موقع 24:
2025-12-12@20:28:02 GMT

الهوية الوطنية الإماراتية وتحديات العولمة

تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT

الهوية الوطنية الإماراتية وتحديات العولمة

إذا كانت العولمة بمجالاتها المختلفة اقتصادياً ومعرفياً وعلمياً وثقافياً تضع العالم أمام خيارين لا ثالث لهما إما الاستجابة لهذا الانفتاح الفائق، والتشارك العالمي والإنساني في صناعة المسار الحضاري وإما العزلة عن العالم وعن تحولات العصر.. فعلى الدول التي تراهن على وجودها في الحاضر والمستقبل، أن تختبر خياراتها، الوطنية والإنسانية أمام هذا التحدي بفعل وفاعلية الوعي للذات والعالم.

حسمت الإمارات أمرها واختارت العمل مع شركائها لتعزيز جاهزية العالم

ولأن طبيعة الحياة تستوجب الارتهان إلى الخيار الأول، فقد تعددت طبيعة هذه الاستجابة بين دولة وأخرى وبين مجتمع وآخر، وذلك عبر تعدد الفهم لمفهوم العولمة وأطروحاتها المختلفة التي تضع الهويات الوطنية أمام تحديات الوجود في عالم منفتح على الثقافات والحضارات.

وهنا يطرح السؤال: كيف يمكن للهويات الوطنية أن تحافظ على كينونتها ووجودها وتاريخها وإرثها، وبالوقت ذاته تنفتح على العالم وثقافاته المتعددة دون أن تفقد خصوصيتها وهويتها؟ ولا شك إن الإجابة عن هذا السؤال، تنهض من العلاقة الجدلية بين الذات والآخر، بين الوطني والعالمي، بين الكينونة والصيرورة، بين الماضي والحاضر والمستقبل.

ولعل هذا ما تنبهت إليه دولة الإمارات العربية المتحدة في طبيعة فهمها ووعيها لهذا التحول الحضاري، واستيعابها لأطروحات العولمة، وذلك عبر ترسيخ الهوية الوطنية الإماراتية ومنظومتها القيمية المتأصلة في كينونتها تاريخياً وثقافياً واجتماعياً، مرتهنة إلى ذلك النسيج الذي يشد أواصر الماضي الأصيل بالحاضر والمستقبل، من دون أن تفقد رهاناتها في الانفتاح على العالم والاستجابة إلى كل الأطروحات الحضارية في المجتمع الإنساني.

ويأتي ذلك من خلال استيعابها للمفاهيم الإيجابية للعولمة لتقدم "المثال الأفضل للعولمة" بكل معطياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمعرفية، وهذا لأنها ارتهنت بكل مفردات نهضتها الحضارية وتشاركها الإنساني اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ومعرفياً، إلى المعيار القيمي والأخلاقي، والإنساني.

فمن يقرأ التجربة الإماراتية التي كانت وراء هذه النهضة الفائقة يدرك من البداية تلك الفلسفة العميقة التي كانت تقف وراء هذا التحول الحضاري، والتي تنهض من إستراتيجية تختبر المستقبل في مختبر الماضي، وتزن التراث بميزان المعاصرة، وتحصن انفتاحها المعرفي والثقافي بمنظومة من القيم والمثل العليا، التي تنهض على قيم التعايش والتسامح والتحاور والتعارف والتبادل المعرفي والاقتصادي ما جعلها تقدم نموذجاً إماراتياً للعولمة، ومثالاً معيارياً لمفهوم العولمة الذي ينهض من مفهوم العالمية والتقارب الحضاري والمعرفي بين البشر، من أجل مجتمع إنساني أكثر تفاهماً وأكثر تسامحاً وأكثر تقارباً.

وأكثر انفتاحاً وهذا ما عبر عنه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بقوله "التعاون البنّاء هو المحرك الحقيقي لإحداث التغيير الإيجابي.. والعمل الفردي يظل قاصراً في عالم يتطور بشكل متسارع".

لذلك حسمت دولة الإمارات أمرها واختارت العمل مع شركائها، لتعزيز جاهزية العالم لبناء مستقبل أفضل لما فيه خير الأجيال القادمة.. بهذا المعنى تمكنت دولة الإمارات منذ قيام الاتحاد من تحقيق نقلات فائقة على كل المستويات من دون أن تفقد رهاناتها على هويتها الوطنية وتراثها وقيمها التي رسخها الآباء المؤسسون في الذاكرة الفردية والمجتمعية، كما هي راسخة في ذاكرة المكان والزمان.

وذلك عبر هذا الانسجام بين هويتها الوطنية ومفرداتها وبين الهوية الإنسانية وأطروحاتها، وهذا ما أكدته مبادئ الخمسين التي ترسم المسار الإستراتيجي لدولة الإمارات خلال الخمسين سنة المقبلة، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وتنموياً وثقافياً، بالتأكيد على ترسيخ قيم الهوية الوطنية الإماراتية وانسجامها مع مبدأ ترسيخ الأخوة الإنسانية واحترام التعدد الثقافي في مجتمعها المحلي والمجتمع الإنساني.

ما جعل العولمة في المفهوم الإماراتي مفهوماً إيجابياً، وفلسفة حيادية، وسبيلاً للحوار والتجاذب بين الحضارات والثقافات برهان علاقاتها وشراكاتها الاقتصادية والثقافية والعلمية على منظومة القيم الأخلاقية التي تضع الإنسان في مقدمة أهدافها، ما يجعلها فضاءً إنسانياً للسعادة والتعايش والتسامح والسلام.

ومن هنا يمكن القول إن آليات الحفاظ على الهوية الوطنية الإماراتية أمام تحديات العولمة هي آليات تشترك فيها كل المؤسسات والهيئات العامة والخاصة، وعلى كل المستويات عبر شراكات فاعلة في المحافظة على التراث الثقافي والمعرفي والقيمي الإماراتي الذي يحصن الهوية الوطنية الإماراتية، ويوسع خياراتها التواصلية مع العالم.

ولعل هذا ما تقوم به مؤسسة وطني الإمارات، عبر ترسيخها للهوية الوطنية الإماراتية بجهودها المختلفة وبرامجها ومبادراتها، التي ترسخ الوعي الوطني والمجتمعي، وتعزز قيم الانتماء والولاء، والمواطنة الصالحة لدى جيل الشباب، كبرنامج "سفراء الهوية الوطنية الإماراتية" ومبادرة "حماة العلم" وغيرها الكثير التي تضع نصب رؤيتها تعزيز الهوية الوطنية الإماراتية.

وتعزيز الوعي الوطني والمجتمعي، وتنمية مهارات القيادة والتواصل والعمل الجماعي لدى الشباب، ما يجعل الأجيال القادمة قادرة على تحديات العولمة بكل مجالاتها، لأنها محصنة بهويتها وعمق انتمائها الوطني وولائها للوطن وقيادته الرشيدة، التي ترسم خارطة المستقبل بعقول الشباب ورؤيتهم التي تستشرف المستقبل.

بهذه الرؤية الواضحة، والفلسفة العميقة، والإرث الأصيل، والانسجام مع التحولات الحضارية والإنسانية استطاعت دولة الإمارات أن تحفظ أصالة هويتها الوطنية وأصالة انتمائها إلى العالم، «فمن يصنع المستقبل لا يخاف من المستقبل» هكذا استجابت دولة الإمارات للعولمة كرؤية مفتوحة على المستقبل.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الإمارات العولمة الهویة الوطنیة الإماراتیة دولة الإمارات هذا ما

إقرأ أيضاً:

علي النعيمي: الإمارات تصنع نموذجاً للإنسانية

أبوظبي (الاتحاد)
أكد معالي الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي، أن دولة الإمارات العربية المتحدة نجحت في بناء نموذج تنموي فريد يقوم على الاستثمار في الإنسان، وترسيخ قيم الاحترام المتبادل والتسامح وقبول الآخر، وتمكين المرأة، وبناء الشراكات العالمية، مشدداً على أن قصة الإمارات قصة إنسانية موجهة للعالم كله وليست حكراً على شعب أو منطقة بعينها.
جاء ذلك في جلسة بعنوان «قصة الإمارات» ضمن فعاليات الدورة الأولى من قمة «بريدج 2025».
وأكد معاليه أنه يعتبر هذه القمة منصة لكل من له صلة بالتواصل الإعلامي على مستوى العالم، وأوضح أن أهمية وجود الضيوف في أبوظبي تنبع من رغبة الإمارات في أن يشهدوا قصة دولة الإمارات، وأن يتفاعلوا مباشرة مع شعبها ومحتواها، وقال: «في الإمارات لدينا محتوى نريدكم أن تروه، أن تتفاعلوا معه، وأن تقدموا توصياتكم واقتراحاتكم لما ترونه مناسباً للتطوير، فنحن نتعامل مع بناء وطننا والتفاعل مع أصدقائنا بعقلية منفتحة وقلب منفتح، ودائماً هناك فرصة للتحسين والتطوير، وهذا هو المحتوى الأهم الذي نريد أن نشاركه مع العالم».

دولة فتية ترسم مساراً للإنسانية
وحول مساهمة دولة الإمارات في المشهد العالمي، قال معالي النعيمي: «نحن دولة صغيرة وفتية، لكننا نؤمن بأننا تمكّنا من أن نصنع مساراً ليس فقط للإماراتيين، ولا للعرب، ولا لشعوب منطقتنا فحسب، بل للإنسانية بأكملها.
وربما تتساءلون: كيف يمكن لأمةٍ ما أن تطوّر مسارها الخاص؟ والجواب: إذا كان لديها القادة المناسبون، قيادة لديها رؤية، ولديها الإرادة السياسية لخدمة شعبها أولاً، ولخدمة الإنسانية. ونحن كان لدينا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، القائد الذي قرر أن يستثمر في الإنسان أولاً ويصنع مستقبلاً أفضل لشعبه».
وأشار معاليه إلى أن أولى تجليات هذه الرؤية كانت في النظام التعليمي، حيث واجهت الدولة في بداياتها تحفظ بعض الأسر على تعليم البنات، فجاء قرار الشيخ زايد، طيب الله ثراه، بدفع راتب شهري للأسرة إذا أرسلت ابنتها إلى المدرسة، وهذا هو التمكين الحقيقي للمرأة من بوابة التعليم. وأكد أن مسار تمكين المرأة الذي بدأه الشيخ زايد، طيب الله ثراه، أثمر اليوم تولي تسع سيدات حقائب وزارية، وحصول النساء على نصف مقاعد البرلمان، فما تحقق للمرأة الإماراتية ليس دعاية، بل استحقاقاً نالته بجدها وإنجازاتها.

الاحترام وقبول الآخر
وتناول معاليه قضية الاحترام وقبول الآخر بوصفها تحدياً عالمياً ومحوراً أساسياً في قصة الإمارات، موضحاً أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان ينظر إلى الآخرين منذ البداية كشركاء وأصدقاء جاؤوا للمساهمة في بناء الوطن، وأن هذا النهج جعل من التنوع السكاني في الدولة مصدر قوة. وقال: «لدينا في الإمارات أكثر من 200 جنسية، و85% من السكان غير مواطنين، لكن الجميع مرحب بهم ليعيشوا ويعملوا ويحققوا أحلامهم دون أن نطلب منهم أن يتغيروا، فنحن نحترم جنسياتهم وأديانهم ومعتقداتهم وأخلاقياتهم، الشرط الوحيد للجميع، والذي ينطبق على المواطنين والمقيمين، هو احترام النظام والقانون».
وأضاف معاليه: «من أعظم إنجازات دولة الإمارات أن شبابنا وأطفالنا لا يعانون من مشكلات في التعامل مع الآخرين، فاحترامهم للآخرين نابع من قلوبهم، وأصبح الاحترام جزءاً من هويتهم وثقافتهم. هذا هو الإنجاز الحقيقي لدولة الإمارات في هذا المجال، وهذا ما نفخر به، ليس المباني والبنية التحتية والإنجازات التجارية، بل الإنسان».

الإعلام في مواجهة التطرف
وفي حديثه عن دور الإعلام والمؤثرين، دعا النعيمي الحضور إلى إعادة صياغة الخطاب الإعلامي عالمياً، قائلاً: «علينا أن نوصل رسالة إلى العالم أننا كبشر، بغض النظر عن جنسيتنا، أو ديننا، أو عِرقنا، أو لوننا، علينا أن نعيش معاً في سلام وانسجام، وأن نتعلم كيف نتقبل ونحترم بعضنا بعضاً، وأن نفهم التحدي الذي يواجهنا جميعاً، أولئك الذين يستخدمون الدين كأيديولوجيا لخدمة أجنداتهم السياسية».

رسالة إنسانية عابرة للحدود
وشدد على أن رسالة الإمارات تتجاوز حدودها الجغرافية لتصل إلى مناطق تحتاج إلى الدعم والشراكة، وفي مقدمتها القارة الأفريقية، مبيناً أن الملايين اليوم في أفريقيا لا يحصلون على التعليم أو الخدمات الصحية الأساسية، وأن 50% من شباب العالم سيكونون من أفريقيا بحلول عام 2050. وقال: «إنها مسؤوليتنا نحن في الإمارات، ومعنا المجتمع الدولي، أن نقيم شراكات حقيقية مع أفريقيا، لا للتنافس على الاستثمار والربح، بل لمساعدتهم على خدمة شعوبهم، ولمساعدتهم على صنع مستقبل أفضل، وتحويل أفريقيا إلى شريك. إنهم يستحقون أن نوليهم الاهتمام، لأنهم بشر مثلنا. ولهذا نبني المدارس والمستشفيات والبنية التحتية، ونوفر فرص عمل للجيل الجديد، ونخلق شراكات مستدامة تعود بالنفع على الجميع. هذه هي استراتيجية الإمارات الاقتصادية التي تقوم على شراكات اقتصادية شاملة تحقق معادلة الربح المتبادل».

خطاب يجعل السلام أولوية 
وأشار الدكتور علي النعيمي إلى أن أولويات كثير من العاملين في مجال الإعلام تتركز اليوم على السبق الإخباري، لكن العالم يحتاج إلى أبطال سلام. وقال: «علينا أن نكون روّاداً ومدافعين عن السلام في كل مكان.

العالم بحاجة إلى روّاد سلام.
ما نحتاجه منكم أنتم، كعاملين في الإعلام، هو أن تكونوا أنتم روّاد سلام. العالم يعاني، ويوجد أكثر من 64 صراعاً على مستوى العالم، وما نحتاج إليه هو أن نصنع خطاباً يجعل من السلام أولوية».
واختتم سعادته الجلسة بقوله: «حين تصبحون رواداً للسلام، ستشعرون باختلاف في داخلكم، في قلوبكم وعقولكم، وستصبحون قادرين على رؤية الأمور ليس من خلال الصراع، بل من خلال المحبة والاحترام والقبول. لهذا، أحثّ كل العاملين في الإعلام: اجعلوا السلام أولوية في كل بوابة ومنصة لتكسبوا قلوب وعقول الشباب، ويصبحوا بدورهم رواداً للسلام».

أخبار ذات صلة علي النعيمي يلتقي وزير العدل في حكومة الظل بالمملكة المتحدة «الوطني» يبحث التعاون مع مبعوث القرن الأفريقي في الخارجية السويسرية

مقالات مشابهة

  • باحث قانوني: بعض الموظفين بمكاتب السجل المدني حوّلوا الهوية الوطنية إلى سلعة تباع وتُشترى
  • الأرشيف والمكتبة الوطنية يستعرض رؤى وطموحات الهوية الوطنية
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • “كابيتال دوت كوم” وأكاديمية سوق أبوظبي العالمي تتعاونان لتعزيز الثقافة المالية للمستثمرين الأفراد وتمكين جيل جديد من المواهب الإماراتية الجاهزة للمستقبل
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة
  • علي النعيمي: الإمارات تصنع نموذجاً للإنسانية
  • ثلاثة أسباب وراء توسع تزوير قيود الجنسية… وتحذيرات من خطر يمس الهوية الوطنية
  • إيرواني: يجب على العالم أن يتحرك بحزم لإنهاء الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة
  • «Ai71» الإماراتية شريك في مشروع «AgriLLM»