بعد إنهاء تمرد فاغنر.. من سيرث "مجرة" بريغوجين في إفريقيا؟
تاريخ النشر: 27th, June 2023 GMT
اضطلعت مجموعة "فاغنر" الروسية خلال السنوات الأخيرة بدور واسع النطاق في جنوب الصحراء الكبرى في القارة الإفريقية.
هذا الدور كان بمثابة أبرز مظاهر إعادة انخراط روسيا هناك، ويقوم نموذج فاغنر الإفريقي على نظام عمل ثلاثي يتمحور حول توفير الأمن، والتدريب العسكري، والتنقيب عن المعادن الثمينة.
. ما الثمن الذي دفعه قائد فاغنر؟ مادة اعلانية"ثوب إعلامي"
لتبرير كل ذلك النشاط أمام المجتمع المحلي، لبست المجموعة ثوباً إعلامياً رصدت له مبالغ طائلة من خلال تسويق إعلامي في غاية الاحترافية ساعد إلى حد حاسم على إضفاء شرعية على الوجود الروسي في القارة الإفريقية وضرب سمعة المنافسين الغربيين مثل الولايات المتحدة وفرنسا بشكل خاص، والأخيرة تحديدا خسرت نفوذها التاريخي في المنطقة بسبب حملات إعلامية نجحت بتشكيل صورة في غاية القبح لدى مجتمعات الساحل الإفريقي عن الوجود العسكري الفرنسي أولاً، وثانياً نجحت بتشكيل تهديد عسكري جدي طال القواعد العسكرية الفرنسية ما دفع باريس لإعلان الانسحاب من مالي في أغسطس 2022.
وفق تقديرات استخباراتية فرنسية، بدأت فاغنر مهمة توسيع النفوذ الروسي في القارة الإفريقية وإزاحة فرنسا عن مستعمراتها السابقة بمئة عنصر، تولوا تهيئة الأرضية مع متنفذين ومسؤولين أفارقة وروس وصولاً إلى مرحلة توقيع المجموعة العسكرية الروسية اتفاقيات معهم كانت بمثابة السم الذي دس في حصة فرنسا من الكعكة الإفريقية.
"مجرة بريغوجين"الكعكة التي ساءت الأمور بسرعة أمام باريس ولم يسنح لها الوقت بالتهام حصتها منها بعد أن حانت ساعة المغادرة، استولت عليها مجموعة زعيم فاغنر يفغيني بريغوجين، التي أسست في ما بعد ما سيصطلح على تسميته فرنسياً بـ"مجرّة بريغوجين" في إفريقيا، وهي سلسلة معقدة جداً من العلاقات والشركات والعقود، ومن أبرز أركان هذه المجرة كان "نظام حرب المعلومات" الذي احترفته فاغنر ضد الفرنسيين في إفريقيا، وجاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ذكره، بمرارة، في كل خطاباته ومقابلاته المتعلقة بالوجود الفرنسي في إفريقيا.
بالنظر إلى نشاط ومهام "نظام حرب المعلومات"، فإنه تبدو أقوى من الصورة العسكرية لفاغنر كميليشيا تثير الرعب أينما ذهبت، فهذا النظام مسؤول عن إضفاء الشرعية على ما تسميه فاغنر "المدربين الروس" عندما تبدأ بنشر مقاتليها في منطقة ما، وذلك ليس فقط من خلال التسويق لدور هؤلاء "المدربين" على وسائل التواصل الاجتماعي، وإنما من خلال نظام في غاية التعقيد مرتبط بالعديد من الجهات الفاعلة في شبكة بريغوجين الخارجية، فتنتج الرسوم المتحركة وأفلام الحرب وتستقطب شخصيات محلية متشددة من المناطق التي تنتشر فيها.
"حرب المعلومات"وفق دراسة أعدها الباحثان الفرنسيان مكسيم أودينيه وكولين جيرار بعنوان (فاغنر) "المحررون"، فإن "نظام حرب المعلومات" كان عبارة عن نظام ولد شتاء 2011 - 2012 في روسيا بشكل سري في سياق الاحتجاجات الشعبية الأوسع منذ سقوط الاتحاد السوفيتي السابق ضد نتائج الانتخابات البرلمانية، والتي أدت إلى فوز حزب "روسيا الموحدة" بزعامة رئيس الوزراء آنذاك فلاديمير بوتين.
هذه القوة التي حمت بوتين وأثّرت على حركة معارضة واسعة وقتها، نمت خلال العقد الماضي حتى أصبح من غير الممكن إخفاء علاقة بوتين مع بريغوجين، لتصبح في العام 2019 "مجموعة باتريوت الإعلامية" التي يترأس مجلس إدارتها بريغوجين في سان بطرسبرغ، وتتكون من 11 وسيطاً، و130 شريكاً من وسائل الإعلام، ما خلق في الظاهر، وفق الدراسة الفرنسية "فضاءً إعلامياً للتنمية في روسيا يستجيب لمتطلبات حب الوطن"، لكن في الخفاء كانت ذراعاً روسية تسللت إلى مناطق عديدة حول العالم قبل أن تؤسس قوة ضاربة فاجأت القوى الغربية ودفعت بعضها، مثل فرنسا، إلى المغادرة ليلاً من مواقعها في إفريقيا.
"مصانع ترول"هذا الفضاء الإعلامي ضم مؤسسات إعلامية وشركات مؤثرة، منها "وكالة الصحافة الفيدرالية" (RIA FAN)، وأحد أبرز أعضاء إدارة وكالة أبحاث الإنترنت "IRA"، إحدى الشركات الرائدة في مشروع "مصانع ترول"، التي صدر بحقها لائحة اتهام في واشنطن نتيجة تدخلها في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016.
اليوم مع مغامرة "تمرد" فاغنر، تُطرح أسئلة عديدة حول مستقبل "المجرة" التي يمتلكها بريغوجين في الخارج، والتي قدمت خدمات هائلة لروسيا لتوسيع نفوذها في الساحل الإفريقي والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فمن غامر؟ بريغوجين المعروف بأنه واحد من "ثنائية الرأس" الروسية في الخارج والتي يتقاسمها مع بوتين، أم الرئيس الروسي؟ خصوصاً وأن وسائل إعلام روسية عديدة، وشخصيات نافذة خارج روسيا معروفة بالفعل بعلاقاتها الوثيقة أو عضويتها في "مجرة" بريغوجين لن يكون من السهل إخضاعها.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News بريغوجين فاغنرالمصدر: العربية
إقرأ أيضاً:
تقرير: إيران ضربت 5 منشآت عسكرية إسرائيلة خلال الحرب
قالت صحيفة "التلغراف" البريطانية، إن إيران ضربت 5 منشآت عسكرية إسرائيلة بشكل مباشر خلال الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوما، وذلك وفقا بيانات رادار اطلعت عليها.
وقد تمت مشاركة البيانات الجديدة مع "التلغراف" من قبل أكاديميين أميركيين في جامعة ولاية أوريغون، الذين يتخصصون في استخدام بيانات الرادار عبر الأقمار الصناعية للكشف عن أضرار القنابل في مناطق الحرب.
وتشير البيانات إلى أن 5 منشآت عسكرية لم يتم الإبلاغ عنها سابقا تعرضت لضربات بستة صواريخ إيرانية في شمال وجنوب ووسط إسرائيل، بما في ذلك قاعدة جوية رئيسية ومركز لجمع المعلومات الاستخبارية وقاعدة لوجستية.
ويظهر تحليل البيانات الذي أجرته "التلغراف" أن أنظمة الدفاع الأميركية والإسرائيلية مجتمعة حققت أداء جيدا بشكل عام، ولكنها سمحت بمرور نحو 16 بالمئة من الصواريخ بحلول اليوم السابع من الحرب.
ويتوافق هذا بشكل عام مع تقدير سابق للجيش الإسرائيلي لنظام الدفاع والذي حدد معدل النجاح بـ "87 بالمائة".
قوانين الرقابة تمنع الإبلاغ عن الضربات
ولم تعلن السلطات الإسرائيلية عن هذه الضربات، ولا يمكن الإبلاغ عنها من داخل البلاد بسبب قوانين الرقابة العسكرية الصارمة.
ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق لـ"التلغراف" على معدلات اعتراض الصواريخ أو الأضرار التي لحقت بالقواعد.
وأوضح متحدث باسم القوات المسلحة: "ما يمكننا قوله هو أن جميع الوحدات ذات الصلة حافظت على استمرارية عملها طوال العملية".
وتضاف هذه الضربات على المنشآت العسكرية إلى 36 ضربة أخرى معروف أنها اخترقت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، مما تسبب في أضرار جسيمة للبنية التحتية السكنية والصناعية.
وتشير تحليلات صحيفة "التلغراف" إلى أنه في حين تم اعتراض الغالبية العظمى من الصواريخ الإيرانية، فإن النسبة التي نجحت في الوصول إلى أهدافها ارتفعت بشكل مطرد في الأيام الثمانية الأولى من الحرب التي استمرت 12 يوما.
ويقول الخبراء إن أسباب ذلك ليست واضحة، ولكنها قد تشمل تقنين مخزون محدود من الصواريخ الاعتراضية على الجانب الإسرائيلي وتحسين تكتيكات إطلاق النار والاستخدام المحتمل لصواريخ أكثر تطوراً من قبل إيران.
منظومات الدفاع
وعلى الرغم من أن القبة الحديدية هي نظام الدفاع الجوي الأكثر شهرة في إسرائيل، إلا أنها مصممة في الواقع للحماية من المقذوفات قصيرة المدى مثل قذائف الهاون، وهي جزء واحد فقط من نظام الدفاع الجوي "المتعدد الطبقات" الذي تستخدمه البلاد.
وفي الطبقة الوسطى، يقف نظام الدفاع الجوي "مقلاع داود"، المحسّن لاعتراض الطائرات المسيرة والصواريخ التي يصل مداها إلى 300 كيلومتر. وفي الطبقة العليا، يقع نظام "حيتس"، الذي يشتبك مع الصواريخ الباليستية بعيدة المدى قبل أن تعود إلى الغلاف الجوي.
وقد كانت الأنظمة الإسرائيلية مدعومة طوال الحرب بمنظومتين أميركيتين للدفاع الصاروخي من طراز "ثاد" وصواريخ اعتراضية من السفن أطلقت من أصول أميركية في البحر الأحمر.
وتشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة أطلقت ما لا يقل عن 36 صاروخا اعتراضيا من طراز ثاد خلال الحرب بتكلفة بلغت نحو 12 مليون دولار لكل صاروخ.