سلّطت أجهزة الاستخبارات الفرنسية الضوء على تهديدات داخلية مُتفاقمة، لم تظهر بعد بشكل واضح وسط مخاوف من المستقبل، بينما يُثير الخطاب السياسي القلق والانقسام في سياق التوترات في الشرق الأوسط، التي تجعل الوضع في فرنسا وأوربا قابلاً للاشتعال.

وتُواصل الأجهزة الأمنية الفرنسية سعيها لمعرفة إذا كان لهجوم حماس في محيط غزة والقصف الإسرائيلي للقطاع الفلسطيني صدى أكبر مما هو ظاهر  في فرنسا، بين الدوائر المتطرفة والمُتعاطفين الآخرين مع الحركة الجهادية.

ودعا تنظيم القاعدة الإرهابي في عدّة مناسبات الشهر الماضي، إلى توسيع نطاق الجهاد العالمي ضدّ الغرب. كما حرص تنظيم داعش الإرهابي على ركوب الموجة ودعا إلى العمل ضد المصالح الإسرائيلية في جميع أنحاء العالم وضرب الحكومات الغربية التي وصفها بـ "مرتدة" وتدعم إسرائيل.

Les services de renseignement dressent l’état de la menace terroriste au sein de l’islam radical en France https://t.co/T5mOk1CHdm via @lemondefr

— Mouvement Traditionaliste Conservateur (@Philippe1832) October 28, 2023

وذكر الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي جاك فولورو، بناءً على تقارير أمنية مسربة أنّه رغم المشهد السياسي المضطرب بشكل خاص في فرنسا، والذي يتميّز بتزايد خطر حريق أوسع في الشرق الأوسط، وما تبعه من قتل مدرس فرنسي آخر في مدرسته بيد إرهابي شيشاني، إلا أن أجهزة الاستخبارات الفرنسية لم تلاحظ بعد "أي هزّة تهديد" غير مُعتادة في صفوف الراديكاليين الإسلامويين والمُتشددين.

ويقول في "لوموند"، إنّه إذا كان الحديث عمّا يُوصف بـ "تهديد داخلي متفاقم"، فإنه موجود بالفعل قبل هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. مُشيراً إلى أنّ هذا أحد الدروس المُستفادة من الملخص الذي أعدّته وزارة الداخلية الفرنسية، بعد تلقيها معلومات عن التهديد من المديرية العامة للأمن الداخلي والمخابرات الإقليمية ومديرية استخبارات باريس وقيادة شرطتها.

ونُقلت الاستنتاجات إلى المحافظ باسكال ميلهوس المسؤول، إلى جانب رئيس الدولة، عن تنسيق الاستخبارات ومكافحة الإرهاب. ولكن في المقابل، وفي مجال تكون فيه التنبؤات محفوفة بالمخاطر في كثير من الأحيان، وحيث تتزايد الأعمال التي تُوصف بمُعادية للسامية، فإن التحليل الأمني هذا، حساس.

ويُشير فولورو إلى أنّ هناك في كثير من الأحيان فجوة بين النهج البارد لمسؤولي الأمن، المرتبطين بالحقائق، والخطاب السياسي العام الذي يميل في كثير من الأحيان إلى تهويل الوضع الأمني، سواء للدعوة إلى اليقظة، أو تجنّب الفخ إذا ساءت الأمور بأعمال إرهابية مُفاجئة.

Attentat de Bruxelles : Abdesalem Lassoued, s'était évadé d'une prison tunisienne en 2011. Tunis, via Interpol, avait demandé en 2022 aux autorités belges de l’extrader, mais le dossier s’est ensuite « égaré » au parquethttps://t.co/i695eRJi3B pic.twitter.com/DiOKrwaiIa

— Fdesouche.com est une revue de presse (@F_Desouche) October 22, 2023  قلب الحركة الجهادية

ومن جهته، يرى الباحث في العلوم السياسية ومؤلف كتاب "الغضب والنسيان" هوغو ميشيرون، أنّ الهجمات الإسلاموية في بروكسل، وأراس الفرنسية أخيراً، حدثت في فترة ارتداد وإعادة تشكيل الجهادية الأوروبية.

وقال إنّه رغم أنّ إرهاب الجماعات الإسلاموية المُتطرّفة قد تراجع في أوروبا منذ انهيار تنظيم داعش الإرهابي في 2019، إلا أنّه لم يختفِ بعد، وهو ما يظهره مقتل سويديين في بروكسل على يد مهاجم يدّعي أنّه من داعش، بعد أيام فقط من مقتل مدرس الفرنسية، في رسائل إرهابية اعتبرها قاسية.

ووفقاً لميشيرون، الذي يكتب عن الجهاديين الفرنسيين في سوريا، فإنّه يتحدث عن لمحات معزولة لما أسماه "الجهاد الجوي" الوجه الجديد للتهديد الإرهابي في فرنسا وأوروبا، وقال إنّ الإرهاب الفردي "الداخلي" ضمن كل دولة بشكل مستقل، والدعاية الدائمة على شبكات التواصل الاجتماعي، والمُحرّضون النشطون في الخارج أو خلف جدران السجون، تزيد مخاطر التهديد الإرهابي، داعياً أجهزة الاستخبارات إلى التكيف باستمرار مع التغيرات في المخاطر.

خلل أمني

وبدورها، سلّطت الصحافة الفرنسية الضوء على ما وصفته بـ "الرحلة الأوروبية للجهادي التونسي" عبد السلام الأسود، الذي تنقل بسهولة بين إيطاليا، وفرنسا، والبرتغال، والنرويج، والسويد، وصولاً إلى بلجيكا حيث قتل في عاصمتها سويديين اثنين في منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، بعد أن هرب من سجن قابس إبّان التظاهرات ضدّ الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي في نهاية 2010.

وتساءلت "لو فيغارو" عن إفلات الأسود من يقظة أجهزة المخابرات الأوروبية مرّات عديدة، حيث كشفت الرحلة الفريدة للرجل الذي قتل لاحقاً، العيوب الأمنية في منطقة شينغن.ما يُسلّط الضوء على إخفاق الأجهزة الأمنية في العديد من الدول الأوروبية وافتقارها إلى التنسيق مع تونس، وهو ما استغّله الإرهابي المُنتمي لتنظيم داعش.

يُذكر أنّه حُكم بالسجن 26 عاماً على عبدالسلام الأسود في 2005، حيث اتهم بمحاولات اغتيال وأعمال إرهابية في تونس، حسب السلطات البلجيكية التي ذكرت أنّ وزارة الداخلية التونسية والنيابة العامة ترفض أيّ تعليق، لكن لا تزال السنوات التي سبقت إدانته في تونس بجرائم عادية أو لتوجّهاته السياسية والدينية في ذلك الوقت مجهولة إلى حدّ كبير.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة حماس غزة وإسرائيل أوروبا فی فرنسا

إقرأ أيضاً:

فرنسا: الأصول الروسية المجمدة قد تستخدم ضمانة لقرض أوروبي جديد لأوكرانيا

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن الأصول الروسية المجمدة في أوروبا قد تستخدم كضمانة لقرض جديد يعتزم الاتحاد الأوروبي منحه لأوكرانيا، في خطوة تراها باريس “آلية فعالة” لدعم الاستقرار المالي لكييف.

دونالد ترامب: بايدن يتحمل أزمة الاقتصاد وحرب أوكرانياترامب يصعد لهجته تجاه أوروبا: قادة "ضعفاء" عجزوا عن إنهاء حرب أوكرانياترامب: حان الوقت لإجراء انتخابات رئاسية في أوكرانياوزيرة الخارجية البريطانية: سأبحث في واشنطن تأمين سلام عادل ودائم في أوكرانيا

وأكدت الخارجية الفرنسية أن الولايات المتحدة تعهدت لأول مرة بمناقشة الضمانات الأمنية الخاصة بأوكرانيا ضمن مشاورات متقدمة مع الشركاء الأوروبيين، معتبرة أن هذا التطور "يعكس تغيرا في مقاربة واشنطن تجاه متطلبات الأمن الأوروبي".

وأوضحت الوزارة أن مشاورات مكثفة تجري مع الإدارة الأمريكية لتقييم نتائج محادثات موسكو الأخيرة بشأن أوكرانيا، مشيرة إلى أن باريس وواشنطن "تعملان بشكل منسق لتحليل التداعيات السياسية والأمنية" لهذه المحادثات على الوضع الإقليمي.

طباعة شارك وزارة الخارجية الفرنسية الأصول الروسية المجمدة الأصول الروسية المجمدة في أوروبا أوكرانيا باريس الضمانات الأمنية الخاصة بأوكرانيا

مقالات مشابهة

  • إيكونوميست: هل يمكن لأحد إيقاف زحف اليمين الشعبوي في أوروبا؟
  • فرنسا: نريد تجميد الأصول الروسية في أوروبا لعامين إضافيين
  • دراسة تقترح أن ثورانًا بركانيًا مهد الطريق لوباء الطاعون الذي فتك بأوروبا
  • مؤسسة النفط تستعرض الشراكات التي تقيمها مع الشركات الأوروبية وسبل تطويرها
  • ميسرة بكور: بعض الدول الأوروبية تتصرف وفق مصالحها الوطنية على حساب المصلحة المشتركة
  • لأول مرة.. الاستخبارات الدنماركية تصنّف أمريكا مصدر تهديد أمني محتمل
  • الاستخبارات الدنماركية تعتبر الولايات المتحدة تهديدًا محتملاً لأمن أوروبا
  • فرنسا تدعو لتسريع "استقلال" أوروبا لمواجهة استراتيجية ترامب
  • فرنسا تدعو إلى الاستقلال الإستراتيجي ردا على عقيدة أميركا الأمنية الجديدة
  • فرنسا: الأصول الروسية المجمدة قد تستخدم ضمانة لقرض أوروبي جديد لأوكرانيا