هل حث الشرع الشريف على التهادي بين الناس
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
الهدِيَّة: هو ما يتم إعطاؤه للغير حال الحياة من مالٍ ونحوه مما يُعَدُّ نفعًا ماديًّا أو معنويًّا، وذلك على سبيل المودة والتكريم؛ أو لمناسبة سارَّة، أو هدية في يوم العيد مثلًا، وذلك بقصد التمليك ممن يملك التبرع شرعًا.
وقد حثَّ الشرع الشريف على التهادي؛ لأنَّه من بواعث المحبة وزيادتها، وإثبات المودة والوئام بين الناس، وإذهاب الضغائن، وتأليف القلوب، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحضُّ على التهادي ويقبل الهدايا.
رَوى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ».
ورَوى أيضًا عَن أم المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا".
كما رَوى في "الأدب المفرد" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «تَهَادَوْا تَحَابُّوا».
قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (16/ 82، ط. دار المعرفة) [كان التهادي بينهم عادة؛ ولأنه من جوالب القرابة، وهو مندوب إلى صلة الرحم، وفي الرد معنى قطيعة الرحم، وقطيعة الرحم من الملاعن] اهـ. بتصرف.
وقال الإمام الكاساني في "البدائع" (6/ 117، ط. دار الكتب العلمية): [قوله عليه الصلاة والسلام: «تهادوا تحابوا»، وهذا ندب إلى التهادي] اهـ. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ [محمد: 24-28].
يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا بِتَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَتَفَهُّمِهِ، وَنَاهِيًا عَنِ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَقَالَ: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها أَيْ: بَلْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا، فَهِيَ مُطْبَقَةٌ لَا يَخْلُصُ إِلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ مَعَانِيهِ، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عن أبيه قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها فَقَالَ شَابٌّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ: بل عليها أقفالها حتى يكون الله تعالى يَفْتَحُهَا أَوْ يُفَرِّجُهَا، فَمَا زَالَ الشَّابُّ فِي نَفْسِ عُمَرَ حَتَّى وَلِيَ فَاسْتَعَانَ بِهِ.الشيخ: وهذا يوجب للمؤمن اللجأ إلى الله، والضراعة إليه، وأن يفتح على قلبه، وأن يزيل عنه قفله، وأن يشرح صدره للحق حتى يفهم كتاب الله، وحتى يعقله، وحتى يوفقه للتدبر والتعقل، هذا كتاب عظيم فيه الهدى والنور، كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29] وفي هذه الآية يحذرهم من الغفلة ويقول: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ففيه الحث على تدبره وتعقله والحذر من مشابهة الغافلين المقفلة قلوبهم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ال ق ر آن ى ق ل وب
إقرأ أيضاً:
الإفتاء الليبية: التبرع بثمن الأضحية لأهل غزة أولى
أصدر مجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء الليبية بيانا بشأن مسألةَ التبرع بثمن الأضحية لأهل غزة، نظرًا لاشتداد المجاعة.
وأكد المجلس أنه من الأفضل إرسال ثمن الأضاحي إلى غزة لدعم المحاصرين، مع التأكيد على ضرورة عدم تعطيل شعيرة الأضحية في البلاد، وأشار إلى أنه يمكن للمعتادين على التضحية بأكثر من أضحية الاكتفاء بواحدة وإرسال ثمن الزائد للمتضررين في غزة.
وأفاد البيان بأن أهالي غزة لا يزالون يواجهون مؤامرة الحصار الخانق، والتجويع القاتل، وقد اجتمعت عليهم آلة القتل الصهيونية، وتآمر النفاق العربي، ولم يبق لهم معين إلا الله تعالى، وكفى بالله نصيرا، ثم قلة ممن وفقهم الله للقيام بواجب النصرة والمعونة، حسب قدرتهم المحدودة.
وناقش مجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء الليبية، مسألة التبرع بثمن الأضحية لأهل غزة، وتوجيه الناس إلى إرسال أثمان ضحاياهم إلى إخوانهم في غزة؛ نظرا لاشتداد المجاعة هناك.
وبعد التباحث والمناقشة قرر المجلس ما يلي:
أولا: الأضحية سنة مؤكدة في حق من لا تجحف به ولا تضيق عليه، كما هو مقرر عند جمهور الفقهاء، وقد كان بعض الصحابة يتعمدون عدم التضحية، ويظهرون ذلك؛ مخافة أن يحسب الناس أنها فرض واجب، فعن حذيفة بن أسيد قال: (لقد رأيت أبا بكر، وعمر وما يضحيان؛ كراهية أن يقتدى بهما)[المحلى: 6/ 9].
ثانيا: إذا أراد بعض الناس أن يترك الأضحية ويرسل ثمنها إلى غزة فهذا أولى ، ما دام الترك جزئيا من بعض الناس دون بعض، ولا ينتج عنه تعطيل شعيرة الأضحية بالكلية في البلد، فإن الفعل المندوب بالجزء يكون واجبا بالكل، كما ذكر المحققون من أهل العلم، ومنهم الشاطبي رحمه الله في الموافقات [1/ 211]، إذ إن بقاء هذه السنن ظاهرة بين المسلمين هو من أسباب نصرهم وعزتهم، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)[محمدﷺ:7].
ثالثا: من اعتاد التضحية بأكثر من أضحية، فينبغي له الاكتفاء بواحدة، وإرسال ثمن الزائد إلى المحاصرين، الذين يموت بعض أطفالهم جوعا في غزة.