كيف تحولت العلاقة بين تبون وبن زايد إلى تبادل اتهامات وإهانات علنية؟
تاريخ النشر: 10th, July 2025 GMT
كشفت مجلة "جون أفريك" الفرنسية أن العلاقات بين الجزائر والإمارات العربية المتحدة دخلت مرحلة غير مسبوقة من التدهور، تحوّلت فيها الخلافات السياسية إلى تبادل علني للإهانات، وسط اتهامات متبادلة بالتآمر والتدخل في شؤون الآخرين، لتتجاوز الخلافات الدبلوماسية التقليدية نحو ما يشبه "حرباً باردة" تتخذ طابعاً شخصياً بين الرئيس عبد المجيد تبون وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان.
في تقرير موسّع حمل عنوان "بين تبون ومحمد بن زايد... الحرب الباردة تتحول إلى تبادل الإهانات"، رصدت المجلة الفرنسية مشهداً وصفته بـ"السريالي" التُقط خلال قمة مجموعة السبع في مدينة باري الإيطالية في حزيران/يونيو 2024، حين اقترب الرئيس الجزائري من نظيره الإماراتي في حديث جانبي بدا متوتراً، ولوّح تبون بإصبعه نحو صدر محمد بن زايد في إشارة فُسرت بأنها تحمل عتاباً حاداً أو تهديداً ضمنياً، في مشهد اختزل طبيعة العلاقات المتوترة بين البلدين.
من التحالف الوثيق إلى القطيعة الصامتة
تعود المجلة إلى عهد الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، حيث وصفت العلاقات بين الجزائر وأبو ظبي آنذاك بـ"الوثيقة والودية"، إذ منح بوتفليقة الإمارات عقوداً اقتصادية وعسكرية مهمة، وأقام علاقة شخصية متينة مع القيادة الإماراتية، متأثرة بفترة إقامته في أبو ظبي خلال ثمانينيات القرن الماضي.
وبلغ هذا الود حد إعلان الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام بعد وفاة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 2004.
لكنّ انتخاب عبد المجيد تبون نهاية 2019 مثّل بداية تحوّل تدريجي في هذه العلاقة. وتقول جون أفريك إن أول شرخ سياسي ظهر في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، حين افتتحت الإمارات قنصلية في مدينة العيون بالصحراء الغربية، ما اعتبرته الجزائر انحيازاً سافراً للمغرب وضرباً لموقفها الداعم لجبهة البوليساريو وحق تقرير المصير.
كما أن إعلان الإمارات تطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي في أيلول/سبتمبر 2020 زاد من حدة التوتر، إذ ترى الجزائر في الاحتلال "عدواً استراتيجياً" وتعتبر القضية الفلسطينية "قضية وطنية مقدّسة".
رسائل نارية من الجزائر.. وصمت إماراتي محسوب
في تصعيد لافت، لم يتردّد تبون في انتقاد أبو ظبي، دون تسميتها، قائلاً في آذار/مارس 2024: "أينما وُجدت النزاعات، يوجد مال هذه الدولة، سواء في مالي أو ليبيا أو السودان"، في إشارة إلى ما تعتبره الجزائر تمويلاً إماراتياً لاضطرابات إقليمية.
وتضيف المجلة أن ذروة التراشق الكلامي تمثّلت في نشرة الأخبار الرئيسة على التلفزيون العمومي الجزائري في أيار/مايو الماضي، والتي بثت هجوماً غير مسبوق على الإمارات، ووصفتها بـ"الدويلة" و"الكيان المصطنع" و"مصنع الشر والفتنة"، وهي عبارات قالت المجلة إنها نُسبت مباشرة إلى مؤسسة الرئاسة، في تجاوز للأعراف الدبلوماسية.
وقد جاء هذا الهجوم الإعلامي رداً على مقابلة بثتها قناة "سكاي نيوز عربية"، التي تتخذ من أبو ظبي مقراً لها، مع أكاديمي جزائري شكّك في المكوّن الأمازيغي للهوية الجزائرية، وهو ما اعتبرته السلطات الجزائرية تجاوزاً للخطوط الحمراء، وأدى إلى إصدار حكم بالسجن خمس سنوات بحق الضيف بتهمة "المساس بالوحدة الوطنية".
ورغم هذا التوتر، لم تصدر الإمارات أي رد رسمي على هذه الاتهامات أو الإهانات، ولم تُعبّر وسائل إعلامها المقربة من السلطة عن أي موقف علني، في ما اعتبرته جون أفريك التزاماً إماراتياً بسياسة "الصمت أبلغ من الرد"، في مقابل قراءة جزائرية ترى أن "من سكت فقد رضي".
وتشير المجلة إلى أن محاولة أبو ظبي احتواء التوتر، عبر تسليم المدير السابق لشركة "سوناطراك" عبد المؤمن ولد قدور في اب/أغسطس 2021، لم تُثمر عن تحسن ملموس في العلاقات. إذ حُكم على ولد قدور لاحقاً بالسجن في الجزائر، في وقت ظل فيه الرئيس تبون مصرّاً على انتقاد سياسات الإمارات الإقليمية، واتهامها بالتورط في زعزعة استقرار دول الجوار، وهو ما تنفيه أبو ظبي باستمرار.
من ليبيا إلى "إسرائيل".. مساحات اشتباك متعددة
بحسب المجلة، لا يقتصر الخلاف بين الجزائر والإمارات على ملفي الصحراء الغربية والتطبيع، بل يمتد ليشمل مواقف متباينة من الأزمة الليبية، حيث تدعم الإمارات قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في حين تحتفظ الجزائر بعلاقات قوية مع حكومة طرابلس المعترف بها دولياً. كما تتباين وجهتا نظر البلدين حيال الملف السوداني والتدخلات في منطقة الساحل.
في هذا السياق، باتت الجزائر ترى الإمارات جزءاً من "محور إقليمي" يحاول فرض نفوذ سياسي وعسكري في شمال أفريقيا، من خلال استثمارات مالية وتحالفات غير معلنة.
وعلى الرغم من عدم قطع العلاقات الدبلوماسية، إلا أن التواصل الرسمي بين البلدين تقلّص إلى الحد الأدنى، وغابت الزيارات رفيعة المستوى.
رغم تصاعد الحرب الكلامية، لم تستبعد جون أفريك إمكانية التهدئة في المستقبل، إذا ما اقتضت مصالح أمنية أو اقتصادية ذلك، لكنّها ترى أن الجروح الدبلوماسية العميقة، وتراكم الملفات الخلافية، تجعل المصالحة أكثر تعقيداً مما تبدو عليه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الجزائر تبون بن زايد الإماراتي الإسرائيلي إسرائيل الجزائر الإمارات بن زايد تبون صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جون أفریک أبو ظبی بن زاید
إقرأ أيضاً:
حمدان بن زايد: الأعمال التطويرية في السلع طموحة ومتكاملة
اطَّلع سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثّل الحاكم في منطقة الظفرة، بحضور سموّ الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء، رئيس مجلس الإمارات للتنمية المتوازنة، على الأعمال التنموية للمجلس في منطقة السلع، بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية والشركات الوطنية.
تعزيز الخدمات
أشاد سموّ الشيخ حمدان بن زايد، بجهود المجلس في إطلاق العديد من المشاريع التنموية في مختلف القطاعات في جميع أنحاء الدولة، لا سيما القطاعات الاقتصادية والسياحية وتعزيز الخدمات المقدَّمة للمواطنين، ما يُسهم في تحقيق التنمية المجتمعية في المناطق المستهدفة ويضمن شمولية الاستفادة من المشاريع الاستراتيجية التي يُنجزها وفق رؤيته الهادفة إلى تعزيز التنمية المتوازنة في كافة مناطق ومدن وقرى الإمارات.
وقال سموه: إن الأعمال التطويرية للمجلس في منطقة السلع، طموحة ومتكاملة وتنسجم مع خصوصية المنطقة وتستثمر أبرز مواردها وبيئتها وإنجازها يشكِّل إضافة نوعية ترتقي بجودة الحياة لأُسرها ومقيميها وتعزِّز تجارب زوّارها، عبر تحسين البنية التحتية وتطوير المواقع السياحية وصناعة فرص اقتصادية واعدة، كما توفِّر المزيد من الفرص للشباب وروّاد الأعمال والمستثمرين وتحوِّل المنطقة إلى وجهة جاذبة للاستقرار والعمل والسياحة والترفيه».
يأتي هذا المشروع الحيوي في إطار الدعم المتواصل والرؤية الحكيمة لصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يضع رفاه المواطن وتحقيق التنمية الشاملة في مقدمة أولويات القيادة الرشيدة وتحسين جودة الحياة لأبناء الوطن، بما ينسجم مع رؤية دولة الإمارات للخمسين عاماً المقبلة.
قال سموّ الشيخ ذياب بن محمد بن زايد: إنه بتوجيهات ودعم القيادة الرشيدة، يواصل مجلس الإمارات للتنمية المتوازنة مشاريعه التنموية في المناطق المستهدفة في جميع إمارات الدولة، وفق المحاور الاستراتيجية المقرَّرة، بأبعادها الاقتصادية والسياحية والثقافية والمجتمعية، من أجل تعزيز التنمية الوطنية الشاملة والمستدامة وبما يسهم في الارتقاء بجودة الحياة في مجتمع دولة الإمارات».
وأشاد سموّه بدعم ومتابعة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، للمشاريع التنموية للمجلس في منطقة السلع، وهو ما ينعكس على نحو بارز في تسريع وتيرة إنجاز الأعمال المقررة ضمن المرحلة الأولى منها بكفاءة تواكب المعايير المتقدمة لجودة مشاريع المجلس ويعزّز إنجاز سائر الأعمال التنموية بالمنطقة وتحقيق الأهداف الاستراتيجية لخطة المجلس التنموية في منطقة السلع.
من جانبه، أوضح محمد خليفة بخيت الكعبي، الأمين العام لمجلس الإمارات للتنمية المتوازنة، أنَّ الخطة التنموية لمنطقة السلع تشمل تنمية المنطقة وترويجها كواجهة سياحية جاذبة، ضمن مشروع «قرى الإمارات» ومشاركة أهالي المنطقة في عملية التطوير، وإنجاز مشاريع نوعية لجعل السلع وجهة سياحية رائدة، وتعزيز جودة الحياة في المنطقة.
وأضاف أن الخطة تشمل تطوير الاحتياجات الخدمية للمنطقة بدعم من الجهات الحكومية وفق خطط تطوير المناطق المعتمَدة، فيما يتولى القطاع الخاص تطوير الواجهة البحرية في المنطقة وتتضمَّن الخطة التنموية لمنطقة السلع، تطوير الواجهة البحرية بمحاذاة ميناء السلع من قبل شركة قطارات الاتحاد وشركة الدار العقارية ومجموعة سرح.
وتمَّ إنجاز المرحلة الأولى من تطوير الواجهة البحرية، التي تتضمَّن إنشاء ملاعب رياضية ومساحات مخصَّصة للأطفال مزوَّدة بأحدث الألعاب، إلى جانب إنشاء مساحة مخصَّصة لإقامة الفعاليات والمهرجانات الوطنية الثقافية والفنية، ما يعزّز الجانب المجتمعي والترفيهي في المنطقة.
وتشمل الخطة التطويرية تطوير فندق التخييم الفخم «جلامبنج» في الواجهة البحرية، الذي يضم 20 خيمة فاخرة ووحدات إقامة نموذجية وستة مواقف لسيارات الكرفانات إضافة إلى مطاعم ومنطقة أنشطة ومغامرات.
كما تشمل مجموعة من البرامج والأنشطة البحرية لتطوير مهارات الشباب في الرياضات البحرية وتنظيم بطولات ومسابقات بحرية وفعاليات بيئية ومجتمعية، تشمل أنشطة مخصصة لأصحاب الهمم، ما يعزّز السياحة الرياضية والبيئية ويرسّخ الهوية الثقافية للمنطقة.
وفي إطار البرامج الداعمة لأهالي المنطقة المواطنين، خُصّصت مجموعة من المبادرات تشمل دعم المنتجات المحلية وتنظيم أنشطة سياحية ومسابقات رياضية وتقديم دورات تأهيلية وورش عمل تدريبية إلى جانب استضافة فعاليات وتجارب ثقافية وتقديم خدمات وبرامج مخصصة لكبار المواطنين.
وتهدف الخطة التنموية لمنطقة السلع، إلى فتح مزيد من الفرص الاستثمارية والتنموية والإسهام في ترسيخ الاستقرار المجتمعي ودعم جهود الارتقاء بجودة الحياة لأهالي المنطقة كشريك فاعل في إنجاز كافة المسارات التنموية.
(وام)