سيناريوهات صادمة ما قبل قمة الرياض الطارئة!
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
كتب جورج شاهين في" الجمهورية": ما تلاقت عليه التقارير الديبلوماسية الواردة من اكثر من عاصمة خليجية وغربية ومن أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن تحديداً، هو أنّ المنطقة باتت على فوهة بركان كبير اقتربت حممه من أن تطاول مختلف دولها. فالتحذيرات جاءت واضحة باحتمال ان تشهد بداية وقوع "الحرب العالمية الثالثة" التي تجنّب العالم كله اندلاعها نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، بعدما اختلطت وجوهها العسكرية والاقتصادية والمادية والديبلوماسية في ما بينها بمزيج تسبّب بفرز دولي عميق بين محورين، لولا بعض الخطوات المتسارعة التي تلاحقت لتشكيل نوع من التوازن الدولي.
وفي المقارنة ما بين ما جرى على الساحة الأوكرانية وما يجري في قطاع غزة وأراضي فلسطين التاريخية المحتلة، تعدّدت المعادلات الشبيهة، ووضعت القوى المتدخّلة فيها أمام معادلات مكرّرة في وقت تاريخي قياسي، فصلت في ما بينها اشهر قليلة انقلبت فيها الصورة بين مواقف المنخرطين فيها بنسبة 180 درجة. وتحوّل من أدان ما شهدته مدن أوكرانية عدة من مجازر خرجت في شكلها ونتائجها على كل المواثيق الدولية الى من يبرّر لتل أبيب ما فعلته من مثيلاتها في القطاع على رغم من الفوارق الكبيرة في نتائجها على مستوى حجم الضحايا وحجم التدمير الذي لم تعرفه سوى مدن وقرى اوكرانية كانت خالية من سكانها.
وفي جدول المقارنة هذا، تجدر الاشارة الى انّ ما انتهت إليه الآلة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وبعض مدن الضفة الغربية في اقل من شهر واحد، لم ترتكبه موسكو بعد في اكثر من 18 شهراً حتى اليوم في اوكرانيا. وان تخطّى عدد الشهداء الفلسطينيين الآلاف التسعة، ما عدا المفقودين تحت الركام في غزة وحدها بمن فيهم الاطفال والنساء الذين تجاوزت نسبتهم ثلثي هذا العدد، لم يصل عدد من سقط في أوكرانيا من نساء وأطفال نسبة 15 % من هذا العدد. وان اقترب عدد الجرحى من 30 ألفاً في القطاع، فإنّ ما انتهت إليه حرب أوكرانيا لا تُقاس بمساحتها وحجم المتخاصمين فيها ومساحة المناطق البحرية. فالقطاع بكامله لا يتجاوز في مساحته حدود العاصمة كييف وعدد سكانها. كما انّ عدد من سقط من القتلى في عملية "طوفان الأقصى" في المستوطنات والكيبوتزات الإسرائيلية من المستوطنين والأجانب من حاملي الجنسيتين، لا يتجاوز عدد من سقط في مجزرتين ارتكبتهما حكومتهم ما بين "مستشفى المعمداني" وواحدة من مجازر بيت حانون.
وعلى خلفية ما انتهت إليه هذه المقاربة بين أحداث غزة وأوكرانيا، يبدو من الواضح انّ هناك تبدّلاً في الرأي العام الأميركي والدولي، ولم تعد الحكومات المؤيّدة لاسرائيل قادرة على المضي في موقفها الراهن والتعمية على ما ارتُكب، وهو ما بات واضحاً في خلفية الاتصالات الجارية لمواجهة أحداث غزة. ومن هذه الزاوية بالذات، كشفت مصادر حكومية وديبلوماسية لبنانية، انّ الحركة الديبلوماسية في بيروت انتهت الى تبلّغ المسؤولين اللبنانيين ما يشبه تعهّدات اميركية بالسعي الجدّي للحصول على ضمانات اسرائيلية بوقف العمليات العسكرية في القطاع، كما اقترحت الادارة الاميركية، وان ليس هناك سبباً لتبرير هذا الطلب سوى العنوان الإنساني. فما تتعرّض له واشنطن من ضغوط تجاه موقفها مما تقوم به اسرائيل، اقترب من ان يفعل فعله، وإنّ على لبنان ان يلاقي هذه الجهود بضمانات مماثلة من "حزب الله".
وقالت الرسائل التي تبلّغها اللبنانيون ما مفاده، لتجنيب لبنان اي مواجهة يقتضي التنبّه من عدم ارتكاب اي خطأ فادح يُخرج المعادلة العسكرية القائمة في الجنوب الى ما هو اكبر من ذلك، وهو أمر مطلوب من اسرائيل تجاه الجبهة الشمالية، على خلفية انّ مصلحتها تقتضي بعدم فتح اي جبهة جديدة للتفرّد بالفلسطينيين في غزة، والإسراع في ما يقومون به للفصل بين شمال غزة وجنوبها، لمجرد السيطرة على شارعي الرشيد الساحلي وصلاح الدين الى الجهة الشرقية للقطاع. مع التنبيه الدائم من احتمال ارتكاب اي خطأ يوسع نطاق المواجهة الى جبهات اخرى. ذلك انّ اي خطر مصدره اليمن لن يتجاوز مواقع السفن الاميركية في وسط البحر الأحمر، كما بالنسبة الى ما يجري في العراق وسوريا فإنّ ما لدى القواعد الاميركية فيهما كافٍ للردّ على اي استهداف لا بل فإنّها قادرة على قطع كل أشكال التواصل بين بغداد ودمشق بقطع الطرق الدولية الحدودية، تمهيداً لوقف هذه المواجهات البعيدة من إسرائيل تمهيداً لتبريد جبهة غزة.
وختاماً، تعتقد المراجع الديبلوماسية انّ هناك حاجة للاستمرار بكل جهد ممكن لوقف العمليات العسكرية في مهلة اسبوع تسبق القمة العربية في الرياض. فما هو مطروح عليها من سيناريوهات "صادمة" لا يبردّه سوى وقف المجازر المرتكبة في غزة، قبل ان تضطر الدول العربية المطبّعة مع اسرائيل الى تقليد ما قامت به المملكتان الاردنية والبحرينية لجهة سحب سفيريهما من تل أبيب، وقد تتطور الأمور الى قرارات اخرى قد يصل بها الامر الى استخدام سلاح النفط او ما يشبهه او يقترب منه.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: ما بین
إقرأ أيضاً:
رسالة على “واتساب” انتهت بفقدان البصر وحكم قضائي مؤلم
صراحة نيوز ـ في واقعة مؤلمة تعكس مدى خطورة العنف كردّ فعل على الكلمات، قضت محكمة دبي المدنية بتعويض قدره 100 ألف درهم لرجل فقد بصره في عينه اليمنى بعد أن تعرّض للّكم من قبل شخص آسيوي، على خلفية مشادة كلامية عبر تطبيق “واتساب”.
الحادثة تعود إلى خلاف نشب بين شخصين، أحدهما عربي والآخر آسيوي، بعد أن وجّه الأول إساءة لفظية للطرف الثاني عبر رسالة هاتفية. وردّ الأخير بالاعتداء الجسدي عليه، موجّهًا له لكمة قوية في عينه اليمنى تسببت بانفصال الشبكية وفقدان البصر بها، وفق تقرير الطب الشرعي، الذي صنّف الإصابة كـ”عاهة مستديمة” بنسبة عجز وصلت إلى 35%.
محكمة الجزاء نظرت في الواقعة أولاً، فقضت بغرامة 1000 درهم على المعتدى عليه بتهمة السب الإلكتروني، في حين عوقب المعتدي بالحبس ستة أشهر والإبعاد عن الدولة، وهو حكم تم تأييده لاحقًا من قبل محكمتي الاستئناف والتمييز، ليُصبح نهائيًا.
عقب انتهاء مراحل التقاضي الجزائي، لجأ المجني عليه إلى المحكمة المدنية، مطالبًا بتعويض مادي وأدبي بلغ 150 ألف درهم، نتيجة ما تعرض له من أضرار جسيمة في عينه ورأسه، إلى جانب الأثر النفسي العميق الذي خلّفه هذا الاعتداء.
وجاء في الدعوى أن المجني عليه عانى من آلام حادة، وحُرم من مواصلة عمله، كما تكبد مصروفات علاجية، إلى جانب ما تعرض له من إحساس بالقهر والحزن الشديد جراء فقدان نعمة البصر في إحدى عينيه.
المحكمة، وبعد الاطلاع على التقارير الطبية والأحكام الجزائية السابقة، قضت بتعويض المدعي بمبلغ 100 ألف درهم، إضافة إلى فائدة قانونية بنسبة 5% من تاريخ صدور الحكم النهائي، معتبرة أن الضرر الذي لحق به جسديًا ونفسيًا لا يمكن إنكاره، وأن الاعتداء شكّل انتهاكًا لكرامته وحقه في السلامة الجسدية.
وأشارت المحكمة في حيثيات الحكم إلى أن القضاء المدني يلتزم بالحكم الجزائي في ما يخص الواقعة ووصفها القانوني، وأن الثابت هو وقوع اعتداء مباشر أفضى إلى ضرر دائم، ما يستوجب التعويض العادل.
حادثة واحدة… غيّرت حياة إنسان إلى الأبد، لتؤكد من جديد أن الكلمة قد تجرح، لكن الرد العنيف قد يُفقد إنسانًا نور عينيه.