برامج كوميدية بقنوات عبرية تسخر من معاناة أهالي غزة.. وحقوقية إسرائيلية: نحن فاشيون
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
شنت أورلي نوي، رئيسة منظمة "بتسليم" الإسرائيلية الحقوقية غير الحكومية، هجوما على الإعلام الإسرائيلي، وبالتحديد برنامج كوميدي ساخر قالت إنه يؤجج آلة الكراهية الدائرة بقوة في دولة الاحتلال، لا سيما منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عبر "تجريد الفلسطينيين من كونهم أناسا لهم الحق في الحياة".
وقالت أورلي، في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، إن البرنامج الكوميدي الإسرائيلي الشهير "بلد رائع"، والذي يذاع على القناة الـ12 العبرية "كيشيت"، وهو النسخة الإسرائيلية من البرنامج الأمريكي الشهير Saturday Night Live، تحول إلى بث خاص منذ السابع من أكتوبر الماضي، بهدف تلميع الحملة العدوانية الإسرائيلية على غزة.
وخلال البرنامج تم عرض "مسرحية هزلية" تسخر من الفلسطينيين، وتعتبر أنهم يزيفون مقاطع مقتل المدنيين في القصف الإسرائيلي على غزة.
اقرأ أيضاً
مدير عام مستشفيات غزة: مجازر اليوم تسفر عن ألف شهيد
وكانت الفكرة هي السخرية من المقاطع التي ينشرها الفلسطينيون والتي تصور معاناتهم وحمام الدم المدمر في غزة، كما تقول الكاتبة.
المسرحية كان بطلها الممثل الكوميدي الإسرائيلي إيلي فينيش، والذي قام بدور مواطن غزاوي، بالإضافة إلى ممثلين آخرين يقومون بدور صحفي ومخرج تليفزيوني.
وتبدأ المسرحية بمحاكاة ساخرة لمقطع فيديو منتشر من غزة يتفاخر فيه شاب بالصواريخ التي أطلقها المقاتلون الفلسطينيون على إسرائيل، وفي المشهد التالي يظهر وهو مستلقي على سرير في المستشفى ويبكي، قائلا: "أنا أموت، لقد أطلقت طائرة عليّ".
وبينما كان الرجل يئن من أنه "مغطى بالدماء"، يدرك أنه لا توجد قطرة دم عليه، فيسلمه المخرج الذي يقف بالقرب منه "زجاجة كاتشب" ويطلب من الطاقم تصوير لقطة أخرى.
تزييف المعاناةثم يبكي الرجل الذي يُفترض أنه جريح قائلاً إن "العصير الموجود في الوريد قد نفد"، وعند هذه النقطة تصل والدته (التي يلعب دورها فينيش أيضًا)، ويتم تصويرها بشكل ساخر وهي تبكي.
وفي مشهد آخر تظهر عدة جثث مغطاة بأغطية بلاستيكية ملقاة على الأرض، فتعمد إحدى الجثث إلى "العطس"، مما يؤدي إلى إتلاف اللقطة، ليعتذر الممثل، ويتم إعادة التصوير.
وتقول الكاتبة إن هذه السخرية الدنيئة من معاناة الفلسطينيين في غزة تلاقي استحساناً وتقديراً من قبل الجمهور، بما في ذلك الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من مستوطنات غلاف غزة وجنوبي الأراضي المحتلة.
اقرأ أيضاً
مجازر إسرائيل في غزة لا تنتهي.. حولت القطاع من سجن كبير لمقبرة
تجميل المذابحوتقول الكاتبة إن أبعاد حملة الذبح الإسرائيلية الحالية تتجاوز كل ما عرفه قطاع غزة في الماضي، ومع تدفق صور هذا الرعب الذي لا يمكن تصوره على وسائل الإعلام العالمية، اختار فيلم "بلد رائع" أن يقول للجمهور الإسرائيلي: "لا تقلقوا، إنها كلها أخبار كاذبة يا شباب. حافظوا على معنوياتكم".
وتضيف الكاتبة: "ومن وجهة نظر مقدمي البرنامج، لم يمزق القصف الإسرائيلي آلاف الأطفال في غزة إرباً، لا وجود لأمهات تنهار على أجساد أبنائهن؛ ولا مستشفيات قصفت بدون أدوية أو معدات؛ لا يوجد نقص في الغذاء والماء والوقود؛ ولا يوجد أكثر من مليون نازح؛ ولا دمار ولا خراب، وبالطبع، لا تستخدم إسرائيل أبداً القنابل الفسفورية هناك".
وترى أنه منذ بداية هذه الحرب، كانت الرسالة الوحيدة التي نقلتها الغالبية العظمى من وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى الجمهور هي مدى عدل إسرائيل التام.
وتؤكد أن صور الفظائع في غزة، والتي نراها في جميع أنحاء العالم، لا يتم بثها على قنوات التلفزة الإسرائيلية.
وفي الوقت نفسه، أقر الكنيست تشريعًا جديدًا لتجريم استهلاك المحتوى الذي يعتبره "إرهابيا"، وبالطبع يقصد أخبار المذابح في غزة.
اقرأ أيضاً
استقالة مدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان احتجاجا على مجازر غزة
الفاشية الجديدةوتعلق أورلي نوي على ما سبق كله بالقول: "إن الفاشية لا تظهر فجأة بين عشية وضحاها. إنه يتم إنشاؤه من خلال عملية طويلة حيث يختار المجتمع المرونة الوطنية بدلاً من الانتقاد، والكذبة المهدئة بدلاً من الحقيقة المؤلمة، والروح المعنوية الوطنية بدلاً من البحث الجماعي عن الذات".
وتتابع: "إن ثقافة الفاشية لا يتم إنشاؤها بواسطة قيادة فاسدة، بل بواسطة كل هؤلاء الأشخاص الذين ينخرطون في آلية إسكات وإخفاء وتشويه وتجريد الآخر من إنسانيته باسم الوحدة".
وتختم مقالها بالقول: "في نهاية المطاف، إذا كان للشعب الإسرائيلي أن يفكر، ولو لثانية واحدة، في احتمال وجود بشر أيضاً على الجانب الآخر، فكيف قد نتمكن من الاستمرار في ذبحهم وذبح أطفالهم، والشعور بأننا على حق إلى هذا الحد؟".
المصدر | أورلي نوي / ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة مذابح غزة التليفزيون الإسرائيلي السخرية فاشية فی غزة
إقرأ أيضاً:
سيدي جلالة الملك: هذا حل تحديات العطش والفقر والبطالة والطاقة والأمن الغذائي في المملكة، ولكي نستمر أيضا
صراحة نيوز ـ كتب أ.د. محمد الفرجات
في وطنٍ يضيق فيه الأمل على شباب طموح يُسابق الحياة بإمكانات متآكلة، نجد أنفسنا نطرح هذا السؤال الوجودي: إلى أين يتجه مستقبل الأجيال الأردنية؟
شبابنا اليوم يرزحون تحت أثقال لا تُطاق:
بطالة تتجاوز 22%، وأحيانًا أكثر في بعض المحافظات.
دخول شهرية لا تكفي لأدنى متطلبات الحياة، فكثير من الشباب وخريجي الجامعات إن وجدوا عملا، فلا يتجاوز دخلهم الشهري 300 دينار، بينما كل بيت فيه عدد من العاطلين عن العمل، وعزوف الشباب عن الزواج خطر يهدد الأمن القومي.
كلف السكن والإيجارات تُزاحم الراتب، والنقل يستنزف الجيب، وفواتير الكهرباء والماء تحوّلت من خدمات إلى عبء دائم.
وأمام هذا الواقع، يؤجل الشباب الزواج، وإن حصل، فيفشل كثيرون في الحفاظ عليه بسبب الفقر وتراكم الالتزامات، فينكسر الاستقرار الأسري وغالبا يحدث الطلاق، وقد بدأت ملامح أزمة ديموغرافية واجتماعية تلوح في الأفق، بجانب نمو معدلات العنف والجريمة.
نحن لا نواجه فقط أزمة دخل أو فرص عمل، بل أزمة وطنية تمسّ استقرار الأسرة والسلم المجتمعي والنمو السكاني الطبيعي، وبالتالي تهدد الأمن القومي بأكمله.
أزمة المياه والعطش وتهديد القطاعات التنموية:
فمن ناحية أخرى، تتفاقم أزمة المياه، فالسدود شبه فارغة، ومياهها لم تعد تكفي، والأمطار باتت تصبح شحيحة وتنحرف عن مساقط السدود، والتغير المناخي يضرب بشدة في موقعنا الجغرافي.
المياه الجوفية بالأغوار تهبط وتزداد ملوحة، والزراعة مهددة، ومصادر دخل المزارعين تقل، والأمن الغذائي الوطني مهدد كذلك.
كما وأن المزارعين والفلاحين ومربي المواشي باتوا يهجرون موائلهم من قرى وأرياف وبوادي، ويتركون الزراعة والفلاحة وتربية المواشي، ويتوجهون للمدن الكبرى بحثا عن الوظائف، وهذا بسبب التغير المناخي وهو أمر خطير جدا كذلك.
وهنا تبرز البادية الأردنية كخيار وطني استراتيجي، لا مجرد بديل:
المياه الجوفية العميقة في الصحراء الجنوبية والوسطى والشمالية الشرقية لا تزال موردًا واعدًا يمكن الاعتماد عليه في مياه الشرب والاستخدام المنزلي وتغذية القطاعات التنموية.
وبهذا، أصبح من الضروري توجيه المد السكاني نحو البادية، حيث تتوفر الأرض والماء والطاقة والشمس، ويمكن تأسيس حياة جديدة منتجة ومستقرة.
قرى إنتاجية ذكية: حلول وطنية ذكية تحفظ الكرامة وتبني المستقبل
فلنتخيل معًا 50 قرية إنتاجية ذكية موزعة على بوادي المملكة الثلاث، تنبض بالحياة وتؤسس لاقتصاد محلي مستدام، ومجتمعات شابة تعمل وتنتج وتعيش بكرامة، ومن ناحية أخرى تدعم المملكة بالمنتج المحلي للاعتماد على الذات، وتخفف الطلب على المياه في مدن وقرى المملكة سواءا للشرب أو لغايات الصناعة والزراعة وبقية القطاعات التنموية، والأمر ذاته بالنسبة للطاقة، حيث ستعتمد هذه القرى كليا على الطاقة الشمسية.
نماذج مقترحة لسبع قرى متخصصة:
1. قرية الزراعة الذكية في بادية الأزرق
تعتمد على الزراعة الرأسية والتقنيات المائية (Hydroponics)، باستخدام الطاقة الشمسية وتحلية المياه الجوفية.
2. قرية الصناعات الغذائية في جنوب معان
تصنيع التمور، الفواكه المجففة، والمربيات، والتغليف والتصدير.
3. قرية الأعلاف وتربية المواشي في بادية الجفر
زراعة الأعلاف، تربية الأغنام والإبل، مصانع لإنتاج الأعلاف المركّبة.
4. قرية تصنيع منتجات الحليب في الموقر
إنتاج الحليب، الجبنة، اللبن، بمشاريع متوسطة محلية.
5. قرية الصناعات الصغيرة في البادية الشمالية (الصفاوي – الرويشد)
ملابس، أثاث معدني، بلاستيك، أدوات بناء خفيفة.
6. قرية الحوسبة والذكاء الاصطناعي في البادية الوسطى
مراكز تدريب رقمي، شركات ناشئة، أعمال عن بُعد.
7. قرية السياحة البيئية والتراثية في وادي رم أو الحميمة
بيوت طينية، مسارات سياحية، ضيافة بدوية بإدارة مجتمعية.
كيف يتحقق هذا المشروع؟
يُنفذ برعاية الدولة وصناديقها الاستثمارية (الضمان الاجتماعي، مخصصات اللامركزية، الصناديق السيادية… إلخ).
تُسكن هذه القرى عائلات شابة، تُمنح مساكن بسيطة وخدمات أساسية، ويُشغّلون في القطاعات الانتاجية المخصصة، بجانب إدارة وتشغيل الخدمات من تعليم وصحة ومجمعات تجارية ونقل وغيرها.
تُدار هذه المجتمعات بنظام إنتاجي تكافلي وليس ريعي.
تعتمد على الطاقة المتجددة والمياه الجوفية، وتُربط بوسائل نقل جماعية منخفضة الكلفة.
حسابات الكلفة والعائد
إذا شغّلت الدولة 100,000 شاب وشابة في هذه القرى، فإنها لا تُوفر لهم فقط العمل، بل تُخفف الضغط عن المدن، وتُعيد التوازن الديموغرافي، وتمنع دواعي العنف والجريمة، وتدفع باتجاه الأمن الغذائي، وتُعيد الأمل للأسر.
إن كلفة استمرار الوضع الحالي من بطالة، فقر، عنف مجتمعي، وانهيار اجتماعي، وعطش وشح مائي يهدد القطاعات التنموية، أعلى بكثير من كلفة هذه المشاريع الجذرية.
الدولة قادرة على تنفيذ هذا المشروع بالكامل على أراضيها، بواقع 50 قرية إنتاجية خلال 5 سنوات فقط.
ويكفي أن لا نُحمّل هذه القرى أكثر من طاقتها، بل نطلب منها فقط أن تشغّل نفسها، وتستمر، وتعتمد على ذاتها ماليا، وتنمو لتستوعب المزيد من الأجيال وتتطور من مواردها، وتمنح الأمان للمواطن الأردني. وهذا وحده إنجاز وطني عظيم.
ويمكن تمويل هذه المبادرة من خلال:
تبرعات ومساهمات الشركات الكبرى والبنوك.
استقطاب دعم مباشر من الدول الشقيقة والصديقة.
إعادة توجيه جزء بسيط من النفقات الجارية لصالح التنمية المستدامة.
صاحب الجلالة،
حين ننظر إلى البادية، لا نراها أرضًا مهجورة، بل نراها مهدًا للحلول، وموطنًا جديدًا للمستقبل الأردني.
منها يمكن أن يبدأ التوازن، ومنها يمكن أن يزدهر الأمن، ويعود الأمل، ويُبنى وطن لا يترك أبناءه خلفه.
هذه القرى الانتاجية والذكية بيئيا ومائيا وطاقيا، نحتاجها ونحن بأمس الحاجة إليها، وقد دعونا لنموذج مشابه منذ عام ٢٠١٣، وقدمنا أكثر من نموذج داعم، وما زال النداء مستمر، لكي تستمر الدولة الأردنية العتيدة.