عدنان نصار تعددت مفاهيم الانتماء عند الناس في الأردن ، واختلفت القيم الوطنية من شخص لآخر ، واختلطت أوراق التفسير الفقهي/الوطني حتى صار النفاق السياسي في صدارة الملفات عند البعض ،وتراجع  القيم الانتمائية النبيلة واصبحت على هامش جدول الاعمال ، وفي خاتمتها..لكأن نقاش مثل هذا الأمر اصبح مجرد “وظيفة” ورفع عتب .

وعلى الرغم من نهضة التنبيه السياسي والاعلامي في الاردن التي يقودها أخيار الأمة ، وأحرار الكلمة ، غير أن حالة الانقسام والانشطار الأفقية والعامودية التي اصابت مفاهيم الانتماء ظلت على ما هي عليه ، وظلت طريقها وسط ازدحام اعاق حركة التقدم في تبني القيم النبيلة لمفهوم الانتماء ..وعلى ما يبدو أن هذا العمى في تعريف إصطلاح الانتماء المعد له مسبقا اصبح  ظاهرة لم تكن بادية للعيان قبل نحو 30سنة على الاقل ، وأن كانت موجودة فهي بنسب قليلة جدا مكشوفة ومفضوحة . من الواضح أن الحديث عن قيم الانتماء اردنيا ،صار اضعف مما نتصور ..فالتراكمات في تأدية “الواجب الوطني” عند خلق الله أيضا اختلفت واختلت ويعود السبب إلى تراكمات لا تعد ولا تحصى تحت مسميات “واجب” ..واذا تحدثنا بصراحة اكثر تتفق مع صراحة حديث المجالس في البيوت الاردنية او المضافات وجلسات ما بعد العصر أمام دكاكين الريف والبادية والمخيم ، نجد أن الإنسان الأردني يحمل مخزون هائل من الهم ، والغم ويحمل أسئلة تبحث عن إجابات،  ولعل الأسئلة العفوية التي تجيء على لسان الناس هي الأكثر صدقا ، والأكبر عمقا ، والاوسع صراحة من كل الكلام المنمق ، والمتعثر في غالبيته الذي يخرج على وسائل الاعلام من منافقين امتهنوا “التنظير” للفوز بمقعد أو أعطية او هدية ، أو بهاتف بعد منتصف الليل يبشرهم بدور قادم لهم..! في تقديري ، ما يقوله الحج كامل وهو يجلس أمام دكانة ابو حامد في قرية اردنية ، أكثر تعبيرا مما يقوله رئيس وزراء سابق او حالي  او وزير سابق وحالي او نائب حالي ..فالضرائب بلا شك واجب وطني ، والدفع المستمر بتسمياته المختلفة  من جيب المواطن أيضا واجب ، لكن ووفق وجهة نظر الحج كامل ما الذي نحصل عليه مقابل هذا الدفع ..؟! وعلى نفس السؤال يجيب الحج بلهجته المحكية: بعنا الأرضيات حتى ندرس أولادنا..ولما تتوعك صحتنا ما بتلاقي رعاية صحية كويسة..ولا رواتب الموظفين والمتقاعدين تتفق مع حجم الدفع المستمر لإرضاء صندوق “الجباية” ، ولا تكفي الرواتب اياها مدة عشرة أيام لحياة هادئة بلا عوز او حاجة . وفق اجتماع لمجلس الوزراء سنة 2005 الذي كان يترأسه آنذاك معروف البخيت أقر البخيت وقتها ان خط الفقر في الاردن 500 دينار في الشهر ، هذا قبل 18سنة ، وكنت معايا كصحفي بحضور اللقاء وتصريح الرئيس الأسبق..راهنا ، الحد الأدنى من الرواتب التقاعدية والعاملة(260) دينار ، اي نصف الرقم الذي صرح به البخيت قبل 18 سنة ،فما بالكم اليوم  ، في ظل غلاء لغالبية السلع الأساسية والضرورية 4 اضعاف ما كانت عليه،في حين بقي سلم الرواتب دون حراك او حركة ، وأن تحرك فبزيادة لا تتجاوز دينار او اثنين وفي احسن الحالات 5 دنانير .؟!  هذا الاختلال ، أدى بطبيعة الحال إلى تغير محزن في مفهوم الانتماء،  وقلب هذا الاختلال ترجمة القيم النبيلة في مفهوم الانتماء الحقيقي ، وحول الغالبية الصامتة في المكون الاجتماعي الأردني الذي يعان من  القهر والفقر ، إلى منافحين ومدافعين عن لقمة قوت اسرهم ، واطفالهم بشكل احترافي رافعين شعار خطير “انا ومن بعدي الطوفان” وخصوصا بعد كل حدث وحديث عن الثروات الطائلة التي تحصل عليها البعض ممن ينتمون إلى معسكر الفساد . لا بد من التنبه إلى خطر تراجع قيمة الانتماء، والخلل الذي اصاب مفهوم الانتماء، على يد شلة تسوق هذا الإصطلاح حماية لمصالحها ومنافعها ومكاسبها ، وحماية لترفهم المدفوع من جيوب المقهورين والمنهورين . الفئة السياسية  المستفيدة ،من هذا الواقع ، وهي قليلة ومحصورة في أندية “القابضين” وربما يحكمها الاسم (الثاني  والرابع) من عائلات محددة هي المعنية بتسويق معنى ومفهوم الانتماء وفق مصالحها ومكاسبها ، رغم معرفة الغالبية المطلقة من الناس أن تلك الفئة هي اول من تمارس الانهزام اذا ثارت طلقة واحدة ضد هذا البلد لا قدر الله ..وأن المدافع الحقيقي عنها هم أولئك المقهورين والمنهورين المنتمين إلى ناد “الحج كامل” الذي يصف المشهد بإندهاش وعتب كبير ، وإصطلاح يحتاج إلى إعادة إنتاج واعادة تعريف :”ما هو الانتماء ولمن”؟! في ظل دفع متكرر وفقر واسع النطاق. كاتب وصحفي اردني

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

4 مسارات لخطة “وقاء” التشغيلية في موسم الحج

البلاد ــ جدة
اطلع الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للوقاية من الآفات النباتية والأمراض الحيوانية ومكافحتها “وقاء” المهندس أيمن بن سعد الغامدي على الخطة التشغيلية للمركز بمنطقة مكة المكرمة، والاستعدادات اللازمة لتنظيم فرق العمل في قطاعي الصحة النباتية والصحة الحيوانية، وذلك في إطار استعدادات المركز لموسم حج عام 1446هـ. كما تفقد الرئيس التنفيذي لـ “وقاء” على الخطة التشغيلية للمركز، وذلك من خلال (4) مسارات رئيسة تشمل: مكافحة الآفات الحشرية، ومخاطر الصحة الحيوانية أثناء نقل الحيوانات داخل المشاعر المقدسة، وتطبيق الرقابة على الأمراض الوبائية وإجراءات الأمن الحيوي، ومكافحة العدوى في أسواق الماشية والمسالخ، إلى جانب أعمال استكشاف ومكافحة نواقل الأمراض.
والتقى الغامدي خلال الزيارة بالمسؤولين والمختصين بفرع منطقة مكة المكرمة التابعين للمركز؛ لاستعراض الاستعدادات ومناقشة مدى جاهزية الفرع بكل ما يتطلبه تنفيذ أعمال المركز بمنطقة مكة المكرمة، والمدينة المنورة لضمان توفير الخدمات لحجاج وزوار بيت الله الحرام، والمسجد النبوي ليؤدوا مناسكهم بيسر وطمأنينة. وأكّد الغامدي على اهتمام القيادة الرشيدة- أيدها الله- بتوفير سبل الراحة والطمأنينة لحجاج وزوار بيت الله الحرام والمسجد النبوي وكافة المشاعر المقدسة، مشيرًا إلى أن الفرق البيطرية في قطاع الصحة الحيوانية، وفرق الكشف والمكافحة في قطاع الصحة النباتية على أهبة الاستعداد والجاهزية للقيام بأعمالهم على أكمل وجه، ولتحقيق أعلى معدلات الأداء والجاهزية، فيما يتعلق باختصاص المركز.

مقالات مشابهة

  • تطورات جديدة في “القضية المقززة” التي فجّرت غضبًا واسعًا في تركيا
  • ما الثمن الذي ستدفعه سوريا مقابل التقرب من “ترامب” 
  • “حماس” تنعى زهران الذي اغتالته أجهزة السلطة في طوباس
  • شاهد بالفيديو| هدّد اليمن بـ “الجحيم” ثم تراجع.. ما الذي بدّل حسابات ترامب؟
  • الدفاع المدني يسيطر على الحريق الذي اندلع في قرية الحيدرية بريف حماة
  • تحمل معاني عظيمة.. أمينة الفتوى توضح مفهوم الحج المبرور
  • “الموارد البشرية” تعزز جاهزية سوق العمل لموسم الحج
  • تحركات دبلوماسية مكوكية رتَّبت المشهد بين “الجارتين”.. السعودية وسيط حاسم في الأزمة الهندية – الباكستانية
  • 4 مسارات لخطة “وقاء” التشغيلية في موسم الحج
  • توقيف الناشط “إصحي يا قرية” علي الفقراني بقضية ذم وقدح وتحقير