يعمق الجفاف الذي يضرب اليمن أزمة الغذاء في البلد الذي يشهد بالأساس منذ سنوات عدة ظروفاً معيشية قاسية نتيجة الانقسامات والصراعات الداخلية والتوترات الجيوسياسية في المنطقة، ما يدفع إلى تغيير أعمق في أنماط الاستهلاك يطاول الخبز ذاته، في الوقت الذي تشهد العراق مخاطر لا يستهان بها، تتمثل في تسجيل أزمة مياه خانقة بفعل التغيرات المناخية وتناقص الإيرادات المائية من نهري دجلة والفرات.

 

وقبل أيام، حذر تقرير أممي حديث من تدهور واسع في الأوضاع الزراعية في اليمن، نتيجة استمرار الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، مما يُنذر بتداعيات خطيرة على الأمن الغذائي وسبل العيش الزراعية في البلاد. وأشار التقرير إلى استمرار ارتفاع درجات الحرارة فوق المعدل خلال مايو/أيار الماضي، حيث تجاوزت 42 درجة مئوية في المناطق الشرقية والساحلية، وأدت هذه الظروف إلى زيادة معدلات التبخر، وانخفاض رطوبة التربة، وإجهاد المحاصيل، حتى في مناطق المرتفعات التي تتميز عادةً بدرجات حرارة أكثر برودة.

 

ولفتت الفاو إلى أن مؤشرات الغطاء النباتي أظهرت تدهوراً ملحوظاً في معظم المناطق الزراعية، حيث "أدى نقص الأمطار وارتفاع الحرارة إلى ظهور علامات مبكرة لإجهاد نباتي واسع النطاق"، وهو ما قد ينعكس سلباً على إنتاجية المحاصيل خلال الموسم الزراعي الرئيسي. وأكدت المنظمة الأممية أن الموارد المائية تتعرض لضغوط إضافية، بسبب ضعف تدفق المياه وارتفاع الحاجة إلى الري، مما يفاقم التحديات التي تواجه المجتمعات الزراعية.

 

وتزيد التغيرات المناخية هذه من قتامة المشهد الغذائي والمعيشي في اليمن، لاسيما في ظل الضربات الأميركية والإسرائيلية والتوترات في البحر الأحمر. وسجّلت واردات الغذاء إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) على البحر الأحمر، غربي اليمن، تراجعاً بنحو 20% على أساس سنوي في أول خمسة أشهر من العام الجاري، لتصل إلى 1.79 مليون طن مقابل 2.23 مليون طن في نفس الفترة من العام الماضي 2024. ويسيطر الحوثيون على مؤسسة موانئ البحر الأحمر التي تضم ثلاثة موانئ رئيسية هي ميناء الحديدة، وميناء رأس عيسى، وميناء الصليف.

 

وليس الوضع أفضل حالاً في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتي تتخذ من عدن عاصمة مؤقتة لها. وكانت "نشرة السوق والتجارة اليمنية" لشهر مايو/أيار، الصادرة أخيراً عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو"، قد قالت إنه "لا تزال توقعات الأمن الغذائي في كلتا المنطقتين (الشمالية والجنوبية) باليمن قاتمة، وستستمر الأزمة بالتفاقم حتى فبراير/شباط 2026، لتطاول أكثر من 50% من السكان، الذين سيكونون بحاجة لمساعدات غذائية طارئة".

 

وعلى صعيد العراق، فإن التغيرات المناخية وأزمة المياه تحمل مخاطر أيضا للسكان على الرغم من الثروات النفطية للبلاد وعائداتها. ووفق تصريحات للمتحدث باسم وزارة الموارد المائية، خالد شمال لـ"العربي الجديد" نهاية يونيو/حزيران، فإن مستويات الخزين المائي الحالية تعدّ الأدنى في تاريخ البلاد الحديث، الأمر الذي دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات استثنائية وصعبة، كان أبرزها تقليص الخطة الزراعية إلى النصف وإلغاءها في بعض المناطق.

 

وأشار إلى أن وزارة الموارد المائية تسعى إلى إدارة النقص الحاد في الموارد المائية من خلال توزيع الخزين على مشاريع ري استراتيجية، من ضمنها سد "دوكان" الذي يرفد مشروع ري كركوك، وسد دربندخان الذي يدعم نهر ديالى، إلى جانب كميات محدودة من واردات نهر الزاب الكبير. وفي ما يخص وضع الأهوار، أوضح المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، أن الوضع فيها "مقبول حالياً"، إلا أن التحدي الأكبر يتمثل في الملوحة الزاحفة من نهر الكارون القادم من إيران، نتيجة انخفاض وارداته، مما يستدعي إجراءات عاجلة للحفاظ على نوعية المياه، خاصة في شمال البصرة، حيث تعمل الوزارة على تأمين المياه لأغراض الشرب والاستخدامات البشرية.

 

ونبّه إلى أن دول الجوار تمر هي الأخرى بظروف مائية حرجة، مشيرًا إلى أن سورية تعاني جفافاً حادّاً في الينابيع والعيون، ما أثر سلبًا على واردات نهر الفرات، التي تبلغ حاليًّا نحو 300 متر مكعب في الثانية، وقد تتراجع دون المستوى المطلوب خلال الصيف بسبب انخفاض خزين سد الطبقة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: الموارد المائیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

البحوث الزراعية يختتم فعاليات ورشة عمل الممارسات الزراعية الجيدة لمحصول القمح

اختتم مركز البحوث الزراعية فعاليات ورشة عمل "الممارسات الزراعية الجيدة لمحصول القمح"، والتي ضمت مجموعة من الخبراء والباحثين من وزارة الزراعة والمركز .


يأتي ذلك في إطار توجيهات وزير الزراعة واستصلاح الأراضي علاء فاروق، وتحت إشراف رئيس مركز البحوث الزراعية الدكتور عادل عبدالعظيم بتعزيز التعاون الزراعي مع المنظمات الدولية ذات الصلة لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة بهدف اعتماد الممارسات الزراعية الجيدة وتصميم برامج تدريبية لصغار ومتوسطي المزارعين وتقديم حلول ذات أولوية.


واستنادا إلى احتياجات محافظات الدلتا، تم تنظيم مجموعة حلقات نقاشية بهدف التركيز على زيادة إنتاجية القمح وتقليل الفاقد بعد الحصاد وأثناء التخزين من خلال عدة مجالات هي: إدارة زراعة القمح والتسميد ومكافحة الحشائش، إدارة الأمراض والآفات، الميكنة الزراعية وتقديم حلول عملية قابلة للتطبيق والتوسع استنادا إلى خبرات دولية تتناسب مع الأولويات المحلية.

طباعة شارك مركز البحوث الزراعية محصول القمح وزارة الزراعة وزير الزراعة واستصلاح الأراضي

مقالات مشابهة

  • اليمن.. الأرصاد يحذر من ارتفاع درجة الحرارة في المناطق الساحلية والصحراوية
  • مشهد غريب في أضنة… ما الذي يربطه الطهاة على أجسادهم تحت لهيب الصيف؟
  • أطباء بلا حدود: الحصبة تفتك بالأطفال في اليمن وسط تدهور النظام الصحي
  • وزير الخارجية والهجرة يستقبل وزير الموارد المائية والري (صور)
  • المياه النيابية:لا يتجرأ أي مسؤول عراقي فتح فمه أمام إيران حتى ولو مات الشعب العراقي من العطش
  • البحوث الزراعية يختتم فعاليات ورشة عمل الممارسات الزراعية الجيدة لمحصول القمح
  • موجة زلازل وزيادة حرارة المياه .. معهد الفلك يحسم جدل ما يحدث بالبحر المتوسط
  • وزارة الموارد المائية: اجتماع سادس لتعزيز آليات التشاور حول المياه الجوفية
  • تقرير دولي: اليمن يواجه أزمة غذائية غير مسبوقة تهدد ملايين السكان بالجوع الحاد