بالتزامن مع دخول جولة القتال الأخيرة بين إسرائيل وفصائل المقاومة في غزة يومها الـ41، طرحت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية، سؤالا محددا على عدد من الخبراء والمحلل وهو هل حققت حركة حماس أهدافها من تنفيذ عملية طوفان الأقصى التي نفذتها كتائب القسام التابعة لها في 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم.

وحتى الآن أسفر القتال عن استشهاد ​​11 ألفا و500 فلسطيني، بينهم 4710 أطفال و3160 امرأة، فضلا عن 29 ألفا و800 مصاب، 70% منهم أطفال ونساء، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية مساء الأربعاء.

في المقابل قتلت "حماس" 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، بحسب مصادر رسمية إسرائيلية. كما أسرت نحو 239 إسرائيليا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون إسرائيل.

أفضلية قتالية

وصباح الأربعاء، اتخذ القتال منحيا دراماتيكيا عندما اقتحمت قوات إسرائيلية أجزاء من مستشفى الشفاء بمدينة غزة، حيث تزعم إسرائيل والولايات المتحدة إن القيادة المركزية لحماس موجودة أسفل المستشفى.

وتعليقا على هذه الخطوة قال عزمي كيشاوي محلل غزة في مجموعة الأزمات الدولية، والموجود حاليا في مدينة دير البلح (وسط): "إن هذا يدل كثيرًا على أنهم ليسوا على وشك رفع راية الاستسلام البيضاء".

وأضاف أنه في المقابل فإن "حماس لا تشعر بالقلق". وعقب بأنه يعتقد أنهم (مقاتلو حماس) أرادوا أن يغوص الإسرائيليون في الوحل بشكل أعمق في غزة؛ "الآن سيكون لديهم الأفضلية القتالية."

وقال: "إن حماس تعرف حجم قدراتها، لكن ما يراهنون عليه هو الصمود لأطول فترة ممكنة، لأنهم في كل يوم صامدون فيه، يجعل الإسرائيليين أقرب إلى الانهيار التام وعدم التعافي".

نهاية التطبيع والردع

وبحسب كيشاوي، أن خطة الإصلاح القضائي التي اقترحها رئيس الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بنيامين نتنياهو أدت إلى حدوث انقسام داخل الدولة اليهودية بشكل حاد في الأشهر التي سبقت الحرب، مما خلق شعورا بأن إسرائيل أصبحت أكثر عرضة للخطر.

وأضاف أن هجوم طوفان الأقصى الذي نفذها كتائب القسام الجناح العسكري لحماس أدى إلى كسر أسطورة الجيش الذي لا يقهر والتي كان يرددها الإسرائيليون والعرب وحتى الفلسطينيون، والآن يقول محللون إسرائيليون إن استعادة الردع هو أحد أهداف هذه الحرب المضادة على حماس في غزة.

ومع ذلك، فقد حققت حماس بالفعل بعض أهدافها الحربية، بما في ذلك وقف اتفاقيات التطبيع الناشئة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، حسبما قال القيادي في حركة حماس في لبنان أسامة حمدان في تصريحات إعلامية.

وأضاف حمدان أن هجوم طوفان الأقصى كان جزءا من إستراتيجية حماس الهادفة إلى إنهاء محاولات إسرائيل تصفية القضية الفلسطينية وبناء تحالفات محلية من شأنها إزالة الشعب الفلسطيني"، على حد تعبيره.

واعتبر حمدان إن "أعظم إنجاز" لهجوم حماس هو وضع حدا لطموحات إسرائيل في أن تصبح كيانا طبيعيا في المنطقة على حساب الشعب الفلسطيني".

ضربة للأمن الإسرائيلي

طارق بقعوني الخبير في شؤون حماس ورئيس مجلس إدارة "الشبكة" (شبكة السياسات الفلسطينية) يرى أن النطاق المفاجئ لتوغل حماس يعني أيضًا تأثيرًا أعمق بكثير من المتوقع على كلا الجانبين،

وأضاف أن مثل هذا الإجراء لزعزعة الوضع الراهن كان "حتميًا في بعض النواحي"، بعد 17 عامًا من الحصار الإسرائيلي لغزة، والإجراءات الإسرائيلية منذ الربيع الماضي ضد الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية المحتلة والتي أثارت غضب حماس.

وذكر بقعوني "إن السرعة التي تحول بها الحصار (الإسرائيلي) من كونه غير قابل للاختراق، ولا يقهر، إلى مدى وضوح أن كل هذا كان بيتًا من ورق، تعني فقط أن حماس كانت قادرة على أن تكون أكثر نجاحًا - وبالتالي (وكان الانتقام [الإسرائيلي) أكثر وحشية بكثير”.

وتابع أنه "بغض النظر عن كيفية ظهور حماس.. ليس هناك شك في أنهم وجهوا ضربة قوية لشعور إسرائيل بالأمن، وقوضوا ركيزة أساسية للصهيونية، كانت تزعم أن إسرائيل يمكن أن تكون ملاذا آمنا لليهود، بل وحتى في ظل وجود نظام فصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين.. أعتقد أن حماس قد حطمت ذلك للتو".

ومضى قائلا: اعتقد أن في بعض النواحي تقاتل إسرائيل الآن في معركة وجود وليست معركة عسكرية.

وذكر أنه من الواضح أنه لا يمكن إلحاق هزيمة عسكرية بإسرائيل بهذه الطريقة - ولكن من الناحية الخطابية، أعتقد أن أسس الدولة قد اهتزت حقا".

ولفت بقعوني إلى أنه حتى الهدف الذي أعلنه نتنياهو بأن إسرائيل تستهدف تدمير حماس قد يكون أيضا غير قابل للتحقيق لأن حماس عليها فقط أن "ألا تخسر لكي تخرج منتصرة"

دعم محلي

وعلى الرغم من تكبد سكان قطاع غزة خسائر بشرية غير مسبوقة بسبب العدوان الإسرائيلي، فإن كيشاوي يرى أن ارتفاع عدد الشهداء بين سكان غزة كان يعني في كثير من الأحيان زيادة الدعم لحماس

وأوضح: "الكثير من الناس أصبح لديهم الآن ثائر شخصي ضد إسرائيل.. لذلك بدلاً من مجرد وجود عدد قليل من الأشخاص الذين لديهم معتقد أو أيديولوجية لتحرير فلسطين، أصبح الآن 2.3 مليون لديهم ثأر شخصي تجاه إسرائيل بسبب النكبة الجديدة التي وقعوا فيها”

وأكد أنه شعر بتأثير القتال، عندما أصيب ابنه البالغ في غارة جوية إسرائيلية بالقرب من المكان الذي لجأت إليه الأسرة في جنوب غزة، وفقد شقتين.

 

 

 

 

 

المصدر | كريستيان ساينس مونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب غزة هجوم طوفان الأقصى حركة حماس الجيش الإسرائيلي الجيش الذي لا يقهر انتصار حماس هزيمة إسرائيل

إقرأ أيضاً:

لماذا استهدفت إسرائيل الرجل الثاني في القسام الآن؟

أعلنت إسرائيل استهداف قيادي بارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خلال عملية عسكرية في قطاع غزة، في خطوة أثارت تساؤلات حول توقيتها ودلالاتها السياسية والأمنية، لا سيما أنها جاءت في ظل سريان اتفاق وقف إطلاق النار.

ورغم أن البيان الرسمي للجيش الإسرائيلي خلا من ذكر اسم القيادي المستهدف، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية تداولت على نطاق واسع اسم رائد سعد، وقدمته بوصفه "الرجل الثاني" في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ونائب قائدها العام.

وفي هذا السياق، أوضح مراسل الجزيرة إلياس كرام أن عدم ذكر الجيش الإسرائيلي للاسم يعكس على الأرجح، عدم التيقن الكامل من نتائج محاولة الاغتيال، لافتا إلى أن البيانات الرسمية غالبا ما تتأخر إلى حين التأكد الاستخباراتي من نجاح العملية.

وبحسب كرام، فإن البيان الإسرائيلي اكتفى بالإشارة إلى استهداف "شخصية قيادية بارزة" في حماس، قال إنها كانت تعمل على إعادة تأهيل بنى عسكرية موجهة ضد الجيش الإسرائيلي، وهو الوصف ذاته الذي تبنته التسريبات المنسوبة لمصادر أمنية.

وتزامنا مع ذلك، حرصت وسائل الإعلام الإسرائيلية على إبراز دور رائد سعد، مقدمة إياه باعتباره اليد اليمنى لقائد القسام الراحل محمد الضيف، وأحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في محاولة لتبرير عملية الاغتيال.

وفي السياق، أفاد مصدر في الإسعاف والطوارئ في قطاع غزة بارتقاء 4 شهداء وإصابة 10 آخرين حالة بعضهم خطرة جراء قصف الاحتلال سيارة مدنية جنوب غربي مدينة غزة.

انتهاك للاتفاق

ويشير مراسل الجزيرة إلى أن هذا الخطاب الإعلامي يأتي في وقت يفترض أن وقف إطلاق النار لا يزال ساريا، لكنه يتعرض، وفق توصيفه، لانتهاكات متكررة من جانب إسرائيل عبر عمليات قصف واغتيال وهدم منازل داخل القطاع.

وتبرز أهمية هذه العملية، إن ثبت نجاحها، من كونها قد تكون أرفع عملية اغتيال تطال قياديا في غزة منذ بدء العمل باتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خاصة إذا صح توصيف سعد كمسؤول مركزي عن إعادة التصنيع والتسليح داخل الحركة.

إعلان

وفي هذا السياق، أشار كرام إلى أن إسرائيل تعتبر جميع قيادات حماس، السياسية والعسكرية، أهدافا مشروعة، ولا ترى في اتفاق وقف إطلاق النار أي حصانة لهم، سواء داخل قطاع غزة أو خارجه، وهو ما يفسر استمرار دائرة الاستهداف.

لكن توقيت العملية يكتسب بعدا سياسيا إضافيا، مع تزايد الحديث عن ضغوط أميركية للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، وهو ما قد تسعى إسرائيل إلى عرقلته أو إعادة صياغته بشروطها الخاصة.

ويؤكد كرام أن إسرائيل، عبر هذا التصعيد، تحاول فرض نموذج أمني مشابه لما تطبقه في لبنان، حيث نفذت مئات عمليات الاغتيال ضد كوادر حزب الله منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار هناك في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

تضارب الروايات

وبشأن تضارب الروايات حول نجاح الاغتيال، أوضح كرام أن التسريبات الصادرة عن "مصادر أمنية" إسرائيلية تعود في جوهرها إلى الجيش نفسه، الذي يفضل التريث قبل إعلان رسمي، تفاديا لإحراج محتمل في حال عدم تأكيد النتائج.

وتستند هذه التسريبات إلى سرد موسع عن شخصية رائد سعد، ودوره المفترض في إعداد وثيقة "جدار أريحا"، التي تتهمه إسرائيل بوضعها كخطة لهجوم "السابع من أكتوبر"، رغم أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت قد اطلعت عليها سابقا دون التعامل معها بجدية.

كما تشير الروايات الإسرائيلية إلى أن سعد كان يتولى في المرحلة الأخيرة مهمة إعادة بناء القدرات العسكرية لحماس، وهو ما تستخدمه تل أبيب كمبرر مباشر لتنفيذ عملية الاغتيال، بزعم إحباط تهديدات مستقبلية.

وتحدث كرام عن محاولات سابقة لاغتيال سعد خلال الأسابيع الماضية، ألغيت في اللحظات الأخيرة لأسباب عملياتية أو استخباراتية، إلى أن اعتبرت إسرائيل أن "الفرصة الميدانية" باتت مؤاتية لتنفيذ العملية.

وفي خلفية المشهد، يربط كرام بين هذا التصعيد واستعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة واشنطن، حيث يتوقع أن يواجه ضغوطا أميركية للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، مع سعيه لفرض شروط أمنية مشددة.

مقالات مشابهة

  • بعد التهديد الإسرائيليّ... هذا ما تشهده بلدة يانوح الآن
  • الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف قيادي بارز في كتائب القسام بغزة
  • لماذا استهدفت إسرائيل الرجل الثاني في القسام الآن؟
  • الجيش الإسرائيلي يستهدف قياديا بارزا في جناح حماس العسكري
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال القيادي في حماس رائد سعد
  • طفرة تاريخية.. الزراعة: صادرات القطاع حققت 8.8 مليون طن حتى الآن
  • الزراعة: الصادرات الزراعية المصرية حققت 8.8 مليون طن حتى الآن بزيادة 750 ألف طن
  • الدويري: إسرائيل توسع بنك أهدافها لجر لبنان لاتفاقيات أبراهام
  • تحرك استيطاني جديد.. الائتلاف يضغط لرفع العلم الإسرائيلي شمال غزة
  • ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة