول إن يدها تطال كل مكان فى المنطقة، وتتحدى المجتمع الدولى والأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية.
أتصور أن الهند ربما حاولت استغلال عملية «باهالغام» مثلما استغلت إسرائيل عملية «طوفان الأقصى». لكن الفارق أن الرد الباكستانى كان مقنعا للهند لكى تقبل بوقف إطلاق النار، فحينما بدأت الهند هجومها وجدت ردا مماثلا من باكستان وربما أقوى، الصاروخ بالصاروخ والمسيرة بالمسيرة والمقاتلة بالمقاتلة.
والأهم أن السلاح النووى الذى تمتلكه باكستان رسميا منذ ٢٨ مايو ١٩٩٨ هو الذى يجعل الهند تفكر مليون مرة قبل أن تشن هجوما شاملا على باكستان، وهى التى امتلكت القنبلة النووية نظريا عام ١٩٧٤ ثم أجرت فى مايو ١٩٩٨ خمس تجارب نووية إضافية بعد أيام من الإعلان الباكستانى.
السلاح النووى قاتل ومدمر وخطر على البشرية، لكن فى عالم الغابة الذى نعيشه الآن، هو الذى يجعل صديقك يتودد إليك وخصمك يخشاك.
القوة الخشنة - وليست الناعمة - هى التى تمنع الآخرين من التجرؤ عليك واستضعافك، فهل يعى العرب هذا الدرس البديهى، ويفكرون فى استغلال ما لديهم من أوراق وهى كثيرة ولكنها معطلة؟!