غزة ما زالت الهدف المحصن الأكبر في العالم
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
هذا ما قاله الجنرال (احتياط) جيورا آيلاند ورئيس قسم التخطيط في جيش الاحتلال ورئيس مجلس الأمن القومي السابق، والذي صرح في مقابلة له الأحد الماضي (5 تشرين الثاني/ نوفمبر) مع القناة 12": "نحن لا نرى أي علامات على انكسار حماس، نحن نشاهد أنهم ينفذون عمليات معقدة، ومنسقة بواسطة المسيّرات، وقذائف الهاون، والصواريخ المضادة للدروع"، وأنهى حديثه قائلا: "غزة ما زالت الهدف المحصن الأكبر في العالم".
وكان الجنرال "إسحاق بريك، الرئيس السابق لـ"مفوضية شكاوى الجنود" قد نصح مجلس الحرب الذي يحكم في إسرائيل الآن بأن الحل في غزة هو "حصار تجويعي" على القطاع، وحرب استنزاف طويلة.
هو هنا يتحدث عن حصار داخل "الحصار" المفروض على القطاع من سنة 2007م.. ولعله لم يسمع محمود درويش (ت: 2008م) رحمه الله يقول من قبره: "حاصر حصارك لا مفر/ اضرب عدوك لا مفر/ سقطت ذراعك فالتقطها/ وسقطت قربك فالتقطني/ واضرب عدوك بي/ فأنت الآن.. حر.. وحر.. وحر".
* * *
حرب الاستنزاف الطويلة التي يتحدث عنها الجنرال، يعلم الطفل في بطن أمه أنها "كعب أخيل" الدولة الصهيونية، أي نقطة الضعف الأخطر فيها
هذا الجنرال كان قد أشار في آذار/ مارس الماضي في أحد لقاءاته الصحفية؛ إلى أن إسرائيل اليوم في أحد أسوأ "الأوضاع الأمنية" التي عرفتها منذ عقود، فالجيش الصهيوني غير جاهز للحرب التي قد تندلع في الزمن القريب، أو الزمن البعيد.
وبعدما حدث ما كان يخشاه وفي أقل من 8 شهور، قال: إن حركتي حماس والجهاد الإسلامي كانتا تدركان أن الجيش سيدخل بريا، لذلك استعدتا بشكل جيد قبل عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فأعدتا العدة كامل الإعداد، وسيتكبد الجيش خسائر فادحة.. وأضاف مؤكدا: الهدف من الدخول إلى قطاع غزة هو القضاء على مقاتلي حماس والجهاد في الأنفاق؟! هذه مهمة صعبة جدا وستستغرق شهورا.. والجيش سيتعرض إلى خسائر كبيرة.. ولن يُنجز المهمة.
* * *
حرب الاستنزاف الطويلة التي يتحدث عنها الجنرال، يعلم الطفل في بطن أمه أنها "كعب أخيل" الدولة الصهيونية، أي نقطة الضعف الأخطر فيها.
كما قال لنا فخر العسكرية المصرية الفريق سعد الدين الشاذلي رحمه الله (ت: 2011) في مذكراته: إن لإسرائيل مقتلين: المقتل الأول هو خسارة الأفراد، والمقتل الثاني هو إطالة مدة الحرب. هي لا تهتم كثيراً إذا خسرت الأسلحة، ولكنها تصاب بالهلع إذا فقدت بعض الأفراد، فلديها رصيد هائلا من المعدات والأسلحة وهناك من يدفع الفاتورة عنها.. ولكن خسارة الأفراد لا تعوض، فرصيد الشعب اليهودي من الأفراد محدود وصعب تعويضه، لذا فإن إطالة الحرب هي السم الذي يضعف مقاومة إسرائيل يوما بعد يوم. إن الجندي الإسرائيلي الذي يُستدعى إلى الحرب هو نفسه العامل والأستاذ والمهندس والطالب..
هكذا قال العبقري الذي رحل.. وكأنه ينصح المقاومة من قبره رحمه الله.. بالصبر والثبات.
* * *
نتساءل بكل براءة وبساطة: ما المانع من قيام "العالم الحر" بإلقاء شحنات المواد الإغاثية والطبية بالطائرات على القطاع، في أقل رد فعل أمام كل هذه "الشراسة الحيوانية"، التي تقوم بها إسرائيل، وبقسوة متناهية مع المدنيين والعزل في غزة؟.. وحتى لو تعرضت لهجوم إسرائيلي؟ ألا يعنينا شرف المحاولة، وكشف حقيقة إسرائيل أكثر وأكثر؟
لكننا وسط هذه "الدموع" التي تملأ كل الأماكن في كل العالم، وهذا عظيم في حد ذاته، ألا يمكننا أن نتساءل بكل براءة وبساطة: ما المانع من قيام "العالم الحر" بإلقاء شحنات المواد الإغاثية والطبية بالطائرات على القطاع، في أقل رد فعل أمام كل هذه "الشراسة الحيوانية"، التي تقوم بها إسرائيل، وبقسوة متناهية مع المدنيين والعزل في غزة؟.. وحتى لو تعرضت لهجوم إسرائيلي؟ ألا يعنينا شرف المحاولة، وكشف حقيقة إسرائيل أكثر وأكثر؟
***
مسألة أن هذا يعنينا هنا أو لا يعنينا لن نتعرض لها الآن كثيرا، فقط أذكر تذكرة سريعة بما قاله د. جمال حمدان رحمه الله (ت: 1993م) عن العلاقة الـ"فوق استراتيجية" بين مصر وفلسطين.. كل فلسطين.. فما بالنا اذا كانت على التخوم منا في غزة.. أعلم جيدا أن العين بصيرة واليد قصيرة، لكن هناك مواقف بين المواقف.. واختيارات بين الاختيارات.
* * *
قد لا يكون متاحا لنا الدخول فورا إلى غزة بحجة النظر فيما فعلته المقاومة ومدى تأثيره على المنطقة، وتسلمها كل مراكز القوة والفعل في القطاع، وإدارة الموقف برمته، والأخذ بزمام المبادرة في هذه اللحظة الخطيرة (كما كنا نتوقع ذلك أيضا في وادي النيل.. والسودان المهدد بالتقسيم؟!). قد يكون هذا "موقف كبير" لا تسمح به أحوال الأمور، لكن بين هذا الموقف، وبين هذه الإبادة، هناك أيضا موقف وسط.. موقف كان من الممكن أن تكون فيه "مسألة الرهائن"، أكثر المسائل حساسية لدى إسرائيل ولدى الغرب أخطر وأهم ورقة على المائدة.. ثم ما رأيناه لاحقا من تتابع التبدل الرائع في الرأي العام الدولي.
اليوم وبعد 35 يوما من حرب عالمية في غزة وبالمعنى الدقيق لكلمة عالمية، تبدو خسائر إسرائيل كبيرة للغاية وبما لا يوصف وعلى كل جوانب صرحها الذي لطالما سبب الرعب والهلع للقادة والزعماء العرب على مدى أكثر من نصف قرن، ولم تكن معها أمريكا أمس مثلما هي معها اليوم لقد تم استدراجنا ببساطة غريبة للحديث الصاخب عن "وهْم" اسمه التهجير إلى سيناء.. هذا محض وهم، ويتطلب شعبا آخر غير أهل غزة، وقيادة أخرى غير حماس! وما رأيناه ونراه منهم، من قوة وصمود، يكفي لألف رد ورد على هذا الهراء.
* * *
اليوم وبعد 35 يوما من حرب عالمية في غزة وبالمعنى الدقيق لكلمة عالمية، تبدو خسائر إسرائيل كبيرة للغاية وبما لا يوصف وعلى كل جوانب صرحها الذي لطالما سبب الرعب والهلع للقادة والزعماء العرب على مدى أكثر من نصف قرن، ولم تكن معها أمريكا أمس مثلما هي معها اليوم، والأخبار يسمعها الجميع والصور تملأ العيون.
إنها المرة الأولى تقريبا في تاريخ هذا الصراع الطويل بين الشرق والغرب، يكون "زمام المبادرة" في يد من يبصر الرأي ومن يملكه في الوقت نفسه، بعد أن طال تقاذفه بين من "يملكونه" فقط ولا يبصرون حتى مواقع أقدامهم. وهذا حدث فاصل في تاريخ هذا الصراع، وستُظهر لنا الأيام القادمة كيف أن 7 تشرين الأول/ أكتوبر كان أهم حدث في تاريخنا كله، بعد الحرب العالمية الثانية واتفاقية يالطا (شباط/ فبراير 1945م).
twitter.com/helhamamy
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة إسرائيل المقاومة فلسطين إسرائيل فلسطين غزة المقاومة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على القطاع رحمه الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
برلماني: مصر كانت و لا زالت في طليعة الدول الداعمة للقضية الفلسطينية
أكد الدكتور جمال أبو الفتوح، عضو مجلس الشيوخ، أن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تبذل جهودًا مضنية على كافة الأصعدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتقديم الدعم الكامل للشعب الفلسطيني الشقيق، موضحًا بأن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جاءت لتكشف أمام العالم أجمع حجم تلك الجهود ومدى وانعكاساتها على القضية الفلسطينية وإقرار حقوق الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن الخارجية المصرية قادت معركة دبلوماسية تاريخية لرفض التهجير القسري وأيضا لإدانة العدوان الإسرائيلي والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين الأبرياء.
وأضاف "أبو الفتوح"، أن الدبلوماسية المصرية لم تدخر جهدًا في التواصل مع كافة الأطراف الفاعلة لدفع عملية السلام والوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، موضحًا أنها قدمت كافة سبل الدعم الإغاثي والإنساني، منوهاً بأن مصر كانت وما زالت في طليعة الدول التي تقدم المساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة، مشددًا على أن المعابر المصرية لم تتوقف عن استقبال وإدخال المساعدات الإغاثية والطبية والوقود، بالرغم من كل التحديات، بخلاف ذلك فإن مصر قدمت الرعاية الطبية ونجحت في استقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين.
وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أنه على الصعيد السياسي، فإن الجميع يدرك أن مصر تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها المركزية والأولى، وأن دعم حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية هو مبدأ ثابت لا يمكن التنازل عنه، مؤكداً بأن هناك إيمان راسخ لدى مصر شعبا وقيادة بعدالة القضية الفلسطينية، وأن تضحيات الشعب الفلسطيني وصموده إزاء الجرائم الإنسانية التي ترتكب كل لحظة ستنجح في إنهاء هذا الاحتلال والحفاظ على أرضه وحقه في العيش بسلام.
وأوضح الدكتور جمال أبو الفتوح، أن مصر ستظل دائمًا السند والعون للشعب الفلسطيني حتى ينال حقوقه المشروعة كاملة، لافتاً إلى أنه على مدار العامين الماضيين استضافت القاهرة عدة جولات من الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، بهدف إنهاء الانقسام وتوحيد الصف الوطني الفلسطيني، كما شاركت مصر في تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لوقف التصعيد، وسعت إلى تثبيت التهدئة، بالتعاون مع الأمم المتحدة وعدد من القوى الدولية، لكن إسرائيل مازالت تتعنت وترفض الوصول إلى حل سلمي يحقن دماء الأبرياء، مشدداً على أهمية مواصلة جهود المجتمع الدولي لرفض سياسة العقاب الجماعي ضد المدنيين، وإدانة استهداف المستشفيات والمدارس والبنية التحتية، مع ضرورة العمل على فتح أفق سياسي حقيقي يفضي إلى حل الدولتين، وفقًا للمرجعيات الدولية.