محاولة فاشلة لإسكات ضمير
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
محاولة فاشلة لإسكات ضمير
لا شيء حقيقياً سوى مداهنة ضميري، ومحاولة إقناعه أنني أشاركهم في ما هم فيه من جهاد واستشهاد! وقد فشلت المحاولة.
أتساءل كلما أردت الكتابة مجدّدا عن الذي يحدث هناك عمّا يمكن إضافته الى ما كتبته وكتبه غيري طوال أربعين يوما مضت.
اكتشفتُ أنني وقعت في فخّ الحلول السهلة، والتي لا يمكنها أن تفعل سوى أن تجعلني أشعر بالارتياح، عندما تنتهي المشكلة المعقّدة أمامي بالموت، لأنني لا أستطيع أن أساهم بالحل.
غزّة تقاتل المحتل اليوم وتدافع عن نفسها بعد حصار طويل أنهكها، ترسم خريطة معقدة لبشرية جرّبت الحرب والسلام، والجهل والعلم، والموت والحياة، فانحازت للحرب والجهل والموت..
* * *
لا وقت ولا حاجة لزخرفة القول، ما دام الدم البريء يشاغب الحياة كلها في مدن قطاع غزّة. أتساءل كلما أردت الكتابة مجدّدا عن الذي يحدث هناك عمّا يمكن إضافته الى ما كتبته وكتبه غيري طوال أربعين يوما مضت.
لكنني لست بحاجة لإجابة، فالسؤال مستمرٌّ ومتجدّد، وتبدو الإجابة عنه نوعا من الترف في سياق الموت بكل أشكاله المتاحة؛ تحت الأنقاض، وبالرصاص وبالقصف المباشر، وبانعدام الدواء، وبالجوع والعطش، وبالضياع في متاهة الحرب التي تتّسع يوما بعد يوم بلا كهرباء ولا إنترنت، ولا تواصل مباشر وحقيقيا بين الناس هناك.
في أحد المشاهد المصوّرة في غزّة لمن اضطروا للنزوح من الشمال الى الجنوب، رأيت مجموعة من الأطفال يستقلون عربة خشبية متهالكة يجرّها حمار، ويقودها رجل لا يبدو أنه يعرفهم.. اعترضتهم، بعد قليل، سيدةٌ اتضح لاحقا أنها والدتهم. كان المشهد مأساويا وسط الفرحة الصغيرة المقتنصة لهم من بين الدمار كله في المكان والزمان.
من الصعب أن لا يكون مشهدٌ كهذا في شكله الرمزي عنوانا لما يحدُث في غياهب المتاهة. مشاهد كثيرة تصوّرها الهواتف الصغيرة لتبثّها في العالم كله نوعا من التواصل متى ما توفّر قليل من طاقة الإنترنت وطاقة الكهرباء لأولئك الذين يحاربون حكومات الغرب بكل ما توصلت إليه من تقدّم في مجال الأسلحة، ممثلة بجيش الكيان الصهيوني. هل كتبت "تقدّم"؟ يا لها من مفارقة أن يتقدّم البشر على صعيد ما يمكن أن يبيد فيهم بشريّتهم شيئا فشيئا.
غزّة التي تقاتل المحتل اليوم وتدافع عن نفسها بعد حصار سنواتٍ أنهكها، ترسم لنا خريطة معقدة للبشرية في ما يمكن أن تصل إليه، بعدما جرّبت الحرب والسلام، والجهل والعلم، والموت والحياة، فانحازت للحرب والجهل والموت.. لينجو فيها، كما تظنّ، إنسانها المختار بعنايةٍ وإتقان؛ الأبيض الأوروبي الأميركي الذي ما زال منشغلا بوضع أسس الليبرالية والتقدّمية والديمقراطية والمساواة والحرية وحقوق الإنسان.. الذي يشبهه وحسب.
نعود إلى الكتابة عن غزّة التي تمارس حياتها المستحيلة عبر قوافل الموت الكامن حتى في حاضنات الأطفال الخدّج في مستشفياتٍ أصبحت الهدف المفضل للقصف والدمار الصهيوني. شعرتُ بتأنيب ضمير فتك بأعصابي بعد لحظة ارتياح خفي انتابني عندما قرأتُ خبرا عن موت الأطفال الخدّج في تلك الحاضنات، بعدما انقطعت عنها الكهرباء، وأصبحت قبورا زجاجية لهم.
اكتشفتُ أنني وقعت في فخّ الحلول السهلة، والتي لا يمكنها أن تفعل سوى أن تجعلني أشعر بالارتياح، عندما تنتهي المشكلة المعقّدة أمامي بالموت، لأنني لا أستطيع أن أساهم بالحل.
ماذا يعني أن أستمرّ في الكتابة، المملّة أحيانا، عما يحدُث؟ أو أن أعيد نشر ما يكتبه الآخرون في وسائل التواصل الاجتماعي بحماسةٍ وإلحاح؟ أو أن ألتقط صورا لأطفال العائلة وهم يرتدون الكوفية الفلسطينية، ويلوّنون خدودهم بألوان العلم الفلسطيني؟
أو أن أصفق لهم وهم يردّدون الإجابات النموذجية عندما أسألهم عن فلسطين وعاصمتها ومدنها؟ أو أن أدخل في معارك عابرة، وتافهة أحيانا، مع الذين انحازوا للعدو بكل صفاقة منذ اليوم الأول للمعركة؟ أو أن أحضر ندواتٍ ومحاضراتٍ وفعالياتٍ عما يحدُث تعقد في ظروفٍ مثالية لألتقط الصور في سياق فلسطيني خالص؟
أو أن أشجّع على جمع التبرعات، رغم أنني أعرف صعوبة أن تصل كما نشتهي شكلا وزمنا ومضمونا؟ أو أن أزيح والديّ وأخي الراحلين قليلا عن مقدّمة دعائي في صلاتي الليلية لأضع أطفال غزّة بدلا منهم؟
لا شيء حقيقياً سوى مداهنة ضميري، ومحاولة لإقناعه أنني أشاركهم في ما هم فيه من جهاد واستشهاد! وقد فشلت المحاولة.
*سعدية مفرح كاتبة وصحفية وشاعرة كويتية
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين غزة الاحتلال المعركة الكوفية البشرية الليبرالية الأطفال الخد ج
إقرأ أيضاً:
Galaxy Tab S9 FE+.. تخفيض ضخم يحوّله إلى جهاز لا يمكن تجاهله
تقرير جديد يصف عرض وولمارت الحالي على جهاز Galaxy Tab S9 FE+ بأنه من أقوى صفقات الأجهزة اللوحية هذا الموسم، بعد تخفيض ضخم قدره 278 دولارًا على السعر الرسمي.
يجعل هذا الخصم اللوحي متوسط الفئة أقرب إلى “صفقة لا تُفوَّت” لكل من يبحث عن شاشة كبيرة، قلم S Pen، وتجربة سامسونج الكاملة بسعر أقل بكثير مما كان عليه عند الإطلاق.
تخفيض 278 دولارًا وسعر يصعب منافستهالسعر الأصلي لـ Galaxy Tab S9 FE+ في الأسواق الأمريكية يصل إلى حوالي 599.99 دولار لنسخة 128 جيجابايت، ما يجعله خارج حسابات كثير من المستخدمين عند المقارنة مع أجهزة أرخص.
عرض وولمارت الحالي يخفض السعر بنحو 278 دولارًا، ليهبط باللوحي إلى ما يقارب 320 دولارًا تقريبًا، وهو مستوى سعر يضعه في مواجهة مباشرة مع أجهزة أندرويد متوسطة بل وحتى بعض التابلتات الصينية الأرخص.
اللافت أن هذا التخفيض لا يتوفر حاليًا بنفس القوة لدى أمازون أو Best Buy، ولم يُسجَّل خصم بهذا الحجم على الجهاز منذ فترة طويلة.
شاشة 12.4 بوصة مع 90 هرتز وقلم في العلبةيُذكّر التقرير بأن Tab S9 FE+ يقدم شاشة كبيرة قياس 12.4 بوصة بمعدل تحديث 90 هرتز، ما يوفّر مساحة مريحة جدًا للعمل، الدراسة، ومشاهدة المحتوى مقارنة بالأجهزة اللوحية الأصغر.
ورغم أن اللوحة ليست من فئة OLED، إلا أن مستوى الألوان والسطوع يعد ممتازًا ضمن فئته السعرية بعد الخصم، خصوصًا لمن يستهلك الكثير من الفيديوهات أو يعمل على مستندات وجداول متعددة.
نقطة قوة كبيرة هي وجود قلم S Pen داخل العلبة دون تكلفة إضافية، ما يفتح الباب للرسم، تدوين الملاحظات اليدوية، والتحرير في التطبيقات الإنتاجية فورًا من اليوم الأول.
يعتمد Galaxy Tab S9 FE+ على معالج Exynos 1380، وهو شريحة متوسطة الفئة أثبتت كفاءتها في مهام مثل التصفح، تعدد المهام المعتدل، وتشغيل معظم التطبيقات الإنتاجية والتعليمية بسلاسة.
يوضح التقرير أن اللوحي ليس موجّهًا لمن يريد ألعابًا ثقيلة جدًا بإعدادات رسومية مرتفعة طوال الوقت، لكنّه أكثر من كافٍ لاستخدام يومي جاد، ودراسة، واستهلاك محتوى، خاصة مع ذاكرة RAM وتخزين داخلي قابل للتوسعة عبر microSD.
تصميم متين ومقاومة IP68 مع بطارية ضخمةمن العناصر التي يسلّط عليها التقرير الضوء تصميم الجهاز المعدني الأنيق ووجود تصنيف مقاومة IP68 للماء والغبار، وهي ميزة نادرة نسبيًا في هذه الفئة السعرية من الأجهزة اللوحية.
تضيف سامسونج بطارية كبيرة (نحو 10,090 ملّي أمبير) تكفي لما يقرب من 20 ساعة من تشغيل الفيديو وفق تقديرات الشركة، مع دعم شحن سلكي سريع بقدرة تصل إلى 45 واط، ما يجعل اللوحي مناسبًا لساعات طويلة من العمل أو الترفيه في السفر.
لماذا يُعد الآن “قيمة أفضل” من Tab S10 FE+؟يشير التقرير إلى أن Galaxy Tab S9 FE+ كان يبدو خيارًا أقل جاذبية بسعره الكامل بعد طرح خليفته Galaxy Tab S10 FE+، لكن الفارق ينقلب رأسًا على عقب مع هذا الخصم الضخم.
في ظل هبوط السعر بهذا الشكل، يرى الكاتب أن Tab S9 FE+ يقدّم الآن “قيمة مقابل المال” أفضل من الجيل الأحدث، خصوصًا أن معظم المستخدمين في هذه الشريحة لن يلاحظوا فروقًا كبيرة في الأداء اليومي تبرر دفع مئات الدولارات الإضافية.
لمن يُنصح بهذا اللوحي في موسم الهدايا؟يُسوّق التقرير للجهاز كخيار مثالي كهدية كريسماس أو كلوحي أساسي لطلاب الجامعات، العاملين عن بُعد، أو أي مستخدم يريد بديلًا جادًا للابتوب الخفيف في التصفح، كتابة الملاحظات، وحضور الاجتماعات عبر الفيديو.
ومع حقيقة أن العرض قد يكون محدود المدة وربما ينتهي دون سابق إنذار، يُشدّد الكاتب على أن من كان يفكر في اقتناء Tab S9 FE+ منذ فترة لن يجد غالبًا فرصة أفضل من هذا التخفيض البالغ 278 دولارًا.