الهجوم على القوات الأمريكية يهدد بمواجهة بين واشنطن وطهران
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أنه عندما تم العثور على طائرة بدون طيار محملة بالمتفجرات أواخر الشهر الماضي، في الطوابق العليا للثكنات الأمريكية في العراق، أدرك مسؤولو البنتاغون بسرعة مدى اقتراب السلاح المشتبه به الذي أطلقته الميليشيات من قتل أفراد أمريكيين.
وأشارت الصحيفة في تقرير أمس الأحد، أنه مع تصاعد عدد هذه الهجمات، يتزايد أيضاً خطر وقوع حادث مميت يتطلب رداً من الجيش الأمريكي، مما يجعله أقرب إلى المواجهة المباشرة مع الجماعات المدعومة من إيران التي يشتبه في مسؤوليتها.
A suspected militia-launched drone that struck American barracks in Iraq highlights a growing threat to the U.S. military in the region https://t.co/qOZX5Nwn6Ihttps://t.co/qOZX5Nwn6I
— The Wall Street Journal (@WSJ) November 5, 2023 معضلة أمريكيةويسلط الهجوم على القوات الأمريكية في قاعدة الأسد الجوية، الضوء على المعضلة التي تواجه إدارة بايدن، وهي تحاول ردع الميليشيات المدعومة من إيران، تجنباً لأي صراع محتمل مع طهران أو استعداء مع الحكومة في العراق، حيث تم شن العديد من الهجمات. وقال مسؤول دفاعي أمريكي: "إنهم يهدفون إلى القتل، لقد كنا محظوظين للتو."
ومنعاً لحدوث أي تصعيد، قام وزير الخارجية أنتوني بلينكن بزيارة غير معلنة إلى بغداد، قائلاً إنها ركزت جزئياً على إرسال رسالة إلى تلك الجهات الفاعلة التي تهدد الموظفين الأمريكيين في المنطقة أو في أي مكان آخر في العالم.
وقال للصحفيين "لقد كنت واضحاً للغاية، أن الهجمات والتهديدات القادمة من الميليشيات غير مقبولة على الإطلاق، سنتخذ كل الخطوات اللازمة لحماية شعبنا. نحن لا نسعى للصراع مع إيران. لقد أوضحنا ذلك تماماً، لكننا سنفعل ما هو ضروري لحماية موظفينا".
وأكد البنتاغون الهجوم على الثكنات، قائلاً إنه سلط الضوء على "الخطر المحتمل الذي تتعرض له القوات الأمريكية في العراق وسوريا، بسبب هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ التي تشنها مجموعات مدعومة من إيران، ولهذا السبب نأخذها على محمل الجد واتخذنا إجراءات للرد عليها".
الرد الأمريكيوفي أول رد عسكري هجومي أمريكي، قالت الولايات المتحدة إنها شنت ضربات على قاعدتين في شرق سوريا تعتقد أن الجماعات الإيرانية تستخدمهما. ولكن تلك الضربات الأمريكية - التي قال البنتاغون إنها أصابت منشأة لتخزين الأسلحة والذخيرة في البوكمال بسوريا بالقرب من الحدود مع العراق - لا يبدو أنها ردعت الجماعات من شن هجمات.
ووصفت الولايات المتحدة الضربات بأنها إجراءات دفاع عن النفس، منفصلة عن دعمها العسكري لإسرائيل. ورفض البنتاغون تحديد سبب ضرب أهداف في سوريا وليس العراق، حيث وقعت غالبية الهجمات، وحيث تحتفظ بقوات ومقاولين أمريكيين.
وقال مسؤول دفاعي إن "القرار الأمريكي بضرب الموقعين السوريين، كان يهدف إلى إرسال رسالة إلى الميليشيات في المنطقة، مفادها أن الولايات المتحدة سترد على التهديدات التي تواجه قواتها، مع التخفيف من خطر التصعيد".
أحداث غزةووفقاً للتقرير، قال البنتاغون إنه في المجمل، كان هناك ما لا يقل عن 31 هجوماً على المنشآت الأمريكية في العراق وسوريا خلال الأسبوعين الماضيين، فيما وصفه المسؤولون بأنه رد من جانب الميليشيات المدعومة من إيران على الدعم الأمريكي لإسرائيل منذ أن تعرضت للهجوم.
وفي حين أعلنت عدة مجموعات مسؤوليتها عن الهجمات على القوات الأمريكية، يبدو أنها جاءت من جماعات متشددة مرتبطة بإيران، حسبما قال البنتاغون، دون تحديد الجماعات.
وقال مسؤولو دفاع إنهم يعتقدون أن الهجمات على القوات الأمريكية ربما تهدف إلى إجبار الولايات المتحدة على تحويل الموارد من إسرائيل لحماية قواتها، أو إرسال رسالة مفادها أن المنطقة تعارض الدعم الأمريكي لإسرائيل.
ولم تقل الولايات المتحدة كيف سترد إذا تعرض عدد كبير من القوات للأذى بسبب مثل هذا الهجوم، وهو أمر قال المسؤولون في المنطقة وفي البنتاغون أنهم يخشونه.
ميليشيات عراقية تقصف قاعدة أمريكية في #سوريا https://t.co/a19UEw3FLR
— 24.ae (@20fourMedia) November 5, 2023 قلق متزايدوقالت إدارة بايدن، إنها تريد تجنب التصعيد مع إيران. كما يشكل خطر نشوب صراع أكبر مصدر قلق متزايد للشعب الأمريكي.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة"NPR" و"PBS NewsHour" و"Marist National" في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن 79% من الأمريكيين إما قلقون أو قلقون للغاية من أن الحرب بين إسرائيل وحماس ستؤدي إلى صراع أكبر في الشرق الأوسط.
وللحد من التهديد الذي تتعرض له القوات، أرسل البنتاغون الشهر الماضي عدة أنظمة دفاع جوي إلى المنطقة، لحماية ما يقرب من 2500 جندي أمريكي في العراق و900 في سوريا، كما نشرت الولايات المتحدة مجموعتين من حاملات الطائرات، وما يقرب من 12 سفينة إجمالاً وحوالي 1200 جندي إضافي، بالإضافة إلى أنظمة الدفاع الجوي.
وحذر القادة العسكريون الذين عملوا في المنطقة، من أنه حتى مع تعزيز الولايات المتحدة لدفاعاتها، فإن هذا لا يكفي لمنع المزيد من الإصابات أو الوفيات بين القوات الأمريكية.
وبدوره، حذر الجنرال البحري المتقاعد فرانك ماكنزي، الذي شغل منصب قائد القيادة المركزية الأمريكية المسؤولة عن العمليات العسكرية في الشرق الأوسط، من أن إيران توفر أسلحة أكثر دقة لوكلائها، مما يزيد من خطر وقوع هجوم مميت.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أمريكا إيران العراق على القوات الأمریکیة الولایات المتحدة الأمریکیة فی فی المنطقة فی العراق من إیران
إقرأ أيضاً:
استراتيجية الأمن القومي 2025 الأمريكية تعيد تشكيل نظرة واشنطن للعالم
تُعدّ استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2025 إحدى أكثر الوثائق تأثيرا في رسم ملامح السياسة الدولية خلال العقد المقبل، إذ لا تكتفي بتحديد التهديدات التقليدية، بل تقدّم رؤية أعمق تعكس تحوّلا أيديولوجيا في الطريقة التي ترى بها الولايات المتحدة موقعها في العالم. فوفق تحليلات مؤسسات بحثية بارزة مثل معهد بروكينغز ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن الوثيقة تمثل انتقالا من "إدارة النظام الدولي" إلى "التنافس على تشكيله"، في لحظة عالمية يغلب عليها الاضطراب وتراجع اليقين. هذا الانتقال من "الإدارة" إلى "التشكيل" هو جوهر التحول الاستراتيجي؛ إنه اعتراف بأن العصر أحادي القطب قد انتهى، وأن واشنطن تسعى لفرض نموذجها وقيمها في مواجهة نماذج بديلة.
الصين من "منافس استراتيجي" إلى "خصم حضاري شامل"
تضع الاستراتيجية الجديدة الصين في صدارة التهديدات، مستخدمة مصطلحا لافتا هو "الخصم الحضاري الشامل" هذا التوصيف يعكس قناعة أمريكية بأن بكين لا تسعى فقط إلى التفوق الاقتصادي والعسكري، بل تهدف إلى إعادة صياغة النظام العالمي وفق نموذج حكمها المركزي ونسختها الخاصة من الحداثة.
وبحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن هذه هي المرة الأولى التي تنظر فيها واشنطن إلى الصين باعتبارها قوة نظامية تريد تشكيل قواعد اللعبة الدولية بدلا من التكيّف معها. ولذلك تنتقل المنافسة بين الطرفين إلى مجالات استراتيجية تشمل التكنولوجيا المتقدمة، وسلاسل التوريد، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وتأثير المؤسسات الدولية. استخدام مصطلح "الحضاري" يعمق الانقسام الأيديولوجي، مما يرفع المنافسة لتكون صراعا وجوديا بين نموذجين متنافسين يمتد ليشمل المؤسسات الثقافية والتعليمية.
تضع الاستراتيجية الجديدة الصين في صدارة التهديدات، مستخدمة مصطلحا لافتا هو "الخصم الحضاري الشامل" هذا التوصيف يعكس قناعة أمريكية بأن بكين لا تسعى فقط إلى التفوق الاقتصادي والعسكري، بل تهدف إلى إعادة صياغة النظام العالمي وفق نموذج حكمها المركزي ونسختها الخاصة من الحداثة. روسيا تهديد يمكن احتواؤه لا منافسته
على الرغم من استمرار الحرب في أوكرانيا، تتعامل الاستراتيجية الأمريكية مع روسيا بوصفها تهديدا "حادّا ومباشرا" لأمن أوروبا، لكنها ليست منافسا شموليا للنظام الدولي كما هي الصين. وتتبنى واشنطن مقاربة "إدارة الصراع" مع موسكو، في محاولة للحفاظ على تركيزها الاستراتيجي على آسيا.
ويرى خبراء في "تشاتام هاوس" أن هذا التحوّل قد تكون له انعكاسات مباشرة على الأمن الأوروبي، حيث يُخشى أن يؤدي إلى تقليص انخراط الولايات المتحدة تدريجيا في القارة، ما يدفع الأوروبيين إلى تطوير مفهوم "الاستقلال الاستراتيجي" بشكل أسرع، مهما كانت العقبات السياسية والاقتصادية. هذا التمييز يكرس "الانتقائية الاستراتيجية" الأمريكية، حيث تُعتبر روسيا تحديا تكتيكيا ومؤقتا يجب "إدارته" لتجنب تشتيت الانتباه عن محور التنافس الحاسم في آسيا.
أوروبا الحليف المتوتر والعاجز عن حماية هويته
لا تخفي الاستراتيجية لهجتها النقدية تجاه أوروبا، التي تتهمها بأنها تعاني "تآكلا حضاريا" نتيجة التحولات الديموغرافية والضغوط الاجتماعية الناتجة عن الهجرة والثقافات المتعددة. وترى الوثيقة أن هذه العوامل أضعفت قدرة أوروبا على حماية نموذجها الليبرالي.
وقد أثار هذا القسم جدلا واسعا، حيث اعتبر "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" أن واشنطن أصبحت تنظر إلى أوروبا بوصفها الحلقة الأضعف في النظام الغربي. وتبدو هذه الرؤية إشارة مباشرة إلى الأوروبيين بأنهم مطالبون بتقليل اعتمادهم الأمني على الولايات المتحدة، خاصة في ظل التحولات المتسارعة في موازين القوى العالمية. هذا القسم يؤكد أن الولايات المتحدة تستعد لـ "تقاسم العبء" بشكل أكثر صرامة، ويربط الأمن بالهوية، مما يظهر قلقا أميركيا عميقا يتجاوز القدرات العسكرية وصولا إلى تماسك النموذج الغربي نفسه.
تحالفات جديدة قائمة على الهوية والقيم
تتبنى الاستراتيجية الجديدة مبدأ "التحالفات المعيارية"، حيث تمنح الولايات المتحدة الأولوية للتعاون مع الدول التي تشترك معها في الهوية الحضارية والقيم السياسية، أكثر من تلك التي تتقاطع معها في المصالح وحدها. ويرى مركز "بروكينغز" أن هذا التحوّل قد يعمّق الانقسام الدولي، لأنه يعيد اصطفاف الدول وفق اعتبارات أيديولوجية وثقافية، بدلا من المنطق البراغماتي الذي حكم العلاقات الدولية منذ نهاية الحرب الباردة. هذا التحول يمثل عودة إلى الاصطفافات الأيديولوجية والثقافية، مما قد يعمّق الانقسام بين المعسكرات الدولية، على حساب العلاقات القائمة على المصالح المادية وحدها.
عالم متعدد الأقطاب.. ومع ذلك مضطرب
توضح الاستراتيجية أن العالم يتجه نحو تعددية قطبية مضطربة، حيث تزداد القوى المؤثرة وتتناقص القدرة الأمريكية على ضبط الإيقاع العالمي. وتبرز آسيا كالمسرح الرئيس للتنافس، مدفوعة بصعود الصين والهند وتوسع تأثيرهما في الاقتصاد والتكنولوجيا.
لا تخفي الاستراتيجية لهجتها النقدية تجاه أوروبا، التي تتهمها بأنها تعاني "تآكلا حضاريا" نتيجة التحولات الديموغرافية والضغوط الاجتماعية الناتجة عن الهجرة والثقافات المتعددة. وترى الوثيقة أن هذه العوامل أضعفت قدرة أوروبا على حماية نموذجها الليبرالي. وتؤكد الوثيقة أن التكنولوجيا ـ وخاصة الذكاء الاصطناعي، والبنى التحتية الرقمية، والأنظمة ذاتية التشغيل، وحروب الفضاء والفضاء السيبراني ـ ستكون الميدان الرئيس للصراع القادم. وفي هذه البيئة، تدخل أوروبا مرحلة من الشكوك العميقة حول مستقبل الضمانات الأمريكية، بينما تتزايد الدعوات لإنشاء منظومة دفاعية أوروبية أكثر استقلالا.
ويرى "تشاتام هاوس" أن العقد المقبل سيشهد تحالفات مرنة وصراعات طويلة وتنافسا أعمق بين النماذج الحضارية، في عالم تتداخل فيه القوة العسكرية مع التكنولوجيا والقيم في آن واحد. النقطة الجوهرية هنا هي أن "من يملك التكنولوجيا، يملك مفاتيح المستقبل". هذا يرفع من قيمة "التنافس التكنولوجي" ليصبح مساويا في الأهمية للتنافس العسكري والجيوسياسي.
بداية عصر جديد من التنافس الشامل.. واستشراف لمستقبل مضطرب
تكشف استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2025 أن الولايات المتحدة ترى نفسها في قلب صراع طويل على هوية النظام الدولي. فالصين خصم حضاري شامل، وروسيا تهديد يمكن ضبطه، وأوروبا حليف يحتاج إلى إعادة تأهيل، بينما تتحول التكنولوجيا إلى الركيزة المركزية للقوة في القرن الحادي والعشرين.
وتشير هذه الرؤية إلى أن الولايات المتحدة تتجه إلى تركيز جهودها على آسيا، باعتبارها محور التنافس الحاسم. وهذا سيقود على الأرجح إلى تراجع نسبي للدور الأميركي في أوروبا والشرق الأوسط، ما قد يخلق فراغات استراتيجية لن تستطيع القوى المتوسطة ملأها بسهولة.
أما على المدى البعيد، فإن العالم يبدو أنه متجه نحو نظام متعدد الأقطاب لكنه عالي التوتر، حيث تتداخل المنافسة في ثلاثة مجالات رئيسية: التكنولوجيا الفائقة، والموارد الاستراتيجية، والتحالفات القائمة على الهوية الثقافية والقيم.
وإذا لم تُطوَّر آليات دولية لإدارة هذا التنافس، فإن العالم قد يدخل مرحلة "اللاسلم واللاحرب المستدامة" التي يتوقعها العديد من الباحثين في الأمن الدولي مرحلة لا تشهد حروبا كبرى، لكنها لا تعرف سلاما مستقرا كذلك.
إن هذه الاستراتيجية، في جوهرها، ليست وثيقة أمنية فحسب، بل خريطة للعالم القادم: عالم تتقاطع فيه الجغرافيا مع التكنولوجيا، ويتنافس فيه المنطق الحضاري مع المصالح الاقتصادية، وتعود فيه القوة إلى معناها الأكثر تعقيدا: من يملك التكنولوجيا، يملك مفاتيح المستقبل.
السيناريو المستقبلي المتوقع هو نظام عالمي غير مستقر، حيث تكون المنافسة المستمرة هي القاعدة الجديدة، بدلا من السلام المستدام.