أسطورة القيادة الكاريزمية
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
يُعَد النمط القيادي سمة متلازمة للبشر على مر العصور، فالجماهير هى دائمًا في حاجة لمن يقودهم ويحميهم ويدافع عنهم، ذلك لأن العلاقة بين القيادة والشعب علاقة قائمة على قانون العرض والطلب مثلها مثل العلاقة التي تحكم التاجر بالمستهلك؛ فالشعب على استعداد أن يبايع من يؤثر فيه على مستوى الوعي واللاوعي من أجل إشباع حاجاته.
يظهر الزعيم الكاريزمي بوصفه شخصية استثنائية؛ يتحدى المعتقدات والمعاني السائدة التي تحافظ على شرعية النظام السياسي والقانون، هو السند والوتد، هو الذي يسأل ولا يُسْأل وهو الرب الذي يُعبَد، هو مركز الدائرة، وهو النواة التي تتمحور حولها كل الآراء وتدور. أما الجمهور فهو لا يزيد عن كونه قطيعًا لا يستطيع الاستغناء عن سيده. وغالبًا ما يكون الزعيم شخصًا منبهرًا بالفكرة التي تهيمن عليه إلى حد اختفاء كل شيء آخر، إنه - في أغلب الأحوال – لن يكون من رجال الفكر ولا يمكنه أن يكون، وإنما هو من رجال الممارسة العملية؛ وهو يتصف بانعدام الفطنة وقصر النظر، إنه يسعى إلى تعطيل الأسس التحفيزية والمعيارية لبنية مؤسسية وقانونية قائمة قبل استبدالها بهيكل. بمعنى أن الزعيم الكاريزمي يسعى أولًا إلى إحداث ثورة رمزية في القناعات قبل القيام بذلك، ثورة سياسية على مستوى المؤسسات والقوانين. وبهذا يظهر الزعيم الشعبوي الذي يتحدث بما لا يجرؤ الآخرون على طرحه علانية؛ بتجاوزه كل الخطوط الحمراء للتيار السلطوي السائد في المجتمع.
هناك فرق بين الزعامة الكاريزمية (العاطفية) التي تقوم على العلاقة المباشرة التي تتطور بين القائد والأتباع. وبين الزعامة العادية (العقلانية)، ومن المتوقع أن تكون هذه العلاقة غير مباشرة تتم من خلال وسيط بين الطرفين هو المؤسسات غير الشخصية، التي تعتمد على سرديات غير عاطفية وغير مثيرة للوجدان، وتقوم على وظيفة تقويضية قانونية للوضع القائم من خلال نزع الشرعية عنه بشكل منهجي، والتأسيس لنظام سلطة جديد يحل مكانه. وفي المقابل، سنجد أن الزعامة الكاريزمية لها طبيعة شبه تبشيرية، وغالبًا ما تكون حميمة جدًا. وتتميز هذه العلاقات - بشكل عام - بالولاء القوي، وشغفها العاطفي الكبير، وموقفها الأخلاقي السامي، واليقين الداخلي في أن برنامج القائد يتم تقديمه على أنه يبشر بعالَم جديد مشرق. وعندما يتمكن الزعيم من تحريك الجماهير على أساس الجاذبية العاطفية، ولا يتطلب الشرعية التي تمنحه الأصوات، ولا تقوم قيادته على الإكراه أو غرس الخوف في أتباعه، فهذا يُعّد أمرًا خطيرًا لأنه لا توجد طريقة تقليدية للسيطرة عليه. وبذلك تُعَد السيادة الكاريزمية صوفية إلى حد ما، مما يجعلها غير عقلانية، أو ربما حتى غير أخلاقية، حيث يبدو أن الإيمان بالزعيم الكاريزمي سواء كان هذه الزعامة سياسية أو دينية أو ذات أي مضمون آخرمرتبط بفن الإغواء والإقناع.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
الشيباني: لن نسمح بعودة التبعية أو الارتهان لروسيا
قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، السبت، إن سوريا تتعامل مع الملف الروسي بعقلانية ورويّة.
وفي مقابلة مع قناة الإخبارية السورية، نقلت وكالة الأنباء السورية تفاصيلها، قال الشيباني إن سوريا "تتعامل مع الملف الروسي بعقلانية ورويّة، انطلاقا من مبدأ الحفاظ على السيادة الوطنية وعدم السماح بعودة أي شكل من أشكال التبعية أو الارتهان".
وأضاف أن: "الاتفاقيات التي أبرمها النظام البائد مع الجانب الروسي ما زالت قيد التقييم، ولم تُقرّ منها أي اتفاقيات جديدة حتى الآن".
وأشار إلى أن "المشاورات الجارية بشأن الوجود العسكري الروسي في سوريا يهدف إلى إعادة تحديد طبيعة هذا الوجود ودوره في المرحلة المقبلة، بما يضمن مصالح سوريا ويحافظ على استقلال قرارها الوطني".
وبيّن الشيباني أن العلاقة مع روسيا والصين يجب أن تسخّر لمصلحة الشعب السوري، مضيفا: "أعدنا تصحيح العلاقة مع الصين التي كانت تقف سياسيا إلى جانب النظام البائد وتستخدم (الفيتو) لصالحه، وفي بداية الشهر القادم ستكون هناك أول زيارة رسمية لبكين بدعوة رسمية من الحكومة الصينية".
وتابع قائلا إن "السياسة الخارجية السورية اليوم تنأى عن الاستقطاب والمحاور، وتنتهج الحوار والانفتاح والتعاون المتوازن مع الجميع، وتعمل على دعم جهود إعادة الإعمار، ورفع العقوبات الاقتصادية، وتأمين عودة كريمة للاجئين السوريين"، مؤكدا أن سوريا "باتت تُذكر في المحافل الدولية كدولة فاعلة تتطلع إلى المستقبل بثقة وثبات، بعد أن كانت تُقدَّم كأزمة إنسانية".
وأوضح الشيباني أن مشاركة سوريا في الجمعية العامة للأمم المتحدة "مثّل حدثا تاريخيا وباكورة انتصارها على الصعيد الدولي، وأسهم في إبراز دور دمشق وصوت شعبها لأول مرة بشكل مباشر أمام المجتمع الدولي دون أي مواقف محرجة".
وتطرق الشيباني في المقابلة إلى العلاقات مع الدول العربية، قائلا إنها "تشهد تقدما ملحوظا، كما أن العلاقات مع الدول الصديقة ومنها روسيا والصين، تسير باتجاه إعادة بناء متوازن قائم على الندية والاحترام المتبادل، بما يخدم مصالح الشعب السوري".
وشدد على أن "أي تفاوض أو اتفاقيات مستقبلية ستأخذ في الاعتبار حقوق السوريين ومبدأ العدالة الانتقالية".