بذلت ألمانيا جهودا كبيرة لأجل التوصل إلى اتفاقية هجرة مع المغرب لجذب العمالة الماهرة والحد من الهجرة غير القانونية

بعد توقيع المغرب وألمانيا إعلان نوايا يهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين في القضايا الأمنية وفي مجال الهجرة، في الـ 30 من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، ساد تفاؤل كبير في أحاديث الشباب المغاربة المهتمين بفرص العمل التي يوفرها البلد، خاصة منهم من بدأ استعداداته قبل مدة رغبة في الهجرة نحو ألمانيا.

مختارات ألمانيا ـ مشاورات بين الحكومة والولايات حول تمويل تكاليف اللاجئين المغرب وألمانيا.. توقيع إعلان نوايا في مجالي الأمن والهجرة "يونيسيف" تطالب برلين بمزيد من الاهتمام بالأطفال اللاجئين ألمانيا - نحو 45 ألف لاجئ قدموا طلبات لجوء سابقة في دول أوروبية ألمانيا: ما جديد خطة تسريع ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين؟

إحباط بسبب البيروقراطية!

بسمة، شابة مغربية تبلغ من العمر 25 سنة، تنتظر منذ أواخر شهر يوليو/تموز هي ومشغلها الألماني، الذي تمكنت من إقناعه بكفاءتها وسيرتها الذاتية المهنية إضافة إلى مجهودها في تعلم اللغة الألمانية، بمنحها عقد عمل. تحكي بسمة في مقابلة مع مهاجر نيوز، أن "المشغل يحاول منذ ثلاثة أشهر التواصل مع  مكتب الأجانب، لكنه لا يتلقى أي رد، وأنا أيضا أحاول منذ أشهر التواصل معهم دون أي استجابة تذكر".

درست بسمة تخصص الفندقة في المغرب، وعلمت لاحقا أن دبلومها قد يمكنها من تحقيق حلم العمل في أوروبا، وبالضبط في ألمانيا، بالنظر للخصاص المهول في اليد العاملة بالبلد. حلمها بتجربة العيش في أوروبا كان دافعا مكنها من الحصول على شهادة لغة مستوى B1 خلال الأشهر الأولى من 2021، مما حفزها لبدء إعداد ملفها المكون من شهادات دراستها وتدريباتها المهنية، وفي منتصف شهر مايو/أيار 2022، وجدت فرصتها مع المشغل الألماني عن طريق موقع ألماني للبحث عن عمل.

بعد شهرين من المقابلة بعث لها المشغل عقد العمل، وبتوصية منه دفعت مقابل ملف التسريع للمشغل 411 يورو حسب تأكيدها، لكن إلى اليوم لم تحصل على أي رد. هذا التأخير، جعلها تفوت موعدها لدى القنصلية الألمانية بالرباط الشهر الماضي، الذي كان سيخصص لوضع ملف طلب الحصول على تأشيرة.

تقول بسمة "لقد حاولت جاهدة، وكنت جد متفائلة، أعانتني عائلتي ماديا ومعنويا، لكن هذه التجربة السلبية، والبطء الكبير في  المعاملات الإدارية، أفقداني اليوم الشغف، أريد فقط أن أعرف لماذا لم يجيبوني، أليست ألمانيا من تشتكي من نقص اليد العاملة؟ لماذا لا يسهلون وصولنا للوظائف التي نجدها؟".

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر مع نظيرها المغربي عبد الوافي لفتيت في العاصمة المغربية الرباط.

اتفاقيات لا تولي اهتماما للواقع!

الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة الألمانية تهدف بالأساس إلى تسهيل إصدار تأشيرات العمل والتدريبات المهنية للمهتمين في المغرب، لكن مقابلها هناك مطالبة ألمانية بتحسين التعاون في عمليات إعادة طالبي اللجوء المرفوضين من جانب المغرب.

ويبلغ عدد المغاربة المقيمين في ألمانيا المُطالَبِين بمغادرتها 3660 شخصاً، 2762 منهم حصلوا على تصريح إقامة (منع ترحيل أو دولدونغ) لأسباب مختلفة، أما 898 الباقون فيمكن ترحيلهم بسرعة. وكان المغرب لا يسمح سوى ببعض  عمليات الترحيل الفردية  على متن رحلات جوية مجدولة، وهو ما يزيد من صعوبة عمل الشرطة الاتحادية المسؤولة عن عمليات الترحيل.

تمثل ملاك، الشابة المغربية التي وصلت إلى ألمانيا نهاية سنة 2021، والبالغة من العمر حالياً 34 سنة، حالة معقدة من بين حالات كثيرة تحدثنا إليها في مهاجر نيوز. هم أشخاص تمكنوا فعليا من الوصول إلى ألمانيا بطريقة قانونية، لكن سرعان ما تحولت حياتهم فيها إلى "جحيم" حسب وصفهم، فلا هم تمكنوا من تحقيق طموحاتهم، ولا البلد استفادت منهم كما يجب.

كانت ملاك معتادة في إطار عملها بمجال النقل الدولي، على القدوم إلى الكثير من البلدان الأوروبية طوال السنوات الماضية. تقول في تصريح لمهاجر نيوز "بسبب ظروف خاصة، لم أتمكن من العودة للمغرب حينما قدمت إلى ألمانيا". انتهت صلاحية التأشيرة وهي في ظرف قاهر حسب ما تحكيه، فنصحها أصدقاء ومعارف  بطلب اللجوء  رغم أنها لن تتمكن من الحصول على قبول لطلبها لأنها مواطنة مغربية، أي قادمة من بلد آمن، لكنهم اقترحوا عليها أن تستغل الوقت الذي يستغرقه البت في طلبها لتعلم اللغة وإيجاد عمل أو تدريب مهني.

فشلت السلطات في ترحيل ملاك كما يحصل في أغلبية حالات الترحيل بسبب مشاكل إدارية، وتدخل محاميها في القضية، ليتم منحها تصريح التسامح (منع الترحيل). وجدت الشابة المغربية فرص عمل بعد ذلك، لكن نوعية إقامتها كانت تمنعها منه كما تمنعها من مغادرة مركز اللجوء الذي تعيش فيه. تقول "طلبت من الموظفين أن يساعدوني على تغيير وضعيتي عبر السماح لي على الأقل بتعلم اللغة، فأنا لم أعتد أبدا على حياة الأكل والنوم، أردت أن أحقق شيئا".

صورة تعبيرية: الوكالة الفيدرالية للهجرة واللاجئين (BAMF)

وتساءلت الشابة قائلة "ألا تعاني ألمانيا من نقص اليد العاملة؟ لقد أتيتها برغبة في تحقيق الكثير، وليس البقاء محتجزة في مركز اللجوء".حصلت ملاك اليوم على مستوى B1 في اللغة الألمانية بعد السماح لها بالدراسة، ونهاية هذا الشهر سوف تجتاز الامتحان السياسي، وتحاول جاهدة إيجاد عمل أو تدريب، وتفكر في التطوع في عمل خيري لتكتسب مهارات لغوية وتندمج في المجتمع الألماني أكثر.

كل هذه المجهودات والمحاولات، لم تشفع لملاك في البقاء في ألمانيا، فصلاحية الإقامة التي منحت لها ستنتهي خلال أسابيع. تقول "أعيش الرعب من الترحيل يوميا، يستنزفوننا في كل دقيقة بكثرة المواعيد الإدارية التي يذكروننا خلالها بأن الترحيل وشيك، عوض السماح لنا بالتركيز في تعلم اللغة والعمل والاندماج، لا يفرقون بين من سينفع هذا البلد فعلا ويساهم في تطويره اقتصاديا، ومن يستنزفون أموال الدولة دون فائدة. السلطات الألمانية تعرقل وتركز جهودها على الأشخاص الخطأ، لا أفهم لماذا؟".

تهديد مغاربة بالترحيل رغم توفرهم على فرص عمل!

ما تشتكي منه ملاك، وإن تم تبريره بخطئها القانوني في البقاء في ألمانيا بعد انتهاء صلاحية تأشيرتها، إلا أنه أمر يعاني منه العشرات من الشباب المغاربة الذين وصلوا إلى ألمانيا إما عن طريق عقد عمل أو تدريب مهني، لكن واجهتهم مشاكل لم تكن بالحسبان.

صورة تعبيرية: عملية ترحيل لشخص من ألمانيا نحو بلده

 مهدي، واحد من هؤلاء الشباب، وصل إلى البلد شهر مارس/آذار من العام 2023، بعد حصوله على عقد تدريب مهني  واستيفائه كل الشروط التي تسمح له بالقدوم إلى ألمانيا. قبل نهاية مدة التدريب بيوم واحد، حسب ما يحكيه لمهاجر نيوز، قررت الشركة فسخ عقده، وأخبرت مكتب الأجانب بالأمر. هناك طُلِبَ منه نسخة من القرار وجواز السفر، وتم إخباره أنه ستتم إعادته إلى المغرب.

رغم حصوله على عقود عمل وتدريبات أخرى، في الولاية نفسها، يرفض مكتب الأجانب السماح له بالعمل إلى الآن، ويجددون طلب مغادرته ألمانيا في كل زيارة منه للموظف المسؤول عن ملفه، ويُبَلغ بهذا القرار كل مشغل منحه عقد عمل وحاول التوسط لدى مكتب الأجانب لحل مشكلته.

مهدي اليوم حائر، فلا هو يستطيع العمل رغم كثرة الفرص التي وجدها وإتقانه للغة، ولا هو قادر على اتخاذ قرار العودة طوعا للمغرب. يقول "استثمرت وعائلتي ماديا ومعنويا وبذلت الكثير من الجهد لأجل القدوم إلى ألمانيا بشكل قانوني، بهدف إيجاد فرصة لبناء مستقبل أفضل". ولا يدري مهدي هل نصيحة أصدقائه بتوكيل محام لمتابعة الملف، وتغيير محل سكنه نحو ولاية أخرى سيكون حلا، أم أنها ستكون مصاريف إضافية لا تنفع أمام تعنت الموظفين  والسلطات الألمانية.

هل يتم التوصل لحلول للعراقيل الإدارية المعتادة؟

الجهود المبذولة من طرف ألمانيا لإيجاد حلول لنقص اليد العاملة وتوجهها لبلدان شمال إفريقيا ليس جديدا، فقبل إعلان الاتفاقيات بين كل من المغرب وألمانيا خلال أكتوبر المنصرم، كانت قد جرت مباحثات بين وزيرة الشؤون الخارجية لجمهورية ألمانيا الاتحادية، أنالينا بيربوك، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، خلال زيارة عمل له في ألمانيا، خلالها سلط الوزيران الضوء على التعاون الوثيق في مجال الهجرة.

كما أن جهود ألمانيا في التنسيق مع البلدان الشمال إفريقية، تأتي في سياق جهود الاتحاد الأوروبي الذي يرى أن دول شمال القارة، شريك استراتيجي لمكافحة الهجرة غير القانونية، وفي الآن ذاته مصدر لليد العاملة التي تحتاجها أوروبا لتفادي ركود اقتصادي.

تصريح إقامة مؤقت لوقف الترحيل (دولدونغ)

لكن بالنسبة لكل من يفكر في الهجرة نحو ألمانيا من المغرب، فإن أول المعيقات التي تتبادر إلى الذهن هو بطء الإجراءات الإدارية واستمرارها لأشهر طويلة حسب شهادات استقيناها سابقا، حتى قبل الوصول إلى ألمانيا. وقد سبق لوزارة الخارجية الألمانية أن صرحت لمهاجر نيوز بخصوص هذا الموضوع سنة 2019 قائلة "السفارة الألمانية بالرباط تواجه طلبًا كبيرًا على التأشيرات في كل الأصناف".

وعند مقارنة المغرب ببلدان أخرى، فرقم الحاصلين على تأشيرة العمل  يبدو قليلا، إذ تتصدر دول البلقان القائمة. وحتى عند مقارنة المغرب ببلدان في شمال إفريقيا، فمصر تتصدر تأشيرات العمل متبوعة بتونس ثم المغرب ثالثًا، متبوعة بالجزائر وفقاً لأرقام صادرة عن الخارجية الألمانية.

ماجدة بوعزة - مهاجر نيوز 2023

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: أنالينا بيربوك المانيا المغرب ترحيل المهاجرين طلبات اللجوء تعلم اللغة الالمانية أنالينا بيربوك المانيا المغرب ترحيل المهاجرين طلبات اللجوء تعلم اللغة الالمانية مکتب الأجانب الید العاملة إلى ألمانیا فی ألمانیا

إقرأ أيضاً:

ماذا تغير في تركيا بعد عام من بدء عودة السوريين إلى بلادهم؟

أنقرة- في عام واحد، شهدت تركيا أوسع موجة عودة طوعية للاجئين السوريين منذ اندلاع الأزمة قبل أكثر من عقد، وذلك في أعقاب انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.

ووفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية التركية وإدارة الهجرة، عاد أكثر من 578 ألف سوري إلى بلادهم في الفترة ما بين انهيار النظام السابق وديسمبر/كانون الأول الحالي، ضمن برنامج العودة الآمنة والمنظمة الذي تشرف عليه أنقرة.

وبذلك يرتفع إجمالي عدد السوريين العائدين منذ عام 2016 إلى نحو مليون و318 ألف شخص، في تحول لافت على صعيد ملف اللجوء.

تحولات سكانية

أظهرت المدن التركية الكبرى، وفي مقدمتها إسطنبول وغازي عنتاب وهاتاي، أبرز ملامح التغير الديمغرافي الناتج عن موجة العودة الواسعة للسوريين خلال العام الجاري، ووفق بيانات رسمية صادرة عن إدارة الهجرة التركية، سجلت هذه المدن تراجعا ملحوظا في أعداد السوريين المقيمين على أراضيها.

ففي إسطنبول، انخفض عدد السوريين من نحو 481 ألفا في مايو/أيار الماضي إلى حوالي 417 ألفا بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. أما في غازي عنتاب، فتراجع العدد من 386 ألفا إلى 333 ألفا، بينما شهدت هاتاي انخفاضا من نحو 195 ألفا إلى ما يقارب 154 ألفا خلال الفترة نفسها.

وانعكس هذا الانخفاض بشكل مباشر على ضغط الخدمات العامة في تلك الولايات، لا سيما في قطاعات التعليم والصحة، فقد أشارت بلديات محلية إلى تراجع الكثافة الصفية في المدارس الحكومية نتيجة انخفاض عدد التلاميذ السوريين، إلى جانب انخفاض ملحوظ في أعداد المراجعين من اللاجئين في المستشفيات والمراكز الصحية.

وتأتي هذه التحولات في سياق أوسع يتمثل في تراجع نسبة السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة من إجمالي سكان تركيا إلى نحو 3.16% في نهاية 2024، في حين تشير التقديرات إلى أن هذه النسبة واصلت الانخفاض خلال العام الجاري.

مغادرة العمالة السورية أدت إلى نقص كبير في الأيدي العاملة المدربة وترك أثرا واضحا على وتيرة الإنتاج (رويترز)تداعيات اقتصادية

أثرت عودة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين بشكل مباشر ومزدوج على سوق العمل التركي والبنية الخدمية، حيث أسهمت من جهة في تخفيف الضغط عن قطاعات تشهد منافسة متزايدة على الوظائف، لكنها من جهة أخرى كشفت عن فجوات حادة في قطاعات اقتصادية اعتمدت لسنوات على العمالة السورية، خاصة في ولايات الجنوب ذات النشاط الصناعي الكثيف.

إعلان

ففي ولاية غازي عنتاب، التي تعد أبرز المتضررين من موجة العودة، أكد رئيس غرفة تجار الخياطة والنسيج علي كومورجو أن أكثر من نصف ورش النسيج اضطرت إلى الإغلاق بسبب فقدان شريحة واسعة من العمال السوريين، الذين كانوا يشكلون عماد هذا القطاع.

وفي السياق ذاته، أشار رئيس غرفة صناعة الأحذية في الولاية، محمد أمين إينجه، إلى أن نحو 10 آلاف عامل سوري غادروا القطاع خلال العام، مما أدى إلى نقص كبير في الأيدي العاملة المدربة، وترك أثرا واضحا على وتيرة الإنتاج في واحد من أكبر القطاعات الصناعية في المنطقة.

تداعيات هذا النقص طالت أيضا مصانع صغيرة اضطرت إلى التوقف مؤقتا عن العمل، في حين لجأت مصانع أكبر إلى حلول جزئية، كتوظيف عمال جدد أو زيادة الاعتماد على القوى العاملة التركية، وإن دون القدرة الكاملة على تعويض المهارات والخبرات التي غادرت.

من جانبها، أعلنت وزارة العمل إطلاق دراسة موسعة شملت 17 قطاعا، عبر استبيان استهدف 16 ألف منشأة في أنحاء البلاد، بهدف تقييم أثر عودة السوريين على المشهد العمالي، ورصد الفجوات التي خلّفها خروج أعداد كبيرة من اليد العاملة، لا سيما في قطاعات الإنتاج والخدمات.

وبالتوازي، كشفت وسائل إعلام مقربة من الحكومة عن إستراتيجية وطنية جديدة للتوظيف تمتد حتى عام 2028، تتضمن خططا لاستقدام عمالة أجنبية مدروسة من دول آسيا الوسطى وأفريقيا، لتغطية النقص المسجل في قطاعات حيوية مثل البناء والنسيج والصناعات الخفيفة.

كما لم تستبعد مصادر رسمية إمكانية منح بعض العمال السوريين المهرة تصاريح عمل طويلة الأجل أو إقامات دائمة إن أثبتوا كفاءة واستقرارا، في إطار معالجة ميدانية لحاجة السوق، دون أن يمس ذلك بالمبدأ الإستراتيجي الأساسي وهو تشجيع العودة الطوعية.

تحول سياسي

شهد الخطاب السياسي التركي خلال العام الجاري انعطافا لافتا في تعاطيه مع ملف اللاجئين السوريين، إذ تراجعت نبرة التصعيد التي كانت تهيمن على الجدل العام في السنوات الماضية، لتحل محلها لغة أكثر توافقا، ترتكز على دعم العودة الطوعية وتأكيد احترام كرامة العائدين.

فحزب الشعب الجمهوري، الذي لطالما تمسك بخطاب يطالب بإعادة اللاجئين عبر التنسيق مع دمشق، عدل من نبرته بعد انهيار النظام السابق، وأعرب زعيمه أوزغور أوزال -منذ الأيام الأولى لتحول الوضع السوري- عن ترحيبه بالتطورات، داعيا إلى تشكيل حكومة انتقالية سورية جامعة تهيئ الظروف لعودة آمنة.

في المقابل، رأت قيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم في موجة العودة تأكيدا على سلامة نهجها، في حين تجلى هذا الخطاب الرسمي كذلك داخل أروقة البرلمان، حيث خفتت لهجة السجالات التقليدية حول "طرد اللاجئين".

مصادر رسمية تركية لم تستبعد إمكانية منح بعض العمال السوريين المهرة تصاريح عمل طويلة الأجل أو إقامات دائمة (رويترز)نقلة مفاهيمية

يرى الباحث التركي في شؤون الهجرة حيدر شان أن التغيرات التي طرأت في تركيا خلال عام من بدء موجة العودة الواسعة للسوريين لا تقاس فقط بحجم العائدين، بل بما أحدثته هذه الظاهرة من إعادة تموضع سياسي ومؤسسي واجتماعي داخل الدولة التركية.

إعلان

ويؤكد شان للجزيرة نت أن ما جرى أعاد صياغة علاقة الدولة بالمجتمع المضيف والمجتمع السوري معا، إذ بدأت أنقرة -لأول مرة منذ بدء الأزمة السورية- في التعامل مع ملف العودة بوصفه متغيرا حاكما في سياسات التخطيط الحضري، وسوق العمل، والأنظمة الخدمية، لا مجرد بند إنساني أو أمني.

ويشدد شان على أن فقدان اليد العاملة السورية شكل اختبارا لتركيبة سوق العمل التركي، التي لم تكن قد استعادت توازنها بعد جائحة كورونا وأزمة الليرة.

ويشير إلى أن قياس الأثر هنا يجب ألا يقتصر على معدلات البطالة، بل يمتد إلى الإنتاجية القطاعية، وديناميكيات الأجور، ومؤشرات الاستدامة في الصناعات التي كانت تعتمد على عمالة مرنة ومنخفضة الكلفة.

ويتابع شان أن التحول السياسي في الخطاب، سواء من المعارضة أو الحكومة، يعكس ما يسميه بـ"نهاية مركزية خطاب اللجوء" في المعارك الانتخابية، وهو تحول يحتاج إلى تحليل مضمون منهجي للخطاب السياسي والإعلامي عبر أدوات تحليل كيفي وكمي، لفهم إلى أي مدى بات الرأي العام يتعاطى مع السوريين كملف سياسي، لا كقضية توتر قومي.

مقالات مشابهة

  • ياسمين عبدالعزيز تكشف عن المهنة التي تمنت العمل بها
  • القوى العاملة بسوهاج تسلم 15 عقد عمل لذوي القدرات الخاصة
  • ماذا تغير في تركيا بعد عام من بدء عودة السوريين إلى بلادهم؟
  • فنزويلا: الولايات المتحدة تعلق رحلات الترحيل إلى كراكاس
  • بزشكيان: عازمون على تنفيذ الاتفاقية الشاملة بين إيران وروسيا
  • شكرا للفريقين علي المتعة التي قدماها المستكاوي يشيد بمباراة المغرب وسوريا
  • ورشة لمصادقة الإطار الاستراتيجي للتعليم المهني والتقني في الأردن بالتعاون مع ألمانيا
  • لقاء معهد الدراسات الدبلوماسية بطلاب الجامعة الألمانية بالقاهرة والجامعة الألمانية الدولية
  • «تمكين المجتمع» تحقق نتائج إيجابية في برنامج تصفير البيروقراطية الحكومية
  • مقتل 22 شخصاً إثر انهيار بنايتين متجاورتين في مدينة فاس المغربية