بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وانكشاف حقيقة إسرائيل الهشة على كافة الصعد؛ شن الجيش الإسرائيلي هجوما بكافة أنواع الأسلحة الغربية على قطاع غزة، ليرتكب على مدار الساعة مجازر مروعة تطال البشر والحجر، حيث سقط عشرات الآلاف بين شهيد وجريح؛ لكن اللافت الإصرار الإسرائيلي تهجير اهالي غزة الى جنوبها ومن ثم إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، بغرض توطينهم هناك.
مخططات التوطين
بعد عملية "طوفان الأقصى"، تحاول حكومة نتنياهو إعادة هيبة جيشها المهزوم دون جدوى، وذلك عبر ارتكاب المجازر وتدمير المنازل على رؤوس ساكنيها في جنبات قطاع غزة، بغرض تهجير أهله وتحقيق هدف توطينهم في سيناء؛ حيث نشر معهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية، وهو مركز أبحاث إسرائيلي أسسه ويرأسه مسؤولون عسكريون واستراتيجيون، ورقة توصي الحكومة الإسرائيلية بالاستفادة من "الفرصة الفريدة والنادرة لإخلاء قطاع غزة بأكمله" وإعادة توطين الفلسطينيين في سيناء، ودفع نظام السيسي لقبول التوجه المذكور عبر إغراءات أمريكية وغربية مالية بشطب ديون مصر الخارجية. كما أوصت ورقة البحث الإسرائيلية بإعادة توطين الفلسطينيين من غزة قسراً في شمالي سيناء وبناء منطقة عازلة على طول الحدود لمنع عودتهم إلى أرض الوطن.
نشر معهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية، وهو مركز أبحاث إسرائيلي أسسه ويرأسه مسؤولون عسكريون واستراتيجيون، ورقة توصي الحكومة الإسرائيلية بالاستفادة من "الفرصة الفريدة والنادرة لإخلاء قطاع غزة بأكمله" وإعادة توطين الفلسطينيين في سيناء، ودفع نظام السيسي لقبول التوجه المذكور عبر إغراءات أمريكية وغربية مالية بشطب ديون مصر الخارجية. كما أوصت ورقة البحث الإسرائيلية بإعادة توطين الفلسطينيين من غزة قسراً في شمالي سيناء وبناء منطقة عازلة على طول الحدود لمنع عودتهم إلى أرض الوطن
وأبعد من ذلك، كشفت وثائق بريطانية أن إسرائيل وضعت خطة سرية قبل أكثر من خمسة عقود لترحيل الآلاف من الغزيين إلى شمال سيناء. ويمكن الجزم بأنه بعد احتلال قطاع غزة في حزيران/ يونيو 1967، بات قاعدة للمقاومة الفلسطينية ضد المحتل الصهيوني. وفي أوائل أيلول/ سبتمبر 1971، أبلغت الحكومة الإسرائيلية البريطانيين بوجود خطة سرية لترحيل الفلسطينيين من غزة إلى مناطق أخرى على رأسها العريش المصرية. وفي تلك الفترة رصدت السفارة البريطانية في تل أبيب تحركات إسرائيلية لتهجير آلاف الفلسطينيين إلى العريش التي تقع شمالي شبه جزيرة سيناء المصرية، وتبعد قرابة 54 كيلومترا عن حدود غزة مع مصر.
فشل عملية التهجير
في الوقت الذي تشير فيه إسرائيل إلى أن هدف الاجتياح البري لقطاع غزة هو القضاء على حركة حماس، ثمة أهداف واضحة أخرى؛ في مقدمتها تهجير أهل غزة وإحياء مخطط توطينهم في سيناء المصرية، في وقت تبنى فيه الغرب الرواية الإسرائيلية واستمر في دعمه للدولة المارقة إسرائيل على كافة المستويات العسكرية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية.
لكن الثابت أن خطة تهجير أهل غزة تكسرت على صخرة وصمود الغزيين في الدرجة الاولى قبل أي عامل آخر؛ هذا القطاع الصامد الذي لا تتعدى مساحته 365 ألف كيلومتر مربع، أي 2 في المائة من مساحة فلسطين التاريخية البالغة 27009 كيلومترات مربعة، في حين وصل مجموع سكان القطاع خلال عام 2023 إلى 2.3 مليون فلسطيني؛ أكثر من خمسين في المائة منهم هم من الأطفال. ويشكل النازحون الفلسطينيون 76 في المائة من السكان، ويقطن غالبيتهم في ثمانية مخيمات على امتداد القطاع، حيث الكثافة السكانية الأعلى في العالم.
في الوقت الذي تشير فيه إسرائيل إلى أن هدف الاجتياح البري لقطاع غزة هو القضاء على حركة حماس، ثمة أهداف واضحة أخرى؛ في مقدمتها تهجير أهل غزة وإحياء مخطط توطينهم في سيناء المصرية، في وقت تبنى فيه الغرب الرواية الإسرائيلية
ومن الأهمية بمكان الاشارة إلى أن أهالي غزة شاركوا بشكل فعّال في انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، كما كانت غزة حاضرة وبقوة حلال فعاليات الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية وسقط المئات بين شهيد وجريح. وبفعل صمود أهل غزة ومقاومتهم التي لم تتوقف البتة، اضطرت إسرائيل لتفكيك معالمها الاحتلالية من القطاع في 12 أيلول/ سبتمبر 2005، ومع استمرار صمود أهل غزة والمقاومة سينكفئ المحتل الصهيوني وتتكسر أحلامه وأهدافة؛ وفي مقدمتها فكرة تهجير الغزيين من وطنهم.
وصدق الشاعر الراحل الحاضر توفيق زيّاد عندما قال في قصيدته باقون: كأننا عشرون مستحيل.. في اللد، والرملة، والجليل.. هنا على صدوركم باقون كالجدار.. وفي حلوقكم كقطعة الزجاج كالصبار.. وفي عيونكم زوبعة من نار".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل غزة تهجير سيناء المصرية مصر إسرائيل غزة سيناء تهجير مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة توطین الفلسطینیین سیناء المصریة تهجیر أهل قطاع غزة فی سیناء أهل غزة
إقرأ أيضاً:
حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة ليست إلا البداية
في 1 نوفمبر 2023، أي بعد أقل من شهرين من حرب الإبادة التي بدأتها إسرائيل في غزة بعد 7 أكتوبر 2023، استقال هاريسون مان، الضابط برتبة "ميجر" (رائد)، من المخابرات العسكرية الأمريكية بسبب الدعم الأمريكي لإسرائيل.
انتظر مان نحو ستة أشهر، أي في مايو 2024، لنشر رسالة على حسابه على "لينكد إن" للبوح ببواعث استقالته، قائلا "إن الخوف منعه من ذلك".
وفي نص استقالته أشار هاريسون مان إلى أن "الدعم الأمريكي غير المشروط" للهجمات الإسرائيلية على غزة أدى إلى مقتل عشرات آلاف الأبرياء من الفلسطينيين وتجويع آخرين.
وأضاف أنه شعر وكأنه يعيش في "عالم آخر موازٍ" عندما رأى حجم دعم زملائه في وكالة استخبارات الدفاع لإسرائيل وهجماتها على غزة.
الضابط الأمريكي أوضح أنه ينحدر من أسرة يهودية أوروبية، وأنه عمل طيلة 13 عاما في صفوف جيش بلاده، فيما كانت يعمل قبل استقالته في مهمة "محلل استخبارات الشرق الأوسط".
وأعرب حينها عن شعوره بـالخزي والذنب إزاء مشاهد القتل والدمار الوحشية "القادمة من غزة"، مؤكدا أنه "لم يكن بإمكانه مواصلة عمله متجاهلا كل ذلك".
وقد واصل الضابط ظهوره الإعلامي والتعبير عن إدانته لجرائم إسرائيل في حق الفلسطينيين والدعم الأمريكي لها من قبل إدارة بادين، حينها، والذي استمر، بل زاد وبشكل أكثر تبجحا وتواطؤا من قبل إدارة ترامب.
وقد نشر ضابط الاستخبارات السابق هذا الأسبوع على حسابه على "لينكد إن"، ما اعتقد أنه من أكثر المنشورات خطورة، وتعبيرا وتحذيرا مما يحدث في غزة.
وقد كتب مان مخاطبا أصدقاءه ومتابعيه في العاصمة واشنطن: "إذا كنتم مرعوبين من المجاعة في غزة الآن.. فإن غزة هي مجرد البداية".
وحذر من أنه "إذا لم يتم إيقاف إسرائيل، فستقتل أو تطرد كل رجل وامرأة وطفل في غزة، وهو ما لن يمثل نهاية الإبادة الجماعية، بل مجرد نهاية المرحلة الغزية منها". وأكد الضابط اليهودي على أن "قادة إسرائيل السياسيون صريحون في رغبتهم في تطهير ملايين الفلسطينيين من الضفة الغربية، وقد سرعوا بالفعل من التطهير العرقي هناك؛ ورؤى "إسرائيل الكبرى" لا تعرف حدودًا".
هذه التحذيرات تقرع أجراس خطر جدية، وفعلية خاصة وأنها تأتي من ضابط استخبارات أمريكي سابق، يتحدث عن قناعة وإطلاع، وشجاعة كبيرة، إن لم تكن نادرة، بالنظر لخلفيته اليهودية، التي لم تمنعه من أن يرفع صوته عاليا ليحذر من أن "ما تقوم الدولة العبرية في غزة ليس إلا البداية، وأن رؤى "إسرائيل الكبرى" لا تعرف حدودًا، كما يعلن ذلك قادتها".وشدد مان على "أن الصور المزعجة لمذابح غزة ستبدأ في التدفق من الضفة الغربية، وبعد ذلك من لبنان وسوريا، وبعد ذلك، من يدري؟ مصر، الأردن؟ وقد أشار وزير من حزب نتنياهو مؤخرًا إلى تركيا على أنها إيران القادمة".
وذهب الضابط الأمريكي السابق للقول إنه "بالنسبة لأولئك الذين تحركهم غزة، يجب أن نفهم أن هذه معركة طويلة ـ فنحن "فقط" في السنة الثانية من 5 أو 10 أو 15 سنة أخرى ـ وتذكير بأنه لا يزال هناك الكثير من الضرر الذي يمكننا منعه.
وفي ما بدت لي انتباهة مثيرة فعلا يستشف من كلام هاريسون مان أن هناك تنافسا بين الجمهوريين والديمقراطيين في دعم إسرائيل وحرب إبادتها، وأن الأمر يتجاوز ترامب وإدارته، واعتبر أن ما أسماهم "الرعاة الأصليون لحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة من إدارة بايدن يسعون للعودة إلى مناصب السلطة حيث يمكنهم مرة أخرى دعم جرائم إسرائيل ضد الإنسانية" إن "لم تكن هناك عواقب قانونية أو مهنية أو حتى اجتماعية في واشنطن العاصمة. على هؤلاء".
وكتب مان "أعلم أنهم يعتزمون العودة إلى السلطة لأنهم يقبلون أدوارًا مؤثرة ومعززة للمكانة في مؤسسات مرتبطة بالحزب الديمقراطي (انظر أنتوني بلينكن (وزير الخارجية السابق) في مجلس إدارة مركز التقدم الأمريكي أو جاك سوليفان (مستشار الأمن القومي السابق)، الذي يشارك في تأليف "مشروع 2029").
وأضاف هاريسون مان "أعلم أنهم سيسهلون الإبادة الجماعية القادمة لإسرائيل لأنه منذ مغادرتهم منصبهم، دافع بلينكن وسوليفان وبريت ماكغورك (المبعوث الأمريكي الخاص السابق للشرق الأوسط وشمال أفريقيا) بفخر عن سجلاتهم في دعم إسرائيل دون قيد أو شرط."
هذه التحذيرات تقرع أجراس خطر جدية، وفعلية خاصة وأنها تأتي من ضابط استخبارات أمريكي سابق، يتحدث عن قناعة وإطلاع، وشجاعة كبيرة، إن لم تكن نادرة، بالنظر لخلفيته اليهودية، التي لم تمنعه من أن يرفع صوته عاليا ليحذر من أن "ما تقوم الدولة العبرية في غزة ليس إلا البداية، وأن رؤى "إسرائيل الكبرى" لا تعرف حدودًا، كما يعلن ذلك قادتها".
لقد أعذر من أنذر.. ولا عذر لمن يتعذر!